وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : و منها من شروط المهر .
المهر فلا جواز للنكاح بدون المهر عندنا و الكلام في هذا الشرط في مواضع في بيان أن المهر هل هو شرط جواز النكاح أم لا و في بيان أدنى المقدار الذي يصلح مهرا و في بيان ما يصح تسميته مهرا و ما لا يصح و بيان حكم التسمية و فسادها و في بيان ما يجب به المهر و بيان وقت وجوبه و كيفية وجوبه و ما يتعلق بذلك من الأحكام و في بيان ما يتأكد به كل المهر و في بيان ما يسقط به الكل و في بيان ما يسقط به النصف و في بيان حكم اختلاف الزوجين في المهر .
أما الأول : فقد اختلف فيه قال أصحابنا : إن المهر شرط جواز نكاح المسلم و قال الشافعي : ليس بشرط و يجوز النكاح بدون المهر حتى أن من تزوج امرأة و لم يسم لها مهرا بأن سكت عن ذكر المهر أو تزوجها على أن لا مهر لها و رضيت المرأة بذلك يجب مهر المثل بنفس العقد عندنا حتى يثبت لها ولاية المطالبة بالتسليم و لو ماتت المرأة قبل الدخول يؤخذ مهر المثل من الزوج و لو مات الزوج قبل الدخول تستحق مهر المثل من تركته و عنده لا يجب مهر المثل بنفس العقد و إنما يجب بالفرض على الزوج أو بالدخول حتى لو دخل بها قبل الفرض يجب مهر المثل و لو طلقها قبل الدخول بها و قبل الفرض لا يجب مهر المثل بلا خلاف و إنما تجب المتعة .
و لو مات الزوجان لا يقضي بشيء في قول أبي حنيفة و في قول أبي يوسف و محمد يقضي لورثتها بمهر مثلها و يستوفي من تركة الزوج و لا خلاف في أن النكاح يصح من غير ذكر المهر و مع نفيه لقوله تعالى : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة } رفع سبحانه الجناح عمن طلق في نكاح لا تسمية فيه و الطلاق لا يكون إلا بعد النكاح فدل على جواز النكاح بلا تسمية و قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } و المراد منه الطلاق في نكاح لا تسمية فيه بدليل أنه أوجب المتعة بقوله : { فمتعوهن } و المتعة إنما تجب في نكاح لا تسمية فيه فدل على جواز النكاح من غير تسمية و لأنه متى قام الدليل على أنه لا جواز للنكاح بدون المهر كان ذكره ذكرا للمهر ضرورة .
احتج الشافعي بقوله تعالى : { و آتوا النساء صدقاتهن نحلة } سمى الصداق نحلة و النحلة هي العطية و العطية هي الصلة فدل أن للمهر زائدة في باب النكاح فلا يجب بنفس العقد و لأن النكاح عقد ازدواج لأن اللفظ لا يبنى إلا عنه فيقتضي ثبوت الزوجية بينهما و حل الاستمتاع لكل واحد منهما بصاحبه تحقيقا لمقاصد النكاح إلا أنه ثبت عليها نوع مالك في منافع البضع ضرورة تحقيق المقاصد و لا ضرورة في إثبات ملك المهر لها عليها فكان المهر عهدة زائدة في حق الزوج صلة لها فلا يصير عوضا إلا بالتسمية .
و الدليل على جواز النكاح من غير مهر أن المولى إذا زوج أمته من عبده يصح النكاح و لا يجب المهر لأنه لو وجب عليه لوجب للمولى على عبده دين و كذا الذمي إذا تزوج ذمية بغير مهر جاز النكاح و لا يجب المهر و كذا إذا ماتا في هذه المسألة قبل الفرض لا يجب شيء عند أبي حنيفة .
و لنا قوله تعالى : { و أحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم } أخبر سبحانه و تعالى أنه أحل ما و راء ذلك بشرط الابتغاء بالمال دل أنه لا جواز للنكاح بدون المال فإن قيل : الإحلال بشرط ابتغاء المال لا ينفي الإحلال بدون هذا الشرط خصوصا على أصلكم أن تعليق الحكم بشرط لا ينفي وجوده عند عدم الشرط فالجواب أن الأصل في الأبضاع و النفوس هو الحرمة الإباحة تثبت بهذا الشرط فعند عدم الشرط تبقى الحرمة على الأصل لا حكما للتعليق بالشرط فلم يتناقض أصلنا بحمد الله تعالى .
و روي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود Bه أن رجلا كان يختلف إليه شهرا يسأله عن امرأة مات عنها زوجها و لم يكن فرض لها شيئا و كان يتردد في الجواب فلما تم الشهر قال للسائل : لم أجد ذلك في كتاب الله و لا فيما سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لكن أجتهد برأيي فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن أم عبد .
و في رواية فإن كان صوابا فمن الله و إن كان خطأ فمني و من الشيطان و الله و رسوله منه برئيان أرى لها مثل نسائها لا وكس و لا شطط فقام رجل فقام رجل يقال له معقل بن سنان و قال : إني أشهد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قضى في بروع بنت واشق الأشجعية مثل قضائك هذا ثم أقام أناس من أشجع و قالوا : إنا نشهد بمثل شهادته ففرح عبد الله Bه فرحا لم يفرح مثله في الإسلام لموافقة قضائه قضاء رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و لأن ملك النكاح لم يشرع لعينه بل لمقاصد لا حصول لها إلا بالدوام على النكاح و القرار عليه و لا يدم إلا بوجوب المهر بنفس العقد لما يجري بين الزوجين من الأسباب التي تحمل الزوج على الطلاق من الوحشة و الخشونة فلو لم يجب المهر بنفسه العقد لا يبالي الزوج عن إزالة هذا الملك بأدنى خشونة تحدث بينهما لأنه لا يشق عليه إزالته لما لم يخف لزوم المهر فلا تحصل المقاصد المطلوبة من النكاح .
و لأن مصالح النكاح و مقاصده لا تحصل إلا بالموافقة و لا تحصل الموافقة إلا إذا كانت المرأة عزيزة مكرمة عند الزوج و لا عزة إلا بانسداد طريق الوصول إليها إلا بمال له خطر عنده لأن ما ضاق طريق إصابته يعز في الأعين فيعز به إمساكه و ما يتيسر طريق إصابته يهون في الأعين فيهون إمساكه و متى هانت في أعين الزوج تلحقها الوحشة فلا تقع الموافقة فلا تحصل مقاصد النكاح و لأن الملك ثابت في جانبها إما في نفسها و أما في المتعة و أحكام الملك في الحرة تشعر بالذل و الهوان فلا بد و أن يقابله مال له خطر لينجبر الذل من حيث المعنى .
و الدليل على صحة ما قلنا و فساد ما قال أنها إذا أنها إذا طلبت الفرض من الزوج يجب عليه الفرض حتى لو امتنع فالقاضي يجبره على ذلك و لو لم يفعل ناب القاضي منابه في الفرض و هذا دليل الوجوب قبل الفرض لأن الفرض تقدير و من المحال وجوب تقدير ما ليس بواجب و كذا لها أن تحبس نفسها حتى يفرض لها المهر و يسلم إليها بعد الفرض و ذلك كله دليل الوجوب بنفس العقد .
و اما الآية فالنحلة كما تذكر بمعنى العطية تذكر بمعنى الدين يقال ما نحلتك أي ما دينك فكان معنى قوله تعالى : { و آتوا النساء صدقاتهن نحلة } أي دينا أي انتحلوا ذلك .
و على هذا كانت الآية حجة عليه لأنها تقتضي أن يكون وجوب المهر في النكاح دينا فيقع الاحتمال في المراد بالآية فلا تكون حجة مع الاحتمال .
و أما قوله : النكاح ينبئ عن الازدواج فقط فنعم لكنه شرع لمصالح لا تصلح إلا بالمهر فيجب المهر ألا ترى أنه لا ينبئ عن الملك أيضا لما كان مصالح النكاح لا تحصل بدونه ثبت تحصيلا للمصالح كذا المهر .
و أما المولى إذ زوج أمته من عبده فقد قيل إن المهر يجب ثم يسقط و فائدة الوجوب هو جواز النكاح .
و أما الذمي إذا تزوج ذمية من غير مهر فعلى قولهما يجب المهر .
و أما على قول أبي حنيفة فيجب أيضا إلا أنا لا نتعرض لهم لأنهم يدينون بذلك و قد أمرنا بتركهم و ما يدينون حتى أنهما لو ترافعا إلى القاضي فرض القاضي لها المهر .
و كذا إذا مات الزوجان يقضي بمهر المثل لورثة المراة عندهما و عند أبي حنيفة إنما لا يقضي لوجود الاستيفاء دلالة لأن موتهما معا في زمان واحد نادر و إنما الغالب موتهما على التعاقب فإذا لم تجز المطالبة بالمهر دل ذلك على الاستيفاء أو على استيفاء البعض و الإبراء عن البعض مع ما أنه قد قيل إن قول أبي حنيفة محمول على ما إذا تقادم العهد حتى لم يبق من نسائها من يعتبر به مهر مثلها كذا ذكره أبو الحسن الكرخي و أبو بكر الرازي و عند ذلك يتعذر القاضاء بمهر المثل و إلى هذا أشار محمد لأبي حنيفة أرأيت لو أن ورثة عالي ادعوا ورثة عمر مهر أم كلثوم Bهم أكنت أقضي به و هذا المنع لم يوجد في موت أحدهما فيجب مهر المثل