وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ما يصح تسمية مهرا .
و أما بيان ما يصح تسميته مهرا و ما لا يصح و بيانه حكم صحة التسمية و فسادها فنقول لصحة التسمية شرائط منها : أن يكون المسمى مالا متقوما و هذا عندنا و عند الشافعي هذا ليس بشرط و يصح التسمية سواء كان المسمى مالا أو لم يكن بعد أن يكون مما يجوز أخذ العوض عنه .
و احتج بما روي [ أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قالت : يا رسول الله إني وهبت نفسي لك فقال عليه الصلاة و السلام ما بي في النساء من حاجة فقام رجل و قال زوجنيها يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما عندك فقال : ما عندي شيء أعطيها فقال : أعطها و لو خاتما من حديد فقال : ما عندي فقال : هل معك شيء من القرآن قال : نعم سورة كذا فقال : زوجتكها بما معك من القرآن ] و معلوم أن المسمى و هو السورة من القرآن لا يوصف بالمالية فدل أن كون التسمية مالا ليس بشرط لصحة التسمية .
و لنا : قوله تعالى : { و أحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم } شرط أن يكون المهر مالا فما لا يكون مالا لا يكون مهرا فلا تصح تسمية مهرا وقوله تعالى : { فنصف ما فرضتم } أمر بتنصيف المفروض في الطلاق قبل الدخول فيقتضي كون المفروض محتملا للتصنيف و هو المال .
و أما الحديث فهو في حد الآحاد و لا يترك نص الكتاب بخبر الواحد مع ما أن ظاهره متروك لأن السورة من القرآن لا تكون مهرا بالإجماع و ليس فيه ذكر تعليم القرآن و لا ما يدل عليه ثم تأويلها زوجتكها بسبب ما معك من القرآن و بحرمته و بركته لا أنه كان ذلك النكاح بغير تسمية مال .
و على هذا الأصل مسائل إذا تزوج على تعليم القرآن أو على تعليم الحلال من الأحكام أو على الحج و العمرة و نحوها من الطاعات لا تصح التسمية عندنا لأن المسمى ليس بمال فلا يصير شيء من ذلك مهرا ثم الأصل في التسمية أنها صحت و تقررت يجب المسمى ثم ينظر إن كان المسمى عشرة فصاعدا فليس لها إلا ذلك و إن كان دون العشرة تكمل العشرة عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر و المسألة قد مرت .
و إذا فسدت التسمية أو تزلزلت يجب مهر المثل لأن العوض الأصلي في هذا الباب هو مهر المثل لأنه قيمة البضع و إنما يعدل عنه إلى المسمى إذا صحت التسمية و كانت التسمية و تقديرا لتلك القيمة فإذا لم تصح التسمية أو تزلزلت و لم يصح التقدير فإذا لم يصح التقدير فوجب المصير إلى الفرض الأصلي و لهذا كان المبيع بيعا فاسدا مضمومنا بالقيمة في ذوات القيم لا بالثمن كذا هذا و النكاح جائز لأن جوازه لا يقف على التسمية أصلا فإنه جائز عند عدم التسمية رأسا فعدم التسمية إذا لم يمنع جواز ففسادها أولى أن لا يمنع و لأن التسمية إذا فسدت التحقت بالعدم فصار كأنه تزوجها و لم يسم شيئا و هناك نكاح صحيح كذا هذا و لأن تسمية ما ليس بشرط فاسد و النكاح لا تبطله الشروط الفاسدة بخلاف البيع .
و الفرق : أن الفساد في باب البيع لمكان الربا و الربا لا يتحقق في النكاح فيبطل الشرط و يبقى النكاح صحيحا و عنده تصح التسمية و يصير المذكور مهرا لأنه يجوز أخذ العروض عنه بالاستئجار عليه عنده فتصح تمسيته مهرا .
و كذلك إذا تزوج امرأة على طلاق امرأة أخرى أو على العفو عن القصاص عندنا لأن الطلاق ليس بمال و كذا القصاص و عنده تصح التسمية لأنه يجوز أخذ العوض عن الطلاق و القصاص .
و كذا إذا تزوجها على أن لا يخرجها من بلدها أو على أن لا يتزوج عليها فإن المذكور ليس بمال و كذا لو تزوج المسلم المسلمة على ميتة أو دم أو خمر أو خنزير لم تصح التسمية لأن الميتة و الدم ليسا بمال في حق أحد و الخمر و الخنزير ليسا بمال متقوم في حق المسلم فلا تصح تسمية شيء من ذلك مهرا .
و على هذا يخرج نكاح الشغار و هو أن يزوجه أخته لآخر أو يزوجه ابنته أو يزوجه أمته و هذه التسمية فاسدة لأن كل واحد منهما جعل بضع كل واحدة منهما مهر الأخرى و البضع ليس بمال ففسدت التسمية و لكل واحد منهما مهر المثل لما قلنا و النكاح صحيح عندنا و عند الشافعي فاسد .
و احتج بما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم [ أنه نهى عن النكاح الشغار ] و النهي يوجب فساد المنهى عنه و لأن كل واحد منهما جعل بضع كل واحدة من المرأتين نكاحا و صداقا و هذا لا يصح .
و لنا : أن هذا النكاح مؤبد أدخل فيه شرطا فاسدا حيث شرط فيه أن يكون بضع كل واحد منهما مهر الأخرى و البضع لا يصلح مهرا و النكاح لا تبطله الشروط الفاسدة حكما إذا تزوجها على أن يطلقها و على أن ينقلها من منزلها و نحو ذلك و به تبين أنه لم يجتمع النكاح و الصداق في بضع واحد لأن جعل البضع صداقا لم يصح فأما النهي عن نكاح الشغار فنكاح الشغار هو النكاح الخالي عن العوض ماخوذ من قولهم شغر البلد إذ خلا عن السلطان و شغر الكلب إذا رفع إحدى رجليه و عندنا هو نكاح بعوض و هو مهر المثل فلا يكون شغارا على أن النهي ليس عن عين النكاح لأنه تصرف مشروع مشتمل على مصالح الدين و الدنيا فلا يحتمل النهي عن إخلاء النكاح عن تسمية المهر .
و الدليل عليه ما روي عن عبد الله بن عمر Bهما أنه قال : [ نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تنكح المرأة بالمرأة ليس لواحدة منهما مهر ] و هو إشارة إلى النهي لمكان تسمية المهر لا لعين النكاح فبقي النكاح صحيحا .
و لو تزوج حر امراة على أن يخدمها سنة فالتسمية فاسدة و لها مهر مثلها في قول أبي حنيفة و أبي يوسف و عند محمد التسمية صحيحة و لها قيمة خدمة سنة و عند الشافعي : التسمية صحيحة و لها خدمة سنة .
و ذكر ابن سماعة في نوادره أنه إذا تزوجها على أن يرعى غنمها سنة أن التسمية صحيحة و لها رعي غنمها سنة و لفظ رواية الأصل يدل على أنها لا تصح في رعي الغنم كما لا تصح في الخدمة لأن رعي غنمها خدمتها من مشايخها من جعل في رعي غنمها روايتن .
و منهم من قال : يصح في رعي الغنم بالإجماع و إنما الخلاف في خدمته لها و لا خلاف في أن العبد إذا تزوج بإذن المولى على أن يخدمها سنة أن تصح التسمية و لها المسمى .
أما الشافعي : فقد مر على أصله أن كل ما يجوز أخذ العوض عنه يصح تسميته مهرا و منافع الحر يجوز اخذ العوض عنها لأن إجازة الحر جائزة بلا خلاف فتصح تسميتها كما تصح تسمية منافع العبد .
و أما الكلام مع أصحابنا فوجه قول محمد : أن منافع الحر مال في سائر العقود حتى يجوز أخذ العوض عنها فكذا في النكاح و إذا كانت مالا صحت التسمية إلا أنه تعذر التسليم لما في التسليم إلا أنه تعذر التسلم لما في التسليم من استخدام الحرة زوجها و أنه حرام لما نذكر فيجب الرجوع إلى قيمة الخدمة كما لو تزوجها على عبد فاستحق العبد أنه يجب عليه قيمة العبد لأن تسمية العبد قد صحت لكونه مالا لكن تعذر تسليمه بالاستحقاق فوجبت عليه قيمة لا مهر المثل لما قلنا كذا هذا .
وجه قولهما : أن المنافع ليست بأموال متقومة على أصل أصحابنا ولهذا لم تكن مضمونة بالغصب و الإتلاف و إنما يثبت لها حكم التقوم في سائر العقود شرعا ضرورة دفعا للحاجة و لا يمكن دفع الحاجة بها ههنا لأن الحاجة لا تندفع إلا بالتسليم و أنه ممنوع عنه شرعا لأن استخدام الحرة زوجها الحر حرام لكونه استهانة و إذلا و هذا لا يجوز للابن أن يستأجر أباه للخدمة فلا تسلم خدمته لها شرعا فلا يمكن دفع الحاجة بها فلم يثبت لها التقوم فبقيت على الأصل كما لو سمى مالا قيمة له كالخمر و الخنزير و هناك لا تصح التسمية و يجب مهر المثل كذا ههنا حتى لو كان المسمى فعلا لا استهانة فيه و لا مذلة على الرجل كرعي دوابها و زراعة أرضها و الأعمال التي خارج البيت تصح بالتسمية لأن ذلك من باب القيام بأمرها لا من باب الخدمة بخلاف العبد لأن استخدام زوجته إياه ليس بحرام لأنه عرضة للاستخدام و الابتذال لكونه مملوكا بالبهائم و لأن مبنى النكاح على الاشتراك في القيام بمصالح المعاش فكان لها في خدمته حق فإذا جعل خدمته لها مهرها فكأنه جعل ما هو لها مهرها فلم يجز كالأب إذا استأجر ابنه بخدمته أنه لا يجوز لأن خدمه الأب مستحقة عليه كذا هذا بخلاف العبد لأن خدمته خالص ملك المولى فصحت التسمية .
و لو تزوجها على منافع سائر الأعيان من سكنى داره و خدمه عبيده و ركوب دابته و الحمل عليها و زراعة أرضه و نحو ذلك من منافع الأعيان مدة معلومة صحت التمسية لأن هذه المنافع أموال أو التحقت بالأموال شرعا في سائر العقود لمكان الحاجة و الحاجة في النكاح متحققة و إمكان الدفع بالتسليم ثابت بتسليم محالها إذا ليس فيه استخدام المرأة زوجها فجعلت أموالا و التحقت بالأعيان فحصلت تسميتها .
و على هذا يخرج ما إذا قال : تزوجتك على هذا العبد فإذا هو حر و جملة الكلام فيه أن الأمر لا يخلو إما أن سمى ما يصلح مهرا و أشار إلى ما لا يصلح مهرا و إما أن سمى ما لا يصلح مهرا فأشار إلى ما يصلح مهرا فإن سمى ما يصلح مهرا و أشار إلى ما لا يصلح مهرا بأن قال : تزوجتك على هذا العبد فإذا هو حر أو على هذه الشاة الذكية فإذا هي ميتة أو على هذا الزق الخل فإذا هو خمر فالتسمية فاسدة في جميع ذلك و لها مهر المثل في قول أبي حنيفة و في قول أبي يوسف تصح التسمية في الكل و عليه في الحر قيمة الحر لو كان عبدا و في الشاة قيمة الشاة لو كانت ذكية و في الخمر مثل ذلك الدن من خل وسط و محمد فرق فقال مثل قول أبي حنيفة في الحر و الميتة و مثل قول أبي يوسف في الخمر .
و جه قول أبي يوسف : أن المسمى مال لأن المسمى هو العبد و الشاة الذكية و كل ذلك مال فصحت التسمية إلا أنه إذا ظهر أن المشار إليه خلاف جنس المسمى في صلاحية المهر تعذر التسليم فتجب القيمة في الحر و الشاة لأنهما ليسا من المثليات و في الخمر يجب مثله خلا لأنه مثلي كما لو هلك المسمى أو استحق .
وجه قول محمد في الفرق : أن الإشارة مع التسمية إذا اجتمعتا في العقود فإن كان المشار إليه من جنس المسمى يتعلق العقد بالمشار إليه و إن كان من خلاف جنسه يتعلق العقد بالمسمى هذا أصل مجمع عليه في البيع على ما نذكر في البيوع و الحر من جنس العبد لاتحاد جنس المنفعة .
و كذا الشاة الميتة من جنس الشاة الذكية فكانت العبرة للإشارة و التحقت التسمية بالعدم و المشار إليه لا يصلح مهرا فصار كأنه اقتصر على الإشارة و لو يسم بأن قال : تزوجتك على هذا و سكت فأما الخل مع الخمر فجنسان مختلفان لاختلاف جنس المنفعة فتعلق العقد بالمسمى لكن تعذر تسليمه و هو مثلي فيجب مثله خلا .
و لأبي حنيفة : أن الإشارة و التسمية كل واحد منهما وضعت للتعريف إلا أن الإشارة أبلغ في التعريف لأنها تحضر العين و تقطع الشركة و التسمية لا توجب إحضار العين و لا تقطع الشركة فسقط اعتبار التسمية عند الإشارة و بقيت الإشارة و المشار إليه لا يصلح مهرا لأنه ليس بمال فيجب مهر المثل كما لو أشار إلى الميتة و الدم و الخمر و الخنزير و لم يسم .
و حقيقة الفقه لأبي حنيفة : أن هذا حر سمي عبدا و تسمية الحر عبدا باطل لأنه كذب فالتحقت التسمية بالعدم و بقيت الإشارة و المشار إليه لا يصلح مهرا لأنه ليس بمال فالتحقت الإشارة بالعدم أيضا فصار كأنه تزوجها و لم يسم لها مهرا و هذا فقه واضح بحمد الله تعالى هذا إذا سمى ما يصلح مهرا و أشار إلى ما لا يصلح مهرا فأما إذا سمى ما لا يصلح مهرا و أشار إلى ما يصلح مهرا بأن قال تزوجتك على هذا الحر فإذا هو عبدا و على هذه الميتة فإذا هي ذكية أو على هذا الدن الخمر فإذا هو خل فقد روى أبي يوسف عن أبي حنيفة أن التسمية فاسدة و لها المشار إليه .
و روى محمد عنه : أن لها مهر المثل .
و رواية أبي يوسف : أصح الروايتين لأن الأصل عند أبي حنيفة أن التسمية لا حكم لها مع الإشارة في باب النكاح فكانت العبرة للإشارة و المشار مهرا لأنه مال فكان لها المشار إليه .
و وجه ما روى محمد عنه : أنه لما سمى ما لا يصلح مهرا و أشار إلى ما يصلح مهرا فقد هزل بالتسمية و الهازل لا يتعلق بتمسيته حكم فبطل كلامه رأسا و لو تزوجها على هذا الدن الخمر و قيمة الظرف عشرة دراهم فصاعدا روى ابن سماعة عن محمد في هذه المسألة روايتين روى عنه أن لها الدن لا غير و روي عنه أيضا أن لها مهر المثل .
وجه الرواية الأولى : أنه سمى ما يصلح مهرا و هو الظرف و ما لا يصلح مهرا و هو الخمر فيلغو ما لا يصلح مهرا كما لو تزوجها على الخل و الخمر و قيمة الخل عشرة أنه يكون لها الخل لا غير لما قلنا كذا هذا .
وجه الرواية الأخرى : أن الظرف لا يقصد بالعقد عادة بل هو تابع و إنما المقصود هو المظروف فإذا بطلت التسمية في المقصود تبطل فيما و تبع له و الله تعالى أعلم .
و لو تزوجها على هذين العبدين فإذا أحدهما حر فليس لها إلا العبد الباقي إذا كانت قيمته عشرة دراهم في قول أبي حنيفة .
و قال أبو يوسف : لها العبد و قيمة الحر لو كان عبدا .
و قال محمد : ينظر إلى العبد إن بلغت قيمته مهر مثلها فليس لها إلا العبد و إن كانت قيمته أقل من مهر مثلها تبلغ إلى ثمن مهر مثلها و هو قول زفر و هذا بناء على الأصول التي ذكرناها لهم .
فمن أصل أبي يوسف أن جعل الحر مهرا صحيح إذا سمى عبدا و يتعلق بقيمته أن لو كان عبدا فيتعلق العقد بالمسميين جميعا بقدر ما يحتمل كل واحد منهما التعليق به فيتعلق بالعبد بعينه لأنه ممكن و يتعلق بالحر بقيمته لو كان عبدا لأنه لا يحتمل التعليق بعينه .
و من أصل محمد أن المشار إليه إذا كان من جنس المسمى فالعقد يتعلق بالمشار إليه و الحر من جنس العبد لاتحاد جنس المنفعة فيتعلق العقد بهما إلا أنه لا سبيل إلى الجمع بين المسمى و بين مهر المثل فيجب مهر المثل .
ألا ترى أنه لو كانا حرين لو كانا حرين يجب مهر المثل عنده و متى وجب مهر المثل امتنع وجوب المسمى .
و لأبي حنيفة أصلان : .
أحدهما : ما ذكرنا أن الحر إذا جعل مهرا و سمي عبدا لا يتعلق بتسميته شيء و جعل ذكره و العدم بمنزلة واحدة .
و الثاني : أن العقد إذا أضيف إلا ما لا يصلح يلغو ما لا يصلح و يستقر ما يصلح كمن جمع بين امرأة تحل له و امرأة لا تحل له و تزوجهما في عقدة واحدة بمسمى يجب كل المسمى بمقابلة الحلال و انعقاد نكاحها صحيحا و التسمية بقدر الإمكان و تقريرا للعقد فيما أمكن تقريره و إلغاؤه فيما لا يمكن تصحيحه فيه و العبد هو الصالح لكونه مهرا فصحت تسميته و يصير مهرا لها إذا بلغت قيمته عشرة فصاعدا .
و على هذا الخلاف إذا تزوجها على بيت و خادم و الخادم حر و لو تزوجها على هذين الدنين من الخل فإذا أحدهما خمر لها الباقي لا غير في قول أبي حنيفة إذا كان يساوي عشرة دراهم كما في العبدين و عندهما لها الباقي و مثل هنا الدن من الخل و قد ذكرنا الأصل و لو سمى مالا و ضم إليه ما ليس بمال لكن لها فيه منفعة مثل الطلاق امرأة أخرى و إمساكها في بلدها أو العفو عن القصاص فإن وفى بالمنفعة فليس لها إلا ما سمى إذا كان يساوي عشرة فصاعدا لأنه سمى ما يصلح مهرا بنفسه و شرط لها منفعة و قد وفى بما شرط لها فصحت التسمية و صارت العشرة مهرا و إن لم يف بالمنفعة فلها مهر مثلها ثم ينظر إن كان ما سمى لها من المال مثل مهر مثلها أو أكثر فلا شيء لها إلا ذلك و إن كان ما سمى لها أقل من مهر مثلها تمم لها مهر عندنا .
و قال زفر : إن كان المضموم مالا كما إذ شرط أن يهدي لها هدية فلم يف لها تمم لها مهر المثل و إن كان غير مال كطلاق امرأة أخرى و أن لا يخرجها من بلدها فليس لها إلا ما سمى .
وجه قول زفر : أن ما ليس بمال لا يتقوم فلا يكون فواته مضمونا بعوض و ما هو يتقوم فإذا لم يسلم لها جاز لها الرجوع إلى تمام العوض .
و لنا : أن الموجب الأصلي في هذا الباب هو مهر المثل فلا يعدل عنه إلا عند استحكام التسمية فإذا وفى بالمنفعة فقد تقررت التسمية فوجب المسمى و إذا لم يف بها لم تتقرر لأنها ما رضيت بالمسمى من المال عوضا بنفسه بل بمنفعة أخرى مضمومة إليه و هي منفعة أخرى مرغوب فيها خلال الاستيفاء شرعا فإذا لم يسلم لها تتقرر التسمية فبقي حقها في العوض الأصلي و هو مهر المثل فإن كان أقل من مهر مثلها أو أكثر فليس لها إلا ذلك لأنه وصل إليها بقدر حقها و إن كان أقل من مهر مثلها يكمل لها مهر مثلها أيضا لا إلى الحق المستحق فرق بين هذا و بين ما إذا تزوجها على مهر صحيح و أرطال من خمر أن المهر ما يسمى لها إذا كان عشرة فصاعدا و يبطل الحرام و ليس لها تمام مهر مثلها أو أكثر فليس لها إلا ذلك لأنه وصل إليها قدر حقها و إن كان أقل من مهر مثلها يكمل لها مهر أيضا لأن تسمية الخمر لم تصح في حق الانتفاع بها في حق المسلم إذ لامنفعة للمسلم فيها لحرمة الانتفاع بها في حق المسلم فلا يجوز أن يجب بفواتها عوض فالتحقت تسميتها بالعدم و صار كأنه لم يسم إلا المهر الصحيح فلا يجب لها إلا المهر الصحيح بخلاف المسالة الأولى و على هذا يخرج ما إذا أعتق أمته أن تزوج نفسها منه فقبلت عتقت لأنه أعتقها بعوض فنزول ملكه بقبول العوض كما لو باعها و كما إذا قال لها أنت حرة على ألف درهم بخلاف ما إذا قال لعبده إن أديت إلي الفا فأنت حر أنه لا يعتق بالقبول مالم يؤد لأن ذلك ليس بمعارضة بل هو تعليق و هو تعليق الحرية بشرط الأداء إليه و لم يوجد الشرط .
ثم إذا أعتقت بالقبول فبعد ذلك لا يخلو إما أن زوجت نفسها منه و إما أن أبت التزويج فإن زوجت نفسها منه ينظر إن كان قد سمى لها مهرا آخر و هو مال سوى الإعتاق فلها المسمى إذا كان عشرة دراهم فصاعدا .
و إن كان دون العشرة تكمل عشرة و إن لم يسم لها سوى الإعتاق فلها مهر مثلها في قول أبي حنيفة و محمد و قال أبي يوسف : صداقها إعتاقها ليس لها غير ذلك .
وجه قوله : أن العتق بمعنى المال و بدليل أنه يجوز أخذ العوض عنه بأن أعتق عبده على مال فجاز أن يكون مهرا و لهما أن العتق ليس بمال حقيقة لأن الإعتاق إبطال المالكية فكيف يكون مالا إلا أنه يجوز أخذ عوض هو مال عنه و هذا لا يدل على كونه مالا بنفسه .
ألا ترى أن الطلاق ليس بمال و لا يجوز أخذ العوض عنه و كذا القصاص و أخذ البدل عنه جائز و نفس الحر ليست بمال و إن أبت أن تزوج نفسها منه لا تجبر على ذلك لأنها حرة ملكت نفسها فلا تجبر على النكاح لكنها تسعى في قيمتها للمولى عند أصحابنا الثلاثة و قال زفر لا سعاية عليها .
وجه قوله : أن السعاية إنما تجب لتخلص الرقبة و هذه حرة خالصة فلا تلزمها السعاية .
و لنا : أن المولى ما رضي بزوال ملكه عن رقبتها لا بنفع يقابله و هو تزويج نفسها منه و هذه منفعة مرغوب فيها و قد تعذر عليه استيفاء هذه المنفعة بمعنى من جهتها و هو إباؤها فيقام بدل قيمتها مقامها دفعا للضرر عنه .
و أما قوله : السعاية إنما تجب لفكاك الرقبة و تخليصها و هي حرة خالصة فنقول السعاية قد تكون لتخليص الرقبة و هذا المستسعى يكون في حكم المكاتب على أصل أبي حنيفة و قد تكون لحق في الرقبة لا لفكاك الرقبة كالعبد المرهون إذا أعتقه الراهن و هو معسر كما إذا قال لعبده : أنت حر على قيمة رقبتك فقبل حتى عتق كذا هذا .
و لو تزوج امراة على عتق أبيها أو ذي رحم محرم منها أو على عبد أجنبي عنها فهذا لا يخلو إما أن ذكر فيه كلمة عنها بأن قال أتزوجك على عتق أبيك عنك أو على هذا العبد عنك و أشار إلى عبد أجنبي عنها و إما أن يذكر فإن لم يذكر و قبلت عتق العبد و الولاء للزوج لا لها لأن المعتق هو الزوج و [ الولاء لمن أعتق ] على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لها مهر مثلها إن لم يكن سمى لها مهرا آخر هو مال و إن كان قد سمى فلها المسمى لأنه علق العتق بقبولها النكاح فإذا قبلت عتق و العبد لا يصلح مهرا لأنه ليس بمال فإن كان هناك مال مسمى وجب ذلك لأنه صحت تسميته مهرا فوجب المسمى و إن لم يكن فتسميته العتق مهرا لم يصح لأنه ليس بمال فيجب مهر المثل هذا إذا لم يذكر عنها فأما إذا ذكرت فقبلت عتق العبد عنها و ثبت الولاء لها و صار ذلك مهرا لأنه لما ذكر العتق عنها و لا يكون العتق عنها إلا بعد سبق الملك لها فملكته أولا ثم عتق عنها كمن قال لآخر : أعتق عبدك عني عن كفارة يميني على ألف درهم يجوز و يقع العتق عن الآمر و حال ما ملكته كان مالا فصلح أن يكون مهرا .
و هذا إذا تزوجها على العتق فأما إذا تزوجها على الإعتاق بأن تزوجها على أن يعتق هذا العبد فهذا أيضا لا يخلو من أحد وجهين : إما أن ذكر فيه عنها و إما أن لم يذكر فإن لم يذكر فقبلت صح النكاح و لا يعتق العبد ههنا بقبولها لأنه وعد أن يعتق و العتق لا يثبت بوعد الإعتاق و إنما يثبت بالإعتاق فما لم يعتق لا يعتق بخلاف الفصل الأول لأن الزواج هناك كان على العتق لا على الإعتاق ثم إذا أعتقه فعتق فلا يخلو إما أن ذكر كلمة عنها أو لم يذكر فإن كان لم يذكر ثبت الولاء منه لا منها لأن الإعتاق منه لا منها و الولاء للمعتق و لها مهر مثلها إن لم يكن هناك مهر آخر مسمى و هو مال و إن كان فلها ذلك المسمى لأن الإعتاق ليس بمال بل هو إبطال المالية سواء كان العبد أجنبيا أو ذا رحم محرم منها و إن ذكر كلمة عنها ثبت الولاء منها لأن الإعتاق منها لأنه أعتق عنها و يصير العبد ملكا لها بمقتضى الإعتاق .
ثم إن كان ذا رحم محرم منها عتق عليها كما ملكته فتملكه فيعتق عليها و إن كان أجنبيا يصير الزوج و كيلا عنها في الإعتاق و منها كما وعد فإن أبى لا يجبر على ذلك لأنه حر مالك إلا أنه ينظر إن لم يكن ثمة مسمى و مال فلها مهر مثلها لما ذكرنا أن تسمية الإعتاق مهرا لم يصح و لم يوجد تسمية شيء آخر هو مال فتعين مهر المثل موجبا و إن كان قد سمى لها شيئا آخر هو مال فإن كان المسمى مثل مهر المثل أو أكثر فلها ذلك المسمى لأن الزوج رضي بالزيادة و إن كان أقل من مهر مثلها فإن كان العبد أجنبيا فلها ذلك المسمى لا غير لأنه شرط لها شرطا لا منفعة لها فيه فلا يكون غارا لها بترك الوفاء بما شرط لها و إن كان ذا رحم محرم منها يبلغ به تمام مهر مثلها لأنها إنما رضيت بدون مهر مثلها بما شرط و لم تكن راضية فصار غارا لها و هذا إذا لم يقل عنها فأما إذا قال ذلك بأن تزوجها على أن يعتق هذا العبد عنها فقبلت صح النكاح و صار العبد ملكا ثم إن كان ذا رحم محرم منها عتق عليها لأنها ملكت ذا رحم محرم منها و كان ذلك مهرا لها لأنها تملكه ثم يعتق عليها و إن كان أجنبيا يكون الزوج وكيلا عنها بالإعتاق فإن أعتق قبل العزل فقد وقع العتق عنها و إن عزلته في ذلك صح العزل و الله أعلم