وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : و أما بيان ما يسقط به كل المهر .
فالمهر كله يسقطة بأسباب أربعة : .
منها الفرقة بغير طلاق قبل الدخول بالمرأة و قبل الخلوة بها فكل فرقة حصلت بغير طلاق قبل الدخول و قبل الخلوة تسقط جميع المهر سواء كانت من قبل المرأة أو من قبل الزوج و إنما كان كذلك لأن الفرقة بغير طلاق تكون فسخا للعقد و فسخ العقد قبل الدخول يوجب سقوط كل المهر لأن فسخ العقد رفعه من الأصل و جعله كأن لم يكن و سنبين الفرقة التي تكون بغير طلاق و التي تكون بطلاق إن شاء الله تعالى في موضعها .
و منها : الإبراء عن كل المهر قبل الدخول و بعده إذا كان المهر دينا لأن الإبراء إساقط و الإسقاط ممن هو من أهل الإسقاط في محل قابل للسقوط يوجب السقوط .
و منها : الخلع على المهر قبل الدخول و بعده ثم إن كان المهر غير مقبوض سقط عن الزوج و إن كان مقبوضا ردته على الزوج و إن كان خالعها على مال سوى المهر يلزمها ذلك المال و يبرأ الزوج عن كل حق وجب لها عليه بالنكاح كالمهر و النفقة الماضية في قول أبي حنيفة لأن الخلع و إن كان طلاقا بعوض عندنا لكن فيه معنى البراءة لما نذكره إن شاء الله تعالى في مسألة المخالعة و المبارأة في كتاب الطلاق في بيان حكم الخلع و عمله إن شاء الله تعالى .
و منها : هبة كل المهر قبل القبض عينا كان أو دينا و بعده إذا كان عينا و جملة الكلام في هبة المهر أن المهر لا يخلو إما أن يكون عينا و هو أن يكون معينا مشارا إليه مما يصح تعيينه و إما أن يكون دينا و هو أن يكون في الذمة كالدراهم و الدنانير معينة كانت أو غير معينة و المكيلات و الموزونات في الذمة و الحيوان في الذمة كالعبد و الفرس و العرض في الذمة كالثوب الهروي و الحال لا يخلو إما أن يكون قبل القبض و إما أن يكون بعد القبض و إما أن يكون بعد القبض وهبت كل المهر أو بعضه فإن وهبته كل المهر قبل القبض ثم طلقها قبل الدخول بها فلا شيء له عليها سواء كان المهر عينا أو دينا في قول أصحابنا الثلاثة .
و قال زفر : يرجع عليها بنصف المهر إن كان دينا و به أخذ الشافعي .
وجه قول زفر : أنها بالهبة تصرفت في المهر بالإسقاط و إسقاط الدين استهلاكه و الاستهلاك يضمن القبض فصار كأنها قبضت ثم وهبت .
و لنا : أن الذي يستحقه الزوج بالطلاق قبل القبض عاد إليه من جهتها بسبب لا يوجب الضمان لأنه يستحق نصف المهر فقد عاد إليه بالهبة والهبة لا توجب الضمان فلا يكون له حق الرجوع عليها بالنصف كالنصف الآخر .
و إن وهبت بعد القبض فإن كان الموهوب عينا فقبضه ثم وهبه منها لم يرجع عليها بشيء لأن ما تستحقه بالطلاق قبل الدخول هو نصف الموهوب بعينه و قد رجع إليه بعقد لا يوجب الضمان فلم يكن له الرجوع عليها و إن كانت دينا في الذمة فإن كان حيوانا أو عرضا فكذلك لا يرجع عليها بشيء لأن الذي تستحقه بالطلاق قبل الدخول نصف ذلك الشيء بعينه من العبد و الثوب فصار كأنه تعين بالعقد .
و إن كان دراهم أو دنانير معينة أو غير معينة أو مكيلا أو موزونا سوى الدراهم و الدنانير فقبضته ثم وهبته نمنه ثم طلقها يرجع عليها بمثل نصفه لأن المستحق بالطلاق ليس هو الذي وهبته بعينه بل مثله بدليل أنها كانت مخبرة في الدفع إن شاءت دفعت ذلك بعينه و إن شاءت دفعت مثله كما كان الزوج مخيرا في الدفع إليها بالعثد فلم يكن العائد إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول فصار كأنها وهبت مالا آخر و لو كان كذلك لرجع عليها بمثل نصف الصداق كذا هذا .
و قال زفر : في الدراهم و الدنانير إذا كانت معينة فقبضتها ثم وهبتها ثم طلقها أنه لا رجوع للزوج عليها بشيء بناء على أن الدراهم و الدنانير عنده تتعين بالفسخ أيضا كالعروض و عندنا لا تتعين بالعقد فلا تتعين بالفسخ و المسألة ستأتي في كتاب البيوع .
و كذلك إذا كان المهر دينا فقبضت الكل ثم وهبت البعض فللزوج أن يرجع عليها بنصف المقبوض لأن له أن يرجع عليها إذا وهبت الكل فإذا وهبت البعض أولى و إذا قبضت النصف ثم وهبت النصف الباقي أو وهبت الكل ثم طلقها قبل الدخول بها قال أبو حنيفة : لا يرجع الزوج عليها بالشيء و قال أبو يوسف و محمد يرجع عليها بربع المهر .
و جه قولهما : أن المستحق للزوج بالطلاق قبل الدخول نصف المهر فإذا قبضت دون النصف فقد استحق النصف مشاعا في ذمته و فيما قبضت فكان نصف النصف و هو ربع الكل في ذمته و نصف النصف فيما قبضت إلا أنها إذا لم تكن و هبته حتى طلقها لم يرجع عليها بشيء لأنه صار ما في ذمته قصاصا بماله عليها فإذا وهب بقي حقه في نصف ما في يدها و هو الربع فيرجع عليها بذلك .
و لأبي حنيفة أن الذي يستحقه الزوج بالطلاق قبل الدخول ما في ذمته بدليل أنها لو تكن وهبت و طلقها لم يرجع عليها بشيء و قد عاد إليه ما كان من ذمته بسبب لا يوجب الضمان و هو الهبة فلا يكون له الرجوع بشيء و لو كان المهر جارية فولدت بعد القبض أو جنى عليها فوجب الأطرش أو كان شجرا فأثمر أو دخله عيب ثم وهبته منه ثم طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بنصف القيمة لأن حق الزوج ينقطع عن العين بهذه العوارض بدليل أنه لا يجوز له أخذها مع الزيادة و إذا كان حقه منقطعا عنها لم يعد إليه بالهبة ما استحقه بالطلاق فكان له قيمتها و إذا حدث به عيب فألحق و إن لم ينقطع عن العين به لكن يجوز له تركه مع العيب فلم يكن الحق متعلقا بالعين على سبيل اللزوم و لم يكن الواصل إلى الزوج عين ما يستحقه بالطلاق و لو كانت الزيادة في بدنها فوهبتها له ثم طلقها كان له أن يضمنها في قول أبي يوسف و أبي حنيفة خلافا لمحمد بناء على أن الزيادة المتصلة لا تمنع التنصيف عندهما وعنده تمنع و إذا باعته المهر أو وهبته على عوض ثم طلقها رجع عليها بمثل نصفه فيما له مثل و بنصف القيمة فيما لا مثل له لأن المهر عاد إلى الزوج بسبب يتعلق به الضمان فوجب له الرجوع و إذا ثبت له الرجوع ضمنها كما لو باعته من أجنبي ثم اشتراه الزوج من الأجنبي ثم إن كانت باعت قبل القبض فعليها نصف القيمة يوم البيع لأنه دخل في ضمانها بالبيع و إن كانت قبضت ثم باعت فعليها نصف القيمة يوم القبض لأنه دخل في ضمانها بالقبض و الله عز و جل أعلم