وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

حكم اختلاف الزوجين في المهر .
فصل : و أما حكم اختلاف الزوجين في المهر فجملة الكلام فيه : أن الاختلاف في المهر إما أن يكون في حال حياة الزوجين و إما أن يكون بعد موت أحدهما بين الحي منهما و ورثة الميت و إما أن يكون بعد موتهما بين ورثتهما فإن كان في حال حياة الزوجين فإما أن كان قبل الطلاق و إما أن كان بعده فإن كان قبل الطلاق فإن كان الاختلاف في أصل التسمية يجب مهر المثل لأن الواجب الأصلي في باب النكاح هو مهر المثل لأنه قيمة البضع و قيمة الشيء مثله من كل وجه فكان هو العدل و إنما التسمية تقدير لمهر المثل فإذا لم تثبت التسمية لوقوع الاختلاف فيها وجب المصير إلى الموجب الأصلي و إن كان الاختلاف في قدر المسمى أو جنسه أو نوعه أو صفته فالمهر لا يخلو إما أن يكون دينا و إما أن يكون عينا فإن كان دينا فإما أن يكون من الأثمان المطلقة و هي الدراهم و الدنانير و إما إن كان من المكيلات و الموزونات و المذروعات الموصوفة في الذمة فإن كان من الأثمان المطلقة فاختلفا في قدره بأن قال الزوج تزوجتك على ألف درهم و قالت المرأة تزوجتني على ألفين أو قال الزوج : تزوجتك على مائة دينار و قالت المرأة على مائتي دينار تحالفا و يبدأ بيمين الزوج فإن نكل أعطاها ألفين و إن حلف تحلف المرأة فإن نكلت أخذت ألفا و إن حلفت يحكم لها بمهر المثل إن كان مهر مثلها مثل ما قالت أو أكثر فلها ما قالت و إن كان مهر مثلها مثل ما قال الزوج أو أقل فلها ما قال و إن كان مهر مثلها أقل مما قالت و أكثر مما قال فلها مهر مثلها و هذا قول أبي حنيفة و محمد .
و قال أبو يوسف : لا يتخالفان و القول قول الزوج في هذا كله إلا أن يأتي بمستنكر جدا .
و الحاصل : أن أبا حنيفة و محمدا يحكمان مهر المثل و ينهيان الأمر إليه و أبو يوسف لا يحكمه بل يجعل القول قول الزوج مع يمينه إلا أن يأتي بشيء مستنكر و قد اختلف في تفسير المستنكر قيل هو أن يدعى أنه تزويجها على أقل من عشرة دراهم و هذا التفسير يروى عن أبي يوسف C لأن هذا القدر مستنكر شرعا إذ لا مهر في الشرع أقل من عشرة .
و قيل : هو أن يدعى أنه تزوجها على مال يزوج مثلها به عادة و هذا يحكى عن أبي الحسن : لأن ذلك مستنكر عرفا و هو الصحيح من التفسير لأنهما اختلفا في مقدار المهر المسمى و ذلك اتفاق منهما على أصل المهر المسمى و ما دون العشرة لم يعرف مهرا في الشرع بلا خلاف بين أصحابنا .
و قد روي عن أبي يوسف في المتبايعين : إذا اختلفا في مقدار الثمن و السلعة هالكة أن القول قول المشتري ما لم يأت بشيء مستنكر .
وجه قول أبي يوسف : أن القول قول المنكر في الشرع و المنكر هو الزوج لأن المرأة تدعي عليه زيادة مهر و هو ينكر ذلك فكان القول قوله مع يمينه كما في سائر المواضع و الدليل عليه أن المتعاقدين في باب الإجارة إذا اختلفا في مقدار المسمى لا يحكم أجر المثل بل يكون القول قول المستأجر مع يمينه لما قلنا كذا هذا .
و لهما : أن القول في الشرع و العقل قول من يشهد له الظاهر و الظاهر يشهد لمن يوافق قوله مهر المثل لأن الناس في العادات الجارية يقدرون المسمى بمهر المثل و يبنونه عليه لا برضا الزوج بالزيادة عليه و المرأة و أولياؤها لا يرضون بالنقصان عنه فكانت التسمية تقديرا لمهر المثل و بناء عليه فكان الظاهر شاهدا لمن يشهد له مهر المثل فيحكم مهر المثل فإن كان ألفين فلها ذلك لأن الظاهر شاهد لها و إن كان أكثر من ألفين لا يزاد عليه لأنها رضيت بالنقصان و إن كان مهر مثلها ألفا فلها ألف لأن الظاهر شاهد للزوج و إن كان أقل من ذلك لا ينقص عن ألف لأن الزوج رضي بالزيادة و إن كان مهر مثلها أكثر مما قال و أقل مما قالت فلها مهر المثل لأنه هو الواجب الأصلي و إنما التسمية تقدير له لما قلنا فلا يعدل عنه إلا عند ثبوت التسمية و صحتها فإذا لم يثبت لوقوع الاختلاق وجب الرجوع إلى الموجب الأصلي و تحكيمه و إنما يتحالفان لأن كل واحد منهما مدعى من وجه و منكر من وجه .
أما الزوج فلأن المرأة تدعي عليه زيادة ألف و هو منكر و أما المرأة فلأن الزوج يدعي عليها تسليم الألف إليها و هي تنكر فكان كل واحد منهما مدعيا من وجه و منكرا من وجه فيتحالفان لقوله صلى الله عليه و سلم : [ و اليمين على من أنكر ] و يبدأ بيمين الزوج لأنه أشد إنكارا أو أسبق إنكارا من المرأة لأنه أشد إنكارا أو أسبق إنكارا من المرأة لأنه منكر قبل التسليم النفس و بعده و لا إنكارا من المرأة بعد تسليم النفس و قبل التسليم هو أسبق إنكارا لأن المرأة تقبض المهر أولا ثم تسلم نفسها فتطالبه بأداء المهر إليها و هو ينكر فكان هو أسبق إنكارا فكانت البداية بالتحليف منه أولى لما قلنا في اختلاف المتبايعين .
ذكر الكرخي : التحالف في هذه الفصول الثلاثة و أنكر الجصاص التحالف إلا في فصل واحد و هو ما إذا لم يشهد مهر المثل لدعواهما بأن كان مهر مثلها أكثر مما قال الزوج و أقل مما قالت المرأة و كذا في الجامع الصغير لم يذكر التحالف إلا في هذا الفصل .
وجه أن الحاجة إلى التحالف فيما لا شهادة للظاهر فإذا كان مهر المثل مثل ما يدعيه أحدهما كان الظاهر شاهدا له فلا حاجة إلى التحالف و الظاهر لا يشهد لأحدهما في الثالث فتقع الحاجة إلى التحالف .
وجه ما ذكره الكرخي : أن مهر المثل لا يثبت إلا بعد سقوط اعتبار التسمية و التسمية لا يسقط اعتبارها إلا بالتحالف لأن الظاهر لا يكون حجة على الغير فتقع الحاجة إلى التحالف ثم إذا وجب التحالف و بدئ بيمين الزوج فإن نكل يقضي عليه بألفين لأن النكول حجة يقضي بها في باب الأموال بلا خلاف بين أصحابنا و لا خيار للزوج و هو أن يعطيها مكان الدراهم دنانير لأن تسمية الألفين قد تثبت بالنكول لأنه بمنزلة الإقرار و من شأن المسمى أن لا يكون للزوج العدول عنه إلى غيره إلا برضا المرأة و إن حلف تحلف المرأة فإن نكلت لم يقض على الزوج إلا بالألف و لا خيار له لما قلنا في نكول الزوج و إن حلفت يحكم مهر المثل فإن كان مهر مثلها ألفا قضى لها على الزوج بألف و لا خيار لأن تسمية الألف قد تثبت بتصادقهما فيمنع الخيار .
و إن كان مهر مثلها ألفين قضى لها بألفين و له الخيار في أخذ الألفين دون الآخر لثبوت تسمية أحد الألفين بتصادقهما دون الأخر و إن كان مهر مثلها ألفا و خمسمائة قضى لها بألف و خمسمائة و لا خيار له في قدر الألف بتصادقهما و له الخيار في قدر الخمسمائة لأنه لم تثبت تسمية هذا القدر فكان سبيلها سبيل مهر المثل فكان له الخيار فيها و لا يفسخ العقد بعد التحالف في قول عامة العلماء .
و قال ابن أبي ليلى : يفسخ كما في البيع لأن كل واحد منهما عقد لا يجوز بغير بدل .
ولنا : الفرق بين البيع و النكاح و هو أنه لما سقط اعتبار التسمية في باب البيع يبقى البيع بلا ثمن و البيع بلا ثمن بيع فاسد واجب الرفع رفعا للفساد و ذلك بالفسخ بخلاف النكاح فإن ترك التسمية أصلا في النكاح لا يوجب فساده فسقوط اعتباره بجهالة المسمى بالتعارض أولى فلا حاجة إلى الفسخ فهو الفرق هذا إذا لم يقم لأحدهما بينة فأما إذا قامت لأحدهما بينة فإنه يقضي ببينته لأنها قامت على أمر جائز الوجود و لا معارض لها فتقبل و لا يحكم مهر المثل لأنه تحكيمه ضروري و لا ضرورة عند قيام البيئة و لا خيار للزوج لأن التسمية تثبت بالبينة و إنها تمنع الخيار و إن أقاما جميعا البينة فإن كان مهر مثلها ألف درهم يقضي ببينتها لأنها تظهر زيادة ألف فكانت مظهرة و بينة الزوج لم تظهر شيئا لأنها قامت على ألف و الألف كان ظاهرا بتصادقهما أو نقول بينة المرأة إظهارا فكان القضاء بها أولى و لا خيار للزوج في الألفين لأن تسمية أحد الأافين تثبت بتصادقهما و تسمية الآخر تثبيت بالبينة و التسمية تمنع الخيار .
و إن كان مهر مثلها فقد اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يقضي ببينتها أيضا لأنها تظهر زيادة ألف لم تكن ظاهرة بتصادقهما و إن كانت ظاهرة بشهادة مهر المثل لكن هذا الظاهر لا يكون حجة على الغير ألا ترى أنه لا يقضي به بدون اليمين أو البينة و تصادقهما حجة بنفسة فكانت ببينتها هي المظهرة أو كانت أكثر إظهارا و بينة الزوج ليست بمظهرة لأن الألف كان ظاهرا بتصدقهما أو هي أقل إظهارا فكان القضاء ببينتها أولى .
و قال بعضهم : يقضي ببينة الزوج لأن بينة الزوج تظهر حظ الألف عن مهر المثل و ذلك ألفان لبثوت الألفين بشهادة مهر المثل بشهادته و بينتها لا تظهر شيئا لأن أحد الألفين كان ظاهرا بشهادة مهر المثل أو يظفر صفة التعين للألفين لأن الثابت بشهادة مهر المثل أو يظهر صفة التعيين لهما و بينته مظهرة للأصل فكان القضاء ببينته أولى و إن كان مهر مثلها ألفا و خمسمائة بطلت البينتان للتعارض لأن مهر المثل لا يشهد لأحدهما فكانت كل واحدة منهما مظهرة و ليس القضاء بإحداهما أولى من لأخرى فبطلت فبقي الحكم بمهر المثل و لا خيار له في قدر الألف لأن البينتين التحقتا بالعدم للتعارض فبقي هذا القدر مسمى بتصادقهما و له خيار في قدر الخمسمائة لثبوته على وجه مهر المثل .
و كذلك إن كان دينا موصوفا في الذمة بأن تزوجها على مكيل موصوف أو موزون موصوف أو مذروع موصوف فاختلفا في قدر الكيل أو الوزن أو الذرع فالاختلاف فيه كالاختلاف في قدر الدراهم و الدنانير و لهذا يتحالفان و يحكم مهر المثل في قول أبي حنيفة و محمد لأن القدر في المكيل و الموزون معقود عليه و كذا في المذروع إذا كان في الذمة و إن لم يكن معقودا عليه بل كان جاريا مجرى الصفة إذا كان عينا لأن ما في الذمة غائب مذكور يختلف أصله باختلاف وصفه فجرى الوصف فيما في الذمة مجرى الأصل ولهذا كان الاختلاف في صفة المسلم فيه موجبا للتحالف فكان اختلافهما في الوصف بمنزلة اختلافهما في الأصل و ذلك يوجب التحالف كذا هذا .
و عند أبي يوسف لا يتحالفان و القول قول الزوج مع يمينه و إن كان الاختلاف في جنس المسمى بأن قال الزوج تزوجتك على عبد فقالت على جارية أو قال الزوج : تزوجتك على عبد فقالت جارية أو قال الزوج : تزوجتك على كر شعير فقالت : على كر حنطة أو على ثياب هروية أو قال على ألف درهم و قالت على مائة دينارا و في نوعه كالتركي مع الرومي و الدنانير المصرية مع الصورية أو في صفته من الجودة و الرداءة فالاختلاف فيه كالاختلاف في العين إلا الدراهم و الدنانير فإن الاختلاف فيهما كالاختلاف في الألف و الألفين و إنما كان كذلك لأن كل واحد من الجنسين و النوعين و الموصوفين لا يملك إلا بالتراضي بخلاف الدراهم و الدنانير فإنهما و إن كانا جنسين مختلفين لكنهما في باب مهر المثل يقضي من جنس الدراهم و الدنانير فجاز أن يستحق المائة دينار من غير تراض بخلاف العبد لأن مهر المثل لا يقضي من جنسه فلم يجز أن يملك من غير تراض فيقضي بقدر قيمته .
هذا إذا كان المهر دينا فأما إذا كان عينا فإن كان مما يتعلق العقد بقدره بأن تزوجها على طعام بعينه فاختلفا في قدره فقال الزوج تزوجتك على هذا الطعام بشرط أنه كر و قالت المرأة : تزوجتني عليه بشرط أنه كران فهي مثل الاختلاف في الألف و الألفين و إن كان مما لا يتعلق العقد بقدره بأن تزوجها على ثوب بعينه كل ذراع منه يساوي عشرة دراهم فاختلفا فقال الزوج تزوجتك على هذا الثوب بشرط أنه ثمانية أذرع فقالت : بشرط أنه عشرة أذرع لا يتحالفان و لا يحكم مهر المثل و القول قول الزوج بالإجماع .
ووجه الفرق بين الطعام و الثوب : أن القدر في باب الطعام معقود عليه حقيقة و شرعا أما الحقيقة فلأن المعقود عليه عين و ذات حقيقة و أما الشرع فإنه إذا اشترى طعاما على أنه عشرة أقفزة فوجده أحد عشر لا يطيب له الفضل و الاختلاف في المعقود عليه يوجب التحالف .
فأما القدر في باب الثوب و إن كان من أجزاء الثوب حقيقة لكنه جار مجرى الوصف و هو صفة الجودة شرعا لأنه يوجب صفة الجودة لغيره من الأجزاء ألا ترى أن من اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع فوجده أحد عشر طاب له للفضل و الاختلاف في صفة المعقود عليه إذا كان عينا يوجب للتحالف كما إذا اختلفا في صفة الجودة في العين .
و الأصل : أن ما يوجب فوات بعضه نقصانا في البقية فهو جار مجرى الصفة و ما لا يوجب فوات بعضه نقصانا في الباقي لا يكون جاريا مجرى الصفة و إن اختلفا في جنسه و عينه كالعبد و الجارية بأن قال الزوج تزوجتك على هذا العبد و قالت المراة على هذه الجارية فهو مثل الاختلاف في الألف و الألفين إلا في فصل واحد و هو ما إذا كان مهر مثلها مثل قيمة الجارية أو أكثر فلها قيمة الجارية لا عينها لأن تمليك الجارية لا يكون إلا بالتراضي و لم يتفقا على تمليكها فلم يوجد الرضا من صاحب الجارية بتمليكها فتعذر التسليم فيقتضي بقيمتها بخلاف ما إذا اختلفا في الدراهم أو الدنانير فقال الزوج تزوجتك على ألف درهم و قالت المرأة على مائة دينار إن الاختلاف فيه كالاختلاف في الألف و الألفين على معنى أن مهر مثلها إن كان مثل مائة دينار أو أكثر فلها المائة دينار لما مر أن مهر المثل يقتضي من جنس الدراهم و الدنانير فلا يشترط فيه التراضي بخلاف العبد فإن مهر المثل لايقضي من جنسه فلا يجوز أن يملك من غير مرضاة و لا يكون لها أكثر من قميتها و إن كان مهر مثلها أكثر من قميتها لأنها رضيت بهذا القدر و ما كان القول فيه أي من العين قول الزوج فهلك فاختلفا في قدر قيمته فالقول فيه قول الزوج أيضا لأن المسمى مجمع عليه فكانت القيمة دينا عليه و الاختلاف إذا وقع في قدر الدين فالقول قول المديون كما في سائر الديون هذا كله إذا اختلفا قبل الطلاق و لو اختلفا بعد الطلاق فإن كان بعد الدخول أو قبل الدخول بعد الخلوة فالجواب في الفصول كلها كالجواب فيما لو اختلفا حال قيام النكاح لأن الطلاق بعد الدخول أو قبل الدخول بعد الخلوة مما لا يوجب سقوط مهر المثل و إن كان قبل الدخول بها و قبل الخلوة فإن كان المهر دينا فاختلفا في الألف و الألفين فالقول قول الزوج و يتنصف ما يقول الزوج كذا ذكر في كتاب النكاح و الطلاق و لم يذكر الاختلاف كذا ذكر الطحاوي أنه يتنصف ما يقول الزوج و لم يذكر الخلاف .
و ذكر الكرخي و حكى الإجماع فقال : لها نصف الألف في قولهم و ذكر محمد في الجامع الصغير و قال : ينبغي أن يكون القول قول المرأة إلى متعة مثلها و القول قول الزوج في الزيادة على قياس قول أبي حنيفة .
و وجهه : أن المسمى لم يثبت لوقوع الاختلاف فيه و الطلاق قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه يوجب المتعة و يحكم متعة مثلها لأن المرأة ترضى بذلك و الزوج لا يرضى بالزيادة فكان القول قوله في الزيادة و الصحيح هو الأول لأنه لا سبيل إلى تحكيم مهر المثل ههنا لأن مهر المثل لا يثبت في الطلاق قبل الدخول فتعذر تحكيمه فوجب إثبات المتيقن و هو نصف الألف و متعة مثلها لا تبلغ ذلك عادة فلا معنى لتحكيم المتعة على إقرار الزوج بالزيادة .
و قيل : لا خلاف بين الروايتين في الحقيقة و إنما اختلف الجواب لا ختلاف وضع المسألة فوضع المسألة في كتاب النكاح في الألف و الألفين و لا وجه لتحكيم المتعة لأن الزوج أقر لها بخمسمائة و هي تزيد على متعة مثلها عادة فقد أقر الزوج لها بمتعة مثلها و زيادة فكان لها ذلك و وضعها في الجامع الكبير في العشرة و المائة بأن قال الزوج تزوجتك على عشرة دراهم و قالت المرأة تزوجتني على مائة درهم و متعة مثلها عشرون ففي هذه الصورة يكون الزوج مقرا لها بخمسة دراهم و ذلك أقل من متعة مثلها عادة فكان لها متعة مثلها .
و إن كان المهر عينا كما في مسألة العبد و الجارية فلها المتعة إلا أن يرضى الزوج أن يأخذ نصف الجارية بخلاف ما إذا اختلفا في الألف و الألفين لأن نصف الألف هناك ثابتة بيقين لا تفاقهما على تسمية الألف فكان القضاء بنصفها حكما بالمتيقن و الملك في نصف الجارية ليس بثابت بيقين لأنهما لم يتفقا على تسمية أحدهما فلم يمكن القضاء بنصف الجارية إلا باختيارهما فإذا لم يوجد سقط البدلان فوجب الرجوع إلى المتعة هذا إذا كان الاختلاف في حياة الزوجين فإن كان في حياة أحدهما بعد موت الآخر بينه و بين ورثة الميت فكذلك الجواب أن القول قول المرأة إلى تمام مهر مثلها إن كانت حية و قول ورثتها إن كانت ميتة و القول قول الزوج و ورثته في الزيادة عندهما و عند أبي يوسف القول قول ورثة الزوج إلا أن يأتوا بشيء مستنكر .
و إن كان الاختلاف بين ورثة الزوجين فإن اختلفوا في أصل التسمية و كونها فقد قال أبو حنيفة لا أقضى بشيء حتى تقوم البينة على أصل التسمية و عندهما يقتضي بمهر المثل كما في حال الحياة .
وجه قولهما : أن التسمية إذا لم تثبت لا ختلافها وجب مهر المثل بالعقد فيبقى بعد موتهما كالمسمى و صار كأنه زوجها و لم يسم لها مهرا ثم ماتا .
و جواب أبي حنيفة هناك : أنه لا يقضي بشيء تقوم البنية على التسمية و أما قولهما إن مهر المثل يجب بالعقد عند عدم التسمية فالجواب عنه من وجهين .
: .
أحدهما : أنه وجب لكنه لم يبق إذا المهر لا يبقى بعد موت الزوجين عادة و هذا قول أبي حنيفة في المسألة بل الظاهر هو الاستيفاء و الإبراء هذا هو العادة بين الناس فلا يثبت البقاء إلا بالبينة .
و الثاني : لئن سلمنا أنه بقي لكنه تعذر القضاء به لأن موضوع المسألة عند التقادم و عند التقادم لا يدري ما حالها و مهر المثل يقدر بحالها فيتعذر التقدير على أن اعتبار مهرها بمهر مثل نساء عشيرتها فإذا ماتا فالظاهر موت نساء عشيرتها فلا يمكن التقدير .
وجه قول أبي حنيفة في هذه المسألة : مشكل و لو اختلف الورثة في قدر المهر فالقول قول ورثة الزوج عند أبي حنيفة و عند أبي يوسف القول قول ورثة الزوج إلا أن يأتوا بشيء مستنكر جدا .
و عند محمد : القول قول ورثة المرأة إلى قدر مثلها كما في حال الحياة .
و لو بعث الزوج إلى امرأته شيئا فاختلفا فقالت المرأة هو هدية و قال الزوج : هو من المهر فالقول قول الزوج إلا في الطعام الذي يؤكل لأن الزوج هو المملك فكان أعرف بجهة تمليكه فكان االقول قوله إلا فيما يكذبه الظاهر و هو الطعام الذي يؤكل لأنه لا يبعث مهرا عادة .
فصل : و مما يتصل بهذا اختلاف الزوجين في متاع البيت و لا بينة لأحدهما .
و جملة الكلام فيه : أن الاختلاف في متاع البيت إما إن يكون بين الزوجين في حال حياتهما و إما إن يكون بين ورثتهما بعد وفاتهما و إما أن يكون في حال حياة إحداهما و موت الآخر فإن كان في حال حياتهما فإما أن يكون في حال قيام النكاح و إما أن يكون بعد زواله بالطلاق فإن كان في حال قيام النكاح فما كان يصلح للرجال كالعمامة و القلنسوة و السلاح و غيرها فالقول فيه قول الزوج لأنه الظاهر شاهد له و ما يصلح للنساء مثل الخمار و الملحفة و المغزول و نحوها فالقول فيه قول الزوجة لأن الظاهر شاهد لها و ما يصلح لهما جميعا كالدراهم و الدنانير و العروض و البسط و الحبوب و نحوها فالقول فيه قول الزوج و هذا قول أبي حنيفة و محمد .
و قال أبو يوسف القول قول المرأة إلى قدر جهاز مثلها في الكل و القول قول الزوج في الباقي .
و قال زفر في قول المشكل بينهما نصفان و في قول آخر و هو قول مالك و الشافعي : الكل بينهما نصفان .
و قال ابن أبي ليلى : القول قول الزوج في الكل إلا في ثياب بدن المرأة و قال الحسن : القول قول المرأة في الكل إلا ثياب بدن الرجل .
وجه قول الحسن : أن يد المرأة على ما في داخل البيت أظهر منه في يد الرجل فكان الظاهر لها شاهدا إلا في ثياب بدن الرجل لأن الظاهر يكذبها في ذلك و يصدق الزوج .
وجه قول ابن أبي ليلى : أن الزوج أخص بالتصرف فيما في البيت فكان الظاهر شاهدا إلا في ثياب بدنها فإن الظاهر يصدقها فيه و يكذب الرجل وجه قول زفر أن يد كل واحد من الزوجين إذا كانا حرين ثابتة على ما في البيت فكان الكل بينهما نصفين و هو قياس قوله إلا أنه خص المشكل بذلك في قول لأن الظاهر يشهد لأحدهما في المشكل .
وجه قول أبي يوسف : أن الظاهر يشهد للمرأة قدر جهاز مثلها لأن المرأة لا تخلو عن الجهاز عادة فكان الظاهر شاهدا لها في ذلك القدر فكان القول في هذا القدر قولها و الظاهر يشهد للرجل في الباقي فكان القول قوله في الباقي .
وجه قولهما : أن يد الزوج على ما في البيت أقوى من يد المرأة لأن يده يد متصرفة و يدها يد حافظة و يد التصرف أقوى من يد الحفظ كاثنين يتنازعان في دابة و أحدهما راكبها و الآخر متعلق بلجامها أن الراكب أولى إلا أن فيما يصلح لها عارض هذا الظاهر ما هو أظهر منه فسقط اعتباره و إن اختلفا بعدما طلقها ثلاثا أو بائنا فالقول قول الزوج لأنها صارت أجنبية بالطلاق فزالت يدها و التحقت بسائر الأجانب هذا إذا اختلف الزوجان قبل الطلاق أو بعده فأما إذا ماتا فاختلف ورثتهما فالقول قول ورثة الزوج في قول أبي حنيفة و محمد و عند أبي يوسف القول قول ورثة المرأة إلى قدر جهاز مثلها و قول ورثة الزوج في الباقي لأن الوارث يقوم مقام المورث فصار كأنه المورثين اختلفا بأنفسهما و هما حيان .
و إن مات أحدهما و اختلف الحي و ورثة الميت فإن كان الميت هو المرأة قول الزوج عند أبي حنيفة و محمد لأنها لو كانت حية لكان القول قوله فبعد الموت أولى و عند أبي يوسف القول قول ورثتها إلى قدر جهاز مثلها و إن كان الميت هو الزوج فالقول قولها عند أبي حنيفة في المشكل و عند أبي يوسف في قدر جهاز مثلها و عند محمد القول قول ورثة الزوج .
وجه قولهما : ظاهر لأن الوارث قائم مقام المورث و لأبي حنيفة أن المتاع كان في يدهما في حياتهما لأن الحرة من أهل الملك و اليد فينبغي أن يكون بينهما نصفين كما قال زفر لأن يد الزوج كانت أقوى فسقطت يدها بيد الزوج فلإذا مات الزوج فقد زال المانع فظهرت يدها على المتاع .
و لو طلقها في مرضه ثلاثا أو بائنا فمات ثم اختلفت هي و ورثة الزوج فإن مات بعد انقضاء العدة فالقول قول ورثة الزوج لأن القول قول الزوج المشكل بعد الطلاق فكان القول قول ورثتة بعده أيضا و إن مات قبل القضاء العدة فالقول قولها عند أبي حنيفة في المشكل و عند أبي يوسف في قدر جهاز مثلها .
و عند محمد : القول قول ورثة الزوج لأن العدة إذا كانت قائمة كان النكاح قائما من وجه فصار كما لو مات الزوج قبل الطلاق و بقيت المرأة و هناك القول قولها عند أبي حنيفة في المشكل .
و عند أبي يوسف : في قدر جهاز مثلها و عند محمد القول قول ورثة الزوج كذا ههنا .
هذا كله إذا كان الزوجان حرين أو مملوكين أو مكاتبين فأما إذا كان أحدهما حرا و الآخر مملوكا أو مكاتبا فعند أبي حنيفة القول قول الحر و عندهما إن كان المملوك محجورا فكذلك و أما إذا كان مأذونا أو مكاتبا فالجواب فيه و فيما إذا كانا حرين سواء .
وجه قولهما : أن المكاتب في ملك اليد بمنزلة الحر بل هو حر يدا و لهذا كان أحق بمكاسبه و كذا المأذون المديون فصار كما لو اختلفا و هما حران .
و لأبي حنيفة : أن كل منهما مملوك أما المأذون فلا شك فيه و كذا : [ المكاتب لأنه عبد ما بقي عليه درهم ] على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و العبد اسم للمملوك لا يكون من أهل الملك فلا تصلح يده دليلا على الملك فلا تصلح معارضة ليد الحر فبقيت ليد الحر فبقيت يده دليل الملك من غير معارض بخلاف الحرين و لو كان الزوج حرا و المرأة أمة أو مكاتبة أو مدبرة أو أم ولد فأعتقت ثم اختلفا في متاع البيت فما أحدثا من الملك قبل العتق فهو للزوج لأنه حدث في وقت لم تكن المرأة فيه من أهل الملك و ما أحدثا من الملك بعد العتق فالجواب فيه و في الحرين سواء .
و لو كان الزوج مسلما و المرأة ذمية فالجواب فيه كالجواب في الزوجين لأن الكفر لا ينافي أهليه الملك الرق و كذا لو كان البيت لأحدهما لا يختلف الجواب لأن العبرة لليد لا للملك .
هذا كله إذا لم تقر المرأة أن هذا المتاع اشتراه لي زوجي فإن أقرت بذلك سقط قولها لأنها أقرت بالملك لزوجها ثم ادعت الانتقال فلا يثبت الانتقال إلا بدليل و قد مرت المسألة