وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجوب العدل بين النساء في حقوقهن .
فصل : و منها : وجوب العدل بين النساء في حقوقهن و جملة الكلام فيه أن الرجل لا يخلو إما أن يكون له أكثر من امرأة واحدة و أما أن كانت له امرأة واحدة فإن كان له أكثر من امرأة فعليه العدل بينهن في حقوقهن من القسم و النفقة والكسوة و هو التسوية بينهن في ذلك حتى لو كانت تحته امرأتان حرتان أو أمتان يجب عليه أن يعدل بينهما في المأكول و المشروب و الملبوس و السكنى و البيتوتة و الأصل فيه قوله تعالى : { فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة } عقيب قوله تعالى : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع } أي إن خفتم أن لا تعدلوا في القسم و النفقة في نكاح المثنى و الثلاث و الرباع فواحدة ندب سبحانه و تعالى إلى نكاح الواحدة عند خوف ترك العدل في الزيادة و إنما يخاف على ترك الواجب فدل أن العدل بينهن في القسم و النفقة واجب و إليه أشار في آخر الآية بقوله : { ذلك أدنى أن لا تعولوا } أي تجوروا و الجور حرام فكان العدل واجبا ضرورة و لأن العدل مأمور به لقوله عز و جل : { إن الله يأمر بالعدل و الإحسان } على العموم و الإطلاق إلا ما خص أو قيد بدليل و روي عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه و سلم : [ كان يعدل بين نسائه في القسمة و يقول : اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك أنت و لا أملك ] و عن أبي هريرة Bه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة و شقه مائل ] و يستوي في القسم البكر و الثيب و الشابة و العجوز و القديمة و الحديثة و المسلمة و الكتابية لما ذكرنا من الدلائل من غير فصل و لأنهما يستويان في سبب وجوب القسم و هو النكاح فيستويان في وجوب القسم و لا قسم للمملوكات بملك اليمين أي لا ليلة لهن و إن كثرن لقوله عز و جل : { فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم } قصر الإباحة في النكاح على عدد لتحقق الجور في الزيادة .
ثم ندب سبحانه و تعالى إلى نكاح الواحدة عند خوف الجور في الزيادة و أباح من ملك اليمين من غير عدد فدل أنه ليس فيه خوف الجور و إنما لا يكون إذا لم يكن لهن قسم إذ لو كان لكان فيه خوف الجور كما في المنكوحة و لأن سبب الوجوب هو النكاح و لم يوجد .
و لو كانت إحداهما حرة و الأخرى أمة فللحرة يومان و للأمة يوم لما روى عن علي Bه موقوفا عليه و مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ للحرة الثلثان من القسم و للأمة الثلث ] و لأنهما ما استويا في سبب الوجوب و هو النكاح فإنه لا يجوز نكاح الأمة بعد نكاح الحرة و لا مع نكاحها و كذا لا يجوز للعبد أن يتزوج بأكثر من اثنتين و للحر أن يتزوج بأربع نسوة فلم يتساويا في السبب فلا يتساويان في الحكم بخلاف المسلمة مع الكتابية لأن الكتابية يجوز نكاحها قبل المسلمة و بعدها و معها و كذا للذمي أن يجمع بين أربع نسوة كالحر المسلم فتساويا في سبب الوجوب فيتساويان في الحكم و لأن الحرية تنبئ عن الكمال و الرق يشعر بنقصان الحال و قد ظهر أثر النقصان في الشرع في المالكية وحل المحلية و العدة و الحد و غير ذلك فكان في القسم و هذا التفاوت في السكنى و البيتوتة يسكن عند الحرة ليلتين وعند الأمة ليلة فأما في المأكول و المشروب و الملبوس فإنه يسوي بينهما لأن ذلك من الحاجات اللازمة فيستوي فيه الحرة و الأمة و المريض في وجوب القسم عليه كالصحيح لما [ روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : استأذن نساءه في مرض موته أن يكون في بيت عائشة Bها ] فلو سقط بالمرض لم يكن للاستئذان معنى و لا قسم على الزوج إذا سافر حتى لو سافر بإحداهما و قدم من السفر و طلبت الأخرى أن يسكن عندها مدة السفر فليس لها ذلك لأن مدة السفر ضائعة بدليل أن له أن يسافر وحده دونهن لكن الأفضل أن يقرع بينهن فيخرج بمن خرجت قرعتها تطييبا لقلوبهن دفعا لتهمة الميل عن نفسه هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إذا أراد السفر أقرع بين نسائه ] .
و قال الشافعي : إن سافر بها بقرعة فكذلك فاما إذا سافر بها بغير قرعة فإنه يقسم للباقيات و هذا غير سديد لأن بالقرعة لا يعرف أن لها حقا في حالة السفر أولا فإنها لا تصلح لإظهار الحق أبدا لاختلاف عملها في نفسها فإنها لا تخرج على وجه واحد بل مرة هكذا و مرة هكذا و المختلف فيه لا يصلح دليلا على شيء و لو وهبت إحداهما قسمها لصاحبتها أو رضيت بترك قسمها جاز لأنه حق ثبت لها فلها أن تستوفي و لها أن تترك .
و قد روى [ أن سودة بنت زمعة Bها لما كبرت و خشيت أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه و سلم جعلت يومها لعائشة Bها ] و فيها نزل قوله تعالى : { و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا و الصلح خير } و المراد من الصلح هو الذي جرى بينهما كذا قاله ابن عباس Bها .
فإن رجعت عن ذلك و طلبت قسمها فلها ذلك لأن ذلك كله كان إباحة منها و الإباحة لا تكون لازمة كالمباح له الطعام أنه يملك المبيح منعه و الرجوع عن ذلك و لو بذلت واحدة منهن مالا للزوج ليجعل لها في القسم أكثر مما تستحقه لا يجعل للزوج أن يفعل و يرد ما أخذه منها لأنه رشوة لأنه أخذ المال لمنع الحق عن المستحق و كذلك لو بذل الزوج لواحدة منهن مالا لتجعل نوبتها لصاحبتها أو بذلت هي لصاحبتها مالا و أنه لا يجوز كذا هذا هذا إذا كان له امرأتان أو أكثر من ذلك فأما إذا كانت له امرأة واحدة فطالبته بالواجب لها ذكر القدوري رواية الحسن عن أبي حنيفة أنه قال : إذا تشاغل الرجل عن زوجته بالصيام أو بالصلاة أو بأمة اشتراها قسم لامرأته من كل أربعة أيام يوما و من كل أربع ليال ليلة و قيل له تشاغل ثلاثة أيام و ثلاث ليالي بالصوم أو بالأمة و هكذا كان الطحاوي يقول : إنه يجعل لها يوما واحدا يسكن عندها و ثلاثة أيام و لياليها يتفرغ للعبادة و أشغاله .
وجه هذا القول ما ذكره محمد في كتاب النكاح : أن امرأة رفعت زوجها إلى عمر Bه و ذكرت أنه يصوم النهار و يقوم الليل فقال عمر Bه : ما أحسنك ثناءا على بعلك فقال كعب يا أمير المؤمنين إنها تشكو إليك زوجها فقال عمر Bه : و كيف ذلك ؟ فقال كعب : إنه إذا صام النهار و قام الليل فكيف يتفرع لها فقال عمر Bه : لكعب إحكم بينهما ؟ فقال : أراها إحدى نسائه الأربع يفطر لها يوما و يصوم ثلاثة أيام فاستحسن ذلك منه عمر Bه و ولاه قضاء البصرة ذكر محمد هذا في كتاب النكاح و لم يذكر أنه يأخذ بهذا القول .
و ذكر الجصاص : أن هذا ليس مذهبنا لأن المزاحمة في القسم إنما تحصل بمشاركات الزوجات فإذا لم يكن له زوجة غيرها لم تتحقق المشاركة فلا يقسم لها و إنما يقال له لا تداوم على الصوم و وف المرأة حقها كذا قاله الجصاص .
و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أن أبا حنيفة كان يقول أولا كما روى الحسن عنه لما أشار إليه كعب و هو أن للزوج أن يسقط حقها عن ثلاثة أيام بأن يتزوج ثلاثا آخر سواها فلما لم يتزوج فقد جعل ذلك لنفسه فكان الخيار له في ذلك فإن شاء صرف ذلك إلى الزوجات و إن شاء صرفه إلى صيامه و صلاته و أشغاله ثم رجع عن ذلك و قال هذا ليس بشيء لأنه لو تزوج أربعا فطالبن بالواجب منه يكون لكل واحدة منهن ليلة من الأربع فلو جعلنا هذا حقا لكل واحدة منهن لا يتفرغ لعماله فلم يوقت في هذا وقتا و إن كانت المرأة أمة فعلى قول أبي حنيفة أخيرا إن صح الرجوع لا شك أنه لا يقسم لها كما لا يقسم للحرة من طريق الأولى و على قوله الأول و هو قول الطحاوي يجعل لها ليلة من كل سبع ليال لأن للزوج حق إسقاط حقها عن ستة أيام و الاقتصار على يوم واحد بأن يتزوج عليها ثلاث حرائر لأن للحرة ليلتين و للأمة ليلة واحدة فلما لم يتزوج فقد جعل ذلك لنفسه فكان بالخيار إن شاء صرف ذلك إلى الزوجات و إن شاء صرفه إلى الصوم و الصلاة و إلى أشغال نفسه و الإشكال عليه ما نقل عن أبي حنيفة و ما ذكره الجصاص أيضا و الله عز و جل الموفق