وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ما لا يجوز الحلف به .
وجه قوله : أنه إذا لم يذكر المحلوف به فيحتمل أنه أراد به الحلف بالله و يحتمل أنه أراد به الحلف بغير الله تعالى فلا يجعل حلفا مع الشك .
و لنا : أن القسم لما لم يجز إلا بالله عز و جل كان الإخبار عنه إخبارا عما لا يجوز بدونه كما في قوله تعالى : { و اسأل القرية التي كنا فيها } و نحو ذلك و لأن العرب تعارفت الحلف على هذا الوجه قال الله تعالى : { يحلفون لكم لترضوا عنهم } و لم يقل بالله و قال سبحانه و تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله } فالله سبحانه و تعالى يمينا بقوله تعالى : { اتخذوا أيمانهم جنة } و قال تعالى : { إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين } و لم يذكر بالله ثم سماه قسما و القسم لا يكون إلا بالله تعالى في عرف الشرع و استبدل محمد بقوله : { و لا يستثنون } فقال أفيكون الاستثناء إلا في اليمين و فيه نظر لأن الاستثناء لا يستدعي تقدم اليمين لا محالة و إنما يستدعي الإخبار عن أمر يفعله في المستقبل كما قال تعالى : { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله } و قوله اعزم معناه أوجب فكان إخبارا عن الإيجاب في الحال و هذا معنى اليمين .
و كذا لو قال : عزمت لا أفعل كذا كان حالفا .
و كذا لو قال : آليت لا أفعل كذا لأن الإلية هي اليمين .
وكذا لو قال : علي نذر أو نذر الله فهو يمين لقوله صلى الله عليه و سلم : [ من نذر و سمى فعليه الوفاء بما سمى و من نذر و لم يسم فعليه كفارة يمين ] .
و قال صلى الله عليه و سلم : [ النذر يمين و كفارته كفارة اليمين ] وروي أن عبد الله بن الزبير قال : لتنتهين عائشة عن بيع رباعها أو لأحجرن عليها فبلغ ذلك عائشة فقالت أو قال ذلك لله علي نذر إن كلمته أبدا فاعتق عن يمينها عبدا و كذا قوله علي يمين أو يمين الله في قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر : له علي يمين لا يكون يمينا وجه قوله على ما ذكرنا فيما تقدم : أن اليمين قد يكون بالله و قد يكون بغير الله تعالى فلا ينعقد يمينا بالشك .
و لنا : أن قوله علي يمين أي يمين الله إذ لا يجوز اليمين بغير الله تعالى و قوله : يمين الله دون قوله علي يمين فكيف معه أو يقال معنى قوله علي يمين أو يمين الله أي علي موجب يمين الله إلا أنه حذف المضاف و أقام المضاف إليه مقامه طلبا للتخفيف عند كثرة الإستعمال و لو قال : علي عهد الله أو ذمة الله أو ميثاقه فهو يمين لأن اليمين بالله تعالى هي عهد الله على تحقيق أو نفيه ألا ترى إلى قوله تعالى : { و أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم } ثم قال سبحانه و تعالى : { و لا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها } و جعل العهد يمينا و الذمة هي العهد و منه أهل الذمة أي أهل العهد و الميثاق و العهد من الأسماء المترادفة .
وقد روي [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا بعث جيشا قال في وصيته إ ياهم : و إن أرادوكم أن تعطوهم ذمة الله و ذمة رسوله فلا تعطوهم ] أي عهد الله و عهد رسوله و لو قال : إن فعل كذا فهو يهودي أو نصراني أو مجوسي أو بريء عن الإسلام أو كافر أو يعبد من دون الله أو يعبد الصليب أو نحو ذلك مما يكون اعتقاده كفرا فهو يمين استحسانا .
و القياس : أنه لا يكون يمينا و هو قول الشافعي .
وجه القياس : أنه علق الفعل المحلوف عليه بما هو معصية فلا يكون حالفا كما لو قال إن فعل كذا فهو شارب خمرا أو آكل ميتة .
وجه الاستحسان : أن الحلف بهذه الألفاظ متعارف بين الناس فإنهم يحلفون بها من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا من غير نكير و لو لم يكن ذلك حلفا لما تعارفوا لأن الحلف بغير الله تعالى معصية فدل تعارفهم على أنهم جعلوا ذلك كناية عن الحلف بالله عز و جل و إن لم يعقل وجه الكناية فيه كقول العرب : لله علي أن أضرب ثوبي حطيم الكعبة إن ذلك جعل كناية عن التصدق في عرفهم و إن لم يعقل وجه الكناية فيه كذا هذا .
هذا إذا أضاف اليمين إلى المستقبل فأما إذا أضاف إلى الماضي بأن قال : هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا لشيء قد فعله فهذا يمين الغموس بهذا اللفظ و لا كفارة فيه عندنا لكنه هل يكفر لم يذكر في الأصل .
وعن محمد بن مقاتل الرازي أنه يكفر لأنه علق الكفر بشيء يعلم أنه موجود فصار كأنه قال هو كافر بالله و كتب نصر بن يحيى إلى ابن شجاع يسأله عن ذلك فقال لا يكفر و هكذا روى عن أبي يوسف أنه لا يكفر و هو الصحيح لأنه ما قصد به الكفر و لا اعتقد ه و إنما قصد به ترويج كلامه و تصديقه فيه و لو قال عصيت الله إن فعلت كذا أو عصيته في كل ما افترض علي فليس بيمين لأن الناس ما اعتادوا الحلف بهذه الألفاظ .
و لو قال هو يأكل الميتة أو يستحل الدم أو لحم الخنزير أو يترك الصلاة و الزكاة إن فعل كذا فليس شيء من ذلك يمينا لأنه ليس بإيجاب بل هو إخبار عن فعل المعصية في المستقبل بخلاف قوله هو يهودي أو نحوه لأن ذلك إيجاب في الحال وكذلك لو دعى على نفسه بالموت أو عذاب النار بأن قال عليه عذاب الله إن فعل كذا أو قال أماته الله إن فعل كذا لأن هذا ليس بإيجاب بل دعاء على نفسه و لا يحلف بالآباء و الأمهات و الأبناء و لو حلف بشيء من ذلك لا يكون يمينا لأنه حلف بغير الله تعالى و الناس و إن تعارفوا الحلف بهم لكن الشرع نهى عنه .
و روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تحلفوا بآبائكم و لا بالطواغيت فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر ] و روي عنه أنه قال صلى الله عليه و سلم : [ من حلف بغير الله فقد أشرك ] و لأن هذا النوع من الحلف لتعظيم المحلوف و هذا النوع من التعظيم لا يستحقه إلا الله تعالى و لو قال و دين الله أو طاعته أو شرائعه أو أنبيائه و ملائكته أو عرشه لم يكن يمينا لأنه حلف بغير الله .
و من الناس من قال الحلف بالأنبياء عليهم الصلاة و السلام و غيرهم يمين و هذا غير سديد للحديث و لأنه حلف بغير الله فلا يكون قسما كالحلف بالكعبة كذا لو قال و بيت الله أو حلف بالكعبة أو بالمشعر الحرام أو بالصفا أو بالمروة أو بالصلاة أو الصوم أو الحج لأن كل ذلك حلف بغير الله عز و جل و كذا الحلف بالحجر الأسود والقبر و المنبر لما قلنا و لا يحلف بالسماء و لا بالأرض و لا بالشمس و لا بالقمر و النجوم و لا بكل شيء سوى الله تعالى و صفاته العلية لما قلنا و قد قال أبو حنيفة لا يحلف إلا بالله متجردا بالتوحيد و الإخلاص و لو قال و عبادة و حمد الله فليس بيمين لأنه حلف بغير الله ألا ترى أن العبادة و الحمد فعلك .
ولو قال : بالقرآن أو بالمصحف أو بسورة كذا من القرآن فليس بيمين لأنه حلف بغير الله تعالى و أما المصحف فلا شك فيه و أما القرآن و سورة كذا فلأن المتعارف من اسم القرآن الحروف المنظومة و الأصوات المقطعة بتقطيع خاص لا كلام الله الذي هو صفة أزلية قائمة بذاته تنافي السكوت و الآفة و لو قال بحدود الله لا يكون يمينا كذا ذكر في الأصل .
و اختلفوا في المراد بحدود الله قال بعضهم يراد به الحدود المعروفة من حد الزنا و السرقة و الشرب و القذف و قال بعضهم يراد بها الفرائض مثل الصوم و الصلاة و غيرهما و كل ذلك حلف بغير الله تعالى فلا يكون يمينا و قد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تحلفوا بآبائكم و لا بالطواغيت و لا بحد من حدود الله و لا تحلفوا إلا بالله و من حلف له بالله فليرض ومن لم يرضى فليس منا ] و لو قال عليه غضب الله أو سخطه أو لعنته إن فعل كذا لم يكن يمينا لأنه دعاء على نفسه بالعذاب و العقوبة و الطرد عن الرحمة فلا يكون حالفا كما لو قال عليه عذاب الله و عقابه و بعده عن رحمته .
و من مشايخنا بالعراق من قال في تخريجه القسم بالصفات إن الصفات على ضربين صفة للذات و صفة للفعل و فصل بينهما بالنفي و الإثبات و هو أن ما يثبت و لا ينفي فهو صفة للذات كالعلم و القدرة و نحوهما و ما يثبت و ينفي فهو صفة الفعل كالتكوين و الإحياء و الرزق و نحو ذلك و جعل الرحمة و الغضب من صفات الفعل فجعل صفة الذات قديمة و صفة الفعل حادثة فقال : الحلف بصفة الذات يكون حلفا بالله فيكون يمينا و الحلف بصفة الفعل يكون حلفا بغير الله تعالى فلا يكون يمينا و القول بحدوث صفات الفعل مذهب المعتزلة و الأشعرية إلا أنهم اختلفوا في الحد الفاصل بين الصفتين ففصلت المعتزلة بما ذكره هذا القائل من النفي و الإثبات و الأشعرية فصلت بلزوم النقيصة و عدم اللزوم و هو إنه ما يلزم بنفيه نقيصة فهو من صفات الذات و ما لا يلزم بنفيه نقيصة فهو من صفات الفعل مع إتفاق الفريقين على حدوث صفات الفعل و إنما اختلفت عباراتهم في التحديد لأجل الكلام فكلام الله تعالى محدث عند المعتزلة لأنه ينفي و يثبت فكان من صفات الفعل فكان حادثا و عند الأشعرية أزلي لأنه يلزم بنفيه نقيصة فكان من صفات الذات فكان قديما و مذهبنا و هو مذهب أهل السنة و الجماعة أن صفات الله أزلية و الله تعالى موصوف بها في الأزل سواء كانت راجعة إلى الذات أو إلى الفعل فهذا التخريج وقع معدولا به عن مذهب أهل السنة و الجماعة و إنما الطريقة الصحيحة و الحجة المستقيمة في تخريج هذا النوع من المسائل ما سلكنا و الله تعالى الموفق للسداد و الهادي إلى سبيل الرشاد