وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

شرائط ركن اليمين .
فصل : و أما شرائط ركن اليمين بالله تعالى فأنواع بعضها يرجع إلى الحالف و بعضها يرجع إلى المحلوف عليه و بعضها يرجع إلى نفس الركن أما الذي يرجع إلى الحالف فأنواع منها أن يكون عاقلا بالغا فلا يصح يمين المجنون و الصبي و إن كان عاقلا لأنها تصرف إيجاب وهما ليسا من أهل الإيجاب و لهذا لم يصح نذرهما و منها : أن يكون مسلما فلا يصح يمين الكافر و هذا عندنا و عند الشافعي ليس بشرط حتى لو حلف الكافر على يمين ثم أسلم فحنث فلا كفارة عليه عندنا و عنده تجب الكفارة إلا أنه إذا حنث في حال الكفر لا تجب عليه الكفارة بالصوم بل بالمال .
وجه قوله : أن الكافر من أهل اليمين بالله تعالى بدليل أنه يستحلف في الدعاوي و الخصومات و كذا يصح إيلاؤه و لو لم يكن أهلا لما انعقد كإيلاء الصبي و المجنون و كذا هو من أهل اليمين بالطلاق و العتاق فكان من أهل اليمين بالله تعالى كالمسلم بخلاف الصبي و المجنون .
و لنا : أن الكفارة عبادة و الكافر ليس من أهلها و الدليل على أن الكفارة عبادة أنها لا تتأدى بدون النية و كذا لا تسقط بأداء الغير عنه و هما حكمان مختصمان بالعبادات إذ غير العبادة لا تشترط فيه النية و لا يختص سقوطه بأداء من عليه كالديون و رد المغصوب و نحوها و الدليل عليه أن للصوم فيها مدخلا على وجه البدل وبدل العبادة يكون عبادة و الكافر ليس من أهل العبادات فلا تجب بيمينه الكفارة فلا تنعقد يمينه كيمين الصبي و المجنون و إنما يستحلف في الدعاوي لأن المقصود من الاستحلاف التحرج عن الكذب كالمسلم فاستويا فيه و إنما يفارق المسلم فيما هو عبادة و هكذا نقول في الايلاء أنه لا يصح في حق وجوب الكفارة لأن الإيلاء يتضمن حكمين وجوب الكفارة على تقدير القربان و وقوع الطلاق بعد انقضاء المدة إذا لم يقربها في المدة و الكفارة حق الله تعالى فلا يؤاخذ به الكافر و الطلاق حق العبد فيؤاخذ به و أما الحرية فليست بشرط فتصح يمين المملوك إلا أنه لا يجب عليه للحال الكفارة بالمال لأنه لا ملك له و إنما يجب عليه التفكير بالصوم و للمولى أن يمنعه من الصوم و كذا كل صوم وجب بمباشرة سبب الوجوب من العبد كالصوم المنذور به لأن المولى يتضرر بصومه و العبد لا يملك الاضرار بالمولى و لو أعتق قبل أن يصوم يجب عليه التفكير بالمال لأنه استفاد أهلية الملك بالعتق و كذا الطواعية ليست بشرط عندنا فيصح من المكره لأنها من التصرفات التي لا تحمل الفسخ فلا يؤثر فيه الإكراه كالطلاق و العتاق و النذر و كل تصرف لا يحتمل الفسخ و عند الشافعي : شرط و هي من مسائل الإكراه و كذا الجد و العمد فتصح من الخاطيء و الهازل عندنا خلافا للشافعي .
و أما الذي يرجع إلى المحلوف عليه فهو أن يكون متصور الوجود حقيقة عند الحلف هو شرط انعقاد اليمين على أمر في المستقبل و بقاؤها أيضا متصور الوجود حقيقة بعد اليمين شرط بقاء اليمين حتى لا ينعقد اليمين على ما هو مستحيل الوجود حقيقة و لا يبقى إذا صار بحال يستحيل وجوده و هذا قول أبي حنيفة و محمد و زفر و عند أبي يوسف هذا ليس بشرط لانعقاد اليمين و لا لبقائها و إنما الشرط أن تكون اليمين على أمر في المستقبل .
و أما كونه متصور الوجود عادة فهل هو شرط انعقاد اليمين ؟ قال أصحابنا الثلاثة ليس بشرط فينعقد على ما يستحيل وجوده عادة بعد أن كان لا يستحيل وجوده حقيقة .
و قال زفر : هو شرط لا تنعقد اليمين بدونه و بيان هذه الجملة إذا قال و الله لأشربن الماء الذي في هذا الكوز فإذا لا ماء فيه لم تنعقد اليمين في قول أبي حنيفة و محمد و زفر لعدم شرط الانعقاد و هو تصور شرب الماء الذي حلف عليه و عند أبي يوسف تنعقد لوجود الشرط و هو الإضافة إلى أمر في المستقبل و إن كان يعلم أنه لا ماء فيه تنعقد عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر لا تنعقد و هو رواية عن أبي حنيفة أنه لا تنعقد علم أو لم يعلم و على هذا الخلاف إذا وقت و قال : و الله لأشربن الماء الذي في هذا الكوز اليوم و لا ماء في الكوز أنه لا تنعقد عند أبي حنيفة و محمد و زفر و عند أبي يوسف تنعقد .
و على هذا الخلاف إذا قال و الله لأقتلن فلانا و فلان ميت و هو لا يعلم بموته أنه لا تنعقد عندهم خلافا لأبي يوسف و إن كان عالما بموته تنعقد عندهم خلافا لزفر .
و لو قال : و الله لأمسن السماء أو لأصعدن السماء أو لأحولن هذا الحجر ذهبا تنعقد عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر لا تنعقد .
و أما الكلام مع أبي يوسف وجه قوله إن الحالف جعل شرط عدم حنثه القتل و الشرب في المطلق و في الموقت عدم الشرب في المدة وقد تأكد العدم فتأكد شرط الحنث فيحنث كما في قوله و الله لأمسن السماء أو لأحولن هذا الحجر ذهبا و لهما أن اليمين تنعقد للبر لأن البر هو موجب اليمين و هو المقصود الأصلي من اليمين أيضا لأن الحالف بالله تعالى يقصد بيمينه تحقيق البر و الوفاء بما عهد و انجاز ما وعد ثم الكفارة تجب لدفع الذنب الحاصل بتفويت البر و هو الحنث فإذا لم يكن البر منصور الوجود حقيقة لا يتصور الحنث فلم يكن في انعقاد اليمين فائدة فلا تنعقد .
و الدليل على أن البر غير متصور الوجود من هذه اليمين حقيقة أنه إذا كان عنده أن في الكوز ماء و أن الشخص حي فيمينه تقع على الماء الذي كان فيه وقت اليمين و على إزالة حيات قائمة وقت اليمين و الله تعالى و إن كان قادرا على خلق الماء في الكوز و لكن هذا المخلوق لا يكون ذلك الماء الذي وقعت يمينه عليه و في مسألة القتل زالت تلك الحياة على وجه لا يتصور عودها بخلاف ما إذا كان عالما بذلك لأنه إذا كان عالما به فإنما انعقد يمينه على ماء آخر يخلقه الله تعالى و على حياة أخرى يحدثها الله تعالى إلا أن ذلك على نقض العادة فكان العجز عن تحقيق البر ثابتا عادة فيحنث بخلاف قوله و الله لأمسن السماء و نحوه لأن هناك البر متصور الوجود في نفسه حقيقة بأن يقدره الله تعالى على ذلك كما أقدر الملائكة و غيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة و السلام إلا أنه عاجز عن ذلك عادة فلتصور وجوده حقيقة انعقدت و للعجز عن تحقيقه عادة حنث و وجبت الكفارة .
و أما الكلام مع زفر في اليمين على مس السماء و نحوه فهو يقول المستحيل عادة يلحق بالمستحيل حقيقة و في المستحيل حقيقة لا تنعقد كذا في المستحيل عادة و لنا أن اعتبار الحقيقة و العادة واجب ما أمكن و فيما قلناه اعتبار الحقيقة و العادة جميعا و فيما قاله اعتبار العادة و إهدار الحقيقة فكان ما قلناه أولى .
و لو قال : و الله لأمسن السماء اليوم يحنث في آخر اليوم عند أبي حنيفة و محمد و في قياس قول أبي يوسف أنه يحنث في الحال و قد روي عن أبي يوسف ما يدل عليه فإنه قال في رجل حلف ليشربن ماء دجلة كله اليوم قال أبو حنيفة لا يحنث حتى يمضي اليوم و قال أبو يوسف يحنث الساعة فإن قال في يمينه غدا لم يحنث حتى يمضي اليوم في قول أبي حنيفة لأن الانعقاد يتعلق بآخر اليوم عنده .
فأما أبو يوسف فقال : يحنث في أول جزء من أجزاء الغد لأن شرط البر غير منتظر فكأنه قال لها : أنت طالق في غد و الله عز و جل أعلم .
هذا إذا لم يكن المحلوف عليه متصور الوجود حقيقة أو عادة وقت اليمين حتى انعقدت اليمين بلا خلاف ثم فات فالحلف لا يخلو إما أن يكون مطلقا عن الوقت و إما أن يكون موقتا بوقت و كل ذلك لا يخلو إما أن يكون في الإثبات أو في النفي فإن كان مطلقا في الإثبات بأن قال والله لآكلن هذا الرغيف أو لأشربن الماء الذي في هذا الكوز أو لأدخلن هذه الدار أو لآتين البصرة فما دام الحالف و المحلوف عليه قائمين لا يحنث لأن الحنث في اليمين المطلقة يتعلق بفوات البر في جميع البر فما داما قائمين لا يقع اليأس عن تحقيق البر فلا يحنث فإذا هلك أحدهما بحنث لوقوع العجز عن تحقيقه غير أنه إذا هلك المحلوف عليه يحنث وقت هلاكه و إذا هلك الحالف يحنث في آخر جزء من أجزاء حياته لأن الحنث في الحالين بفوات البر و وقت فوات البر في هلاك المحلوف عليه وقت هلاكه و في هلاك الحالف آخر جزء من أجزاء حياته .
و إن كان في النفي بأن قال و الله لا آكل هذا الرغيف أو لا أشرب الماء الذي في هذا الكوز فلم يأكل و لم يشرب الماء حتى هلك أحدهما فقد بر في يمينه لوجود شرط البر و هو عدم الأكل و الشرب و إن كان موقتا بوقت فالوقت نوعان موقت نصا و موقت دلالة .
أما الموقت نصا فإن كان في الإثبات بأن قال و الله لآكل هذا الرغيف اليوم أو لأشربن هذا الماء الذي في هذا الكوز اليوم أو لأدخلن هذه الدار و نحو ذلك فما دام الحالف و المحلوف عليه قائمين و الوقت قائما لا يحنث لأن البر في الوقت مرجو فتبقى اليمين .
و إن كان الحالف و المحلوف عليه قائمين و مضى الوقت يحنث في قولهم جميعا لأن اليمين كانت مؤقتة بوقت فإذا لم يفعل المحلوف عليه حتى مضى الوقت وقع اليأس عن فعله في الوقت ففات البر عن الوقت فيحنث .
و إن هلك الحالف ـ في الوقت و المحلوف ـ عليه قائم فمضى الوقت لا يحنث بالإجماع لأن الحنث في اليمين المؤقتة بوقت يقع في آخر أجزاء الوقت و هو ميت في ذلك الوقت و الميت لا يوصف بالحنث .
و إن هلك المحلوف ـ عليه و الحالف ـ قائم و الوقت باق فيبطل اليمين في قول أبي حنيفة و محمد و زفر و عند أبي يوسف ـ لا تبطل و يحنث .
و اختلفت الرواية عنه في وقت الحنث أنه يحنث للحال أو عند غروب الشمس روى عنه أنه يحنث عند غروب الشمس .
و روى عنه : أنه يحنث للحال قيل و هو الصحيح من مذهبه و إن كان في النفي فمضى الوقت و الحالف ـ و المحلوف عليه قائمان فقد بر في يمينه لوجود شرط البر وكذلك إن هلك الحالف و المحلوف عليه في الوقت لما قلنا و إن فعل المحلوف عليه في الوقت حنث لوجود شرط الحنث و هو الفعل في الوقت و الله أعلم .
و أما الموقت دلالة فهو المسمى يمين الفور و أول من اهتدى إلى جوابها أبو حنيفة ثم كل من سمعه استحسنه و ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن و هو أن يكون اليمين مطلقا عن الوقت نصا و دلالة الحال تدل على تقييد الشرط بالفور بأن خرج جوابا لكلام أو بناء على أمر نحو أن يقول لآخر تعال تغد معي فقال : و الله لا أتغدى معه ثم رجع إلى منزله فتغدى لا يحنث استحسانا و القياس أن يحنث و هو قول زفر وجه القياس أنه منع نفسه عن التغدي عاما فصرفه إلى البعض دون البعض تخصيص للعموم .
و لنا : أن كلامه خرج جوابا للسؤال فينصرف إلى ما وقع السؤال عنه و السؤال وقع عن الغداء المدعو إليه فينصرف الجواب إليه كأنه أعاد السؤال و قال : و الله لا أتغدى الغداء الذي دعوتني إليه وكذا إذا قامت امرأته لتخرج من الدار فقال لها إن خرجت فأنت طالق فقعدت ثم خرجت بعد ذلك لا يحنث استحسانا لأن دلالة الحال تدل على التقييد بتلك الخرجة كأنه قال إن خرجت هذه الخرجة فأنت طالق .
و لو قال لها : إن خرجت من هذه الدار على الفور أو في هذا اليوم فأنت طالق بطل اعتبار الفور لأنه ذكر ما يدل على أنه ما أراد به الخرجة المقصود إليها و إنما أراد الخروج المطلق عن الدار في اليوم حيث زاد على قدر الجواب .
و على هذا يخرج ما إذا قيل له : إنك تغتسل الليلة في هذه الدار من جنابة فقال : إن اغتسلت فعبدي حر ثم اغتسل لا عن جنابة ثم قال : عنيت به الاغتسال عن جنابة أنه يصدق لأنه أخرج الكلام مخرج الجواب و لم يأت بما يدل على إعراضه عن الجواب فيقيد بالكلام السابق و يجعل كأنه إعادة .
و لو قال : إن اغتسلت فيها الليلة عن جنابة فأنت حر أو قال : إن اغتسلت الليلة في هذه الدار فعبدي حر ثم قال عنيت الاغتسال على جنابة لا يصدق في القضاء لأنه زاد عن القدر المحتاج إليه من الجواب حيث أتى بكلام مفيد مستقل بنفسه فخرج عن حد الجواب و صار كلاما مبتدأ فلا يصدق في القضاء لكن يصدق فيما بينه و بين الله تعالى لأنه يحتمل أنه أراد به الجواب و مع هذا زاد على قدره و هذا و إن كان بخلاف الظاهر لكن كلامه يحتمله في الجملة .
و على هذا يخرج ما قاله ابن سماعة سمعت محمدا يقول في رجل قال لآخر : إن ضربتني و لم أضربك و ما أشبه ذلك فهذا على الفور قال : و قوله لم يكون على وجهين على قبل و على بعد فإن كانت على بعد فهي على الفور .
و لو قال : إن كلمتني فلم أجبك فهذا على بعد و هو على الفور و إن قال : إن ضربتني و لم أضربك فهو عندنا على أن يضرب الحالف قبل أن يضرب المحلوف عليه فإذا أراد به بعد و نوى ذلك فهو على الفور و هكذا روي عن محمد و جملة هذا إن هذه اللفظة قد تدخل على الفعل الماضي و قد تدخل على الفعل الماضي وقد تدخل على المستقبل فما كان معاني كلام الناس عليه حمل عند الإطلاق عليه و إن كانت مستعملة في الوجهين على السواء يتميز أحدهما بالنية فإذا قال إن ضربتني و لم أضربك فقد حمله محمد على الماضي كأنه رأى معاني كلام الناس عليه عند الإطلاق فكأنه قال إن ضربتني من غير مجازاة لما كان مني من الضرب فعبدي حر و يحتمل الاستقبال أيضا فإذا نواه حمل عليه و قوله إن كلمتني و لم أجبك فهذا على المستقبل لأن الجواب لا يتقدم الكلام فحمل على الاستقبال و يكون على الفور لأنه يراد به الفور عادة و روي عن محمد فيمن قال : كل جارية يشتريها فلا يطؤها فهي حرة قال هذا يطؤها ساعة يشتريها فإن لم يفعل فهي حرة لأن الفاء تقتضي التعقيب