وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

حكم هذه اليمين .
فصل : و أما حكم هذه اليمين فحكمها واحد و هو وقوع الطلاق أو العتاق المعلق بالشرط ثم نبين أعيان الشروط التي تعلق بها الطلاق و العتاق على التفصيل و معنى كل واحد منهما حتى إذا وجد ذلك المعنى يوجد الشرط فيقع الطلاق و العتاق و إلا فلا .
أما الأول فلأن اليمين بالطلاق و العتاق هو تعليق الطلاق و العتاق بالشرط و معنى تعليقهما بالشرط و هو إيقاع الطلاق و العتاق في زمان ما بعد الشرط لا يعقل له معنى آخر فإذا وجد ركن الإيقاع مع شرائطه لا بد من الوقوع عند الشرط فأما عدم الوقوع عند عدم الشرط فليس حكم التعليق بالشرط عندنا بل هو حكم العدم الأصلي لأن الوقوع لم يكن ثابتا في الأصل و الثبوت على حسب الإثبات و الحالف لم يثبت إلا بعد الشرط فبقي حكمه باقيا على أصل العدم لا أن يكون العدم موجب التعليق بالشرط بل موجبه الوقوع عند وجود الشرط فقط ثم الشرط إن كان شيئا واحدا يقع الطلاق عند وجوده بأن قال لامرأته إن دخلت هذه الدار فأنت طالق أو أنت طالق إن دخلت هذه الدار يستوي فيه تقديم الشرط في الذكر و تأخيره و سواء كان الشرط معينا أو مبهما بأن قال إن دخلت هذه الدار أو هذه فأنت طالق أو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار أو هذه وكذلك إذا كان وسط الجزاء بأن قال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق أو هذه الدار لأن كلمة أو ههنا تقتضي التخيير فصار كل فعل على حياله شرطا فأيهما وجد وقع الطلاق و كذلك لو أعاد الفعل مع آخر بأن قال إن دخلت هذه الدار أو دخلت هذه سواء أخر الشرط أو قدمه أو وسطه .
و روى ابن سماعة عن محمد فيمن قال : إن دخلت هذه الدار أو هذه الدار و إن دخلت هذه فعبدي حر أن اليمين على أن يدخل إحدى الأوليين و يدخل الثالثة فأي الأوليين دخل و دخل الثالثة حنث لأنه جعل شرط حنثه دخول إحدى الأوليين و دخول الثالثة لأنه ذكر إحدى الأوليين بكلمة أو فيتناول إحداهما ثم جمع دخول الثالثة إلى دخول إحداهما لوجود حرف الجمع و هو الواو في قوله وإن دخلت هذه فصار دخول الثالثة مع دخول إحدى الأوليين شرطا واحدا فإذا وجد حنث .
هذا إذا أدخل كلمة أو بين شرطين في يمين واحدة فأما إذا أدخلها بين إيقاع و يمين أو بين يمينين كما روى ابن سماعة و بشر عن أبي يوسف فيمن قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا أو و الله لأضربن هذا الخادم اليوم فضرب الخادم من يومه فقد بر في يمينه وبطل الطلاق لأنه خير نفسه بين الطلاق و بين الضرب في اليوم فإذا وجد أحدهما انتفى الآخر فإذا مضى اليوم قبل أن يضرب الخادم فقد حنث في يمينه ويخير فإن شاء أوقع الطلاق وإن شاء ألزم نفسه اليمين لأنه قد حنث في أحد الأمرين وهو المبهم فكان إليه التعيين فإن قال في اليوم قبل مضيه قد اخترت إن أوقع الطلاق لزمه وبطلت اليمين لأنه خير نفسه بين الإيقاع وبين اليمين فإذا أوقع فقد سقطت اليمين ولو قال : قد اخترت التزام اليمين وأبطلت الطلاق فإن الطلاق يبطل حتى لو مضى اليوم قبل أن يضرب الخادم حنث في يمينه لأن اختيار التزام اليمين لا يبطل اليمين لأن اليمين لا يجب على الإنسان بالالتزام حتى يبطل بالاختيار فبقيت اليمين على حالها .
ولو قال لامرأته أنت طالق ثلاثا أو والله لأضربن فلانة قبل أن يضربها فقد حنث في يمينه و هو مخير إن شاء ألزم نفسه الطلاق و إن شاء الكفارة لأن شرط البر فات بموتها فحنث في إحدى اليمينين و لو كان الرجل هو الميت و المحلوف على ضربها حية فقد وقع الحنث على الرجل و قد مات قبل أن يبين فلا يقع الطلاق عليها و لها الميراث لأنه لما كان مخيرا بين الطلاق و التزام الكفارة لا يقع الطلاق بالشك و لا يجبره الحاكم على البيان لأن أحدهما و هو الكفارة لا يدخل تحت الحكم فلا يقدر الحاكم على إلزامه و لكن يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى و لو كان بدل الكفارة طلاق أخرى فقال أنت طالق ثلاثا أو هذه فههنا يجبره الحاكم حتى يبين لأن الواقع طلاق و أنه مما يدخل في الحكم و لو قال أنت طالق أو علي حجة أو عمرة لم يجبره الحاكم على الاختيار إنما يفتي في الوقوع أن يوقع أيهما شاء ويبطل الأخرى و لو قال : أنت طالق ثلاثا أو فلانة علي حرام يعني اليمين فإنه يخير تخيير الفتوى و لا يجبره القاضي حتى يمضي أربعة أشهر قبل أن يقرب لأنه لا يقدر على أن يسقط ذلك عن نفسه بالكفارة فإذا مضت أربعة أشهر قبل أن يقرب يخير تخيير حكم و يقال له أوقع طلاق الإيلاء على التي حرمت أو طلاق الكلام على التي تكلمت بطلاقها لأن الطلاق لا بد أن يقع على إحداهما فخير فيه تخيير الحاكم .
و قال محمد في الجامع إذا قال و الله لا أدخل هذه فإن دخل إحداهما حنث لأن كلمة أو إذا دخلت بين شيئين تناولت كل واحد على الانفراد قال الله تعالى : { و لا تطع منهم آثما أو كفورا } .
و لو قال : و الله لا أدخل هذه الدار أبدأ أو لأدخلن هذه الدار الأخرى اليوم فإن دخل الأولى حنث و إن لم يدخلها و لم يدخل الأخرى حتى مضى اليوم حنث لأنه خير نفسه في اليمين أن لا يدخل الدار الأولى أو يدخل الأخرى في اليوم فإن دخل الأخرى في اليوم بر في يمينه و إن مضى اليوم حنث في إحدى اليمينين .
قال ابن سماعة في نوادر سمعت محمدا قال : في رجل قال عبده حر إن لم يدخل هذه الدار اليوم فإن لم يدخلها اليوم دخل هذه قال محمد ليس هذا باستثناء و اليمين على حالها و لا أبالي وصل هذا الكلام أو فصله فإن لم يدخل الدار الأولى اليوم حنث لأن قوله فإن لم يدخلها ليس بلفظ تخيير فبقيت اليمين الأولى بحالها و الله عز و جل أعلم .
هذا إذا كان الشرط شيئا واحدا فإن كان شيئين بأن عطف أحدهما على الآخر بحرف العطف لا ينزل إلا عند وجود الشرطين لأنه علقهما بهما فلو نزل عند وجود أحدهما لنزل من غير صنعه و هذا لا يجوز سواء قدم الشرطين على الجزاء في الذكر أو أخبرهما أو وسط الجزاء بأن قال لها إن دخلت هذه الدار و هذه الدار فأنت طالق أو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار أو قال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق و هذه الدار لا يقع الطلاق إلا عند دخول الدارين جميعا أما إذا قدم الشرطين على الجزاء أو أخرهما عنه فلأنه جمع بين الشرطين بحرف الجمع و الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع و لو جمع بينهما بلفظ الجمع بأن قال إن دخلت هاتين الدارين فأنت طالق أو أنت طالق إن دخلت هاتين الدارين جميعا كذا هذا .
و إنما استوى فيه تقديم الشرطين و تأخيرهما لأن الجزاء يتعلق بالشرط كيفما كان التقديم و التأخير فيه سواء .
و أما إذا وسط الجزاء فلأن الشيء يعطف على جنسه لا على غير جنسه فلا يصح عطف الشرط على الجزاء فيجعل معطوفا على الشرط و كذلك إذا كان العطف بحرف الفاء بأن قال إن دخلت هذه الدار فهذه الدار أنت طالق أو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار فأنت طالق فهذه الدار فهذا كله سواء و لا يقع الطلاق إلا عند دخول هذين الدارين جميعا كما في الفصل الأول إلا أن هناك لا يراعى الترتيب في دخول الدارين و ههنا يراعى و هو أن تدخل الدار الثانية بعد دخولها الأولى و إلا فلا يقع الطلاق لأن الواو والفاء و إن كانت كل واحدة منهما حرف عطف و جمع لكن الواو للجمع المطلق و الفاء للجمع المقيد و هو الجمع على سبيل التعقيب لذلك لزم مراعاة الترتيب في الثاني دون الأول .
و كذلك إن كان العطف بكلمة ثم بأن قال : إن دخلت هذه الدار ثم هذه الدار فأنت طالق أو قال : أنت طالق إن دخلت هذه الدار أو قال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق ثم هذه الدار فهذه و الفاء سواء في أنه يراعى الترتيب في الدخول في كل واحدة منهما إلا أن ههنا لا بد و أن يكون دخول الدار الثانية متراخيا عن دخول الأولى لأن كلمة ثم للترتيب و التعقب مع التراخي هذا إذا كرر حرف العطف بدون الفعل فإن كرر مع الفعل فإن كان بالواو بأن قال : إن دخلت هذه الدار و دخلت هذه الدار فأنت طالق أو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار و دخلت هذه الدار فهذا و ما إذا كرر حرف العطف بدون الفعل سواء لأن الواو للجمع المطلق فيقضي اجتماع الشرطين فيستوي فيه إعادة الفعل و عدم الإعادة و إن كانت بالفاء فقال : إن دخلت هذه الدار فدخلت هذه الدار الأخرى فقد ذكر ابن سماعة عن أبي يوسف أنه فرق بين الفاء و بين الواو في هذه الأوجه فقال في الأول يقع الطلاق عند دخول الدارين من غير مراعاة الترتيب و في الثاني لا يقع إلا أن يكون المذكور بالفاء آخرا حتى لو دخلت الدار الثانية قبل الأولى ثم دخلت الأولى لا يحنث .
ووجه الفرق : ما ذكرنا أن الواو تقتضي الجمع المطلق من غير شرط الترتيب والفاء تقتضي التعقيب فيستدعي تأخر الفعل الثاني عن الأول .
وقد ذكر ابن سماعة عن محمد في هذا زيادة تفصيل فقال في رجل قال لامرأته إن دخلت دار فلان فدخلت هذه الدار فأنت طالق ولم يدخل بها ثم طلقها فدخلت دار فلان ثم تزوجها فدخلت الدار الثانية لم تطلق كأنه جعل دخول دار فلان شرطا لانعقاد اليمين فإنما يصير حالفا حين دخلت الدار الأولى و لا ملك له في ذلك الوقت فيصير حالفا بطلاق امرأة لا يملكها فلا تطلق و إن دخلت الدار الثانية وهي امرأته لما لم تنعقد اليمين و قد روي عن أبي يوسف مثل هذه في مسألة أخرى فقال إذا قال لامرأتين له إذا غشيت هذه فإذا غشيت هذه الأخرى فعبدي حر فليس الحلف على الأولى إنما تنعقد عليه اليمين في الثانية إذا غشي الأولى ويكون موليا من الثانية إذا غشي الأولى و الفاء في هذه المواضع لا تشبه الواو فدل ذلك على أنه جعل غشيان الأولى شرطا لانعقاد اليمين في الثانية .
ولو قال لا مرأته قبل الدخول بها : أنت طالق إن دخلت هذه الدار و إن دخلت هذه الدار أو وسط الجزاء بأن قال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق و إن دخلت هذه الدار فإن أبا يوسف و محمدا قالا : أي الدارين دخلت طلقت و سقطت اليمين و لا تطلق بدخول الدار الأخرى لأنه لما أعاد حرف الشرط مع الفعل فلم يكن عطفا على الأولى في الشرط بل صار ذلك يمينا أخرى أضمر فيها الجزاء فأيهما وجد نزل الجزاء وانحلت اليمين لأن جزاء الثاني لم يبق وأن قدم الشرطين على الجزاء فقال إن دخلت هذه الدار و إن دخلت هذه الدار فأنت طالق فأنها لا تطلق حتى تدخل الدارين جميعا و هو قول محمد روى ابن سماعة عنه و ذكر محمد في الجامع : و قال هو إحدى الروايتين عن أبي يوسف وروى ابن سماعة عن أبي يوسف أنه سوى بين ذلك فقال : أي الدارين دخلت طلقت كما في الأولى .
وجه قول محمد : أنه لما عطف الشرط على الشرط قبل الجزاء دل ذلك على أنها يمين واحدة لأن الكلام الأول و هو قوله إن دخلت هذه الدار ليس بتام لأنه لا جزاء له فقوله بعد ذلك و إن دخلت هذه الدار يكون شرطا على حدة إلا أنه لم يذكر له جزاء فكان جزاء الأول جزاء الثاني فأيهما وجد نزل الجزاء وتبطل اليمين الأخرى لأنه لم يبق لها جزاء بخلاف الفصل الأول لأن هناك اليمين قد تمت بذكر الجزاء فلما أعاد حرف الشرط مع الفعل دل ذلك على انه كلام مبتدأ .
وجه قول أبي يوسف : أن تقديم الشرط على الجزاء وتأخيره عنه في باب اليمين سواء و لو قدمه كان الجواب هكذا فكذا إذا أخر والله عز و جل أعلم .
ولو كرر الشرط وعلق به جزاء واحد فإن كرر بدون حرف العطف بأن قال إن تزوجت فلانة إن تزوجت فلانة فهي طالق فاليمين انعقدت بالقول الثاني والقول الأول لغو و كذلك إذا متى وإن إذا وإن متى وكذلك إن بدأ بإذا و آخر إن أو قال إذا ثم قال متى لأن الشرط لا يتعلق به حكم إلا بانضمام الجزاء إليه وقد ضم الجزاء إلى الشرط الثاني لأنه موصول به حقيقة فيقطع عن الأول فبقي الأول من غير جزاء فلغا وإن قدم الجزاء فقال أنت طالق إن تزوجتك انعقدت اليمين بالكلام الأول و الكلام الثاني لغو لأن الجزاء تعلق بالشرط الأول و الثاني غير معطوف عليه فبقى شرطا لا جزاء له فلغا .
و لو قال : إذا تزوجتك فأنت طالق إن تزوجتك فإنما انعقدت اليمين بالكلام الآخر و الكلام الأول لغو لأن إن شرط محض ألا ترى أنه لا يستعمل إلا في الشرط و إذ قد يستعمل في الوقت و لا بد من تعليق الطلاق بأحدهما فتعليقه بالشرط المحض أولى .
و ذكر محمد في الجامع في رجل قال لدار واحدة إن دخلت هذه الدار فعبدي حر إن دخلت هذه الدار فدخلها دخلة واحدة فإنه ينبغي في القياس أن لا يحنث حتى يدخل الدار دخلتين ولكنا نستحسن و نجعله حانثا بالدخلة الأولى وجه القياس أن تكرار الشرط يمكن يحمل على فائدة و هو أنه أراد به العطف إلا أنه حذف حرف العطف فصار الشرط دخولها مرتين .
وجه الاستحسان : أن التكرار يجعل ردا للكلام الأول لأن الغرض من هذه اليمين المنع والظاهر أن الإنسان يمنع نفسه من أصل الدخول دون التكرار إلا أن يعني دخلتين فيكون على ما عني لأن الظاهر أن الإنسان لا يتكلم بشيء إلا لفائدة تتعلق به فقد نوى ظاهر كلامه فيصدق .
وإن كرر بحرف العطف فقال : إن تزوجتك وإن تزوجتك أو قال : إن تزوجتك فإن تزوجتك أو إذا تزوجتك ومتى تزوجتك لا يقع الطلاق حتى يتزوجها مرتين لأنه لما عطف أحد الشرطين على الآخر فقد علق الجزاء بهما فيتعلق بهما و لو قدم الطلاق فقال : أنت طالق إن تزوجتك فهذا على تزويج واحد و هو مخالف للباب الأول لأن الكلام الأول تم بالجزاء و الشرط فإذا أعاد الشرط بعد تمام الكلام لم يتعلق به حكم .
و لو قال : إن تزوجتك فأنت طالق وإن تزوجتك طلقت بكل واحد من التزويجين لأنه عطف التزويج على الجزاء فصار الجزاء مضمرا فيه كأنه قال : إن تزوجتك فأنت طالق و الله عز و جل أعلم .
و لو قال : كلما دخلت هذه الدار و كلمت فلانا فعبد من عبيدي حر فدخلت الدار دخلات و كلمت فلانا مرة واحدة لا يعتق إلا عبد واحد لأنه جعل شرط العتق دخول الدار وكلام فلان فإذا تكرر أحد الشرطين ولم يوجد الآخر إلا مرة واحدة تم شرط يمين واحدة و وجد بعض شرط يمين أخرى فلا يعتق إلا عبد واحد .
ولو قال : كلما دخلت هذه الدار فإن كلمت فلانا فأنت طالق فدخلت الدار ثلاث دخلات ثم كلمت فلانا مرة طلقت امرأته ثلاثا لأنه جعل الجملة المذكورة بعد حرف الفاء من ذكر الشرط والجزاء جزاء الدخول والجزاء يتكرر بتكرر الشرط إذا كان الشرط مذكور بكلمة كلما و يصير كأنه علق عند كل دخول طلاقها بكلامها فإذا كلمت فلانا مرة تطلق ثلاثا إذ الفعل الواحد يصلح شرطا في أيمان كثيرة فيحنث في جميعها .
وروى ابن سماعة عن أبي يوسف : ما يجري مجرى الشرح للمسألة الأولى أنه قال لو قال : كلما دخلت هذه الدار وكلمت فلانا فأنت طالق فهذا عليها جميعا فإن دخلت الدار ثلاث دخلات ثم كلمت فلانا مرة واحدة لأن الواو للجميع فيصير الدخول و الكلام جميعا شرطا وتكرار بعض الشرط لا يتعلق به حنث فإن عادت فكلمت فلانا قبل أن تدخل الدار الرابعة طلقت أخرى لأنه تم شرط يمين أخرى فإن عادة فكلمت فلانا الثالثة طلقت أخرى لتمام شرط اليمين الثالثة .
قال و كذلك لو بدأت بكلام فلان فكلمته ثلاث مرات ثم دخلت الدار دخلة طلقت واحدة فإن عادت فدخلتها الثانية قبل الكلام طلقت أخرى فإن عادت فدخلت الثالثة طلقت أيضا ثنتين لأنه لا يراعى فيه الترتيب وأنه لا فرق بين تقديم أحد الشرطين على الآخر وبين تأخيره .
وقال ابن سماعة عن أبي يوسف ما يجري مجرى شرح المسألة الثانية أنه قال : لو قال كلما دخلت هذه الدار فإن كلمت فلانا فأنت طالق فإن اليمين في هذا كله إنما تنعقد بدخول الدار فكلما دخلت دخلة انعقدت يمين فإن كلمت فلانا طلقت فإن عادت فدخلت الدار ثم كلمت فلانا طلقت أخرى فإن عادت فدخلت الدار ثم كلمت فلانا طلقت أخرى و لو بدأت فدخلت الدار ثلاث دخلات ثم كلمت فلانا مرة طلقت ثلاث مرات لأنه جعل دخول الدار شرط انعقاد اليمين فينعقد عند كل دخلة يمين لمكان كلمة [ كلما ] فقد انعقدت عليها أيمان فانحلت بشرط واحد .
قال : و لو بدأت بكلام فلان لم ينعقد به يمين ولم يقع به طلاق حتى تكلم فلانا بعد دخول الدار لأنه جعل الدخول شرط انعقاد اليمين فمالم تدخل لا ينعقد فلا يقع بالكلام طلاق .
قال : وسمعت أبا يوسف قال : ولو قال كلما دخلت هذه الدار فكلما كلمت فلانا فأنت طالق قال : فهذا عليها و يكون الفاء جزاء فإن بدأت فدخلت الدار ثلاث دخلات ثم كلمت فلانا مرة طلقت ثلاثا و لو دخلت الدار ثم كلمت فلانا ثلاث مرات طلقت ثلاثا لأن اليمين قد انعقدت بدخول الدار فإذا تكرر شرطها يتكرر الحنث لأن كلما للتكرار و الله عز و جل أعلم .
و لو قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق و فلانة لامرأته طلقت امرأته الساعة و لا ينتظر به التزويج لأن كلمة كل ليست كلمة شرط لما قلنا لكن فيها معنى الشرط من حيث إنه يتوقف نزول الجزاء على امرأة موصوفة بصفة أنها متزوجة و فلانة غير موصوفة بهذه الصفة فلا يقف طلاقها عليها .
و لو قال كل امرأة من نسائي تدخل الدار فهي طالق و فلانة سمى بعض نسائه فإن الطلاق يقع عليها الساعة قبل أن تدخل الدار لما ذكرنا فإن دحلت الدار و هي في العدة طلقت أخرى لأنها قد دخلت في عموم قوله كل امرأة من نسائي تدخل الدار .
و لو قال : أنت و من دخل الدار من نسائي طالق كانت طالقا ساعة سكت لما ذكرنا أنه أوقع الطلاق على الموصوف و هذه غير موصوفة و لو دخلت هي في هذه العدة طلقت أخرى لما بيننا .
و لو قال لامرأته : أنت طالق و فلانة إن تزوجتها لم يقع الطلاق على امرأة حتى يتزوج بالأخرى لأنه علق طلاقها بالشرط و هو التزوج لإتيانه بكلمة الشرط نصا فيتعلق به بخلاف الفصل الأول .
و لو قال لعبده : أنت حر و من دخل الدار من عبيدي عتق الأول للحال لما ذكرنا فإن عنى أن عتقه معلق بدخول الدار لم يدين في القضاء لأنه خلاف الظاهر لانعدام التعليق بالشرط حقيقة عليه بالشرط حقيقة و هو متهم فيه لما فيه من التخفيف عليه فلا يصدقه القاضي و الله تعالى الموفق .
و ذكر محمد في الجامع في رجل له امرأتان فقال لإحداهما أنت طالق إن دخلت هذه الدار لا بل هذه فإن دخلت الأولى الدار طلقتا و لا تطلق الثانية قبل ذلك لأن قوله لإحداهما أنت طالق إن دخلت هذه الدار تعليق طلاقها بشرط الدخول و قوله لا رجوع عن تعليق طلاقها بالشرط و قوله بل إثبات تعليق طلاق هذه بالشرط و الرجوع لا يصح و الإثبات صحيح فبقيت فيتعلق طلاقها بالشرط .
و لو قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق لا بل غلامي فلان حر عتق عبده الساعة لأن قوله : لا بل غلامي فلان حر جملة تامة لكونها مبتدأ و خبرا فلا تفتقر إلى ما تقدم من الشرط فلا يتعلق به بخلاف ما إذا قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق لا بل فلانة و هي امرأته أن امرأته لا تطلق الساعة لأن قوله لا بل فلانة غير مستقل بنفسه بل هو مفتقر إلى الكلام الأول و ذلك متعلق بالشرط فيتعلق هذا أيضا .
و لو قال لعبده : أنت حر إن دخلت الدار لا بل فلان لعبد له آخر لا يعتق الثاني إلا بعد دخول الدار لأنه استدرك بكلام غير مستقل فتعلق بالشرط .
و قال ابن سماعة عن أبي يوسف في نوادره : لو أن رجلا قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق و طالق و طالق لا بل هذه فدخلت الأولى الدار طلقتا ثلاثا لأن قوله : لا بل هذه غير مستقبل فأضمر فيه الشرط فصار طلاقها جزاء الدخول كطلاق الأولى و الجزاء في حق الأولى ثلاث تطليقات كذا في حق الثانية .
و لو قال : أنت طالق و طالق و طالق لا بل هذه وقع على الثانية واحدة و على الأولى ثلاث لأنه يضمر في حق الثانية ما يستقل به الكلام و الكلام يستقل بإضمار تطليقة واحدة .
ألا ترى أن التطليقات ههنا متفرقة فصار كأنه قال : لا بل هذه طالق بخلاف الفصل الأول لأن هناك علق الثلاث جملة بالدخول فلا بد من اعتبارها جملة واحدة على حسب التعليق فصارت تلك الكلمة مستدركة في حق الثانية و لو قال لامرأته أنت طالق إن كلمت فلانا لا بل هذه فكان على الكلام لا على الطلاق و هذا خلاف ما ذكره محمد في الجامع و يجوز أن يكون قول أبي يوسف لأنه نسقها على الكلام فتعلق طلاقها بكلام فلان فإن قال : إن كلمت فلانا فأنت طالق لا بل هذه فقوله : لا بل هذه على الطلاق لأنه نسقها على الجزاء فتعلق طلاقها بما تعلق به طلاق الأخرى .
قال بشر عن أبي يوسف فيمن قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق إن دخلت الدار فتزوج امرأة ثم دخل الدار ثم تزوج أخرى فإن الطلاق يقع على التي تزوج قبل الدخول و لا يقع على التي تزوج بعد الدخول .
و كذلك ذكر محمد في الجامع لأنه أوقع الطلاق على امرأة موصوفة بأنه تزوجها قبل الدخول و الموصوفة بهذه الصفة التي تزوجها قبل الدخول لا بعد الدخول فلا تطلق المتزوجة بعد الدخول و نظيره إذا قال : كل امرأة لي عمياء طالق إن دخلت الدار فدخل ثم عميت امرأته لا تطلق كذا هذا .
و لو بدأ بالدخول فقال : إن دخلت الدار فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة ثم دخل الدار ثم تزوج أخرى فإن الطلاق يقع على التي تزوج بعد الدخول و لا يقع على التي تزوج قبل الدخول لأنه جعل دخول الدار شرط انعقاد اليمين الثانية فصار كأنه قال عند الدخول : كل امرأة أتزوجها فهي طالق فلا يدخل في ذلك ما تزوج من قبل .
قال أبو يوسف : فإن نوى ما تزوج قبل أو بعد في المسألتين جميعا فليس يقع على ما نوى و لا يلزمه ذلك لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه .
قال بشر : و لو قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق إن دخلت الدار فدخل الدار ثم تزوج لا يقع الطلاق فإن دخل الدار ثانيا وقع الطلاق لأنه عقد اليمين على دخول بعد التزوج لا على الدخول قبله فلم يكن الدخول قبل التزوج معقودا عليه فلا تنحل به اليمين فإذا وجد الدخول الثاني و هو المعقود عليه وقع به الطلاق .
و لو قال : كل امرأة أتزوجها إلى سنة فهي طالق إن كلمت فلانا فهو على ما يتزوج في الوقت سواء كان قبل الكلام أو بعده كذا ذكر محمد في الجامع لأنه لما قال : كل امرأة أتزوجها إلى سنة فلا بد و أن يكون للتوقيت فائدة فلو اختصت اليمين بما يتزوج قبل الكلام بطل معنى التوقيت فيصير الكلام شرطا لوقوع الطلاق المعلق بالتزوج .
و لو بدأ بالكلام فقال : إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها إلى سنة فهي طالق فهذا يقع على ما بعد الكلام و التوقيت و عدم التوقيت فيه سواء لأنه لما بدأ بالكلام فقد جعل الكلام شرطه انعقاد اليمين فلا يدخل فيه المزوجة قبل الكلام و يكون فائدة التوقيت تخصيص العقد بمن تزوج في المدة دون ما بعدها الله عز و جل أعلم .
و لو عطف الحالف على يمينه بعد السكوت فلأصل فيه ما روي عن أبي يوسف أنه قال : إذا عطف على يمينه بعد السكوت ما يوسع على نفسه لم يقبل قوله كما لا يقبل في الاستثناء بعد السكوت و إن عطف بما شدد على نفسه جاز .
و إذا ثبت هذا الأصل فقال ابن سماعة : سمعت أبا يوسف قال في رجل قال إن دخلت فلانة الدار فهي طالق ثم سكت سكتة ثم قال : و هذه يعني امرأة له أخرى فإنها تدخل في اليمين لأن الواو للجميع فكأنه قال و هذه طالق إن دخلت تلك الدار و في هذا تشديد على نفسه .
و كذلك إن قال إن دخلت هذه الدار لأنه عطف على الشرط و فيه تشديد لأن هذا يقتضي وقوع الطلاق على الأولى بدخول كل واحدة من الدارين و في هذا تشديد على نفسه .
و كذلك لو نجز فقال هذه طالق ثم سكت ثم قال : و هذه طلقت الثانية لأنه جمع بينهما في الإيقاع و هذا تشديد على نفسه و لو قال لامرأته أنت طالق إن دخلت الدار ثم سكت ثم قال و هذه يعني دارا أخرى فليس له ذلك فإن دخلت الأولى طلقت لأن قوله : و هذه يعني دارا أخرى يقتضي زيادة في شرط اليمين الأولى لأنه إذا علق الطلاق بدخول دارين لا يقع بإحداهما و هو لا يملك تغيير شرط اليمين بعد السكوت و لأن في هذا توسيعا على نفسه فلا يجوز بعد السكوت كالاستثناء و الله عز و جل أعلم .
و أما بيان أعيان الشروط التي تعلق بها الطلاق و العتاق فالشروط التي تعلق بها الطلاق و العتاق لا سبيل إلى حصرها لكثرتها لتعلقها باختيار الفاعل فنذكر القدر الذي ذكره أصحابنا في كتبهم و المذكور من الشروط في كتبهم نوعان : أفعال حسية و أمور شرعية أما النوع الأول : فالدخول و الخروج و الكلام و الإظهار و الإفشاء و الإعلام و الكتم و الإسرار و الإخفاء و البشارة و القراءة و نحوها و الأكل و الشرب و الذوق و الغذاء و العشاء و اللبس و السكنى و المساكنة و الإيواء و البيتوتة و الاستخدام و المعرفة و قبض الحق و الاقتضاء و الهدم و الضرب و القتل و غيرها .
و النوع الثاني : و هو الحلف على أمور شرعية و ما يقع منها على الصحيح و الفاسد و على الصحيح دون الفاسد كالعطية و الهبة و الكسوة و الركوب و الجلوس و الصدقة و الإعارة و القرض و البيع و الإجارة و الشراء و التزوج و الصلاة و الصوم و أشياء أخر متفرقة نجمعها في فصل واحد في آخر الكتاب .
و الأصل في هذه الشروط : أن يراعى فيها لفظ الحالف في دلالته على المعنى لغة و ما يقتضيه من الإطلاق و التقييد و التعميم و التخصيص إلا أن يكون معاني كلام الناس بخلافه فيحمل اللفظ عليه و يكون ذلك حقيقة عرفية و أنها تقضي على الحقيقة الوضعية .
و الأصل فيه : ما روي أن رجلا جاء إلى ابن عباس Bهما و قال : إن صاحبا لنا مات و أوصى ببدنه أفتجزى عنه البقرة فقال ابن عباس Bهما ممن صاحبكم فقال : [ السائل من بني رباح فقال ابن عباس Bهما : متى اقتنت بنو رباح البقر إنما البقر للأزد و ذهب و هم صاحبكم إلى الإبل ] فهذا الحديث أصل أصيل في حمل مطلق الكلام على ما يذهب إليه أوهام الناس و لأن العرف وضع طارئ على الوضع الأصلي و الاصطلاح جار من أهل اللغة فالظاهر أن المتكلم يقصد بكلامه ذلك فيحمل عليه مطلق اللفظ و بهذا يبطل قول الشافعي أن الأيمان محمولة على الحقائق .
يؤيد ما قلنا : أن الغريم يقول لغريمه و الله لأجرنك في الشوك يريد به شدة المطل دون الحقيقة و قول مالك : الأيمان محمولة على ألفاظ القرآن غير سديد أيضا بدليل أن من حلف لا يجلس في سراج فجلس في الشمس لا يحنث و إن سمى الله تعالى الشمس سراجا بقوله عز و جل : { و جعل الشمس سراجا } و كذا من حلف لا يجلس على بساط فجلس على الأرض لا يحنث و إن سماها الله سبحانه وتعالى في القرآن العظيم بساطا بقوله عز و جل : { و الله جعل لكم الأرض بساطا } وكذا من حلف لا يمس وتدا فمس جبلا لا يحنث و إن سمى الله عز و جل الجبل وتدا بقوله تعالى : { و الجبال أوتادا } فثبت أن ما قاله مالك غير صحيح و الله أعلم