وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الحلف على الإظهار و الإفشاء و الإعلان .
فصل : و أما الحلف على الإظهار و الإفشاء و الإعلان و الكتمان و الإسرار و الإخفاء و الإخبار و البشارة و القراءة و نحوها إذا حلف لا أظهر سرك لفلان أو لا أفشي أو حلف ليكتمن سره أو ليسترنه أو ليخفينه فكلم فلانا بسره أو كتب إليه فبلغه الكتاب أو أرسل إليه رسولا فبلغه الرسالة أو سأله فلان عن ذلك و قال أكان من الأمر كذا فأشار الحالف برأسه أي نعم فهو حانث لوجود شرط الحنث و هو إظهار السر إذ الإظهار إثبات الظهور و ذلك لا يقف على العبارة بل يحصل بالدلالة و الإشارة .
ألا ترى أنه يقال : ظهر لي اعتقاد فلان إذا فعل ما يدل على اعتقاده و كذا الإشارة بالرأس عقيب السؤال يثبت به ظهور المشار إليه فكان إظهارا فإن نوى به الكلام أو الكتاب دون الإيماء دين في ذلك لأنه نوى تخصيص ما في لفظه فيدين فيما بينه و بين الله عز و جل و كذلك لو حلف لا يعلم فلانا بمكان فلان فسأله المحلوف عليه أفلان في موضع كذا و كذا فأومأ برأسه أي نعم يحنث لوجود شرط الحنث و هو الإعلام إذ هو إثبات العلم الذي يحد بأنه صفة يتجلى بها المذكور لمن قامت هي به فإن نوى به الإخبار بالكلام أو بالكتاب يدين فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى تخصيص العموم و أنه جائز و إن كان خلاف الظاهر فيصدق فيما بينه و بين الله تعالى و لا يصدق في القضاء لمخالفته الظاهر و لو كان مكان الإعلام إخبار بأن حلف لا يخبر فلانا بمكان فلان لا يحنث إلا بالكلام أو بالكتاب أو بالرسالة و لو أومأ برأسه لا يحنث و كذا لو ذهب به حتى أوقفه على رأس فلان لا يحنث لأن شرط الحنث هو الإخبار و الإشارة ليست بخبر و كذا الإيقاف على رأسه إذ الخبر من أقسام الكلام .
ألا ترى أنهم قالوا : أقسام الكلام أربعة : أمر و نهي و خبر و استخبار و يحد بأنه كلام عري عن معنى التكليف و الإشارة ليست بكلام فلم تكن خبرا و الإيقاف على رأسه من باب الإعلام لا من باب الخبر و كل خبر إعلام وليس كل إعلام خبرا و الدليل عليه أن الكتاب إذا قرئ على إنسان و قيل له : أهو كما كتب فيه فأشار برأسه أي نعم لا يصير مقرا و كل إقرار إخبار .
و كذا لو حلف لا يقر لفلان بمال فقيل له ألفلان عليك ألف درهم فأشار برأسه أي نعم لا يكون ذلك منه إقرارا و كذا إذا قرأ على إنسان كتاب الإخبار فقيل له أهو كما قرأت عليك فأومأ برأسه أي نعم لا يصير مقرا و كل إقرار إخبار و كذا إذا قرأ على إنسان كتاب الأخبار فقيل له كما قرأت عليك فأومأ برأسه أي نعم ليس له أن يروي عنه بحدثنا و لا بأخبرنا فدل أن الإيماء ليس بأخبار .
و لو نوى بالإخبار الإظهار أو الإعلام يحنث إذا أومأ لأنه جعله مجازا عن الإظهار لمناسبة بينهما و فيه تشديد على نفسه فيصدق ثم في يمين الإظهار و الإعلام لو أراد الحالف أن لا يحنث و يحصل العلم و الظهور ينبغي أن يقال له أنا نعد عليك أمكنة أو أشياء من الأسرار فإن لم تتكلم بمكان فلان و لا سره فقل لنا ليس كما تقولون و إنما تكلمنا بسره أو بمكانه فاسكت ففعل ذلك لا يحنث لانعدام شرط الحنث و هو الإظهار و الإعلام لما ذكرنا أن الإظهار هو إثبات الظهور و الإعلام هو إثبات العلم و لم يوجد لأن الظهور و العلم حصل من غير صنعه و هذه الحيلة منقولة عن أبي حنيفة و القصة مشهورة .
و كذلك لو حلف لا يدلهم ففعل مثل ذلك فهذا ليس بدلالة لأن الحالف حلف على فعل نفسه و هو الدلالة لا على فعلهم و هو الاستدلال و الموجود ههنا فعلهم لا فعله فلم يوجد شرط الحنث فلا يحنث و لو أومأ إليهم برأسه أو أشار إليهم كان ذلك دلالة إلا أن يعني بالدلالة الخبر باللسان أو بالكتاب فيكون على ما عنى لأن اسم الدلالة يقع على الفعل و القول لوجود معناها فيهما فإذا نوى به أحدهما فقد نوى تخصيص ما في لفظه فيصدق و البشارة حكمها حكم الخبر في أنها لا تتناول إلا الكلام أو الكتاب لأنه خبر إلا أنها خبر موصوف بصفة و هو الخبر الذي يؤثر في بشرة وجه المخبر له بإظهار أثر السرور و قد يستعمل فيما يؤثر في بشرته بإظهار أثر الحزن مجازا كما في قوله عز و جل : { فبشرهم بعذاب أليم } لكن عند الإطلاق يقع على الأول و إنما يقع على الثاني بالقرينة .
و كذا الإقرار بأن حلف أن لا يقر لفلان بحقه فهو على مثل الخبر و لا يحنث بالإشارة لأن الإقرار إخبار عن الماضي ثم يقع الفرق بين البشارة و الإعلام و بين الإخبار من حيث أن الإعلام و البشارة يشترط لثبوتها الصدق فلا يثبتان بالكذب و لا بما علمه المخاطب قبل الإعلام و البشارة سواء وصل ذلك بحرف الباء أو بكلمة أن حتى أنه لو قال لغيره : إن أعلمتني أن فلانا قدم أو قال إن أعلمتني بقوم فلان فأخبره كاذبا لا يحنث لأن الإعلام إثبات العلم و الكذب لا يفيد العلم و كذا لو كان المخاطب عالما بقدومه لأن إثبات الثابت محال .
و كذا في البشارة لأنها اسم لخبر سار و الكذب لا يسر و إذا كان عالما بقدومه فالسرور كان حاصلا و تحصيل الحاصل مستحيل و أما الخبر فإن وصله بحرف الباء بأن قال : إن أخبرتني بقدوم فلان فالجواب فيه و في الإعلام و البشارة سواء و إن وصله بكلمة أن بأن قال : إن أخبرتني أن فلانا قدم فأخبره كاذبا أو أخبره بعد ما كان علم المخاطب بقدومه بإخبار غيره يحنث و الفرق يعرف في الجامع الكبير .
و لو حلف لا يتكلم بسر فلان و لا بمكانه فكتب أو أشار لا يحنث لأن الكتابة و الإشارة ليست بكلام و إنما تقوم مقامه .
ألا ترى أن الله تعالى أنزل إلينا كتابا و لا يقال : إن الله تعالى في العرف كلمنا فإن سئل عنه فقال : نعم فقد تكلم لأن قوله : نعم لا يستقل بنفسه و يضمر فيه السؤال كما في قوله تعالى : { فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم } أي وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فقد أتى بكلام دال على المراد .
و لو حلف : لا يستخدم فلانة فاستخدمها بكلام أو أمرها بشيء من خدمة أو أشار إليها بالخدمة فقد استخدمها فهو حانث لأن الاستخدام طلب الخدمة وقد وجد و لو كانت هذه الأيمان كلها و هو صحيح ثم خرس فصار لا يقدر على الكلام كانت أيمانه في هذا كله على الإشارة و الكتاب في جميع ما وصفنا إلا في خصلة واحدة و هي أن يحلف أن لا يتكلم بسر فلان فلا يحنث إلا بالتكلم لأن الكلام العرفي اسم لحروف منظومة تدل على معنى مفهوم و ذلك لا يوجد في الإشارة و الخبر و الإفشاء و الإظهار من الأخرس إنما يكون بالإشارة فيحنث بهما و كل شيء حنث فيه من هذه الأشياء بالإشارة فقال : أشرت و أنا لا أريد الذي حلفت عليه فإن كان فعل ذلك جوابا لشيء مما سئل عنه لم يصدق في القضاء لأن الإشارة فيها احتمال فإن كان هناك دلالة حال زال الاحتمال و إن لم يكن يرجع إلى نيته .
و ذكر ابن سماعة في نوادره عن محمد إذا قال : و الله لا أقول كذا لفلان فهو عندي مثل الخبر و البشارة ألا يرى أن رجلا لو قال : و الله لا أقول لفلان صبحك الله بخير ثم أرسل إليه رسولا فقال : قل لفلان يقول لك فلان : صبحك الله بخير فإنه حانث قال : ألا ترى أن القاتل هو المرسل و أن الرسول هو القائل ذلك لفلان و لو كان هو هذا الذي حلف عليه لم يحنث .
ألا ترى أن الرجل يقول : قال الله عز و جل لنا في كتابه الكريم كذا و لو قال : و الله لا أكلم فلانا بهذا الأمر فهذا على الكلام بعينه لا يحنث بكتاب و لا رسول ألا ترى أنك لا تقول : كلمنا الله تعالى بكذا .
و أما الحديث فهو على المشافهة لأن ما سوى الكلام ليس بحديث و لو قال : أي عبيدي يبشرني بكذا فهو حر فبشره جميعا عتقوا لوجود البشارة من كل واحد منهم لوجود حد البشارة و هو ما ذكرناه و لو بشره واحد بعد واحد لم يعتق الثاني لأنه ليس بمبشر و إنما هو مخبر .
ألا ترى أن خبر الثاني لا يؤثر في وجه المخبر له و لهذا قال [ ابن مسعود Bه لما بلغه قول النبي صلى الله عليه و سلم : من أراد أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد ] و أخبره بذلك أبو بكر ثم عمر Bهما فقال Bه : [ بشرني به أبو بكر ثم أخبرني به عمر Bهما ] فإن أرسل إليه أحدهم رسولا فإن أضاف الرسول الخبر إلى المرسل فقال إن عبدك فلان يخبرك بكذا عتق العبد لأن المرسل هو المبشر و إن أخبر الرسول و لم يضف ذلك إلى العبد لأن البشارة منه لا من المرسل .
و لو حلف : لا يكتب إلى فلان فأمر غيره فكتب فقد روى هشام عن محمد أنه قال سألني هارون الرشيد أمير المؤمنين أصلحه الله عن هذا فقلت : إن كان سلطانا يأمر بالكتاب و لا يكاد هو يكتب فإنه يحنث لأنه إذا كان لا يباشر الكتابة بنفسه عادة بل يستكتب غيره فيمينه تقع على العادة و هو الأمر بالكتابة .
قال هشام : قلت لمحمد فما تقول إذا حلف لا يقرأ لفلان كتابا فنظر في كتابه حتى أتى آخره و فهمه و لم ينطق به قال سأل هارون أبا يوسف عن ذلك و قد كان ابتلي بشيء منه فقال : لا يحنث و لا أرى أنا ذلك .
و قد روى خلف بن أيوب و داود بن رشيد و ابن رستم أيضا عن محمد أنه يحنث فأبو يوسف اعتبر الحقيقة لأنه لم يقرأه حقيقة إذ القراءة لا تكون إلا بتحريك اللسان بالحروف و لم يوجد ألا ترى أن المصلي القادر على القراءة إذا لم يحرك لسانه بالحروف لا تجوز صلاته و كذا لو حلف لا يقرأ سورة من القرآن فنظر فيها و فهمها و لم يحرك لسانه لم يحنث و محمد اعتبر العرف و العادة و معاني كلام الناس و هم إنما يريدون بمثل هذه اليمين الامتناع عن الوقوف على ما في الكتاب و قد وقف على ما فيه فيحنث .
قال هشام عن محمد : إذا قرأ الكتاب إلا سطرا قال : كأنه قرأه .
قلت : فإن قرأ نصفه قال : لا يعني لم يقرأه .
قال محمد : إذا قرأ بعضه فإن أتى على المعاني التي يحتاج إليها فكأنه قد قرأه لأن تلك المعاني هي المقصودة بالكتاب .
و لو حلف : لا يقرأ سورة فترك منها حرفا حنث و إن ترك آية طويلة لم يحنث لأنه يسمى قارئا للسورة مع ترك حرف منها و لا يسمى مع ترك ما هو في حكم الآية الطويلة .
و روى ابن رستم عن محمد أنه قال : لا أبلغك مثل لا أخبرك و كذلك أو لا أذكرك بشيء أو لا أذكرك شيئا فإنه يحنث بالكتاب فأما الذكر و الإخبار و الإعلام و الإبلاغ على الكتاب و القول و الكلام على الكتاب أيضا .
قال عمرو : سألت محمدا عن رجل حلف لا يتمثل بشعر فتمثل بنصف بيت قال : لا يحنث قال : قلت فإن كان نصف البيت من شعر آخر قال : لا أدري ما هذا لا يحنث لأن الشعر ما ظهر فيه النظم و ذلك لا يكون إلا في بيت قال : و سألت محمدا عن رجل فارسي حلف أن يقرأ الحمد بالعربية فقرأها فلحن قال : لا يحنث .
و إن حلف رجل فصيح : أن يقرأ الحمد بالعربية فقرأها فلحن حنث إذا لم يكن لأحدهما نية لأن العربي إنما أراد بيمينه أن يقرأ بموضوع العرب و ذلك المعرب دون الملحون فأما العجمي فإنما يريد اللغة العربية دون العجمية و الملحون يعد من العربية و الله عز و جل أعلم