وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الحلف على المساكنة .
و أما المساكنة فإذا كان رجل ساكنا مع رجل في دار فحلف أحدهما أن لا يساكن صاحبه فإن أخذ في النقلة و هي ممكنة و إلا حنث و النقلة على ما وصفت لك إذا كان ساكنا في الدار فحلف لا يسكنها لأن المساكنة هي أن يجمعها منزل واحد فإذا لم ينتقل في الحال فالبقاء على المساكنة مساكنة فيحنث فإن وهب الحالف متاعه للمحلوف عليه أو أودعه أو أعاره ثم خرج في طلب منزل فلم يجد منزلا أياما و لم يأت الدار التي فيها صاحبه .
قال محمد : إن كان وهب له المتاع و قبضه منه و خرج من ساعته و ليس من رأيه العود إليه فليس بمسكن له فلا يحنث و كذلك إن أودعه المتاع ثم خرج لا يريد العود إلى ذلك المنزل و كذلك العارية لأنه إذا وهبه و أقبضه و خرج فليس بمساكن إياه بنفسه و لا بماله و إذا أودعه فليس بساكن به فلا يحنث و كذلك إن أودعه المتاع ثم خرج و إنما هو في يد المودع و كذلك إذا أعاره فلا يحنث و لو كان له في الدار زوجة فراودها على الخروج فأبت و امتنعت و حرص على خروجها و اجتهد فلم تفعل فإنه لا يحنث إذا كانت هذه حالها لأنه لو بقي هو في الدار مكرها لم يحنث لعدم اختياره السكنى به فكذا إذا بقي ما يسكن به بغير اختياره و إذا حلف لا يسكن فلانا فساكنه في عرصة دار أو بيت أو غرفة حنث لأن المساكنة هي القرب و الاختلاط فإذا سكنها في موضع يصلح للسكنى فقد وجد الفعل المحلوف عليه فيحنث فإن ساكنه في دار هذا في حجرة و هذا في حجرة أو هذا في منزل و هذا في منزل حنث إلا أن يكون دارا كبيرة .
قال أبو يوسف : مثل دار الرقيق و نحوها و دار الوليد بالكوفة فإنه لا يحنث و كذا كل دار عظيمة فيها مقاصير و منازل .
و قال هشام عن محمد : إذا حلف لا يساكن فلانا و لم يسم دارا فسكن هذا في حجرة و هذا في حجرة لم يحنث إلا أن يساكنه في حجرة واحدة .
قال هشام : قلت : فإن حلف لا يساكنه في هذه الدار فسكن هذا في حجرة و هذا في حجرة قال يحنث لمحمد أن الحجرتين المختلفتين كالدارين بدليل أن السارق من إحداهما إذا نقل المسروق إلى الأخرى قطع و ليس كذلك إذا حلف لا يساكنه في دار لأنه حلف على أن لا يجامعهما دار واحدة و قد جمعتهما و إن كانا في حجرها .
و لأبي يوسف : أن المساكنة هي الاختلاط و القرب فإذا كانا في حجرتين في دار صغيرة فقد وجد القرب فهو كبيتين من دار و إن كانا في حجرتين من دار عظيمة فلا يوجد القرب فهو كدارين في محلة فإن سكن هذا في بيت من دار و هذا في بيت و قد حلف لا يساكنه و لم يسم دارا حنث في قولهم لأن بيوت الدار الواحدة كالبيت الواحد .
ألا ترى أن السارق لو نقل المسروق من أحد البيتين إلى الآخر لم يقطع و قال أبو يوسف : فإن ساكنه في حانوت في السوق يعملان فيه عملا أو يبيعان فيه تجارة فإنه لا يحنث و إنما اليمين على المنازل التي هي المأوى و فيها الأهل و العيال فأما حوانيت البيع و العمل فليس يقع اليمين عليها إلا أن ينوي أو يكون بينهما قبل اليمين يدل عليها فتكون اليمين على ما تقدم من كلامهما و معانيهما لأن السكنى عبارة عن المكان الذي يأوي إليه الناس في العادة .
ألا ترى أنه لا يقال فلان يسكن السوق و إن كان يتجر فيها فإنه جعل السوق مأواه قيل إنه يسكن السوق فإن كان هناك دلالة تدل على أنه أراد باليمين ترك المساكنة في السوق حملت اليمين على ذلك و إن لم يكن هناك دلالة فقال نويت المساكنة في السوق أيضا فقد شدد على نفسه قالوا إذا حلف لا يساكن فلانا بالكوفة و لا نية له فسكن أحدهما في دار و الآخر في دار أخرى في قبيلة واحدة أو محلة واحدة أو درب فإنه لا يحنث حتى تجمعهما السكنى في دار لأن المساكنة هي المقاربة و المخالطة و لا يوجد ذلك إذا كانا في دارين و ذكر الكوفة لتخصيص اليمين بها حتى لا يحنث بمساكنته في غيرها .
فإن قال : نويت أن لا أسكن الكوفة و المحلوف عليه بالكوفة صدق لأنه شدد على نفسه كذلك إذا حلف لا يساكنه في الدار فاليمين على المساكنة في دار واحدة على ما بينا .
و لو أن ملاحا حلف لا يساكن فلانا في سفينة واحدة و مع كل واحد منهما أهله و متاعه و اتخذها منزله فإنه يحنث و كذلك أهل البادية إذا جمعتهم خيمة و إن تفرقت الخيام لم يحنث و إن تقاربت لأن السكنى محمولة على العادة و عادة الملاحين السكنى في السفن و عادة أهل البادية السكنى في الأخبية فتحمل يمينهم على عاداتهم و أما الإيواء فإذا حلف لا يأوي في مكان أو في بيت فالإيواء الكون ساكنا في المكان فأوى مع فلان في مكان قليلا كان المكث أو كثيرا ليلا كان أو نهارا حنث و هو قول أبي يوسف الأخير و قول محمد إلا أن يكون نوى أكثر من ذلك يوما أو أكثر فيكون على ما نوى .
و روى ابن رستم في رجل حلف بالطلاق لا يؤويه و فلانا بيت و ذلك لأن الإيواء عبارة عن المصير في الموضع قال الله عز و جل : { سآوي إلى جبل يعصمني من الماء } أي ألتجئ و ذلك موجود في قليل الوقت و كثيره و قد كان قول أبي يوسف الأول أن الإيواء مثل البيتوتة و أنه لا يحنث حتى يقيم في المكان أكثر الليل لأنهم يذكرون الإيواء كما يذكرون البيتوتة فيقولون : فلان يأوي في هذه الدار كما يقولون يبيت فيها و أما إذا نوى أكثر من ذلك فالأمر على ما نوى لأن اللفظ محتمل فإنهم يذكرون الإيواء و يريدون به السكنى و المقام .
و قد روى ابن رستم عن محمد في رجل قال : إن آواني و إياك بيت أبدا على طرفة عين في قول أبي يوسف الأخير و قولنا إلا أن يكون نوى أكثر من ذلك يوما أو أكثر فالأمر على ما نوى لأن اللفظ يوما أو أكثر .
و قال ابن سماعة عن أبي يوسف إذا حلف لا يؤدي فلانا وقد كان المحلوف عليه في عيال الحالف و منزله لا يحنث إلا أن يعيد المحلوف مثل عليه ما كان عليه و إن لم يكن المحلوف عليه في عيال الحالف فهذا على نية الحالف إن نوى أن لا يعوله فهو كما نوى و كذلك إن نوى لا يدخله عليه بيته لأن قوله لا يأويه يذكر و يراد به ضمه إلى نفسه و منزله وقد يراد به القيام بأمره فإن كان في اللفظ دليل على شيء و إلا يرجع إلى نيته فإن دخل المحلوف عليه بغير إذنه فرآه فسكت لم يحنث لأنه حلف على فعل نفسه فإذا لم يأمره لم يوجد فعله .
و قال عمرو عن محمد : الإيواء عند البيتوته و السكنى فإن نوى المبيت فهو على ذهاب الأكثر من الليل و إن لم ينو شيئا فهو على ذهاب ساعة .
و أما البيتوتة فإذا حلف لا يبيت مع فلان أو لا يبيت في مكان كذا فالمبيت بالليل حتى يكون فيه أكثر من نصف الليل و إذا كان أقل لم يحنث و سواء نام في الموضع أو لم ينم لأن البيتوتة عبارة عن الكون في مكان أكثر من نصف الليل ألا يرى أن الإنسان يدخل على غيره ليلا يقيم عنده قطعة من الليل و لا يقال بات عنده و إذا أقام أكثر الليل يقال : بات عنده و يقال فلان بائت في منزله و إن كان في أول الليل في غيره و لا يعتبر النوم لأن اللفظ لا يقتضيه لغة كما لا يقتضي اليقظة فلم يكن شرطا فيه .
و قال ابن رستم عن محمد في رجل حلف لا يبيت الليلة في هذه الدار وقد ذهب ثلثا الليل ثم بات بقية الليل قال لا يحنث لأن البيتوتة إذا كانت تقع على أكثر الليل فقد حلف على ما لا يتصور فلا تنعقد يمينه و الله عز و جل أعلم