وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

طلاق الكناية .
فصل : و أما الكناية فنوعان : نوع هو كناية بنفسه وضعا و نوع هو ملحق بها شرعا في حق النية أما النوع الأول فهو كل لفظ يستعمل في الطلاق و يستعمل في غيره نحو قوله أنت بائن أنت علي حرام خلية بريئة بتة أمرك بيدك اختاري اعتدي استبرئي رحمك أنت واحدة خليت سبيلك سرحتك حبلك على غار بك فارقتك خالعتك و لم يذكر العوض لا سبيل لي عليك لا ملك لي عليك لا نكاح لي عليك أنت حرة قومي اخرجي اغربي انطلقي انتقلي تقنعي استتري تزوجي ابتغي الأزواج الحقي بأهلك و نحو ذلك سمي هذا النوع من الألفاظ كناية لأن الكناية في اللغة اسم لفظ استتر المراد منه عند السامع و هذه الألفاظ مستترة المراد عند السامع .
فإن قوله : بائن يحتمل البينونة عن النكاح و يحتمل البينونة عن الخير أو الشر .
و قوله : حرام يحتمل حرمه الاستمتاع و يحتمل حرمة البيع و القتل و الأكل و نحو ذلك .
و قوله : خلية مأخوذة من الخلو فيحتمل الخلو عن الزوج و النكاح و يحتمل الخلو عن الخير أو الشر .
و قوله : بريئة من البراءة فيحتمل البراءة من النكاح و يحتمل البراءة من الخير أو الشر .
و قوله : بتة من البت و هو القطع فيحتمل القطع عن النكاح و يحتمل القطع عن الخير أو عن الشر .
و قوله : أمرك بيدك يحتمل في الطلاق و يحتمل في أمر آخر من الخروج و الانتقال و غير ذلك .
و قوله : اختياري يحتمل اختيار الطلاق و يحتمل اختياري البقاء على النكاح .
و قوله : اعتدي أمر بالاعتداد و أنه يحتمل الاعتداد الذي هو من العدة و يحتمل الاعتداد الذي هو من العدد أي اعتدي نعمتي التي أنعمت عليك .
و قوله : استبري رحمك أمر بتعريف براءة الرحم و هو طهارتها عن الماء و أنه كناية عن الاعتداد الذي هو من العدة و يحتمل اسبري رحمك لأطلقك .
و قوله : أنت واحدة يحتمل أن تكون الواحدة صفة الطلقة أي طالق واحدة أي طلقة واحدة و يحتمل التوحيد في الشرف أي أنت واحدة في الشرف .
و قوله : خليت سبيلك يحتمل سبيل النكاح و يحتمل سبيل الخروج من البيت لزيارة الأبوين أو لأمر آخر .
و قوله : سرحتك يعني خليتك يقال سرحت إبلي و خليتها بمعنى واحد و قوله حبلك على غاربك استعارة عن التخلية لأن الجمل إذا ألقى حبله على غاربه فقد خلى سبيله يذهب حيث شاء .
و قوله : فارقتك يحتمل المفارقة عن النكاح و يحتمل المفارقة عن المكان و المضجع و عن الصداقة .
و قوله : خالعتك و لم يذكر العوض يحتمل الخلع عن نفسه بالطلاق و يحتمل الخلع عن نفسه بالهجر عن الفراش و نحو ذلك .
و قوله : لا سبيل لي عليك يحتمل سبيل النكاح و يحتمل سبيل البيع و القتل و نحو ذلك و كذا قوله لا ملك لي عليك يحتمل ملك النكاح و يحتمل ملك البيع و نحو ذلك .
و قوله : لا نكاح لي عليك لأني قد طلقتك و يحتمل لا نكاح لي عليك أي لا أتزوجك إن طلقتك و يحتمل لا نكاح لي عليك أي لا أطؤك لأن النكاح يذكر بمعنى الوطء .
و قوله : أنت حرام يحتمل الخلوص عن ملك النكاح و يحتمل الخلوص عن ملك اليمين و نحو ذلك و قوله قومي و اخرجي و اذهبي يحتمل أي افعلي ذلك لأنك قد طلقت و المرأة إذا طلقت من زوجها تقوم و تخرج من بيت زوجها و تذهب حيث تشاء و يحتمل التقيد عن نفسه مع بقاء النكاح .
و قوله : اغربي عبارة عن البعد أي تباعدي فيحتمل البعد من النكاح و يحتمل البعد من الفراش و غير ذلك .
و قوله : انطلقي و انتقلي يحتمل الطلاق لأنها تنطلق و تنتقل عن بيت زوجها إذا طلقت و يحتمل الانطلاق و الانتقال إلى بيت أبويها للزيارة و نحو ذلك .
و قوله : تقنعي و استتري أمر بالتقنع و الاستتار فيحتمل الطلاق لأنها إذا طلقت يلزمها ستر رأسها بالقناع و ستر أعضائها بالثوب عن زوجها و يحتمل تقنعي و استتري أي كوني متقنعة و مستورة لئلا يقع بصر أجبني عليك .
و قوله : تزوجي يحتمل الطلاق إذا لا يحل لها التزوج بزوج آخر إلا بعد الطلاق و يحتمل تزوجي أن طلقتك و كذا قوله ابتغي الأزواج .
و قوله : الحقي بأهلك يحتمل الطلاق لأن المرأة تلحق بأهلها إذا صارت مطلقة و يحتمل الطرد و الإبعاد عن نفسه مع بقاء النكاح و إذا احتملت هذه الألفاظ الطلاق و غير الطلاق فقد استتر المراد منها عند السامع فافتقرت إلى النية لتعين المراد و لا خلاف في هذه الجملة إلا في ثلاثة ألفاظ و هي قوله سرحتك و فارقتك و أنت واحدة فقال أصحابنا : قوله سرحتك و فارقتك من الكنايات لا يقع الطلاق بهما إلا بقرينة النية كسائر الكنايات .
و قال الشافعي : هما صريحان لا يفتقران إلى النية كسائر الألفاظ الصريحة و قوله أنت واحدة من الكنايات عندنا و عنده هو ليس من ألفاظ الطلاق حتى لا يقع الطلاق به و إن نوى .
أما المسألة الأولى فاحتج الشافعي بقوله سبحانه و تعالى : { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } و التسريح هو التطليق و قوله تعالى : { فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف } و المفارقة هي التطليق فقد سمى الله عز و جل الطلاق بثلاثة أسماء : الطلاق و السراح و الفراق و لو قال لها طلقتك كان صريحا فكذا إذا قال سرحتك أو فارقتك .
و لنا أن صريح الطلاق هو اللفظ الذي لا يستعمل إلا في الطلاق عن قيد النكاح لما ذكرنا أن الصريح في اللغة اسم لما هو ظاهر المراد عند السامع و ما كان مستعملا فيه و في غيره لا يكون ظاهر المراد بل يكون مستتر المراد و لفظ السراح و الفراق يستعمل في غير قيد النكاح يقال سرحت إبلي و فارقت صديقي فكان كناية لا صريحا فيفتقر إلى النية و لا حجة له في الآيتين لأنا نقول بموجبهما أن السراح و الفراق طلاق لكن بطريق الكناية لا صريحا لا نعدام معنى الصريح على ما بينا .
و أما المسألة الثانية : فوجه قوله أن قوله أنت واحدة صفة المرأة فلا يحتمل الطلاق كقوله أنت قائمة و قاعدة و نحو ذلك .
و لنا : أنه لما نوى الطلاق فقد جعل الواحدة نعتا لمصدر محذوف أي طلقة واحدة و هذا شائع في اللغة يقال أعطيته جزيلا و ضربته وجيعا أي عطاء جزيلا و ضربا وجيعا و لهذا يقع الرجعي عندنا دون البائن .
و اختلف مشايخنا في محل الخلاف قال بعضهم الخلاف فيما إذا قال واحدة بالوقف و لم يعرب فأما إذا أعرب الواحدة فلا خلاف فيها لأنه إن رفعها لا يقع الطلاق بالإجماع لأنها حينئذ تكون صفة الشخص و إن نصبها يقع الطلاق بالإجماع لأنها حينئذ تكون نعتا لمصدر محذوف على ما بينا فكان موضع الخلاف ما إذا و قفها و لم يعربها و يحتمل أن يقال إن موقع الرفع محل الاختلاف أيضا لأن معنى قوله : أنت واحدة أي أنت منفردة عن النكاح .
و قال أكثر المشايخ : إن الخلاف في الكل ثابت لأن العوام لا يهتدون إلى هذا و لا يميزون بين إعراب و إعراب و لا خلاف أنه لا يقع الطلاق بشيء من ألفاظ الكناية إلا بالنية فإن كان قد نوى الطلاق يقع فيما بينه و بين الله تعالى و إن كان لم ينو لا يقع فيما بينه و بين الله تعالى و إن ذكر شيئا من ذلك ثم قال : ما أردت به الطلاق يدين فيما بينه و بين الله تعالى لأن الله تعالى يعلم سره و نجواه و هل يدين في القضاء فالحال لا يخلو أما إن كانت حلة الرضا و ابتدأ الزوج بالطلاق و أما إذا كانت حالة مذاكرة الطلاق و سؤاله و أما إن كانت حالة الغضب و الخصومة فإن كانت حالة الرضا و ابتدأ الزوج بالطلاق يدين في القضاء في جميع الألفاظ لما ذكرنا أن كل واحد من الألفاظ يحتمل الطلاق و غيره و الحال لا يدل على أحدهما فيسأل عن نيته و يصدق في ذلك قضاء و إن كانت حال مذاكرة الطلاق و سؤاله أو حالة الغضب و الخصومة فقد قالوا إن الكنايات أقسام ثلاثة : في قسم منها لا يدين في الحالين جميعا لأنه ما أراد به الطلاق لا في حالة مذاكرة الطلاق و سؤاله و لا في حالة الغضب و الخصومة و في قسم منها يدين في حال الخصومة و الغضب و لا يدين في حال ذكر الطلاق و سؤاله و في قسم منها يدين في الحالين جميعا .
أما القسم الأول فخمسة ألفاظ : أمرك بيدك اختاري اعتدي استبري رحمك أنت واحدة لأن هذه الألفاظ تحتمل الطلاق و غيره و الحال يدل على إرادة الطلاق لأن حال الغضب و الخصومة إن كانت تصلح للشتم و التبعيد كما تصلح للطلاق فحال مذاكرة الطلاق تصلح للتبعيد و الطلاق لكن هذه الألفاظ لا تصلح للشتم و لا للتبعيد فزال احتمال إرادة الشتم و التبعيد فتعينت الحالة دلالة على إرادة الطلاق فترجح جانب الطلاق بدلالة الحال فثبتت إرادة الطلاق في كلامه ظاهر فلا يصدق في الصرف عن الظاهر كما في صريح الطلاق إذا قال لامرأته أنت طالق ثم قال أردت به الطلاق عن الوثاق لا يصدق في القضاء لما قلنا كذا هذا .
و أما القسم الثاني : فخمسة ألفاظ أيضا خلية بريئة بتة بائن حرام لأن هذه الألفاظ كما تصلح للطلاق تصلح للشتم فإن الرجل يقول لامرأته عند إرادة الشتم أنت خلية من الخير بريئة من الإسلام بائن من الدين بتة من المروءة حرام أي مستخبث أو حرام الاجتماع و العشرة معك و حال الغضب و الخصومة يصلح للشتم و يصلح للطلاق فبقي اللفظ في نفسه محتملا للطلاق و غيره فإذا عنى به غيره فقد نوى ما يحتمله كلامه و الظاهر لا يكذبه فيصدق في القضاء و لا يصدق في حال ذكر الطلاق لأن الحال لا يصلح إلا للطلاق لأن هذه الألفاظ لا تصلح للتبعيد و الحال لا يصلح للشتم فيدل على إرادة الطلاق لا التبعيد و لا الشتم فترجحت جنبة الطلاق بدلالة الحال .
و روي عن أبي يوسف أنه زاد على هذه الألفاظ الخمسة خمسة أخرى لا سبيل لي عليك فارقتك خليت سبيلك لا ملك لي عليك بنت مني لأن هذه الألفاظ تحتمل الشتم كما تحتمل الطلاق فيقول الزوج لا سبيل لي عليك لشرك و فارقتك في المكان لكراهة اجتماعي معك و خليت سبيلك و ما أنت عليه و لا ملك لي عليك لأنك أقل من أن أتملكك و بنت مني لأنك بائن من الدين أو الخير و حال الغضب يصلح لهما و حال ذكر الطلاق لا يصلح إلا للطلاق لما ذكرنا فالتحقت بالخمسة المتقدمة .
و أما القسم الثالث : فبقية الألفاظ التي ذكرناها لأن تلك الألفاظ لا تصلح للشتم و تصلح للتبعيد و الطلاق لأن الإنسان قد يبعد الزوجة عن نفسه حال الغضب من غير طلاق و كذا حال سؤال الطلاق فالحال لا يدل على إرادة أحدهما فإذا قال ما أردت به الطلاق فقد نوى ما يحتمله لفظه و الظاهر لا يخالفه فيصدق في القضاء .
و كذلك لو قال : و هبتك لأهلك قبولها أو لم يقبلوها لأنها هنا تحتمل الطلاق لأن المرأة بعد الطلاق ترد إلى أهلها و يحتمل التبعيد عن نفسه و النقل إلى أهلها مع بقاء النكاح و الحال لا يدل على إرادة أحدهما فبقي محتملا و سواء قبلها أهلها أو لم يقبلوها لأن كون التصرف هبة في الشرع لا يقف على قبول الموهوب له و إنما الحاجة إلى القبول لثبوت الحكم فكان القبول شرط الحكم و هو الملك و أهلها لا يملكون طلاقها فلا حاجة إلى القبول .
و كذا إذا قال : وهبتك لأبيك أو لأمك أو للأزواج لأن العادة أن المرأة بعد الطلاق ترد إلى أبيها و أمها و تسلم إليها و يملكها الأزواج بعد الطلاق فإن قال : وهبتك لأخيك أو لأختك أو لخالتك أو لعمتك أو لفلان الأجنبي لم يكن طلاقا لأن المرأة لا ترد بعد الطلاق على هؤلاء عادة .
و لو قال لامرأته : لست لي بامرأة و لو قال لها ما أنا بزوجك أو سئل فقيل له : هل لك امرأة ؟ فقال لا فإن قال أردت الكذب يصدق في الرضا و الغضب جميعا و لا يقع الطلاق .
و إن قال نويت الطلاق يقع الطلاق على قول أبي حنيفة و قال أبو يوسف و محمد لا يقع الطلاق و إن نوى و لو قال لم أتزوجك و نوى الطلاق لا يقع الطلاق بالإجماع و كذا إذا قال و الله ما أنت لي بامرأة أو قال : علي حجة ما أنت لي بامرأة أنه لا يقع الطلاق و إن نوى بالاتفاق .
و جه قولهما : أن قوله لست لي بامرأة أو لا امرأة لي أو ما أنا بزوجك كذب لأنه إخبار عن انتفاء الزوجية مع قيامها فيكون كذبا فلا يقع به الطلاق كما إذا قال لم أتزوجك أو قال : و الله ما أنت لي بامرأة .
و لأبي حنيفة : أن هذه الألفاظ تحتمل الطلاق فإنه يقول لست لي بامرأة لأني قد طلقتك فكان محتملا للطلاق و كل لفظ يحتمل الطلاق إذا نوى به الطلاق كان طلاقا كقوله أنت بائن و نحو ذلك بخلاف لم أتزوجك لأنه لا يحتمل الطلاق لأنه نفى فعل التزوج أصلا و رأسا و أنه لا يحتمل الطلاق فلا يقع به الطلاق و بخلاف قوله و الله ما أنت لي بامرأة لأن اليمين على النفي تتناول الماضي و هو كاذب في ذلك فلا يقع به شيء .
و لو قال : لا حاجة لي فيك لا يقع الطلاق و إن نوى لأن عدم الحاجة لا يدل على عدم الزوجية فإن الإنسان قد يتزوج بمن لا حاجة له إلى تزوجها فلم يكن ذلك دليلا على انتفاء النكاح فلم يكن محتملا للطلاق .
و قال محمد : فيمن قال لامرأته : افلحي يريد به الطلاق أنه يقع به الطلاق لأن قوله : افلحي بمعنى اذهبي فإن العرب تقول للرجل : افلح بخير أي اذهب بخير و لو قال لها اذهبي يريد به الطلاق كان طلاقا كذا هذا .
و يحتمل قوله : افلحي أي اظفري بمرادك يقال : أفلح الرجل إذا ظفر بمراده وقد يكون مرادها الطلاق فكان هذا القول محتملا للطلاق فإذا نوى به الطلاق صحت نيته و لو قال فسخت النكاح بيني و بينك و نوى الطلاق يقع الطلاق لأن فسخ النكاح نقضه فكان في معنى الإبانة .
و لو قال وهبت لك طلاقا و قال أردت به أن يكون الطلاق في يدك لا يصدق في القضاء و يقع الطلاق لأن الهبة تقتضي زوال الملك و هبة الطلاق منها تقتضي زوال ملكه عن الطلاق و ذلك بوقوع الطلاق و جعل الطلاق في يدها تمليك الطلاق إياها فلا يحتمله اللفظ الموضوع للإزالة .
و روي عن أبي حنيفة رواية أخرى أنه لا يقع به شيء لأن الهبة تمليك و تمليك الطلاق إياها هو أن يجعل إليها إيقاعه و يحتمل قوله و هبت لك طلاقك أي أعرضت عن إيقاعه فلا يقع به شيء و لو أراد أن يطلقها فقالت له هب لي طلاقي تريد أعرض عنه فقال قد وهبت لك طلاقك يصدق في القضاء لأن الظاهر أنه أراد به ترك الإيقاع لأن السؤال وقع به فينصرف الجواب إليه و لو قال تركت طلاقك أو خليت سبيل طلاقك و هو يريد الطلاق وقع لأن ترك الطلاق و تخلية سبيله قد يكون بالإعراض عنه و قد يكون بإخراجه عن ملكه و ذلك بإيقاعه فكان اللفظ محتملا للطلاق و غيره فتصح نيته .
و لو قال : أعرضت عن طلاقك أو صفحت عن طلاقك و نوى الطلاق لم تطلق لأن الإعراض عن الطلاق يقتضي ترك التصرف فيه و الصفح هو الإعراض فلا يحتمل الطلاق و لا تصح نيته و كذا كل لفظ لا يحتمل الطلاق لا يقع به الطلاق و إن نوى مثل قوله بارك الله عليك أو قال لها أطعميني أو اسقيني و نحو ذلك و لو جمع بين ما يصلح للطلاق و بين ما لا يصلح له بأن قال لها اذهبي و كلي أو قال اذهبي و بيعي الثوب و نوى الطلاق بقوله اذهبي ذكر في اختلاف زفر و يعقوب أن في قول أبي يوسف لا يكون طلاقا و في قول زفر يكون طلاقا .
وجه قول زفر : أنه ذكر لفظين : أحدهما يحتمل الطلاق و الآخر لا يحتمل فيلغو ما لا يحتمله و يصح ما يحتمله .
و لأبي يوسف : أن قوله : اذهبي مقرونا بقوله كلي أو بيعي لا يحتمل الطلاق لأن معناه اذهبي لتأكلي الطعام و اذهبي لتبيعي الثوب و الذهاب للأكل و البيع لا يحتمل الطلاق فلا تعمل نيته و لو نوى في شيء من الكنايات التي هي بوائن أن يكون ثلاثا مثل قوله أنت بائن أو أنت علي حرام أو غير ذلك يكون ثلاثا إلا في قوله اختاري لأن البينونة نوعان : غليظة و خفيفة فالخفيفة هي التي تحل له المرأة بعد بينونتها بنكاح جديد بدون التزوج بزوج آخر و الغليظة ما لا تحل له إلا بنكاح جديد بعد التزوج بزوج آخر فإذا نوى الثلاث فقد نوى ما يحتمله لفظه .
و الدليل عليه ما روي أن ركانة بن زيد أو زيد بن ركانة طلق امرأته ألبته فاستحلفه رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أردت ثلاثا فلو لم يكن اللفظ محتملا للثلاث لم يكن للاستحلاف معنى و كذا قوله أنت علي حرام يحتمل الحرمة الغليظة و الخفيفة فإذا نوى الثلاث فقد نوى إحدى نوعي الحرمة فتصبح نيته و إن نوى ثنتين كانت واحدة في قول أصحابنا الثلاثة .
و قال زفر : يقع ما نوى وجه قوله : أن الحرمة و البينونة أنواع ثلاثة : خفيفة و غليظة و متوسطة بينهما و لو نوى أحد النوعين صحت نيته فكذا إذا نوى الثلاث لأن اللفظ يحتمل الكل على وجه واحد .
و لنا : أن قوله بائن أو حرام اسم للذات و الذات واحدة فلا تحتمل العدد و إنما احتمل الثلاث من حيث التوحد على ما بينا في صريح الطلاق و لا توحد في الاثنين أصلا بل هو عدد محض فلا يحتمله الاسم الموضوع للواحد مع ما أن الحاصل بالثنتين و الحاصل بالواحدة سواء لأن أثرهما في البينونة و الحرمة سواء ألا ترى أنها تحل في كل واحدة منهما بنكاح جديد من غير التزوج بزوج آخر فكان الثابت بهما بينونة خفيفة و حرمة خفيفة كالثابت بالواحد فلا يكون ههنا قسم ثالث في المعنى .
و على هذا قال أصحابنا : أنه إذا قال لزوجته الأمة أنت بائن أو حرام ينوي الثنتين يقع ما نوى لأن الاثنتين في الأمة كل جنس الطلاق في حقها فكان الثنتان في حق الأمة كالثلاث في حق الحرة .
و قالوا : لو طلق زوجته الحرة واحدة ثم قال لها أنت بائن أو حرام ينوي اثنتين كانت واحدة لأن الاثنتين بأنفسهما ليسا كل جنس طلاق الحرة بدون الطلقة المتقدمة .
ألا ترى أنها لا تبين فالاثنتين بينونة غليظة بدونها و لو نوى بقوله : اعتدي و استبري رحمك و أنت واحدة ثلاثا لم تصح لأن هذه الألفاظ في حكم الصريح ألا ترى أن الواقع بها رجعية فصار كأنه قال أنت طالق و نوى به الثلاث و لأن قوله أنت واحدة لا يحتمل أن يفسر بالثلاث فلا يحتمل نية الثلاث و كذا قوله : اعتدي و استبري رحمك لأن الواقع بكل واحدة منهما رجعي فصار كقوله : أنت واحدة و كذا لو نوى بها اثنتين لا يصح لما قلنا بل أولى لأن الاثنتين عدد محض و الله أعلم