وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

صفة الواقع بطلاق الكناية .
فصل : و أما بيان صفة الواقع بها فالواقع بكل واحد من النوعين اللذين ذكرنا هما من الصريح و الكناية نوعان : رجعي و بائن .
أما الصريح الرجعي فهو أن يكون الطلاق بعد الدخول حقيقة غير مقرون بعوض و لا بعدد الثلاث لا نصا و لا إشارة و لا موصوفا بصفة تنبئ عن البينونة أو تدل عليها من غير حرف العطف و لا مشبه بعدد أو وصف تدل عليها .
و أما الصريح البائن فبخلافه و هو أن يكون بحروف الإبانة أو بحروف الطلاق لكن قبل الدخول حقيقة أو بعده لكن مقرونا بعدد الثلاث نصا أو إشارة أو موصوفا بصفة تدل عليها إذا عرف هذا فصريح الطلاق قبل الدخول حقيقة يكون بائنا لأن الأصل في اللفظ المطلق عن شرط أن يفيد الحكم فيما وضع له للحال و التأخر فيما بعد الدخول إلى وقت انقضاء العدة ثبت شرعا بخلاف الأصل فيقتصر على مورد الشرع فبقي الحكم فيما قبل الدخول على الأصل و لو خلا بها خلوة صحيحة ثم طلقها صريح الطلاق و قال لم أجامعها كان طلاقا بائنا حتى لا يملك مراجعتها و إن كان للخلوة حكم الدخول لأنها ليست بدخول حقيقة فكان هذا طلاقا قبل الدخول حقيقة فكان بائنا .
و كذلك إذا كان مقرونا بعوض و هو الخلع ببدل و الطلاق على مال لأن الخلع بعوض طلاق على مال عندنا على ما نذكر إن شاء الله تعالى و الطلاق على مال معاوضة المال بالنفس وقد ملك الزوج أحد العوضين بنفس القبول و هو مالها فتملك هي العوض الآخر و هو نفسها تحقيقا للمعاوضة المطلقة و لا تملك إلا بالبائن فكان الواقع بائنا .
و كذلك إذا كان مقرونا بعدد الثلاث نصا بأن قال لها أنت طالق ثلاثا لقوله عز و جل : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } و كذا إذا أشار إلى عدد الثلاث بأن قال لها أنت طالق هكذا يشير بالإبهام و السبابة و الوسطى و إن أشار بأصبع واحدة فهي واحدة يملك الرجعة و إن أشار باثنتين فهي اثنتان لأن الإشارة متى تعلقت بها العبارة نزلت منزلة الكلام لحصول ما وضع له الكلام بها و هو الإعلام .
و الدليل عليه العرف و الشرع أيضا أما العرف فظاهر .
و أما الشرع فقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ الشهر هكذا و هكذا و هكذا ] و أشار صلى الله عليه و سلم بأصابع يديه كلها فكان بيانا أن الشهر يكون ثلاثين يوما ثم قال صلى الله عليه و سلم : [ الشهر هكذا و هكذا و هكذا و حبس إبهامه في المرة الثالثة ] فكان بيانا أن الشهر يكون تسعة و عشرين يوما و إذا قامت الإشارة مع تعلق العبارة مقام الكلام صار كأنه قال : أنت طالق ثلاثا و المعتبر في الأصابع عدد المرسل منها دون المقبوض لاعتبار العرف و العادة .
و الدليل عليه أن النبي صلى الله عليه و سلم لما قال : [ الشهر هكذا و هكذا و هكذا و قبض إبهامه في المرة الثالثة ] فهم منه تسعة و عشرون يوما و لو اعتبر المقبوض لكان المفهوم منه أحدا و عشرين يوما فدل أن المعتبر في الإشارة بالأصابع المرسل منها لا المقبوض و كذا إذا كان موصوفا بصفة تنبئ عن البينونة أو تدل عليها من غير حرف العطف مثل قوله أنت طالق بائن أو أنت طالق حرام أو أنت طالق ألبتة و نحو ذلك و هذا عندنا .
و قال الشافعي : يقع واحدة رجعية .
وجه قوله : أنه لما قال أنت طالق فقد أتى بصريح الطلاق و أنه معقب للرجعة فلما قال بائن فقد أراد تغيير المشروع فيرد عليه كما لو قال أعرتك عارية لا رد فيها و كما لو قال : أنت طالق و قال أردت به الإبانة .
و لنا : أنه وصف المرأة بالبينونة بالطلاق الأول و أنه مما يحتمل البينونة ألا ترى أنه تحصل البينونة قبل الدخول و بعده بعد انقضاء العدة فكان قوله بائن قرينة مبينة لا مغيرة ثم إذا لم يكن له نية لا يقع تطليقة بقوله طالق و الأخرى بقوله بائن و نحو ذلك لأن قوله بائن و نحو ذلك يصلح وصفا للمرأة بالطلاق الأول فلا يثبت إلا مقتضى واحد لأن ثبوته بطريق الضرورة فيؤخذ فيه بالأدنى و كذا إذا قال لها أنت طالق تطليقة قوية أو شديدة لأن الشدة تنبئ عن القوية / و القوي هو البائن .
و كذا إذا قال لها : أنت طالق تطليقة طويلة أو عريضة لأن الطول و العرض يقتضيان القوة و لو قال لها : أنت طالق من ههنا إلى موضع كذا فهو رجعي في قول أصحابنا الثلاثة و عند زفر : هو بائن .
وجه قوله : أنه وصف الطلاق بالطول فصار كما لو قال لها : أنت طالق تطليقة طويلة .
و لنا : أنه وصفه بالطول صورة و بالقصر معنى لأن الطلاق إذا وقع في مكان يقع في الأماكن كلها فكان القصر على بعض الأماكن وصفا له بالقصر و الطلقة القصيرة هي الرجعية .
و لو قال : أنت طالق أشد الطلاق فإن لم يكن له نية أو نوى واحدة فهي واحدة بائنة لأن حكم البائن أشد من حكم الرجعي فيقع بائنا و إن نوى ثلاثا فثلاث لأن ألف الفضيل قد تذكر لبيان أصل التفاوت و هو مطلق التفاوت و ذلك في الواحدة البائنة لأنها أشد حكما من الرجعية و قد تذكر لبيان نهاية التفاوت و هو مطلق التفاوت و ذلك في الثلاث فإذا نوى الثلاث فقد نوى ما يحتمله كلامه فصحت نيته و إن لم يكن له نية ينصرف إلى الأدنى لأنه متيقن به و لو قال لها أنت طالق ملء البيت فإن نوى الثلاث كان ثلاثا و إن لم يكن له نية فهو واحدة بائنة لأن قوله ملء البيت يحتمل أنه أراد به الكثرة و العدد و يحتمل أنه أراد به الصفة و هي العظم و القوة فأي ذلك نوى فقد نوى ما يحتمله لفظه و عند انعدام النية يحتمل على الواحدة البائنة لكونه متيقنا بها .
و لو قال لها : أنت طالق أقبح الطلاق قال أبي يوسف هو رجعي و قال محمد هو بائن .
وجه قول محمد : أنه وصف الطلاق بالقبح و الطلاق القبيح هو الطلاق المنهي عنه و هو البائن فيقع بائنا .
و لأبي يوسف : أن قوله أقبح الطلاق يحتمل القبح الشرعي و هو الكراهية الشرعية و يحتمل القبح الطبعي و هو الكراهية الطبيعية و هو أن يطلقها في وقت يكره الطلاق فيه طبعا فلا تثبت البينونة فيه بالشك و كذا قوله أقبح الطلاق يحتمل القبح بجهة الإبانة و يحتمل القبح بإيقاعه في زمن الحيض أو في طهر جامعها فيه فلا تثبت البينونة بالشك .
و لو قال : أنت طالق للبدعة فهي واحدة رجعية لأن البدعة قد تكون في البائن و قد تكون في الطلاق حالة الحيض فوقع الشك في ثبوت البينونة فلا تثبت البينونة بالشك .
و لو قال لها : أنت طالق طلاق الشيطان فهو كقوله أنت طالق للبدعة و روي عن أبي يوسف فيمن قال لامرأته أنت طالق للبدعة و نوى واحدة بائنة تقع واحدة بائنة لأن لفظه يحتمل ذلك على ما بينا فتصبح نيته و لو شبه صريح الطلاق بالعدة فهذا على وجهين : إما إن شبه بالعدد فيما له عدد و إما إن شبه بالعدد فيما لا عدد له فإن شبه بالعدد فيما هو ذو عدد كما لو قال لها أنت طالق كألف أو مثل ألف فهنا ثلاثة فصول : .
الأول : هذا .
و الثاني : أن يقول لها أنت طالق واحدة كألف أو مثل ألف .
و الثالث : أن يقول لها أنت طالق كعدد ألف .
أما الفصل الأول : فإن نوى ثلاثا فهو ثلاث بالإجماع و إن نوى واحدة أو لم يكن له نية فهي واحدة بائنة في قول أبي حنيفة و أبي يوسف و قال محمد هو ثلاث و لو قال نويت به واحدة دينته فيما بينه و بين الله تعالى و لم أدينه في القضاء .
وجه قوله : أن قوله كألف تشبيه بالعدد إذ الألف من أسماء الأعداد فصار كما لو نص على العدد فقال لها أنت طالق كعدد ألف و لو قال ذلك كان ثلاثا كذا هذا .
و لهما : أن التشبيه بالألف يحتمل التشبيه من حيث العدد و يحتمل التشبيه من حيث الصفة و هو صفة القوة و الشدة فإن الواحد من الرجال قد يشبه بألف رجل في الشجاعة و إذا كان محتملا لهما فلا يثبت العدد إلا بالنية فإذا نوى فقد نوى ما يحتمله كلامه و عند عدم النية يحتمل على الأدنى لأنه متيقن به و لا يحمل على العدد بالشك و أما الفصل الثاني : و هو ما إذا قال أنت طالق واحدة كألف فهي واحدة بائنة في قولهم جميعا لأنه لما نص على الواحدة علم أنه ما أراد به التشبيه من حيث العدد فتعين التشبيه في القوة و الشدة و ذلك في البائن فيقع بائنا .
و أما الفصل الثالث : و هو ما إذا قال لها أنت طالق كعدد ألف أو كعدد ثلاث أو مثل عدد ثلاث فهو ثلاث في القضاء و فيما بينه وبين الله تعالى و لو نوى غير ذلك فنيته باطلة لأن التنصيص على العدد ينفي احتمال إرادة الواحد فلا يصدق أنه ما أراد به الثلاث أصلا كما إذا قال أنت طالق / ثلاثا و نوى الواحدة و إن شبه بالعدد فيما لا عدد له بأن قال أنت طالق مثل عدد كذا أو كعدد كذا لشيء لا عدد له كالشمس و القمر و نحو ذلك فهي واحدة بائنة في قياس قول أبي حنيفة و عند أبي يوسف : هي واحدة يملك الرجعة .
وجه قول أبي يوسف : أن التشبيه بالعدد فيما لا عدد له لغو فبطل التشبيه و قوله أنت طالق و لأبي حنيفة أن هذا النوع من التشبيه يقتضي ضربا من الزيادة لا محالة و لا يمكن حمله على الزيادة من حيث العدد فيحمل على الزيادة من حيث الصفة .
و قالوا فيمن قال لامرأته : أنت طالق عدد شعر راحتي أو عدد ما على ظهر كفي من الشعر و قد حلق ظهر كفه طلقت واحدة لأنه شبه بما لا عدد له لأنه علق الطلاق بوجود الشعر على راحته أو على ظهر كفه للحال و ليس على راحته و لا على ظهر كفه شعر للحال فلا يتحقق التشبه بالعدد فلغا التشبه و بقي قوله أنت طالق فيكون رجعيا .
و لو قال : أنت طالق عدد شعر رأسي و عدد شعر ظهر كفي و قد حلقه طلقت ثلاثا لأنه شبه بما له عدد لأن شعر رأسه ذو عدد و إن لم يكن موجودا في الحال فكان هذا تشبيها به حال وجوده و هو حال وجوده ذو عدد بخلاف المسألة الأولى لأن ذلك تعليق التشبيه بوجوده للحال و هو غير موجود للحال فيلغو التشبيه .
و لو قال لها : أنت طالق مثل الجبل أو مثل حبة الخردل فهي واحدة بائنة في قول أبي حنيفة و عند أبي يوسف هي واحدة يملك الرجعة .
وجه قول أبي يوسف : أن قوله مثل الجبل أو مثل حبة الخردل يحتمل التشبيه في التوحد لأن الجبل بجميع أجزاءه شيء واحد غير متعدد فلا تثبت البينونة بالشك و لأبي حنيفة أن هذا التشبيه يقتضي زيادة لا محالة و أنه لا يحتمل الزيادة من حيث العدد لأنه ليس بذي عدد لكونه واحدا في الذات فيحمل على الزيادة التي ترجع إلى الصفة و هي البينونة فيحمل على الواحدة البائنة لأنها المتيقن بها .
و لو قال : مثل عظم الجبل أو قال : مثل عظم كذا فأضاف ذلك إلى صغير أو كبير فهي واحدة بائنة و إن لم يسم واحدة و إن نوى ثلاثا فهو ثلاث لأنه نص على التشبيه بالجبل في العظم فهذا يقتضي زيادة لا محالة على ما يقتضيه الصريح ثم إن كان قد سمى واحدة تعينت الواحدة البائنة لأن الزيادة فيها لا تكون إلا بالبينونة و إن كان لم يسم واحدة احتمل الزيادة في الصفة و هي البينونة بواحدة أو بالثلاث فإن نوى الثلاث يكون ثلاثا لأنه نوى ما يحتمله كلامه و إن لم يكن له نية يحمل على الواحدة لكونها أدنى و الأدنى متيقن به و في الزيادة عليه شك .
و لو قال : أنت طالق مثل هذا و هذا و أشار بثلاث أصابع فإن نوى به ثلاثا فثلاث و إن نوى واحدة بائنة فواحدة بائنة لأنه شبه الطلاق بما له عدد فيحتمل التشبيه من حيث العدد و يحتمل التشبيه في الصفة و هي الشدة فإذا نوى به الثلاث صحت نيته لأنه نوى ما يحتمله لفظه كما في قوله أنت طالق كألف و إذا نوى به الواحدة كانت واحدة لأنه أراد به التشبيه في الصفة و كذا إذا لم يكن له نية يحمل على التشبيه من حيث الصفة لأنه أدنى و الله عز و جل أعلم