وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : قوله : طلقي نفسك .
فصل : و أما قوله : طلقي نفسك فهو تمليك عندنا سواء قيده بالمشيئة أو لا و يقتصر على المجلس كقوله : أنت طالق إن شئت و عند الشافعي هو توكيل و لا يقتصر على المجلس قيده بالمشيئة أو لم يقيده .
و أجمعوا على أن قوله لأجنبي طلق امرأتي توكيل و لا يتقيد بالمجلس و هو فصل التوكيل فإن قيده بالمشيئة بأن قال له طلق امرأتي إن شئت فهذا تمليك عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر : هو توكيل فوقع الخلاف في موضعين : .
أما الكلام مع الشافعي فوجه قوله أنه لو أضاف الأمر بالتطليق إلى الأجنبي و لم يقيده بالمشيئة كان توكيلا بالإجماع فكذا إذا أضافه إلى المرأة و لم يقيده بالمشيئة لأنه لم يختلف إلا الشخص و الصيغة لا تختلف باختلاف الشخص و كذا إذا قيد بالمشيئة لأن التقييد بالمشيئة و السكوت عنه بمنزلة واحدة لأنها تطلق نفسها بمشيئتها و اختيارها إذ هي غير مضطرة في ذلك فكان ذكر المشيئة لغوا فكان ملحقا بالعدم فيبقى قوله طلقي نفسك و إنه توكيل لما ذكرنا فلا يتقيد بالمجلس كما في الأجنبي .
و لنا : لبيان أن قوله لامرأته طلقي نفسك تمليك وجوه ثلاثة .
أحدهما : أن المتصرف عن ملك هو الذي يتصرف برأيه و تدبيره و اختياره و المرأة بهذه الصفة فكانت متصرفة عن ملك فكان تفويض التطليق إليها تمليكا بخلاف الأجنبي لأن ثمة الرأي و التدبير للزوج و الاختيار له فكان إضافة الأمر إليه توكيلا لا تمليكا .
و الثاني : أن المتصرف عن ملك هو الذي يتصرف لنفسه و المتصرف عن توكيل هو الذي يتصرف لغيره و المرأة عاملة لنفسها لأنها بالتطليق ترفع قيد الغير عن نفسها فكانت متصرفة عن ملك فأما الأجنبي فإنه عامل لغيره لا لنفسه لأن منفعة عمله عائدة إلى غيره فكان متصرفا عن توكيل و أمر لا عن ملك .
و الثالث : أن قوله لامرأته طلقي نفسك لا يمكن أن يجعل توكيلا لأن الإنسان لا يصلح أن يكون وكيلا في حق نفسه فلم يمكن أن تجعل وكيلة في حق تطليق نفسها و يمكن أن تجعل مالكة للطلاق بتمليك الزوج فتعين حمله على التمليك بخلاف الأجنبي لأنه يالتطليق يتصرف في حق الغير و الإنسان يصلح وكيلا في حق غيره و الله الموفق .
و أما الكلام مع زفر فوجه قوله أنه لو أطلق الكلام لكان توكيلا فكذا إذا قيده بالمشيئة لما مر أن التقييد فيه و الإطلاق على السواء لأنه إذا طلق طلق عن مشيئة و لا محالة لكونه مختارا في التطليق غير مضطر فيه .
و لنا وجه الفرق بين المطلق و المقيد و هو أن الأجنبي في المطلق فيتصرف برأي الغير و تدبيره و مشيئته فكان توكيلا لا تمليكا و أما في المقيد فإنما يتصرف عن رأي نفسه و تدبير نفسه و مشيئته و هذا معنى المالكية و هو التصرف عن مشيئته و هذا فرق واضح بحمد الله تعالى .
و أما قوله التقييد بالمشيئة و عدمه سواء لأنه متى طلق طلق عن مشيئة فممنوع أنهما سواء و أنه متى طلق طلق عن مشيئة فإن المشيئة تذكر و يراد بها اختيار الفعل و تركه و هو المعنى الذي ينفي الغلبة و الاضطرار و هو المعني بقولنا المعاصي بمشيئة الله تعالى فإن الله تعالى يتولى تخليق أفعال العباد و الله تعالى غير مغلوب و لا مضطر في فعله و هو التخليق بل هو مختار و تذكر و يراد بها اختيار الإيثار يقال إن شئت فعلت كذا وإن شئت لم أفعل أي إن شئت آثرت الفعل و إن شئت آثرت الترك على الفعل و هو المعني من قولنا المكره ليس بمختار و المراد من المشيئة المذكورة ههنا هو اختيار الإيثار لا اختيار / الفعل و تركه لأنا لو حملناه عليه للغا كلامه و لو حملناه على اختيار الإيثار لم يلغ و صيانة كلام العاقل عن اللغو واجب عند الإمكان و اختيار الإيثار في التمليك لا في التوكيل لما ذكرنا أن الوكيل يعمل عن رأي الموكل و تدبيره و إنما يستعير منه العبارة فقط فكان الإيثار من الموكل لا من الوكيل .
و أما المملك فإنما يعمل برأي نفسه و تدبيره و إيثاره لا بالمملك فكان التقيد بالمشيئة مفيدا و الأصل أن التوكيل لغة هو الإنابة و التفويض هو التسليم بالكلية لذلك سمى مشايخنا الأول توكيلا و الثاني تفويضا و إذا ثبت أن المقيد بالمشيئة تمليك و المطلق توكيل و التمليك يقتصر على المجلس لما ذكرنا أن المملك إنما يملك بشرط الجواب في المجلس لأنه إنما يملك بالخطاب و كل مخلوق خاطب غيره يطلب جواب خطابه في المجلس فلا يملك نهيه عنه لما مر ثم التوكيل لا يقتصر على المجلس لأن الوكيل لا يمكنه القيام بما وكل بتحصيله في المجلس ظاهرا و غالبا لأن التوكيل في الغالب يكون بشيء لا يحضره الموكل و يفعل في حال غيبته لأنه إذا كان حاضرا يستغني بعبارة نفسه عن استعارة عبارة غيره فلو تقيد التوكيل بالمجلس لخلا عن العاقبة الحميدة فيكون سفها و يملك نهيه عنه لأنه وكيله فيملك عزله و لو أراد بقوله طلقي نفسك ثلاثا فقد صار الثلاث بيدها لأن معنى قوله : إياها طلقي نفسك أي حصلي طلاقا و المصدر يحتمل الخصوص و العموم لأنه اسم جنس فإذا نوى به الثلاث فقد نوى ما يحتمله كلامه فصحت نيته و لو أراد به الثنتين لا يصح لأن لفظ المصدر لفظ وحدان و الاثنان عدد لا توحد فيه أصلا على ما بينا فيما تقدم و إن لم يكن له نية تنصرف إلى الواحد لأنه متيقن به و لأن الأمر المطلق بالفعل في الشاهد يصرف إلى ما هو المقصود من ذلك الفعل في المتعارف .
ألا ترى أن من قال لغلامه : اسق هذه الأرض و كانت الأرض لا تصلح للزراعة إلا بثلاث مرات صار مأمورا به و إن كانت تصلح بالسقي مرة واحدة صار مأمورا به و من قال لغلامه اضرب هذا الذي استخف بي ينصرف إلى ضرب يقع به التأديب عادة و يحصل به المقصود و هو الانزجار و من أصابت ثوبه نجاسة فقال لجاريته اغسليه لا تصير مؤتمرة إلا بغسل محصل للمقصود و هو طهارة الثوب دل أن الأمر المطلق في الشاهد ينصرف إلى ما هو المقصود من الفعل في المتعارف و العرف و المقصود في قوله لامرأته طلقي نفسك مختلف فقد يقصد به الطلاق المبطل للملك و قد يقصد به الطلاق المبطل لحل المحلية سدا لباب التدارك فأي ذلك نوى انصرف إليه ثم إذا صحت نية الثلاث فإن طلقت نفسها ثلاثا أو اثنتين أو واحدة وقع لأن الزوج ملكها الثلاث و مالك الثلاث له أن يوقع الثلاث أو الاثنتين أو الواحدة كالزوج سواء بخلاف ما إذا قال لها : أنت طالق إن شئت أو أردت أو رضيت أو إذا شئت أو متى شئت أو متى ما شئت أو أين شئت أو حيث شئت و نحو ذلك و نوى الثلاث أنه لا يصح لما مر أن قوله أنت طالق صفة للمرأة و إنما يثبت الطلاق اقتضاء ضرورة صحة التسمية بكونها طالقا و لا ضرورة في قبول نية الثلاث فلا يثبت في حقه .
و لو قال لها : طلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها واحدة فهي واحدة في قولهم جميعا لأن الزوج ملكها الثلاث و مالك الثلاث إذا أوقع واحدة تقع كالزوج و هذا لأنه لما ملكها الثلاث فقد ملكها الواحدة لأنها بعض الثلاث و بعض المملوك يكون مملوكا .
و لو قال لها : طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثا لم يقع شيء في قول أبي حنيفة و قال أبو يوسف و محمد : يقع واحدة .
وجه قولهما : أنها أتت بما فوض الزوج إليها و زادت على القدر المفوض فيقع القدر المفوض و تلغو الزيادة كما لو قال لها طلقي نفسك واحدة فقالت طلقت نفسي واحدة واحدة واحدة أنه يقع واحدة و تلغو الزيادة كذا هذا .
و كذا لو قال لها : طلقي نفسك فقالت أبنت نفسي تقع واحدة رجعية و تلغو صفة البينونة لما قلنا كذا هذا و لأبي حنيفة وجوه من الفقه : .
أحدهما : أنه لو وقعت الواحدة إما أن تقع بطريق الأصالة مقصودا أو ضمنا أو ضرورة وقوع الثلاث لا سبيل إلى الأول لأنه لم يوجد إيقاع الواحدة بطريق الأصالة لانعدام لفظ الواحدة و وجود لفظ آخر و كذا لم يوجد وقت وقوع الواحدة بطريق الأصالة لأن ذلك عند قولها / نفسي و سكوتها عليه و وقت وقوعها مع الثلاث عند قولها ثلاثا و لا وجه للثاني لأنها لم تملك الثلاث إذ الزوج لم يملكها الثلاث فلا تملك إيقاع الثلاث فلا يقع الثلاث فلا تقع الواحدة ضمنا لوقوع الثلاث فتعذر القول بالوقوع أصلا بخلاف ما إذا قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها واحدة لأن هناك ملكها الثلاث فملكت إيقاع الثلاث و مالك إيقاع الثلاث يملك إيقاع الواحدة لأن بعض المملوك مملوك و ههنا بخلافه لما بينا و بخلاف ما إذا قال لها طلقي نفسك واحدة فقالت طلقت نفسي واحدة واحدة واحدة لأن ثم أوقعت الواحدة بطريق الأصالة لوجود لفظ الواحدة وقت وقوعها بطريق الأصالة فوقعت واحدة بطريق الأصالة ثم اشتغلت بغيرها و هو غير مملوك لها فلغا و بخلاف ما إذا قال لها طلقي نفسك فقالت قد أبنت نفسي لأن هناك أوقعت ما فوض إليها بطريق الأصالة لأن الإبانة من ألفاظ الطلاق لغة على ما نذكر إلا أنها زادت على القدر المفوض صفة البينونة فلغت و بقي أصل الطلاق .
و الثاني : أن المرأة يقولها طلقت نفسي ثلاثا أعرضت عما فوض الزوج إليها فيبطل التفويض و يخرج الأمر من يدها كما إذا اشتغلت بأمر آخر أو قامت عن مجلسها و دلالة أنها أعرضت عما فوض إليها أنه فوض إليها الواحدة و هي أتت بالثلاث و الواحدة من الثلاث إن لم تكن غير الثلاث و لأن الثلاث غير الواحدة غير الواحدة ذاتا لأن الواحدة منها و الشيء لا يكون غير نفسه لكنها غير الواحدة لفظا و حكما و وقتا .
أما اللفظ فإن لفظ الواحدة غير لفظ الثلاث و كذا حكمها غير حكم الثلاث و أما الوقت فإن وقت وقوع الواحدة غير وقت وقوع الثلاث لأن الواحدة تقع عند قولها طلقت نفسي و الثلاث تقع عند قولها ثلاثا لما ذكرنا فيما تقدم أن العدد و هو الواقع على معنى أنه متى اقترن بذكر الطلاق ذكر عدد لا يقع الطلاق قبل ذكر العدد و يقف أول الكلام على آخره فصارت المرأة باشتغالها بذكر الثلاث لفظا معرضة عن الواحدة لفظا و حكما و وقت وقوع الطلاق لصيروتها مشتغلة بغير ما ملكت تاركة للمملوك و الاشتغال بغير المملوك دليل الإعراض عما ملكت و الإعراض عن ما ملكت يوجب بطلان التمليك و خروج الأمر عن يدها بخلاف ما إذا قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها واحدة لأن هناك ما أعرضت عما فوض إليها لأنه فوض إليها الثلاث و تفويض الثلاث تفويض الواحدة لأن التفويض تمليك و تمليك الثلاث تمليك الواحدة لأنها من أجزاء الثلاث و جزء المملوك مملوك فلم تصر باشتغالها بالواحدة مشتغلة بغير ما ملكت و لا تاركة للمملوك فأما تمليك الجزء فلا يكون تمليك الكل فافترقا .
و الثالث : أن الزوج لم يملكها إلا الواحدة المنفردة و ما أتت بالواحدة المنفردة بها فلم تأت بما ملكها الزوج فلا يقع شيء كما لو قال لها : طلقي نفسك فأعتقت عبده و لا شك أن الزوج لم يملكها إلا الواحدة المنفردة لأنه نص على التوحد و التوحد ينبئ عن التفرد في اللغة فكان المفوض إليها طلقة واحدة منفردة عن غيرها و هي و إن أتت بالواحدة بإتيانها بالثلاث فما أتت بالواحدة المنفردة لأنها أتت بثلاث مجتمعة و الثلاث المجتمعة لا يوجد فيها واحدة منفردة لما فيه من الاستحالة لتضاد بين الاجماع و الافتراق فلم تأت بما فوض إليها فلا يقع شيء بخلاف ما إذا قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها واحدة لأن هناك أتت بما فوض إليها لكنها زادت على القدر المفوض لأنه فوض إليها الثلاث مطلقا عن صفة الاجتماع و الافتراق .
ألا ترى أنها لو طلقت نفسها ثلاثا متفرقة وقعت كما لو طلقت نفسها ثلاثا مجتمعة و لو كان المفوض إليها الثلاث المجتمعة لما ملكت إيقاع الثلاث المتفرقة فإذا صارت الثلاث مطلقا مملوكة لها مجتمعة كانت أو منفردة صارت كل واحدة من التطليقات الثلاث مملوكة لها منفردة كانت أو مجتمعة فإذا طلقت نفسها واحدة فقد أتت بالمملوك ضرورة و هو الجواب عما إذا قال لها طلقي نفسك واحدة فقالت طلقت نفسي واحدة واحدة واحدة أنه يقع واحدة لأنها أتت بالمفوض و زيادة فيقع القدر المفوض و تلغو الزيادة و ههنا ما أتت بالمفوض إليها أصلا و رأسا فهو الفرق و لا يلزم ما إذا قال لها طلقي نفسك فقالت / أبنت نفسي لأن هناك أيضا أتت بالمفوض إليها و زيادة لأن الزوج فوض أصل الطلاق و هي أتت بالأصل و الوصف لأن الإبانة من ألفاظ الطلاق على ما نذكر فلغا الوصف و هو وصف البينونة و بقي الأصل و هو صريح الطلاق فتقع واحدة رجعية .
و ذكر القدوري عن أبي يوسف في هذه المسألة : أن قياس قول أبي حنيفة أن لا يقع شيء و على هذا الخلاف الذي ذكرنا ما إذا قال لها طلقي نفسك واحدة إن شئت فطلقت نفسها ثلاثا .
و لو قال لها : طلقي نفسك ثلاثا إن شئت فطلقت نفسها واحدة أو ثنتين لا يقع شيء في قولهم جميعا لأنه ملكها الثلاث بشرط مشيئتها الثلاث فإذا شاءت ما دون الثلاث لم تملك الثلاث لوجود بعض شرط الملك و الحكم المعلق بشرط لا يثبت عند وجود بعض الشرط .
و لو قال لها : طلقي نفسك من ثلاث ما شئت فلها أن تطلق نفسها واحدة و ثنتين و ليس لها أن تطلق نفسها ثلاثا في قول أبي حنيفة و قال أبي يوسف و محمد تطلق نفسها ثلاثا إن شاءت .
وجه قولهما : أن كلمة من في مثل هذا الموضع تذكر لبيان الجنس فإن من قال لغيره كل من هذا الرغيف ما شئت كان له أن يأكل كل الرغيف .
و لأبي حنيفة : أن كلمة ما كلمة عامة و كلمة من للتبعيض حقيقة فلا بد من اعتبار المعنيين جميعا و ذلك في أن يصير المفوض إليها من الثلاث بعض له عموم و ذلك اثنان فتملك ما فوض إليها و هو الثنتان و في مسألة الرغيف صرفت كلمة من عن حقيقتها إلى الجنس بدلالة الحال و هو أن الأصل في الطعام هو السماح دون الشح خصوصا في حق من قدم إليه .
و لو قال لها : طلقي نفسك إن شئت فقالت : شئت لا يقع الطلاق و لو قال لها : أنت طالق إن شئت يقع لأن في الفصل الأول أمرها بالتطليق فما لم تطلق لا يقع الطلاق و مشيئة التطليق لا تكون تطليقا و في الفصل الثاني علق طلاقها بمشيئتها وقد شاءت و لو قال لها طلقي نفسك فقالت أبنت نفسي طلقت واحدة تملك الرجعة و إن قالت : قد اخترت نفسي لم تطلق .
و وجه الفرق : أن قولها أبنت من ألفاظ الطلاق لأن الإبانة قطع الوصلة لغة و الطلاق رفع القيد لغة إلا أن عمل صريح الطلاق يتأخر شرعا في المدخول بها إلى ما بعد انقضاء العدة فكان بين اللفظين موافقة من حيث الأصل فإذا قالت : أبنت نفسي فقد أتت بالأصل و زادت صفة البينونة فتلغو الصفة و يبقى الأصل بخلاف قولها اخترت لأن الاختيار ليس من ألفاظ الطلاق لغة بدليل أنه لو قال لامرأته اخترتك أو قال اخترت نفسي لا يقع الطلاق .
و كذا إذا قالت المرأة : طلقت نفسي أو أبنت نفسي وقف على إجازة الزوج و لو قالت : اخترت نفسي لا يقف على إجازته بل يبطل إلا أنه جعل من ألفاظ الطلاق شرعا بالنص و إجماع الصحابة Bهم عند خروجه جوابا للتخيير و ما في معناه و هو الأمر باليد فلا يكون جوابا في غيره فيلغو .
و حكى القدوري قول أبي يوسف فقال : قال أبي يوسف : إذا قال لها طلقي نفسك فقالت أبنت فقالت أبنت نفسي لا يقع شيء على قياس قول أبي حنيفة و وقع عندهما تطليقة رجعية كأنها قالت أبنت نفسي بتطليقة و لم يذكر خلاف أبي حنيفة في الجامع الصغير .
و وجه الفرق : أن بين هذه المسألة و بين قوله طلقي نفسك واحدة على نحو ما بينا و لو قال لها طلقي نفسك تطليقة رجعية فطلقت نفسها بائنا أو قال لها طلقي نفسك تطليقة بائنة فطلقت رجعية يقع ما أمر به الزوج لا ما أتت به لأنها إنما تملك تطليق نفسها بتمليك الزوج لها فتملك ما ملكها الزوج و ما أتت به موافق لها ملكها الزوج من حيث الأصل لأن كل واحد منهما من ألفاظ الطلاق و إنما خالفه من حيث الوصف فإذا وقع الأصل استتبع الوصف المملك فيقع ما فرض إليها و الله الموفق للصواب