وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ركنه .
و أما ركنه : فهو اللفظ الدال على منع النفس عن الجمع في الفرج مؤكدا باليمين بالله تعالى أو بصفاته أو باليمين بالشرط و الجزاء حتى لو امتنع من جماعها أو هجرها سنة أو أكثر من ذلك لم يكن موليا ما لم يأت بلفظ يدل عليه لأن الإيلاء يمين لما ذكرنا و اليمين تصرف قولي فلا بد من القول و لو أتى بلفظ يدل على نفي الجماع فيما دون الفرج لم يكن ذلك إيلاء في حق حكم البر لأن حكم البر إنما يثبت لصيرورته ظالما بترك الجماع في الفرج لأن حقها فيه و لو ذكر لفظا يدل على منع نفسه عن الجماع في الفرج بطريق يؤكده باليمين لم يكن إيلاء لأن الظلم بالمنع و المنع لا يتأكد إلا باليمين .
و قال الشافعي في القديم : لا يكون موليا إلا بالحلف بالله تعالى فظاهر الآية الكريمة يدفع هذا القول لأن الله تعالى قال : { للذين يؤلون من نسائهم } فالإيلاء في الغة عبارة عن اليمين و اسم اليمين يقع على اليمين بالله تعالى و يقع على اليمين بالشرط و الجزاء لتحقق معنى اليمين و هو القوة .
و لو حلف بغير الله عز و جل و بغير الشرط و الجزاء لا يكون موليا حتى لا تبين بمضي المدة من غير فيء و لا كفارة عليه إن قربها لأنه ليس بيمين لانعدام معنى اليمين و هو القوة .
و قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ لا تحلفوا بآبائكم و لا بالطواغيت فمن كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليذر ] .
و روي [ من حلف بغير الله فقد أشرك ] أما الألفاظ الدالة على منع النفس عن الجماع : فأنواع بعضها صريح و بعضها يجري مجرى الصريح و بعضها كناية : أما الصريح : فلفظ المجامعة بأن يحلف أن لا يجامعها و أما الذي يجري مجرى الصريح فلفظ القربان و الوطء و المباضعة و الافتضاض في البكر بأن يحلف أن لا يقربها أو لا يطأها أو لا يباضعها أو لا يفتضها و هي بكر لأن القربان المضاف إلى المرأة يراد به الجماع في العرف قال الله تعالى : { و لا تقربوهن حتى يطهرن } و كذا الوطء المضاف إليها غلب استعماله في الجماع .
قال النبي صلى الله عليه و سلم في سبايا أوطاس : [ ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن و لا الحبالى حتى يستبرأن بحيضة ] و المباضعة : مفاعلة من البضع و هو الجماع أو الفرج و الافتضاض في العرف عبارة عن جماع البكر و هو كسر العذرة مأخوذ من الفض و هو الكسر و كذا إذا حلف لا يغتسل منها لأن الاغتسال منها لا يكون إلا بالجماع فأما الجماع في غير الفرج فالاغتسال لا يكون منها و إنما يكون من الإنزال ألا يرى أنه ما لم ينزل لا يجب الغسل و في الجماع في الفرج لا يقف وجوب الإغتسال على وجود الإنزال .
و لو قال : لم أعن به الجماع لا يدين في القضاء لكونه خلاف الظاهر و يدين فيما بينه و بين الله تعالى لأن اللفظ يحتمله في الجملة .
و أما الكناية : فنحو لفظة الإتيان و الإصابة بأن حلف لا يأتيها أو لا يصيب منها يريد الجماع لأنهما من كنايات الجماع لأنهما يستعملان في الجماع و في غيره استعمالا على السواء فلا بد من النية .
و كذا لفظة الغشيان بأن حلف لا يغشاها لأن الغشيان يستعمل في الجماع قال الله تعالى : { فلما تغشاها } أي جامعها و يستعمل في المجيء و في الستر و التغطية قال الله تعالى : { يوم يغشاهم العذاب } قيل : يأتيهم و قيل : يسترهم و يغطيهم فلا بد من النية .
و كذا إذا حلف لا يمس جلده جلدها و قال : لم أعن به الجماع يصدق لأنه يحتمل الجماع و يحتمل اللمس المطلق فيحنث لغير الجماع و الإيلاء ما وقف الحنث فيه على الجماع و لأنه يمكنه جماعها بغير مماسة الجلد بأن يلف ذكره بحريرة فيجامعها و كذا إذا حلف لا يمسها لما قلنا و كذا إذا حلف لا يضاجعها أو لا يقرب فراشها و قال : لم أعن به الجماع فهو مصدق في القضاء لأن هذا اللفظ يستعمل في الجماع و يستعمل في غيره استعمالا واحدا و لأنه يمكنه جماعها من غير مضاجعة و لا قرب فراش .
و لو حلف لا يجتمع رأسي و رأسك فإن عنى به الجماع فهو مول لأنه يحتمل الجماع و إن لم يعن به الجماع لم يكن موليا و لا يجتمعان على فراش و لا مرفقة لئلا يلزمه الكفارة و له جماعها من غير اجتماع على الفراش و لا شيء يجمع رأسها عليه .
و لو حلف لا يجمع رأسي و رأسك وسادة أو لا يؤويني و إياك بيت أو لا أبيت معك في فراش فإن عنى به الجماع فهو مول لأنه يحتمل الجماع فتصح نيته و كيفما جامعها فهو حانث و إن لم يعن به الجماع فليس بمول و لا يأوي معها في بيت و لا يبيت معها في فراش و لا يجتمعان على وسادة لئلا تلزمه الكفارة و يطؤها على الأرض و البوادي .
و لو حلف لأسوءنك أو لأغيظنك لا يكون موليا إلا إذا عنى ترك الجماع لأن المساءة قد تكون بترك الجماع و قد تكون بغيره و كذا الغيظ فلا بد من النية و أما اليمين بالله تعالى و بصفاته فهي الحلف باسم من أسماء الله تعالى أو بصفة من صفاته بلفظ لا يستعمل في غير الصفة أو يستعمل في الصفة و في غيرها لكن على وجه لا يغلب استعماله في غير الصفة و موضع معرفة هذه الجملة كتاب الأيمان ثم الإيلاء إذا كان بالله تعالى فالمولي لا يخلو : إما إن أطلق الإيلاء و إما إن علقه بشرط و إما إن أضافه إلى وقت و إما إن وقته إلى غاية فإن أطلق بأن قال لامرأته و الله لا أقربك كان موليا للحال .
و الأصل فيه أن من منع نفسه عن قربان زوجته بما يصلح أن يكون مانعا و بما يحلف به عادة يصير موليا أو يقال من لا يمكنه قربان زوجته في المدة من غير شيء يلزمه بسبب اليمين فهو مول و قد وجد ههنا لأن ذكر اسم الله تعالى يصلح مانعا تحرزا عن الهتك و هو ما يحلف به عادة و عرفا و كذا لا يمكنه قربان زوجته في المدة من غير شيء يلزمه و هو الكفارة فيصير موليا و كذا إذا قال لامرأتين له : و الله لا أقربكما و ههنا ثلاثة فصول : .
أحدهما : أن يقول لامرأتيه : و الله لا أقربكما أو يقول لنسائه الأربع و الله لا أقربكن و هما فصل واحد .
و الثاني : أن يقول : و الله لا أقرب إحداكما أو إحداكن .
و الثالث : أن يقول و الله لا أقرب منكما أو واحدة منكن .
أما الأول إذا قال لامرأتين له : و الله لا أقربكما صار موليا منهما للحال حتى لو مضت أربعة أشهر و لم يقربهما فيها بانتا جميعا و يبطل و كذا إذا قال لنسائه الأربع : و الله لا أقربكن صار موليا منهن للحال حتى لو لم يقربهن حتى مضت أربعة أشهر بن جميعا و هذا قول أصحابنا الثلاثة و هو استحسان .
و القياس : أن لا يصير موليا في الأول ما لم يطأ واحدة منهما فيصير موليا من الأخرى و في الثاني ما لم يطأ واحدة فيصير موليا من الأخرى و في الثالث ما لم يطأ الثالثة منهن فيصير موليا من الرابعة و هو قول زفر .
وجه القياس : أن المولي من لا يمكنه قربان امرأته من غير حنث يلزمه و ههنا يمكنه في الصورة الأولى قربان إحداهما من غير حنث يلزمه لأنه لا يحنث بوطء إحداهما إذ جعل شرط الحنث قربانهما من غير شيء يلزمه و لم يوجد و في الصورة الثانية يمكنه قربان الثلاث منهن من غير حنث يلزمه .
ألا ترى أنه لا يحنث بوطء الثلاث منهن فلم يوجد حد المولي فلا يكون موليا و إذا وطىء إحداهما أو وطىء الثلاث منهن فلا يمكنه وطء الباقية إلا بحنث يلزمه فوجد حد الإيلاء فيصير موليا .
وجه الاستحسان : أن المولي من لا يمكنه وطء امرأته في المدة من غير شيء يلزمه بسبب اليمين و ههنا لا يمكنه وطؤها في المدة من غير شيء يلزمه بسبب اليمين لأنه وطىء إحداهما أو الثلاث منهن لزمه تعيين الأخرى للإيلاء و هذا شيء يلزمه بسبب اليمين و قد وجد حد الإيلاء فيكون موليا و لو قرب إحداهما لا كفارة عليه لعدم شرط الحنث و هو قربانهما و لكن يبطل إيلاؤه منها لأن ذلك يقف على القربان و قد وجد و الإيلاء في حق الباقية على حاله لانعدام المبطل في حقهما و هو القربان .
و لو قربهما جميعا بطل إيلاؤهما و عليه كفارة اليمين لوجود المبطل لهما و الموجب للكفار و هو قربانهما و لو ماتت إحداهما قبل مضي أربعة أشهر بطل إيلاؤها و لا تجب الكفارة و إن وطىء الأخرى بعد ذلك بالإجماع لأن شرط وجوب الكفارة قربانهما و لم يوجد و لو طلق إحداهما لا يبطل الإيلاء .
و أما الثاني : و هو ما إذا قال : و الله لا أقرب إحداكما فإنه يصير موليا من إحداهما حتى لو وطىء إحداهما ثلاثا أو بانت بلا عدة تعينت اباقية للإيلاء لزوال المزاحمة و لو لم يقرب إحداهما حتى مضت المدة بانت إحداهما بغير عينها و له خيار أن يوقع الطلاق على أيتهما شاء لأن الإيلاء في حق حكم البر تعليق الطلاق شرعا بشرط ترك القربان في المدة فيصير كأنه قال : إن لم أقرب إحداكما أربعة أشهر فإحداكما طالق بائن و لو نص على ذلك فمضت المدة و لم يقرب إحداهما طلقت إحداهما غير عين و له الخيار يوقع على أيتهما شاء كذا هذا .
و لو أراد أن يعين الإيلاء في إحداهما قبل مضي أربعة أشهر لا يملك ذلك حتى لو عين إحداهما ثم مضت أربعة أشهر لم يقع الطلاق على المعينة بل يقع على إحداهما بغير عينها و يخير في ذلك لأن اليمين تعلقت بغير المعينة فالتعين يكون تغيير اليمين فلا يملك ذلك لأن تغيير اليمين إبطالها من وجه و اليمين عقد لازم لا يحتمل الطلاق فلا يحتمل التغيير و لأن الإيلاء في حق البر تعليق الطلاق بشرط عدم القربان في المدة و متى علق الطلاق المبهم بشرط ثم أراد تغيير التعليق قبل وجود الشرط لا يقدر على ذلك كما إذا قال لامرأتيه : إذا جاء غد فإحداكما طالق ثم أراد أن يعين إحداهما قبل مجيء الغد لا يملك ذلك .
كذا هذا فإذا مضت المدة و بانت إحداهما بغير عينها فله الخيار في تعيين أيتهما شاء للطلاق لأن الطلاق إذا وقع في المجهولة يتخير الزوج في التعيين فله أن يوقع الطلاق على إحداهما فلو لم يوقع الطلاق على واحدة منهما حتى مضت أربعة أشهر أخرى وقعت تطليقة أخرى و بانت كل واحدة منهما بتطليقة في ظاهر الرواية .
و روي عن أبي يوسف : أنه لا يقع الطلاق على الأخرى .
وجه رواية أبي يوسف : أنه آلى من إحداهما لا من كل واحدة منهما فلا يتناول الإيلاء إلا إحداهما .
وجه ظاهر الرواية : أن اليمين باقية لعدم الحنث فكان تعليق طلاق إحداهما بمضي المدة من غير فيء باقيا فإذا مضت أربعة أشهر و وقع الطلاق على إحداهما فقد زالت مزاحمتهما و اليمين باقية فتعينت الأخرى لبقاء اليمين في حقها و تعليق طلاقها كما لو زالت المزاحمة بعد مضي المدة قبل اختيار الزوج بالموت بأن ماتت إحداهما أليس أنه تتعين الأخرى كذا ههنا و هل يتكرر الطلاق على المولى منها بالإيلاء السابق بتكرار المدة ؟ لا نص في هذه المسألة .
و اختلفت المشايخ فيه و ترجيح بعض الأقاويل فيه على البعض يعرف في الجامع الكبير و كذلك لو عين الطلاق في إحداهما بعد مضي أربعة أشهر ثم مضت أربعة أشهر أخرى بانت الأخرى بتطليقة على جواب ظاهر الرواية .
و أما الثالث : و هو ما إذا قال : و الله لا أقرب واحدة منكما فإنه يصير موليا منهما جميعا حتى لو مضت مدة أربعة أشهر و لم يقربهما فيها بانتا جميعا كذا ذكر المسألة في الجامع من غير خلاف و هكذا ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي و ذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي فقال على قول أبي حنيفة و أبي يوسف : يكون موليا منهما استحسانا و على قول محمد : يكون موليا من إحداهما و هو القياس .
وجه القياس : أن قوله واحدة منكما لا يعبر به عنهما بل عن إحداهما فصار كقوله : و الله لا أقرب إحداكما و الدليل عليه أنه إذا قرب إحداهما يحنث و تلزمه الكفارة فدل أن اليمين تناولت إحداهما لا غير .
و وجه الاستحسان : و هو الفرق بين المسألتين أن قوله إحداكما معرفة لأنه مضاف إلى الكناية و الكنايات معارف بل أعرف المعارف و المضاف إلى المعرفة معرفة و المعرفة تختص في النفي كما تختص في الإثبات .
و قوله : واحدة منكما نكرة لأنها نكرة بنفسها و لم يوجد ما يوجب صيرورتها معرفة وهو اللام أو الإضافة فبقيت نكرة و أنها في محل النفي فتعم و الدليل على التفرقة بينهما أنه يستقيم إدخال كلمة الإحاطة و الاشتمال و هي كلمة كل واحدة منكما و لا يستقيم إدخالها على إحداكما حتى يصح أن يقال : و الله لا أقرب كل واحدة منكما و لا يصح أن يقال : و الله لا أقرب كل إحداكما فدل أقوله : واحدة منكما يصلح لهما .
و قوله إحداكما لا يصلح لهما إلا انه إذا قال : و الله لا أقرب واحدة منكما فقرب إحداهما يبطل إيلاؤهما جميعا و تلزمه الكفارة لوجود شرط الحنث و هو قربان واحدة منهما بخلاف ما إذا قال : و الله لا أقربكما فقرب واحدة منهما أنه يبطل إيلاؤهما و لا يبطل إيلاء الباقية حتى لا تجب عليه الكفارة أما بطلان إيلاء التي قربها فلوجود شرط البطلان و هو القربان و لم يوجد القربان في الباقية فلا يبطل إيلاؤها و أما عدم وجوب الكفارة فلعدم شرط الوجوب و هو قربانهما جميعا .
و لو قال لامرأته و أمته : و الله لا أقربكما لا يكون موليا من امرأته ما لم يقرب الأمة فإذا قرب الأمة صار موليا من إمرأته لأن المولي من لا يمكنه قربان امرأته في المدة من غير شيء يلزمه و قبل أن يقرب الأمة يمكنه قربان امرأته من غير حنث يلزمه لأنه علق الحنث بقربانهما فلا يثبت بقربان إحداهما فإذا قرب الأمة فقد صار بحال لا يمكنه قربان زوجته من غير حنث يلزمه فصار موليا .
و لو قال : و الله لا أقرب إحداكما لم يكن موليا في حق البر لما ذكرنا أن قوله : إحداكما معرفة لكونه مضافا إلى المعرفة و المعرفة تخص و لا تعم سواء كان في محل الإثبات أو في محل النفي فلا يتناول إلا إحداهما و الإيلاء في حق البر تعليق الطلاق بشرط ترك القربان في المدة فصار كأنه قال : إن لم أقرب إحداكما في المدة فإحداكما طالق .
و لو قال ذلك لا يقع الطلاق إلا إذا عنى امرأته و ما عنى ههنا فلا يمكنه جعله إيلاء في حق البر و لو قرب إحداهما تجب الكفارة لأنه بقي يمينا في حق الحنث و قد وجد شرط الحنث فيجب الكفارة كما لو قال لأجنبية : و الله لا أقربك ثم قربها حنث و لا يكون ذلك إيلاء في حق البر كذا هذا .
و لو قال : و الله لا أقرب واحدة منكما كان موليا من امرأته لما ذكرنا أن الواحدة نكرة مذكورة في محل النفي فتعم عموم الأفراد كما لو قال : لا أكلم واحدا من رجال حلب إلا أنه لو قرب إحداهما حنث لما ذكرنا أن شرط حنثه قربان واحدة منهما لا قربانهما و قد وجد و لو كان له امرأتان حرة و أمة فقال : و الله لا أقربكما صار موليا منهما جميعا لأن كل واحدة منهما محل الإيلاء فإذا مضى شهران و لم يقربهما بانت الأمة لمضي مدتها من غير قربان و إذا مضى شهران آخران بانت الحرة أيضا لتمام مدتها من غير فيء .
و لو قال : و الله لا أقرب إحداكما يكون موليا من إحداهما بغير عينها لأن كل واحدة منهما محل الإيلاء و قد أضاف الإيلاء إلى إحداهما بغير عينها فيصير موليا من إحداهما غير عين و لو أراد أن يعين إحداهما قبل مضي الشهرين ليس له ذلك لما بينا فيما تقدم و إذا مضى شهران و لم يقربهما بانت الأمة لا لأنها عينت للإيلاء بل لسبق مدتها و استوثقت مدة الإيلاء على الحرة فإذا مضت أربعة أشهر و لم يقربها بانت الحرة لأن اليمين باقية إذا لم يوجد الحنث فكان تعليق الطلاق على إحداهما باقيا فإذا مضى شهران وقع الطلاق على الأمة فقد زالت مزاحمتها و اليمين باقية فتعينت الحرة لبقاء الإيلاء في حقها و تعليق طلاقها بمضي المدة و إنما استوثقت مدة الإيلاء على الحرة لأن ابتداء المدة انعقدت لإحداهما و قد تعينت الأمة للسبق فيبتدىء الإيلاء على الحرة من وقت بينونة الأمة بخلاف ما إذا قال لها : و الله لا أقربكما لأن هناك انعقدت المدة لهما فإذا مضى شهران فقد تمت مدة الأمة فتتم مدة الحرة بشهرين آخرين و لو ماتت الأمة قبل مضي الشهرين تعينت الحرة للإيلاء من وقت اليمين حتى إذا مضت أربعة أشهر من وقت اليمين تبين لزوال المزاحمة بموت الأمة .
و لو قال : و الله لا أقرب واحدة منكما يكون موليا منهما جميعا حتى لو مضى شهران تبين الأمة ثم إذا مضى شهران آخران تبين الحرة كما في قوله : و الله لا أقربكما إلا أن ههنا إذا قرب إحداهما حنث و بطل الإيلاء لما ذكرنا فيما قبل و إن علقه بشرط يتعلق به بأن قال : إن دخلت هذه الدار و إن كلمت فلانا فوالله لا أقربك و كذا إذا أضافه إلى الوقت بأن قال إذا جاء غد فوالله لا أقربك أو قال : إذا جاء رأس شهر كذا فوالله لا أقربك و إذا وجد الشرط أو الوقت فيصير موليا و يعتبر ابتداء المدة من وقت وجود الشرط و الوقت لأن الإيلاء يمين و اليمين تحتمل التعليق بالشرط و الإضافة إلى الوقت كسائر الأيمان و إن وقته إلى غاية ينظر إن كان المجهول غاية لا يتصور وجوده في مدة الإيلاء موليا كما إذا قال و هو في شعبان : و الله لا أقربك حتى أصوم المحرم لأنه منع نفسه عن قربانها بما يصلح مانعا لأنه لا يمكنه قربانها إلا بحنث يلزمه و هو الكفارة .
ألا ترى أنه لا يتصور وجود الغاية وهو صوم المحرم في المدة و كذلك يعد مانعا في العرف لأنه يحلف به عادة .
و كذا لو قال : و الله لا أقربك إلا في مكان كذا و بينه و بين ذلك المكان أربعة أشهر فصاعدا يكون موليا لأنه لا يمكنه قربانها من غير حنث يلزمه و إن كان أقل من ذلك لم يكن موليا لإمكان القربان من غير شيء يلزمه .
و كذا لو قال : و الله لا أقربك حتى تفطمي صبيك و بينها و بين الفطام أربعة أشهر فصاعدا يكون موليا و إن كان أقل من ذلك لم يكن موليا لما قلنا .
و لو قال : و الله لا أقربك حتى تخرج الدابة من الأرض أو حتى يخرج الدجال أو حتى تطلع الشمس من مغربها فالقياس : أن لا يكون موليا لتصور وجود الغاية في المدة ساعة فساعة فيمكنه قربانها في المدة من غير شيء يلزمه فلا يكون موليا و في الاستحسان : يكون موليا لأن حدوث هذه الأشياء لها علامات يتأخر عنها بأكثر من مدة الإيلاء على ما نطق به الأخبار فلا توجد هذه الغاية في زماننا في مدة أربعة أشهر عادة فلم تكن الغاية متصورة الوجود عادة فلا يمكنه قربانها من غير حنث يلزمه عادة فيكون موليا و لأن هذا اللفظ يذكر على إرادة التأبيد في العرف فصار كأنه قال : و الله لا أقربك أبدا .
و كذا إذا قال : و الله لا أقربك حتى تقوم الساعة كان موليا و إن كان يمكن في العقل قيام الساعة ساعة فساعة لكن قامت دلائل الكتاب العزيز و السنن المشهورة على أنها لا تقوم إلا بعد تقدم أشراطها العظام كطلوع الشمس من مغربها و خروج الدجال و خروج يأجوج و مأجوج و نحو ذلك و لم يوجد شيء من ذلك في زماننا فلم تكن الغاية قبلها متصورة الوجود عادة على مثل هذه الغاية تذكر و يراد بها التأبيد في العرف و العادة كما قال الله تعالى : { و لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } أي لا يدخلون أصلا و رأسا و كما يقال لا أفعل كذا حتى يبيض القار و يشيب الغراب ونحو ذلك فإنه يصير كأنه قال : و الله لا أقربك حتى تموتي أو حتى أموت أو حتى أقتل أو حتى أقبلك أو حتى تقبليني كان موليا .
و إن كان يتصور وجود هذه الأشياء في المدة لكن لا يتصور بقاء النكاح بعد وجودها فيصير حاصل هذا الكلام كأنه قال : و الله لا أقربك ما دمت زوجك أو مادمت حيا أو ما دمت حية و لو قال ذلك كان موليا إذ لو لم يكن موليا لما تصور انعقاد الإيلاء لأن هذا التقدير في كل الإيلاء .
و لو قال لامرأته و هي أمة الغير : و الله لا أقربك حتى أملكك أو أملك شقصا منك يكون موليا لأن النكاح لا يبقى بعد ملكها أو شقصا منها فصار كأنه قال : و الله لا أقربك ما دمت زوجك أو ما دمت زوجتي .
و لو قال : و الله لا أقربك حتى أشتريك لا يكون موليا لأن النكاح لا يرتفع بمطلق الشراء لجواز أن يشتريها لغيره فلا يملكها فلا يرتفع النكاح و كذا إذا قال : حتى أشتريك لنفسي لأنه قد يشتريها شراء فاسدا فلا يرتفع النكاح فلا يملكها لأنه لا يملكها قبل القبض .
و لو قال : حتى أشتريك لنفسي و أقبضك كان موليا لأن الملك في الشراء الفاسد يثبت بالقبض فيرتفع النكاح فيصير تقديره و الله لا أقربك ما دمت في نكاحي و إن كان مما يتصور بقاء النكاح مع وجوده فإن كان مما لو حلف به لكان موليا يصير موليا إذا جعله غاية و إلا فلا هذا أصل أبي حنيفة و محمد و أصل أبي يوسف : أنه إن أمكنه قربانها في المدة من غير حنث يلزمه لم يكن موليا .
و على هذا يخرج ما إذا قال : و الله لا أقربك حتى أعتق عبدي فلانا أو حتى أطلق امرأتي فلانة أو حتى أصوم شهرا أنه يصير موليا في قول أبي حنيفة و محمد و عند أبي يوسف : لا يكون موليا لأبي يوسف أنه يتصور وجود هذه الغايات قبل مضي أربعة أشهر فيمكنه قربانها من غير حنث يلزمه بسبب اليمين فلا يكون موليا كما إذا قال : و الله لا أقربك حتى أدخل الدار أو حتى أكلم فلانا .
ولهما : أنه منع نفسه عن قربان زوجته بما يصلح أن يكون مانعا و بما يحلف به في العرف و العادة و هو عتق عبده و طلاق امرأته و صوم الشهر و لهذا لو حلف بهذه الأشياء لكان موليا فكذا إذا جعلها غاية و كذا لا يمكنه قربانها من غير شيء يلزمه بسبب اليمين .
أما وجوب الكفارة أو عتق العبد أو طلاق المرأة أو صوم الشهر فيصير في التقدير كأنه قال : إن قربتك فعبدي حر أو على كفارة يمين و لو قال ذلك لكان موليا كذا هذا بخلاف الدخول و الكلام و لو قال : لا أقربك حتى أقتل عبدي أو حتى أشتم عبدي أو أشتم فلانا أو أضرب فلانا و ما أشبه ذلك لم يكن موليا لأنه لم يحلف بهذه الأشياء عرفا و عادة و لهذا لو حلف بشيء من ذلك لم يكن موليا فكذا إذا جعله غاية للإيلاء .
و كذا إذا قال : إن قربتك فعلي قتل عبدي أو ضرب عبدي أو شتم عبدي أو قتل فلان أو ضرب فلان أو شتم فلان لم يكن موليا كما لو قال : فعلي أن أدخل الدار أو أكلم فلانا لما قلنا و الله الموفق .
و أما اليمين بالشرط و الجزاء فنحو قوله : إن قربتك فامرأتي الأخرى طالق أو قال : هذه طالق أو قال : فعبدي هذا حر أو فأنت علي كظهر أمي أو قال : فعلي عتق رقبة أو فعلي حجة أو عمرة أو المشي إلى بيت الله أو فعلي هدي أو صدقة أو صوم أو اعتكاف لأن الإيلاء يمين و اليمين في اللغة عبارة عن القوة و الحالف يتقوى بهذه الأشياء على الامتناع من قربان امرأته في المدة لأن كل واحد منهما يصلح مانعا من القربان في المدة لأنه يثقل على الطبع و يشق عليه فكان في معنى اليمين بالله عز و جل لحصول ما وضع له اليمين و هو التقوي على الامتناع من مباشرة الشرط و كذا يعد مانعا في العرف و العادة فإن الناس تعارفوا الحلف بهذه الأشياء و كذا لبعضها مدخل في الكفارة و هو العتق و الصدقة و هي الإطعام و الصوم و الهدي و الاعتكاف لا يصح بدون الصوم و الحج و العمرة و إن لم يكن لهما مدخل في الكفارة فلهما تعلق بالمال فإنه لا يتوصل إليهما بمال غالبا فأشبه العتق و الصدقة لتعلقهما بالمال .
و ذكر القدوري في شرح مختصر الكرخي خلاف أبي يوسف في قوله : إن قربتك فعبدي حر أن على قول أبي يوسف لا يكون موليا و لم يذكر القاضي الخلاف في شرحه مختصر الطحاوي .
وجه قول أبي يوسف : أن المولى من لا يمكنه قربان امرأته في المدة إلا بحنث يلزمه و ههنا يمكنه القربن من غير شيء يلزمه بأن يبيع العبد قبل أن يقربها ثم يقربها فلا يلزمه شيء فلا يكون موليا .
وجه قولهما : أنه منع نفسه من قربانها بما يصلح مانعا و يعد مانعا في العرف و العادة فكان موليا .
و أما قوله : يمكنه أن يبيع العبد قبل القربان فلا يلزمه شيء بالقربان فيكون الملك قائما للحال و الظاهر بقاؤه و البيع موهوم فكان الحنث عند القربان لازما على اعتبار الحال ظاهرا و غالبا .
و لو قال : إن قربتك فكل مملوك أملكه فيما يستقبل حر و قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق فهو مول في قول أبي حنيفة و محمد و قال أبو يوسف : لا يكون موليا .
وجه قول أبي يوسف : أنه علق اليمين بالقربان و عند وجود القربان لا يلزمه شيء و إنما يلزمه بعد التمليك و التزوج و الجزاء المانع من القربان ما يلزم عند القربان و لأنه يقدر على أن يمتنع عن التملك و التزوج فلا يلزمه شيء فلا يكون موليا .
وجه قولهما : أنه جعل القربان شرط انعقاد اليمين و كون القربان شرط انعقاد اليمين مانعا له عن القربان لأنه إذا قربها انعقدت اليمين و اليمين إذا انعقدت يحتاج إلى منع النفس عن تحصيل الشرط خوفا عن نزول الجزاء و به تبين أنه لا يمكنه قربانها من غير شيء يلزمه وقت القربان و هو انعقاد اليمين التي يلزم عند انحلالها حكم الحنث فيصير موليا .
و قوله : يمكنه أن لا يتملك فلا يلزمه شيء قلنا : و قد يملك من غير تملك بالإرث فلا يمكنه الامتناع عنه .
و لو قال : إن قربتك فعلي صوم شهر كذا فإن كان ذلك الشهر يمضي قبل مضي الأربعة الأشهر لم يكن موليا لأنه إذا مضى يمكنه الوطء في المدة من غير شيء يلزمه و إن كان لا يمضي قبل مضي الأربعة الأشهر فهو مول لأنه لا يمكنه وطؤها في المدة إلا بصيام يلزمه .
و لو قال : إن قربتك فعلي أن أصلي ركعتين أو علي أن أغزو لم يكن موليا في قول أبي حنيفة و أبي يوسف و عند محمد : يكون موليا كذا ذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي الخلاف بين أبي يوسف و محمد و لم يذكر قول أبي حنيفة .
وجه قول محمد : أن الصلاة مما يصح إيجابها بالنذر كالصوم و الحج فيصير موليا كما لو قال : علي صوم أو حج .
وجه قولهما : أن هذا لا يصلح مانعا لأنه لا يثقل على الطبع بل يسهل و لا يعد مانعا في العرف أيضا ألا ترى أن الناس لم يتعارفوا الحلف بالصلاة و الغزو بخلاف الحج و الصوم فلا يصير موليا كما لو قال : لله علي صلاة الجناز أو سجدة التلاوة و كذا لا مدخل للصلاة في الكفارة و لا تعلق لها بالمال بخلاف الصوم و الحج و لو قال : إن قربتك فعلي كفارة أو قال : فعلي يمين فهو مول لأن قوله : فعلي كفارة التزام الكفارة نصا و قوله : علي يمين موجب اليمين و هو الكفارة بمنزلة قوله : فعلي كفارة .
و قالوا : فيمن قال : إن قربتك فعلي نحر ولدي أنه مول عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر بناء على أن النذر بنحر يصح و يجب ذبح شاة عندنا وعند زفر هو باطل لا يوجب شيئا .
و لو قال : إن قربتك فأنت علي مثل امرأة فلان و فلان كان آلى من امرأته فإن نوى الإيلاء كان موليا لأنه شبهها بامرأة آلى منها زوجها لإتيانه بلفظ موضوع التشبيه فإذا نوى به الإيلاء انصرف التشبيه إليه و إن لم ينو التحريم و لا اليمين لم يكن موليا لأن التشبيه لا يقتضي المساواة في جميع الصفات .
و قالوا فيمن قال لامرأته : أنا منك مول إنه إن عنى به الخبر بالكذب يصدق فيما بينه و بين الله و لا يكون موليا لأن لفظه لفظ الخبر و خبر غير المعصوم يحتمل الكذب و لا يصدق في القضاء لأن خبره يحمل على الصدق و لا يكون صادقا بثبوت المخبر به و إن عنى به الإيجاب كان موليا في القضاء و فيما بينه و بين الله تعالى لأن هذا اللفظ يستعمل في الإيجاب في العرف .
و لو آلى من امرأته ثم قال لامرأة له أخرى : قد أشركتك في إيلائها كان باطلا لأن الشركة في الإيلاء لو صحت لثبت الشركة في المدة فيصير لكل واحد منهما أقل من أربعة أشهر و هذا يمنع صحة الإيلاء لما نذكر إن شاء الله تعالى .
و لو قال : إن قربتك فأنت علي حرام فإن نوى الطلاق فهو مول عندهم جميعا لأنه إذا نوى به الطلاق فقد جعل الطلاق جزاء مانعا من القربان فيصير كأن قال إن قربتك فأنت طالق و لو قال ذلك لصار موليا كذا هذا و إن نوى اليمين فهو مول للحال عند أبي حنيفة و عند أبي يوسف و محمد : لا يكون موليا ما لم يقربها