وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

شرط ركن الإيلاء .
فصل : و أما شرائط ركن الإيلاء فنوعان : نوع هو شرط صحته في حق حكم الحنث و نوع هو شرط صحته في حق حكم الحنث و نوع هو شرط صحته في حق حكم البر و هو الطلاق .
أما الأول : فموضع بيانه كتاب الأيمان لأن الإيلاء يساوي سائر الأيمان في حق أحد الحكمين و هو حكم الحنث و إنما يخالفها في حق الحكم الآخر و هو حكم البر لأنه لا حكم لسائر الأيمان عند تحقق البر فيها و للإيلاء عند تحقق البر حكم و هو وقوع الطلاق إذ هو تعليق الطلاق البائن شرعا بشرط البر كأنه قال إذا مضت أربعة أشهر و لم أقربك فيها فأنت طالق بائن فنذكر الشرائط المختصة به في حق هذا الحكم و هو الطلاق فنقول : لركن الإيلاء في حق هذا الحكم شرائط بعضها يعم كل يمين بالطلاق و بعضها يخص الإيلاء أما الذي يعم فما ذكرنا من الشرائط فيما تقدم من العقل و البلوغ و قيام ملك النكاح و الإضافة إلى الملك حتى لا يصلح إيلاء الصبي و المجنون لأنهما ليسا من اهل الطلاق .
و كذا لو آلى من أمته أو مدبرته أو أم ولده لم يصح إيلاؤه في حق هذا الحكم لأن الله تعالى خص الإيلاء بالزوجات بقوله عز و جل : { للذين يؤلون من نسائهم } و الزوجة اسم للمملوكة بملك النكاح و شرع الإيلاء في حق هذا الحكم ثبت بخلاف القياس بهذه الآية الشريفة و إنها وردت في الأزواج فتختص بهم و لأن اعتبار الإيلاء في حق هذا الحكم لدفع الظلم عنها من قبل الزوج لمنعه حقها في الجماع منعا مؤكدا باليمين و لا حق للأمة قبل مولاها في الجماع فلم يتحقق الظلم فلا تقع الحاجة إلى الدفع لوقوع الطلاق و لأن الفرقة الحاصلة بمضي المدة من غير فيء فرقة بطلاق و لا طلاق بدون النكاح و لو آلى منها و هي مطلقة فإن كان الطلاق رجعيا فهو مول لقيام الملك من كل وجه و لهذا صح طلاقه و ظهاره و يتوارثان و إن كان بائنا أو ثلاثا لم يكن موليا لزوال الملك و المحل بالإبانة و الثلاث و الإيلاء لا ينعقد في غير الملك ابتداء و إن كان يبقى بدون الملك على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
و على هذا يخرج ما إذا قال لأجنبية : و الله لا أقربك ثم تزوجها أنه لا يصير موليا في حق حكم البر حتى لو مضت أربعة أشهر فصاعدا بعد التزوج و لم يفىء إليها لا يقع عليها شيء لانعدام الملك و الإضافة إلى الملك و لو قربها بعد التزوج أو قبله تلزمه الكفارة لانعقاد اليمين في حق الحنث .
و لو قال لها : إن تزوجتك فوالله لا أقربك فتزوجها صار موليا عندنا لوجود الملك عند المتزوج و اليمين بالطلاق يصح في الملك أو مضافا إلى الملك و ههنا وجدت الإضافة إلى الملك فيصير موليا بخلاف الفصل الأول و كذا جميع ما ذكرنا من شرائط صحة التطليق فهو من شرط صحة الإيلاء في حق الطلاق و أما الذي يخص الإيلاء فشيئان : أحدهما : المدة و هي أن يحلف على أربعة أشهر فصاعدا في الحرة أو يحلف مطلقا أو مؤبدا حتى لو حلف على أقل من أربعة أشهر لم يكن مو ليا في حق الطلاق و هذا قول عامة العلماء و عامة الصحابة Bهم .
قال بعض أهل العلم : إن مدة الإيلاء غير مقدرة يستوي فيها القليل و الكثير حتى لو حلف لا يقربها يوما أو ساعة كان موليا حتى لو تركها أربعة أشهر بانت و كذا روي عن اين مسعود Bه و قال ابن عباس Bهما : إن الإيلاء على الأبد .
و قال الشافعي : لا يكون موليا حتى يحلف على أكثر من اربعة أشهر .
وجه قول الأولين ما روي عن [ أنس بن مالك Bه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم آلى من نسائه شهرا فلما كان تسعة و عشرين يوما ترك إيلاءهن فقيل له : إنك آليت شهرا يا رسول الله فقال : الشهر تسعة و عشرون يوما ] و لأن الله تعالى لم يذكر في كتابه الكريم للإيلاء مدة بل أطلقه إطلاقا بقوله عز و جل : .
{ للذين يؤلون من نسائهم } فيجري على إطلاقه و إنما ذكر المدة لثبوت البينونة حتى تبين بمضي المدة من غير فيء لا ليصير إيلاء شرعا و به نقول .
و لنا : قوله تعالى : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر } ذكر للإيلاء في حكم الطلاق مدة مقدرة فلا يكون الحلف على ما دونها إيلاء في حق هذا الحكم و هذا لأن الإيلاء ليس بطلاق حقيقة و إنما جعل طلاقا معلقا بشرط البر شرعا بوصف كونه مانعا من الجماع أربعة أشهر فصاعدا فلا يجعل طلاقا بدونه و لأن الإيلاء هو اليمين التي تمنع الجماع خوفا من لزوم الحنث و بعد مضي يوم أو شهر يمكنه أن يطأها من غير حنث يلزمه فلا يكون هذا إيلاء .
و أما قولهم : إن المدة ذكرت لثبوت حكم الإيلاء لا للإيلاء فنقول : ذكر المدة في حكم الإيلاء لا يكون ذكرا في الإيلاء لأن الحكم ثبت بالإيلاء إذ به يتأكد المنع المحقق للظلم .
و أما الحديث فالمروي : [ أن النبي صلى الله عليه و سلم آلى أن لا يدخل على نسائه شهرا ] و عندنا من حلف لا يدخل على امرأته يوما أو شهرا أو سنة لا يكون الملك ليا في حق حكم الطلاق لأن الإيلاء يمين يمنع الجماع و هذا لا يمنع الجماع و فقول عبد الله بن عباس Bهما الإيلاء على الأبد محتمل يحتمل أن يكون معناه أن الإيلاء إذا ذكر مطلقا عن الوقت يقع على الأبد و إن لم يذكر الأبد و نحن نقول به و يحتمل : انه أراد به أن ذكر الأبد شرط صحة الإيلاء في حق حكم الطلاق فيحمل على الأول توفيقا بين الأقاويل .
و الدليل عليه ما روي عن ابن عباس Bهما أنه قال : كان إيلاء أهل الجاهلية السنة و السنتين و أكثر من ذلك فوقته الله أربعة أشهر فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء و لأنه ليس في النص شرط الأبد فيلزمه إثبات حكم الإيلاء في حق الطلاق عند تربص أربعة أشهر فلا تجوز الزيادة إلا بدليل .
و أما الكلام مع الشافعي فمبني على حكم الإيلاء في حق الطلاق فعندنا إذا مضت أربعة أشهر تبين منه و عنده لا تبين بل توقف بعد مضي هذه المدة و يخير بين الفيء و التطليق فلا بد و أن تزيد المدة على أربعة أشهر و نذكر المسألة في بيان حكم الإيلاء إن شاء الله تعالى و سواء كان الإيلاء في حال الرضا أو الغضب أو أراد به إصلاح ولده في الرضاع أو الإضرار بالمرأة عند عامة العلماء و عامة الصحابة Bهم و هو الصحيح لأن نص الإيلاء لا يفصل بين حال و حال و لأن الإيلاء يمين فلا يختلف حكمه بالرضا و الغضب و إرادة الإصلاح و الإضرار كسائر الأيمان .
و اما مدة إيلاء الأمة المنكوحة فشهران فصاعدا عندنا و عند الشافعي : مدة إيلاء الأمة كمدة إيلاء الحرة .
و احتج يقوله تعالى : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر } من غير فصل بين الحرة و الأمة و الكلام من حيث المعنى مبني على اختلاف أصل نذكره في حكم الإيلاء و هو أن مدة الإيلاء ضربت أجلا للبينونة عندنا فأشبه مدة العدة فيتنصف بالرق كمدة العدة و عنده ضربت لإظهار ظلم الزوج بمنع حقها عن الجماع في المدة و هذا يوجب التسوية بين الأمة و الحرة في المدة كأجل العنين و لا حجة له في الآية لأنها تناولت الحرائر لا الإماء لأنه سبحانه و تعالى ذكر عزم الطلاق ثم عقبه بقوله تعالى : { و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } و هي عدة الحرائر و سواء كان زوجها عبدا أو حرا فالعبرة لرق المرأة و حريتها لا لرق الرجل و حريته لأن الإيلاء في حق أحد الحكمين طلاق فيعتبر فيه جانب النساء و لو اعترض العتق على الرق بأن كانت مملوكة وقت الإيلاء ثم أعتقت تحولت مدتها مدة الحرائر بخلاف العدة فإنها إذا طلقت طلاقا بائنا ثم أعتقت لا تنقلب عدتها عدة الحرائر و في الطلاق الرجعي تنقلب و الفرق بين هذه الجملة يعرف في موضعه إن شاء الله تعالى .
و على هذا يخرج ما إذا قال لامرأته الحرة : و الله لا أقربك أربعة أشهر إلا يوما لا يكون موليا لنقصان المدة و لو قال لها : و الله لا أقربك شهرين و شهرين بعد هذين الشهرين فهو مول لأنه جمع بين شهرين و شهرين بحرف الجمع و الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع فصار كأنه قال : و الله لا أقربك أربعة أشهر .
و لو قال لها : و الله لا اقربك شهرين فمكث يوما ثم قال : و الله لا أقربك شهرين بعد هذين الشهرين الأولين لم يكن موليا لأنه إذا سكت يوما فقد مضى يوم من غير حكم الإيلاء لأن الشهرين ليسا بمدة الإيلاء في حق الحرة فإذا قال شهرين بعد هذين الشهرين فقد جمع الشهرين الأخريين إلى الأولين بعدما مضى يوم من غير حكم الإيلاء فصار كأنه قال : و الله لا أقربك أربعة أشهر إلا يوما و لو قال ذلك لم يكن موليا لنقصان المدة كذا هذا .
و لو قال : و الله لا أقربك سنة إلا يوما لم يكن موليا للحال في قول أصحابنا الثلاثة و عند زفر يكون موليا للحال حتى لو مضت السنة و لم يقربها فيها لا تبين و لو قربها يوما لا كفارة عليه عندنا و عنده : إذا مضت أربعة أشهر منذ قال هذه المقالة و لم يقربها فيها تبين و لو قربها تلزمه الكفارة .
وجه قوله : أن اليوم المستثنى ينصرف إلى آخر السنة كما في الإجارة فإنه لو قال : أجرتك هذه الدار سنة إلا يوما انصرف اليوم إلى آخرالسنة حتى صحت الإجارة كذا ههنا و إذا انصرف إلى آخر السنة كانت مدة الإيلاء أربعة أشهر و زيادة فيصير موليا و لأنه إذا انصرف إلى آخر السنة فلا يمكنه قربان امرأته في الأربعة أشهر من غير حنث يلزمه و هذا حد المولي .
و لنا : أن المستثنى يوم منكر فتعيين اليوم الآخر تغيير الحقيقة و لا يجوز تغيير الحقيقة من غير ضرورة فبقي المستثنى يوما شائعا في السنة فكان له أن يجعل ذلك اليوم أي يوم شاء فلا تكمل المدة و لأنه إذا استثنى يوما شائعا في الجملة فلم يمنع نفسه عن قربان امرأته بما يصلح مانعا من القربان في المدة لأن له أن يعين يوما للقربان أي يوم كان فيقربها فيه من غير حنث يلزمه فلم يكن موليا و في باب الإجارة مست الضرورة إلى تعيين الحقيقة لتصحيح الإجارة إذ لا صحة لها بدونه لأن كون المدة معلومة في الإجارة شرط صحة الإجارة و لا تصير معلومة إلا بانصراف الاستثناء إلى اليوم الأخير و ههنا لا ضرورة لأن جهالة المدة لا تبطل اليمين فإن قال ذلك ثم قربها يوما ينظر إن كان قد بقي من السنة أربعة أشهر فصاعدا صار موليا لوجود كمال المدة و لوجود حد المولي و إن بقي أقل من ذلك لم يصر موليا لنقصان المدة و لانعدام حد الإيلاء .
و على هذا الخلاف إذا قال : و الله لا أقربك سنة إلا مرة غير أن في قوله إلا يوما إذا قربها و قد بقي من السنة أربعة أشهر فصاعدا لا يصير موليا ما لم تغرب الشمس من ذلك اليوم و يعتبر ابتداء المدة من وقت غروب الشمس من ذلك اليوم لأن اليوم اسم لجميع هذا الوقت من أوله إلى آخره فلا ينتهي إلا بغروب الشمس و في قوله إلا مرة يصير موليا عقيب القربان بلا فصل و يعتبر ابتداء المدة من وقت فراغه من القربان مرة لأن المستثنى ههنا هو القربان مرة لا اليوم و المستثنى هناك هو اليوم لا المرة لذلك افترقا ثم مدة أشهر الإيلاء تعتبر بالأهلة أم بالأيام فنقول : لا خلاف أن الإيلاء إذا وقع في غرة الشهر تعتبر المدة بالأهلة و إذا وقع في بعض الشهر لم يذكر عن أبي حنيفة نص رواية .
و قال أبو يوسف : تعتبر الأيام و ذلك مائة و عشرون يوما و روي عن زفر : أنه يعتبر بقية الشهر بالأيام و الشهر الثاني و الثالث بالأهلة و تكمل أيام الشهر الأول بالأيام من أول الشهر الرابع و يحتمل أن يكون هذا على اختلافهم في عدة الطلاق و الوفاة على ما نذكره هناك إن شاء الله تعالى .
و الثاني : ترك الفيء في المدة لأن الله تعالى جعل عزم الطلاق شرط وقوعه بقوله : { وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم } و كلمة إن للشرط و عزم الطلاق ترك الفيء في المدة