وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الكلام في الفيء .
و الكلام في الفيء يقع في مواضع : في تفسير الفيء المذكور في الآية الكريمة أنه ما هو و في بيان شرط صحة الفيء و في بيان وقت الفيء أنه بعد انقضائها أما الأول فالفيء عندنا على ضربين .
أحدهما : بالفعل و هو الجماع في الفرج حتى لو جامعها فيما دون الفرج أو قبلها بشهوة أو لمسها لشهوة أو نظر إلى فرجها عن شهوة لا يكون ذلك فيأ لأن حقها في الجماع في الفرج فصار ظالما بمنعه فلا يندفع الظلم إلا به فلا يحصل الفيء و هو الرجوع عما عزم عليه عند القدرة إلا به بخلاف الرجعة أنها تثبت بالجماع فيما دون الفرج و بالمس عن شهوة و النظر إلى الفرج عن شهوة لأن البينونة هناك بعد بعد انقضاء العدة تثبت من وقت وجود الطلاق من وجه فلو لم تثبت الرجعة به لصار مرتكبا للحرام فجعل الإقدام عليه دلالة الرجعة تحرزا عن الحرام و هذا المعنى لم يوجد ههنا لأن البينونة بعد انقضاء المدة تثبت مقصورة على الحال فلو لم يجعل منه فيأ لم يصر مرتكبا للحرام لذلك فافترقا .
و الثاني : بالقول و الكلام فيه يقع في موضعين : .
أحدهما : في صورة الفيء بالقول و الثاني في بيان شرط صحته أما صورته فهي أن يقول لها : فئت إليك أو راجعتك و ما أشبه ذلك .
و ذكر الحسن عن أبي حنيفة في صفة الفيء أن يقول الزوج اشهدوا أني قد فئت إلى امرأتي و أبطلت الإيلاء و ليس هذا من أبي حنيفة شرط الشهادة على الفيء فإنه يصح بدون الشهادة و إنما ذكر الشهادة احتياطا لباب الفروج لاحتمال أن يدعي الزوج الفيء إليها بعد مضي المدة فتكذبه المرأة فيحتاج إلى إقامة البينة عليه إلا أن تكون الشهادة شرطا لصحة الفيء و قد قال أصحابنا : إنه إذا اختلف الزوج و المرأة في الفيء مع بقاء المدة و الزوج ادعى الفيء و أنكرت المرأة فالقول قول الزوج لأن المدة إذا كانت باقية فالزوج يملك الفيء فيها و قد ادعى الفيء في وقت يملك إنشاؤه فيه فكان الظاهر شاهدا له فكان القول قوله و إن اختلفا بعد مضي المدة فالقول قول المرأة لأن الزوج يدعي الفيء في وقت لا يملك إنشاء الفيء فيه فكان الظاهر شاهدا عليه المرأة فكان القول قولها .
و أما شرط صحته فلصحة الفيء بالقول شرائط ثلاثة : أحدها العجز عن الجماع فلا يصح مع القدرة على الجماع لأن الأصل هو الفيء بالجماع لأن الظلم به يندفع حقيقة و إنما الفيء بالقول خلف عنه و لا عبرة بالخلف مع القدرة على الأصل كالتيمم مع الوضوء و نحو ذلك ثم الشرط هو العجز عن الجماع حقيقة أو مطلق العجز إما حقيقة و إما حكما فجملة الكلام فيه أن العجز نوعان حقيقي و حكمي أما الحقيقي فنحو أن يكون أحد الزوجين مريضا يتعذر معه الجماع أو كانت المرأة صغيرة لا يجامع مثلها أو رتقاء أو يكون الزوج مجبوبا أو يكون بينهما مسافة لا يقدر على قطعها في مدة الإيلاء أو تكون ناشزة محتجبة في مكان لا يعرفه أو يكون محبوسا لا يقدر أن يدخلها و فيؤه في هذا كله .
بالقول كذا ذكره القدوري في شرحه مختصر الكرخي .
و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه لو آلى من امرأته و هي محبوسة أو هو محبوس أو كان بينه و بين امرأته مسافة أقل من أربعة أشهر إلا أن العدو أو السلطان منعه عن ذلك فإن فيأه لا يكون إلا بالفعل و يمكن أن يوفق بين القولين في الحبس بأن يحمل ما ذكره القاضي على ان يقدر أحدهما على أن يصل إلى صاحبه في السجن و الوجه في المنع من العدو أو السلطان أن ذلك نادر و على شرف الزوال فكان ملحقا بالعدم .
و أما الحكمي فمثل أن يكون محرما وقت الإيلاء و بينه و بين الحج أربعة أشهر .
و إذا عرف هذا فنقول : لا خلاف في أنه إذا كان عاجزا عن الجماع حقيقة أنه ينتقل الفيء بالجماع إلى الفيء بالقول و اختلف أصحابنا فيما إذا كان قادرا على الجماع حقيقة و عاجزا عنه حكما أنه هل يصح الفيء بالقول قال أصحابنا الثلاثة : لا يصح و لا يكون فيؤه إلا بالجماع و قال زفر : يصح .
وجه قوله : أن العجز حكما كالعجز حقيقة في أصول الشريعة كما في الخلوة فإنه يستوي المانع الحقيقي و الشرعي في المنع من صحة الخلوة كذا هذا .
و لنا : انه قادر على الجماع حقيقة فيصير ظالما بالمنع فلا يندفع الظلم عنها إلا بإيفائها حقها بالجماع و حق العبد لا يسقط لأجل حق الله تعالى في الجملة لغنا الله عز و جل و حاجة العبد .
و الثاني : دوام العجز عن الجماع إلى أن تمضي المدة حتى لو قدر على الجماع في المدة بطل الفيء بالقول و انتقل إلى الفيء بالجماع حتى لو تركها و لم يقربها في المدة حتى مضت تبين لما ذكرنا أن الفيء باللسان بدل عن الفيء بالجماع و من قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل بطل حكم البدل كالمتيمم إذا قدر على الماء في الصلاة .
و كذا إذا آلى و هو صحيح ثم مرض فإن كان قدر مدة صحته ما يمكن فيه الجماع ففيؤه بالجماع لأنه كان قادرا على الجماع في مدة الصحة فإذا لم يجامعها مع القدرة عليه فقد فرط في إيفاء حقها فلا يعذر بالمرض الحادث و إن كان لا يمكنه فيؤه بالجماع لقصره ففيؤه بالقول لأنه إذا لم يقدر على الجماع فيه لم يكن مفرطا في ترك الجماع فكان معذورا و لو آلى و هو مريض فلم يفىء باللسان إليها حتى مضت المدة فبانت ثم صح ثم مرض فتزوجها و هو مريض ففاء إليها باللسان صح فيؤه في قول أبي يوسف حتى لو تمت أربعة أشهر من وقت التزوج لا تبين .
و قال محمد : لا يصح .
وجه قوله : أنه إذا صح في المدة الثانية فقد قدر على الجماع حقيقة فسقط اعتبار الفيء باللسان في تلك المدة و إن كان لا يقدر على جماعها إلا بمعصية كما إذا كان محرما ففاء بلسانه أنه لم يصح فيؤه باللسان لكونه قادرا على الجماع حقيقة و إن كان لا يقدر عليه إلا بمعصية كذا هذا .
و لأبي يوسف : أن الصحة إنما تمنع الفيء باللسان للقدرة على إيفائها حقها في الجماع و لا حق لها في حالة البينونة فلا تعتبر الصحة مانعة منه و الثالث : قيام ملك النكاح وقت الفيء بالقول و هو : أن تكون المرأة في حال ما يفيء إليها زوجته غير بائنة منه فإن كانت بائنة منه ففاء بلسانه لم يكن ذلك فيئا و يبقى الإيلاء لأن الفيء بالقول حال قيام النكاح إنما يرفع الإيلاء في حق حكم الطلاق لحصول إيفاء حقها به و لا حق لها حالة البينونة على ما نذكره و لا يعتبر الفيء و صار وجودها و العدم بمنزلة فيبقى الإيلاء فإذا تزوجها و مضت المدة تبين منه بخلاف الفيء بالفعل و هو الجماع أنه يصح بعد زوال الملك و ثبوت البينونة حتى لا يبقى الإيلاء بل يبطل لأنه حنث بالوطء فانحلت اليمين و بطلت و لم يوجد الحنث ههنا فلا تنحل اليمين فلا يرتفع الإيلاء ثم الفيء بالقول عندنا إنما يصح في حق حكم الطلاق حتى لا يقع بمضي المدة إلا في حق الحنث لأن اليمين في حق حكم الحنث باقية لأنها لا تنحل إلا بالحنث و الحنث إنما يحصل بفعل المحلوف عليه و القول ليس محلوفا عليه فلا تنحل به اليمين هذا الذي ذكرنا مذهب أصحابنا و قال الشافعي : لا فيء إلا بالجماع و إليه مال الطحاوي و وجهه : ان الفيء بالحنث و لا حنث باللسان فلا يحصل الفيء به و هذا لأن الحنث هو فعل المحلوف عليه و المحلوف عليه هو القربان فلا يحصل الفيء إلا به .
و لنا : إجماع الصحابة Bهم فإنه روي عن علي Bه و ابن مسعود و ابن عباس Bهم و أنهم قالوا [ الفيء عند العجز بالقول ] و كذا روي عن جماعة من التابعين مثل : مسروق و الشعبي و إبراهيم النخعي و سعيد بن جبير و لأن الفيء في اللغة هو : الرجوع يقال : فاء الظل أي رجع و معنى الرجوع في الإيلاء هو انه عزم على منع حقها في الجماع و أكد العزم باليمين فبالفيء رجع عما عزم و الرجوع كما يكون بالفعل يكون بالقول و هذا لأن وقوع الطلاق لصيرورته ظالما بمنع حقها و الظلم عند القدرة على الجماع بمنع حقها في الجماع فيكون إزالة الظلم بإيفاء حقها في الجماع فيكون إزالة هذا الظلم بذكر إيفاء حقها في الجماع أيضا و عند العجز عن الجماع يكون بإيذائه إياها منع حقها في الجماع ليكون إزالة هذا الظلم بقدر الظلم فيثبت الحكم على وفق العلة .
و اما وقت الفيء فالفيء عندنا في المدة .
و عند الشافعي : بعد مضي المدة و نذكر المسألة في بيان حكم الإيلاء إن شاء الله تعالى .
و اما حرية المولى : فليس بشرط لصحة إيلائه بالله تعالى و مما لا يتعلق بالمال حتى لو قال العبد لامرأته : و الله لا أقربك أو قال : إن قربتك فعلي صوم أو حج أو عمرة أو امرأتي طالق يصح إيلاؤه حتى لو لم يقربها تبين منه في المدة و لو قربها ففي اليمين بالله تعالى تلزمه بالكفارة بالصوم و في غيرها يلزمه الجزاء المذكور و لأن العبد أهل لذلك و إن كان يحلف بما يتعلق بالمال بأن قال إن قربتك فعلي عتق رقبة أو علي أن أتصدق بكذا لا يصح لأنه ليس من أهل ملك المال .
و اما إسلام المولى فهل هو شرط لصحة الإيلاء ؟ .
فنقول : لا خلاف في ان الذمي إذا آلى من امراته بالطلاق أو العتاق أنه يصح إيلاؤه لأن الكافر من أهل الطلاق و العتاق و لا خلاف أيضا في أنه إذا آلى بشيء من القرب كالصوم و الصدقة و الحج و العمرة بأن قال لامرأته : إن قربتك فعلي صوم أو صدقة أو حجة او عمرة أو غير ذلك من القرب لا يكون موليا لأنه ليس من أهل القربة فيمكنه قربان امرأته من غير شيء يلزمه فلم يكن موليا .
و كذا إذا قال لامرأته : إن قربتك فأنت علي كظهر أمي أو فلانة علي كظهر أمي لم يكن موليا لأن الكفر يمنع صحة الظهار عندنا و إذا لم يصح يمكنه قربانها من غير شيء يلزمه فلا يكون موليا و اختلف فيما إذا آلى بالله تعالى فقال : و الله لا أقربك تنعقد موجبة للكفارة على تقدير الحنث عند أبي حنيفة يكون موليا و قال أبو يوسف و محمد : لا يكون موليا .
وجه قولهما : أن اليمين بالله تعالى لا تنعقد من الذمي كما في غير الإيلاء و الجامع بينهما أن اليمين بالله تعالى تنعقد موجبة للكفارة على تقدير الحنث و الكافر ليس من أهل الكفارة .
و لأبي حنيفة عموم قوله تعالى : { للذين يؤلون من نسائهم } من غير تخصيص المسلم و لأن الإيلاء بالله يمين يمنع القربان خوفا من هتك حرمة اسم الله عز و جل و الذمي يعتقد حرمة اسم الله تعالى و لهذا يستحلف على الدعاوي كالمسلم و يتعلق حل الذبيحة بتسميته كما يتعلق بتسمية المسلم فإنه إذا ذكر اسم الله عليها أكلت و إن ترك التسمية لم تؤكل فيصح إيلاؤه كما يصح إيلاء المسلم و إذا صح إيلاؤه بالله تعالى تثبت أحكام الإيلاء في حقه كما تثبت في حق المسلم إلا أنه لا يظهر في حق حكم الحنث و هو الكفارة لأن الكفارة عبادة و هو ليس من أهل العبادة فيظهر في حق حكم البر و هو الطلاق لأنه من أهله و لو آلى مسلم أو ظاهر من امرأته ثم ارتد عن الإسلام و لحق بدار الحرب ثم رجع مسلما و تزوجها فهو مول و مظاهر في قول أبي حنيفة .
و قال أبو يوسف : يسقط عنه الإيلاء و الظهار .
وجه قوله : أن الكفر يمنع صحة الإيلاء و الظهار ابتداء فيمنع بقاءهما على الصحة لأن حكم الإيلاء وجوب الكفارة على تقدير الحنث و حكم الظهار حرمة مؤقتة إلى غاية التكفير و الكافر ليس من أهل وجوب الكفارة .
و لأبي حنيفة أن الكفر لما لم يمنع انعقاد الإيلاء لما بينا فلأن لا يمنع بقاءه أولى لأن البقاء أسهل و لأن الإيلاء قد انعقد لوجوده من المسلم و العارض هو الردة و أثرها في زوال ملك النكاح و زوال الملك لا يوجب بطلان اليمين فتبقى اليمين فإذا عاد يعود حكم الإيلاء و لأن كل عارض على أصل يلتحق بالعدم من الأصل إذا ارتفع و يجعل كأن لم يكن و لأن الإيلاء انعقد بيقين و العارض و هو الردة يحتمل الزوال و التصرف الشرعي إذا انعقد بيقين لاحتمال الفائدة في البقاء و احتمال الفائدة ههنا ثابت لأن رجاء الإسلام قائم و الظهار قد انعقد موجبا حكمه و هو الحرمة المؤقتة لصدوره من المسلم و بالردة زالت صفة الحكم و بقي الأصل و هو الحرمة إذالكافر من أهل ثبوت الحرمة و بقائها في حقه لأن حكم وجوب الامتناع و هو قادر على الامتناع بخلاف القربة و لهذا خوطب بالحرمات دون القربات و الطاعات على ما عرف في أصول الفقه و الله الموفق