وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

شرائط الكراهة .
أما شرائط الكراهة فمنها : صغر أحدهما و هو أن يكون أحدهما صغيرا أو يكونا صغيرين فإن كانا كبيرين لا يكره التفريق بينهما لما روي عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ لا يجتمع عليهم السبي و التفريق حتى يبلغ الغلام و تحيض الجارية ] .
مد عليه الصلاة و السلام النهي عن التفريق إلى غاية البلوغ فدل على اختصاص الكراهة بحالة الصغر و زوالها بعد البلوغ و لأن الكراهة معلولة بالإضرار بزوال الاستئناس و الشفقة و ترك الرحم وكل ذلك يختص بحالة الصغر .
و منها : الرحم و هو القرابة فإن كانا أجنبيين لم يكره التفريق بينهما .
و منها : المحرمية و هو أن يكونا ذوي رحم محرم بأن كان بينهما قرابة محرمة للنكاح فلا يكره التفريق بين ابني العم و نحو ذلك لأن القربة المحرمة للنكاح محرمة القطع مفترضة الوصل فكانت منشأ الشفقة و الإنس بخلاف سائر القرابات و كذا المحرمية بدون الرحم لا تحرم التفريق كحرمة الرضاع و المصاهرة لانعدام معنى الشفقة و الإنس لعدم دليلهما و هو القرابة .
و منها : أن يكون مالكهما واحد بأي سبب ملكهما بشراء أو هبة أو ميراث أو صدقة أو وصية حتى لو كان أحدهما في ملكه و الآخر في ملك ولده الصغير فلا بأس أن يبيع أحدهما دون الآخر و كذا لو كان له ولدان صغيران أحد المملوكين في ملك أحدهما و الآخر في ملك الآخر لا بأس للأب أن يبيع أحدهما لأن الكراهة في التفريق أن يكونا في ملك واحد و إن لم يجمعهما ملك مالك واحد لا يقع البيع تفريقا لأنهما كانا متفرقين قبل البيع و كذا إذا كان أحدهما في ملكه و الآخر في ملك مكاتبه لأنهما لم يجتمعا في ملك شخص واحد لأن المكاتب فيما يرجع إلى الكسب ملحق بالأحرار فاختلف المالك .
و إن كان أحدهما في ملكه و الآخر في ملك عبده المأذون فإن كان عليه دين مستغرق فلا بأس للمولى أن يبيع العبد الذي عنده .
فأما على أصل أبي حنيفة فظاهر لأن المولى لا يملك كسب المأذون المديون فلم يوجد بالاجتماع في ملك مالك واحد و عندهما و إن كان يملكه لكنه ملك تعلق به حق الغرماء فكان كالأجنبي عنه فلم يوجد الاجتماع معنى و إن لم يكن عليه دين يكره للمولى أن يبيع أحدهما لوجود الاجتماع في ملك شخص واحد و لو كان أحدهما في ملكه و الآخر في ملك مضاربه فلا بأس بالتفريق لأن مال المضارب و إن لم يكن ملك المضارب لكن له حق قوي فيه حتى جاز بيع المضارب من رب المال و بيع رب المال من المضارب استحسانا فكان رب المال بمنزلة الأجنبي فلم يوجد الاجتماع في ملك رجل واحد .
و على هذا يخرج ما إذا باع جارية كبيرة على أنه بالخيار فيها ثلاثة أيام ثم ملك ولدها الصغير في مدة الخيار إنه يكره إيجاب البيع في الجارية بالإجازة أو بالترك حتى تمضي المدة بل يفسخ البيع حتى لا يحصل التفريق لأن خيار البائع يمنع زوال السلعة عن ملكه فكانت الجارية على ملكه فإذا ملك ولدها الصغير فقد اجتمعا في ملك شخص واحد فكانت الإجازة تفريقا فيكره و لو باع الجارية على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام ثم ملك البائع ولدها الصغير في المدة فلا بأس للمشتري أن يجيز البيع أو يفسخ لأن الجارية خرجت عن ملك البائع بلا خلاف لأن خيار المشتري لا يمنع خروج السلعة عن ملك البائع بلا خلاف بين أصحابنا و إنما الخلاف في دخولها في ملك المشتري فلم يجتمع المملوكان في ملك شخص واحد فلم تكن الإجازة تفريقا .
و لو كان الخيار للمشتري و لها ابن عند المشتري لا تكره الإجازة بلا إشكال لأن الإجازة لا تكون تفريقا بل تكون جمعا .
و أما الفسخ فكذلك لا يكره أيضا .
أما على أصل أبي حنيفة C : فلا يشكل أيضا لأن الجارية لم تدخل في ملك المشتري لأن خيار المشتري يمنع دخول السلعة في ملكه على أصله فلم يقع الفسخ تفريقا لانعدام الاجتماع في ملكه .
و أما عندهما : فالجارية و إن دخلت في ملكه لكن الفسخ حقه فالإجبار على الإجازة إبطال لحقه و هذا لا يجوز فكان له أن يفسخ و الله أعلم .
و منها : أن يملكها على الكمال فإن ملك من كل واحد منهما شقصا منه لم يكره أن يبيع نصيبه من أحدهما دون الآخر لأن البيع ههنا لا يقع تفريقا مطلقا لحصول التفريق قبله من وجه فلا يدخل تحت النهي عن التفريق على الإطلاق .
و منها : أن يكون كل واحد منهما محلا للبيع فإن خرج أحدهما عن محلية البيع بالتدبير أو الاستيلاد فلا بأس من بيع الآخر و إن كان فيه تفريق لأنه عليه بيعهما جميعا فلو منع عن بيع الآخر لتضرر به المالك و كراهة التفريق شرعا لدفع ضرر زائد فلا يجوز دفعه بإلحاق ضرر فوقه بالمالك .
و منها : أن لا يتعلق بأحدهما حق فإن تعلق بأن لحق أحدهما دين بأن استهلك مال إنسان أو جنى جناية على بني آدم أو اشتراهما رجل فوجد بأحدهما عيبا لم يكره التفريق بل يباع بالدين و يدفع بالجناية و يرد بالعيب لأن في المنع من التفريق دفع ضرر زائد بضرر أقوى منه و هو إبطال الحق و هذا لا يجوز .
و روي عن أبي حنيفة C : إنه إذا جنى أحدهما يستحب للمالك أن يفدي لما فيه من مراعاة الحقين و دفع الضرر من الجانبين و أنه حسن عقلا و شرعا .
و روي عن أبي يوسف أنه إذا اشتراهما رجل فوجد بأحدهما عيبا يردهما جميعا أو يمسكهما و ليس له أن يرد المعيب خاصة لأن رده خاصة تفريق و إنه إضرار فصار كما إذا اشترى مصراعي باب أو زوجي خف أو نعل ثم وجد بأحدهما عيبا إنه ليس له أن يرد المعيب خاصة لكونه إضرارا بالبائع خاصة كذا هذا .
و منها : أن يكون مالكهما مسلما فإن كان كافرا لا يكره التفريق و سواء كان المالك حرا أو مكاتبا أو مأذونا عليه دين أو لا دين عليه صغيرا أو كبيرا و سواء كان المملوكان مسلمين أو كافرين .
أو أحدهما مسلما و الآخر كافرا لأن ما ذكرنا من الدلائل الموجبة لكراهة التفريق من النصوص و المعقول لا يوجب الفصل .
و لو دخل حربي دار الإسلام بأمان و معه عبدان صغيران أو أحدهما صغير و الآخر كبير و هما ذوا رحم محرم أو اشتراهما في دار الإسلام من صاحبه الذي دخل معه بأمان فأراد أن يبيع أحدهما فلا بأس للمسلم أن يشتريه و لو اشتراهما من مسلم في دار الإسلام أو ذمي أو حربي دخل بأمان من ولاية أخرى لا من ولايته يكره للمسلم أن يشتري أحدهما .
و وجه الفرق : أن الضرورة دفعت الكراهة في الفصل الأول لأنه لو لم يشتري لأدخلهما في دار الحرب فيصير عونا لهم على المسلمين و هذه الضرورة تنعدم في هذا الفصل لأنه يجبر على بيعهما و لا يمكن من إلحاقهما بدار الحرب فلم تتحقق الضرورة .
و منها : أن لا يرضيا بالتفريق فإن رضيا لا يكره بأن كان الصبي مراهقا و رضي بالبيع و رضيت أمه فبيع برضاهما لأن كراهة التفريق لمكان الضرر فإذا رضيا به علم أنه لا ضرر فلا يكره و الله سبحانه و تعالى أعلم .
هذا إذا اجتمع مع الصغير في ملك شخص واحد قريب واحد هو ذو رحم محرم منه فأما إذا كان معه عدد من الأقارب كل واحد ذو رحم محرم من الصغير فلا يخلو إما إن كانا أبوين أو غيرهما من ذوي الأرحام فإن كانا أبوين يكره التفريق بينه و بين أحدهما بلا خلاف و إن كانا ممن سواهما من ذوي الرحم المحرم فأما إن كان أحدهما أقرب من الصغير و الآخر أبعد منه و إما إن كانا في القرب منه على السواء فإن كان أحدهما أقرب لا بأس بالتفريق بين الصغير و بين الأبعد منهما لأن شفقة الأقرب تغني عن شفقة الأبعد فلم يكن التفريق إضرارا بالصغير سواء اتفقت قرابة الكبيرين كالأب مع الجد و الأم مع الجدة أو الخالة أو الخال أو اختلفت كالأم مع العمة أو العم .
و روي عن أبي يوسف : أنه يكره التفريق بينه و بين أحدهما كيف ما كان لأن كل واحد منهما له شفقة على الصغير و تزول بالتفريق و إن كان الكبيران في القرب من الصغير شرعا سواء ينظر إن اتفقت جهة قرابتهما كالعمتين و الخالتين و الأخوين لأب و أم أو لأب أو لأم فالقياس أن يكره التفريق بين الصغير و بين أحدهما و كذا روي عن أبي يوسف و في الاستحسان لا يكره إذا بقي مع الصغير قريب واحد لأن لكل واحد منهما شفقة على حدة على الصغير فلا تقوم شفقة أحدهما مقام الآخر و كذا قد يختص أحدهما بزيادة شفقة ليست في الآخر فكان التفريق إضرارا بتفويت شفقته من حيث الأصل أو من حيث القدر فيكره .
وجه الاستحسان : أن كراهة التفريق للإضرار بالصغير بتفويت النظر و عند اتحاد جهة القرابة و التساوي في القرب من الصغير كان معنى النظر حاصلا ببقاء أحدهما بخلاف ما إذا اختلفت الجهة لأن عند اختلاف جهة القرابة تختلف الشفقة فيحصل من كل واحد منهما ما لا يحصل بالآخر فكان التفريق إضرارا و كذلك لو ملك ستة أخوة أو ستة أخوات ثلاثة منهم كبار و ثلاثة منهم صغار لا بأس ببيع كل صغير كع كل كبير لما قلنا .
و لو كان مع الصغير أبوان حكما بأن ادعياه حتى ثبت نسبه منهما ثم اجتمعوا في ملك شخص واحد فالقياس أن لا يكره بيع أحدهما لاتحاد جهة القرابة و هي قرابة الأبوة كالعمين و الخالين و نحو ذلك .
و في الاستحسان : يكره لأن أباه أحدهما حقيقة فكان الثابت قرابة أحدهما حقيقة إلا أنا حكمنا بثبات نسبه منهما لاستوائهما في الدعوة و لكن الأب في الحقيقة أحدهما فلو باع أحدهما لا حتمل أنه باع الأب فيتحقق التفريق بخلاف ما إذا كان للصغير أب و أم حيث يكره بيع أحدهما لأن قرابة كل واحد منهما متحققة فكان البيع تفريقا بين الصغير و بين أحد أبويه بيقين فيكره .
و إن اختلفت جهة قرابة الكبيرين كالعمة مع الخالة و العم مع الخال و الأخ مع الأخ لأم و ما أشبه ذلك يكره التفريق لأن من يدلي بقرابة الأب إلى الصغير يقوم مقام الأب و الذي يدلي إليه بقرابة الأم يقوم مقام الأم فصار كما لو كان مع الصغير أبا و أما .
و لو كان كذلك يكره التفريق كذا هذا امرأة سبيت و في حجرها بنت صغيرة وقعتا في سهم رجل واحد و المرأة تزعم أنها بنتها يكره التفريق بينهما و إن كان لا يثبت نسبها بمجرد دعواها في سائر الأحكام لأن الأخبار في كراهة التفريق وردت في حق السبايا و لا يظهر كون الصغير ولد المسبية إلا بقولها فيدل على قبول قولها في حق كراهة التفريق و لأن هذا من باب الديانة و قول المرأة الواحدة في الديانات مقبول خصوصا فيما يسلك فيه طريق الاحتياط .
و لو كبرت الصغيرة في يد السابي و قد كان وطىء الكبيرة و لم يعلم من المرأة المسبية إرضاع الصغيرة لا ينبغي له أن يقرب البنت و إن لم يثبت نسبها منها لدعوتها لاحتمال أنها بنتها من النسب أو الرضاع فلا يقربها احتياطا و لكن لا يمنع من قربانها في الحكم لأن قول المرأة الواحدة في حقوق العباد غير مقبول و إن لم تكن الصغيرة في حجرها وقت السبي فلا بأس بالتفريق و الجمع بينهما في الوطء لأنه إذا لم تكن في حجرها عند السبي فلا دليل على كونها ولدا لها في حق الحكم فلا يقبل قولها أصلا .
و لو ادعى رجل من السبايا صغيرا أو صغيرة أنه ولده قبل قوله و يثبت نسبه منه سواء كان قبل الإحراز بدار الإسلام أو بعده بعد أن يكون قبل القسمة أو قبل الدخول في ملك خاص بالبيع و غيره لأن دعوى الرجل صحيحة ألا ترى أنه يثبت نسبه منه فيظهر في حق كراهة التفريق سواء كان الولد وقت السبي في يده أو لم يكن بخلاف دعوة المرأة .
و كذلك لو ادعت المرأة أن الولد معها من هذا الرجل و هو زوجها و صدقها تثبت بينهما الزوجية بتصادقهما و يثبت نسب الولد منهما و يكره التفريق بين الصغير و بين أحدهما لأنه ولدهما بإقرارهما .
و لو ادعى واحد من الغانمين ولدا صغيرا من السبي أنه ولده قبل القسمة أو البيع صحت دعوته و يكون ولده ثم ينظر إن كان معه علامة الإسلام كان مسلما و لا يسترق و إن لم يكن معه علامة الإسلام يثبت نسبه من المدعي و لكنه يسترق لأن دعوته و إن صحت في حق ثبات النسب و استندت إلى وقت العلوق لكنها لم تصح و لم تستند في حق الاسترقاق لأن فيه إبطال حق الغانمي فلا يصدق في إبطال حق الغير .
و يجوز أن يصدق الإنسان في إقراره في حق نفسه و لا يصدق في حق غيره إذا تضمن إبطال حق الغير كمن أقر بحرية عبد إنسان ثم اشتراه صح الشراء و عتق عليه .
و كذا لو اشتراه ثم أقر بحريته صح إقراره في حقه حتى يعتق عليه و لا يصح في حقه بائعه حتى لم يكن له أن يرجع بالثمن على بائعه و لهذا نظائر و الله عز و جل أعلم