وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

شرائط وجوب الإحداد .
و أما الثالث : في شرائط وجوبه فهي أن تكون المعتدة بالغة عاقلة مسلمة من نكاح صحيح سواء كانت متوفى عنها زوجها أو مطلقة ثلاثا أو بائنا فلا يجب على الصغيرة و المجنونة الكبيرة و الكتابية و المعتدة من نكاح فاسد و المطلقة طلاقا رجعيا و هذا عندنا و قال الشافعي يجب على الصغيرة و الكتابية .
وجه قوله : أن الحداد من أحكام العدة و قد لزمتها العدة فيلزمها حكمها .
و لنا : أن الحداد عبادة بدنية فلا تجب على الصغيرة و الكافرة كسائر العبادات البدنية من الصوم و الصلاة و غيرهما بخلاف العدة فإنها اسم لمضي زمان و ذا لا يختلف بالإسلام و الكفر و الصغر و الكبر على أن بعض أصحابنا قالوا : لا تجب عليهما العدة و إنما يجب علينا أن لا نتزوجهما و لا إحداد على أم الولد إذا أعتقها مولاها أو مات عنها لأنها تعتد من الوطء كالمنكوحة نكاحا فاسدا و لا إحداد على المعتدة من نكاح فاسد فكذا عليها و لا إحداد على المطلقة طلاقا رجعيا لأنه يجب إظهارا للمصيبة على فوت نعمة النكاح و النكاح بعد الطلاق الرجعي غير فائت بل هو قائم من كل وجه فلا يجب الحداد بل يستحب لها أن تتزين لتحسن في عين الزوج فيراجعها و لا إحداد في النكاح الفاسد لأن النكاح الفاسد ليس بنعمة في الدين لأنه معصية و من المحال إيجاب إظهار المصيبة على فوات المعصية بل الواجب إظهار السرور و الفرح على فواتها .
و أما الحرية فليست بشرط لوجوب الإحداد فيجب على الأمة و المدبرة و أم الولد إذا كان لها زوج فمات عنها أو طلقها و المكاتبة و المستسعاة لأن ما وجب له الحداد لا يختلف بالرق و الحرية فكانت الأمة فيه كالحرة و الله تعالى أعلم .
و منها : وجوب النفقة و السكنى و هو مؤنة السكنى لبعض المعتدات دون بعض و جملة الكلام أن المعتدة إما إن كانت عن طلاق أو عن فرقة بغير طلاق و إما إن كانت عن وفاة و لا يخلو من أن تكون معتدة من نكاح صحيح أو فاسد أو ما هو في معنى النكاح الفاسد فإن كانت معتدة من نكاح صحيح عن طلاق فإن كان الطلاق رجعيا فلها النفقة و السكنى بلا خلاف لأن ملك النكاح قائم فكان الحال بعد الطلاق كالحال قبله و لما نذكر من دلائل أخر و إن كان الطلاق ثلاثا أو بائنا فلها النفقة و السكنى و إن كانت حاملا بالإجماع لقوله تعالى : { و إن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } و إن كانت حائلا فلها النفقة و السكنى عند أصحابنا .
و قال الشافعي : لها السكنى و لا نفقة لها و قال ابن أبي ليلى : لا نفقة لها و لا سكنى و احتجا بقوله تعالى : { و إن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } خص الحامل بالأمر بالإنفاق عليها فلو وجب الإنفاق على غير الحامل لبطل التخصيص .
و روي [ عن فاطمة بنت قيس أنها قالت : طلقني زوجي ثلاثا فلم يجعل لي النبي صلى الله عليه و سلم نفقة و لا سكنى ] و لأن النفقة تجب بالملك و قد زال الملك بالثلاث و البائن إلا أن الشافعي يقول : عرفت وجوب السكنى في الحامل بالنص بخلاف البائن .
و لنا : قوله تعالى : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } و في قراءة عبد الله بن مسعود Bه ( أسكنوهن من حيث سكنتم و أنفقوا عليهن من وجدكم ) و لا اختلاف بين القراءتين لكن إحداهما تفسير الأخرى كقوله عز و جل : { و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما } و قراءة ابن مسعود Bه أيمانهما و ليس ذلك اختلاف القراءة بل قراءته تفسير القراءة الظاهرة كذا هذا و لأن الأمر بالإسكان أمر بالإنفاق لأنها إذا كانت محبوسة ممنوعة عن الخروج لا تقدر على اكتساب النفقة فلو لم تكن نفقتها على الزوج و لا مال لها لهلكت أو ضاق الأمر عليها و عسر و هذا لا يجوز و قوله تعالى : { لينفق ذو سعة من سعته و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله } من غير فصل بين ما قبل الطلاق و بعده في العدة و لأن النفقة إنما وجبت قبل الطلاق لكونها محبوسة عن الخروج و البروز لحق الزوج و قد بقي ذلك الاحتباس بعد الطلاق في حالة العدة و تأبد بانضمام حق الشرع إليه لأن الحبس قبل الطلاق كان حقا للزوج على الخلوص و بعد الطلاق تعلق به حق الشرع حتى لا يباح لها الخروج و إن أذن الزوج لها بالخروج فلما وجبت به النفقة قبل التأكد فلأن تجب بعد التأكد أولى .
و أما الآية ففيها أمر بالإنفاق على غير الحامل و لا يوجبه أيضا فيكون مسكوتا موقوفا على قيام الدليل و قد قام دليل الوجوب و هو ما ذكرنا .
و أما حديث فاطمة بنت قيس فقد رده عمر Bه فإنه روي ( أنها لما رأت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يجعل لها سكنى و لا نفقة قال عمر Bه : لا ندع كتاب ربنا و لا سنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت و في بعض الروايات قال : لا ندع كتاب ربنا و لا سنة نبينا و نأخذ بقول امرأة لعلها نسيت أو شبه لها سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول [ لها السكنى و النفقة ] .
و قول عمر Bه لا ندع كتاب ربنا يحتمل أنه أراد به قوله عز و جل : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } كما هو قراءة ابن مسعود Bه و يكون هذا قراءة عمر أيضا و يحتمل أنه أراد قوله عز و جل : { لينفق ذو سعة من سعته و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله } مطلقا و يحتمل أنه أراد بقوله لا ندع كتاب ربنا في السكنى خاصة و هو قوله عز و جل : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } كما هو القراءة الظاهرة و أراد بقوله Bه سنة نبينا ما روي عنه Bه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لها النفقة و السكنى .
و يحتمل أن يكون عند عمر Bه في هذا تلاوة رفعت عينها و بقي حكمها فأراد بقوله لا ندع كتاب ربنا تلك الآية كما روي عنه أنه قال في باب الزنا : ( كنا نتلو في سورة الأحزاب الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالا من الله و الله عزيز حكيم ) ثم رفعت التلاوة و بقي حكمها كذا ههنا .
و روي أن زوجها أسامة بن زيد كان إذا سمعها تتحدث بذلك حصبها بكل شيء في يده .
و روي عن عائشة Bها أنها قالت : لقد فتنت الناس بهذا الحديث و أقل أحوال إنكار الصحابة على راوي الحديث أن يوجب / طعنا فيه ثم قد قيل في تأويله إنها كانت تبدو على إحمائها أي تفحش عليها باللسان من قولهم بدوت على فلان أي فحشت عليه أي كانت تطيل لسانها عليهم بالفحش فنقلها رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى بيت ابن مكتوم و لم يجعل لها نفقة و لا سكنى لأنها صارت كالناشزة إذا كان سبب الخروج منها و هكذا نقول فيمن خرجت من بيت زوجها في عدتها أو كان منها سبب أوجب الخروج أنها لا تستحق النفقة ما دامت في بيت غير الزوج و قيل إن زوجها كان غائبا فلم يقض لها بالنفقة و السكنى على الزوج لغيبته إذ لا يجوز القضاء على الغائب من غير أن يكون عنه خصم حاضر .
فإن قيل : روي أن زوجها خرج إلى الشام و قد كان وكل أخاه فالجواب أنه إنما وكله بطلاقها و لم يوكله بالخصومة .
و قولهما : إن النفقة تجب لها بمقابلة الملك ممنوع فإن للملك ضمانا آخر و هو المهر على ما نذكر إن شاء الله تعالى و إنما تجب بالاحتباس و قد بقي بعد الطلاق الثلاث و البائن فتبقى النفقة و سواء كانت المعتدة عن طلاق كبيرة أو صغيرة مسلمة أو كتابية لأن ما ذكرنا من الدلائل لا يوجب الفصل و لا نفقة و لا سكنى للأمة المعتدة عن طلاق إذ لم يبوئها المولى بيتا لأنه إذا لم يبوئها المولى بيتا فحق الحبس لم يثبت للزوج .
ألا ترى أن لها أن تخرج فإن كان المولى قد بوأها بيتا فلها السكنى و النفقة لثبوت حق الحبس للزوج و كذلك المدبرة و أم الولد إذا طلقهما و بوأها المولى بيتا أو لم يبوئهما لأن كل واحدة منهما أمة و كذا المكاتبة و المستسعاة على أصل أبي حنيفة و إن أعتقت أم الولد أو مات عنها مولاها فلا نفقة لها و لا سكنى لأنها غير محبوسة .
ألا ترى أن لها أن تخرج فلا تجب لها النفقة و السكنى كالمعتدة من نكاح فاسد لأن عدتها كعدة المنكوحة نكاحا فاسدا هذا إذا كانت معتدة عن طلاق من نكاح صحيح فإن كانت معتدة من نكاح فاسد فلا سكنى لها و لا نفقة لما ذكرنا أن حال العدة معتبرة بحال النكاح و لا سكنى و لا نفقة في النكاح الفاسد فكذا في العدة منه هذا إذا كانت معتدة عن طلاق فإن كانت معتدة عن فرقة بغير طلاق من نكاح صحيح فإن كانت الفرقة من قبله فلها النفقة و السكنى كيفما كانت الفرقة و إن كانت من قبلها فإن كانت بسبب ليس بمعصية كالأمة إذا أعتقت فاختارت نفسها و امرأة العنين إذا اختارت الفرقة فلها السكنى و النفقة و إن كانت بسبب هو معصية كالمسلمة قبلت ابن زوجها بشهوة قالوا لا نفقة لها و لها السكنى لأن السكنى فيها حق الله تعالى و هي مسلمة مخاطبة بحقوق الله تعالى .
و أما النفقة فتجب حقا لها على الخلوص فإذا وقعت الفرقة من قبلها بغير حق فقد أبطلت حق نفسها بخلاف المعتقة و امرأة العنين لأن الفرقة وقعت من قبلهما بحق فلا تسقط النفقة .
هذا إذا كانت معتدة عن طلاق أو عن فرقة بغير طلاق فإن كانت معتدة عن وفاة فلا سكنى لها و لا نفقة في مال الزوج سواء كانت حائلا أو حاملا فإن النفقة في باب النكاح لا تجب بعقد النكاح دفعة واحدة كالمهر و إنما تجب شيئا فشيئا على حسب مرور الزمان فإذا مات الزوج انتقل ملك أمواله إلى الورثة فلا يجوز أن تجب النفقة و السكنى في مال الورثة و سواء كانت حرة أو أمة و كبيرة أو صغيرة مسلمة أو كتابية لأن الحرة المسلمة الكبيرة لما لم تستحق النفقة و السكنى في عدة الوفاة فهؤلاء أولى و كذا المعتدة من نكاح فاسد في الوفاة لا سكنى لها و لا نفقة لأنهما لا يستحقان بالنكاح الصحيح في هذه العدة فبالنكاح الفاسد أولى و الله أعلم .
و منها : ثبوت النسب إذا جاءت بولد و الكلام في هذا الموضع في موضعين في الأصل أحدهما : في بيان ما يثبت فيه نسب ولد المعتدة من المدة و الثاني : في بيان ما يثبت به نسبة من الحجة أي يظهر به .
أما الأول : فالأصل فيه أقل مدة الحمل ستة أشهر لقوله عز و جل : { و حمله و فصاله ثلاثون شهرا } جعل الله تعالى ثلاثين شهرا مدة الحمل و الفصال جميعا ثم جعل سبحانه و تعالى الفصال و هو الفطام في عامين بقوله و فصاله في عامين فيبقى للحمل ستة أشهر و هذا الاستدلال منقول عن ابن عباس Bهما فإنه روي أن رجلا تزوج امرأة فجاءت بولد لستة أشهر فهم عثمان Bه برجمها فقال ابن عباس Bهما : أما إنه لو خاصمتكم بكتاب الله لخصمتكم قال الله تعالى : { و حمله و فصاله ثلاثون شهرا } و قال الله تعالى : { و فصاله في عامين } أشار إلى ما ذكرنا فدل أن أقل مدة الحمل ستة أشهر و أكثرها سنتان عندنا و عند الشافعي أربع سنين و هو محجوج بحديث عائشة Bها أنها قالت : ( لا يبقى الولد في رحم أمه أكثر من سنتين و لو بفلكه مغزل ) و الظاهر أنها قالت ذلك سماعا من رسول الله صلى الله عليها و سلم لأن هذا باب لا يدرك بالرأي و الاجتهاد و لا يظن بها أنها قالت ذلك جزافا و تخمينا فتعين السماع .
و أصل آخر أن كل مطلقة لم تلزمها العدة بأن لم تكن مدخولا بها فنسب ولدها لا يثبت من الزوج إلا إذا علم يقينا أنه منه و هو أن تجيء به لأقل من ستة أشهر و كل مطلقة عليها العدة فنسب ولدها يثبت من الزوج إلا إذا علم يقينا أنه ليس منه و هو أن تجيء به لأكثر من سنتين و إنما كان كذلك لأن الطلاق قبل الدخول يوجب انقطاع النكاح بجميع علائقه فكان النكاح من كل وجه زائلا بيقين و ما زال بيقين لا يثبت إلا بيقين مثله فإذا جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم الطلاق فقد تيقنا أن العلوق وجد في حال الفراش و أنه وطئها و هي حامل منه إذ لا يحتمل أن يكون بوطء بعد الطلاق لأن المرأة لا تلد لأقل من ستة أشهر فكان من وطء وجد على فراش الزوج و كون العلوق في فراشه يوجب ثبوت النسب منه فإذا جاءت بولد لستة أشهر فصاعدا لم يستيقن بكونه مولودا على الفراش لاحتمال أن يكون بوطء بعد الطلاق و الفراش كان زائلا بيقين فلا يثبت مع الشك .
و على هذا يخرج ما إذا طلق امرأته قبل الدخول بها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر مذ طلقها أنه يلزمه ليقيننا بعلوقه حال قيام النكاح و إذا جاءت به لستة أشهر أو أكثر لا يلزمه لعدم التيقن بذلك و يستوي في هذا الحكم ذوات الأقراء و ذوات الأشهر لما قلنا .
و على هذا يخرج ما إذا قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة فطلقت فجاءت بولد إنها إن جاءت به لستة أشهر من وقت النكاح يثبت النسب لأنها إذا جاءت به لستة أشهر من وقت النكاح كان لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق لأن الطلاق يقع عقيب النكاح لأن الحالف أوقعه كذلك ألا ترى أنه قال : فهي طالق و الفاء للتعقيب بلا تراخي و قال زفر : لا يثبت النسب و روي أن محمدا كان يقول مثل قوله ثم رجع .
وجه قول زفر أن إثبات النسب بعقد إمكان بوطء و لم يوجد إذ ليس بين النكاح و الطلاق زمان يسع فيه الوطء بل كما وجد النكاح وقع الطلاق عقيبه بلا فصل فلا يتصور الوطء فلا يثبت النسب و إنا نقول يمكن تصوره بأن كان يخالط امرأة فدخل الرجال عليه فتزوجها و هم يسمعون كلامه و أنزل من ساعته و إذا تصور الوطء فالنكاح قائم مقام الوطء المنزل عند تصوره شرعا لقوله صلى الله عليه و سلم : [ الولد للفراش ] و إن جاءت لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح لايثبت النسب لأن علمنا يقينا أنه لوطء وجد قبل النكاح ثم إذا جاءت به لستة أشهر من وقت النكاح حتى يثبت النسب يجب على الزوج مهر كامل كذا ذكر في ظاهر الرواية لأنها صارت في حكم المدخول بها .
و ذكر أبو يوسف في الأمالي أن القياس أن يجب عليه مهر و نصف مهر نصف مهر بالطلاق قبل الدخول و مهر كامل بالدخول .
و وجهه أن يجعل الطلاق واقعا كما تزوج فيجب نصف مهر لوجود الطلاق قبل الدخول ثم يجعل واجبا بعد الدخول بناء على أن عنده أن الطلاق غير واقع لأنه يرى أن تعليق النكاح بالملك لا يصلح كما هو مذهب الشافعي فيجب المهر بهذا الوطء و يثبت النسب لأن المسألة مجتهد فيها فلا يكون فعله زنا إلا أن أبا حنيفة استحسن و قال : لا يجب إلا مهر واحد لأنها كالمدخول بها من طريق الحكم فيتأكد المهر و إن طلقها بعد الدخول بها فجاءت بولد فجملة الكلام في المعتدة أن يقال المعتدة لا يخلو إما إن كانت معتدة عن طلاق أو غيره من أسباب الفرقة و إما إن كانت معتدة من وفاة و كل واحدة منهما لا تخلو من أن تكون من ذوات الأقراء أو من ذوات الأشهر كانت أقرت بانقضاء العدة أو لم تقر فإن كانت معتدة عن طلاق فالطلاق لا يخلو إما أن يكون بائنا و إما أن يكون رجعيا فإن كان بائنا و هي من ذوات الأقراء و لم تكن أقرت بانقضاء العدة فجاءت بولد فإن جاءت به إلى سنتين عند الطلاق لزمه لأنه لا يحتمل أن يكون العلوق من وطء حادث بعد الطلاق و يحتمل أن يكون من وطء وجد في حال قيام النكاح و كانت حاملا وقت الطلاق لأن الولد يبقى في البطن إلى سنتين بالاتفاق .
و هذا أظهر الاحتمالين إذ الظاهر من حال المسلمة أن لا تتزوج في العدة و حمل أمور المسلمين على الصلاح و السداد واجب ما أمكن فيحمل عليه أو نقول النكاح كان قائما بيقين و الفراش كان ثابتا بيقين لقيام النكاح و الثابت بيقين لا يزول إلا بيقين مثله فإذا كان احتمال العلوق على الفراش قائما لم يستيقن بانقضاء العدة و زوال النكاح من كل وجه فلم نستيقن بزوال الفراش فلا نحكم بالزوال بالشك .
و إن جاءت به لأكثر من سنتين لم يلزمه إن أنكره لأن تيقنا أنه ليس منه لأن الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين فلا يثبت نسبه منه ما لم يدع فإذا ادعى ثبت النسب منه و هل يشترط تصديقها فيه روايتان .
و اختلف في انقضاء عدتها قال أبو حنيفة و محمد يحكم بانقضائها قبل الولادة بستة أشهر و ترد ما أخذت من نفقته هذه المدة و قال أبو يوسف انقضاء عدتها بوضع الحمل و لا ترد شيئا من النفقة .
وجه قوله : أنه يحتمل أنه وطئها أجنبي بشبهة و يحتمل أن الزوج وطئها بشبهة فلا ترد النفقة بالشك .
و لهما : أن الولد لا بد و أن يكون من وطء حادث بعد الطلاق لأن الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين فلا يجوز أن يحمل على أن الزوج وطئها لأنه حرام و لا على أن أجنبيا وطئها بشبهة لأن ذلك حرام أيضا و ظاهر حال المسلم التحرج عن الحرام فتعين الحمل على وطء حلال و هو الوطء في نكاح صحيح فيحمل على أن عدتها قد انقضت و تزوجت و أقل مدة الحمل ستة أشهر فوجب رد نفقة ستة أشهر لأنه تبين أنها لم تكن عليه و قد خرج الجواب عما ذكره أبو يوسف على أنا إن حملنا على أن أجنبيا وطئها لشبهة تسقط النفقة عن زوجها لأنهم قالوا في المنكوحة إذا تزوجت فحملت من غير زوجها إنه لا نفقة لها عليه و إن كانت أقرب بانقضاء العدة و ذلك في مدة تنقضي في مثلها العدة ثم جاءت بولد في سنتين فإذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم أقرت لزمه أيضا و إن جاءت بولد لستة أشهر فصاعدا من وقت الإقرار لم يلزمه لأن الأصل أن المعتدة مصدقة في الإخبار عن انقضاء عدتها إذ الشرع ائتمنها على ذلك فنصدق ما لم يظهر غلطها أو كذبها بيقين فإذا جاءت به لأقل من ستة أشهر فإقرارها بانقضاء العدة و هي معتدة يكون غلطا أو يكون كذبا إذ هو إخبار عن الخبر لا على من هو به و هذا حد الكذب فالتحق إقرارها بالعدم .
و إذا جاءت به لستة أشهر أو أكثر لم يظهر كذبها لاحتمال أنها تزوجت بعد إقرارها بانقضاء العدة فجاءت منه بولد فلم يكن ولد زنا لكن ليس له نسب معروف فلزم تصديقها في إخبارها بانقضاء عدتها على الأصل فلم يكن الولد من الزوج و هذا الذي ذكرنا مذهبنا و قال الشافعي : إذا أقرت ثم جاءت بولد لتمام ستة أشهر يثبت نسبه ما لم تتزوج .
وجه قوله : أن اقرارها بانقضاء عدتها يتضمن إبطال حق الصبي و هو تضييع نسبه لأن النسب يثبت حقا للصبي فلا يقبل .
و لنا : ما ذكرنا أن الشرع ائتمنها في الإخبار بانقضاء عدتها حيث نهاها عن كتمان ما في رحمها و النهي عن الكتمان أمر بالإظهار و إنه أمر بالقبول و قوله : يتضمن إبطال حق الصبي في النسب ممنوع فإن إبطال الحق بعد ثبوته يكون و النسب ههنا غير ثابت لما ذكرنا في الطلاق البائن .
و إن جاءت به لأكثر من سنتين لزم الزوج أيضا و صار مراجعا لها و إنما كان كذلك لأن العلوق حصل من وطء بعد الطلاق و يمكن حمله على الوطء الحلال و هو وطء الزوج لأن الطلاق الرجعي لا يحرمالوطء فيملك وطأها ما لم تقر بانقضاء العدة فوجب حمله عليه و متى حمل عليه صار مراجعا بالوطء فيثبت النسب و إن طال الزمان لجواز أن تكون ممتدة الطهر فوطئها في آخر الطهر فعلقت فصار مراجعا فإن قيل هلا حمل عليه فيما إذا جاءت به لأقل من سنتين ليصير مراجعا لها فالجواب أن هناك لا يمكن الحمل عليه لأنه لو حمل عليه للزم إثبات الرجعة بالشك لأن الأمر محتمل يحتمل أن يكون العلوق من وطء بعد الطلاق فيكون رجعة و يحتمل أن يكون من وطء قبله فلا يكون رجعة فلا تثبت الرجعة مع الشك .
أما ههنا فلا يحتمل أن يكون العلوق من وطء قبل الطلاق لأن الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين فتعين أن يكون من وطء بعد الطلاق و أمكن حمله على الوطء الحلال فيحمل عليه فيصير مراجعا بالوطء فافترقا و إن كانت أقرب بانقضاء العدة في مدة تنقضي في مثلها العدة فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ أقرت لزمه و إن جاءت به لستة أشهر أو أكثر من وقت الإقرار لا يلزمه لما ذكرنا في الطلاق البائن .
هذا إذا كانت المعتدة من طلاق من ذوات الإقراء فأما إذا كانت من ذوات الأشهر فإن كانت آيسة فجاءت بولد فإن كانت لم تقر بانقضاء العدة فحكمها حكم ذوات الإقراء و قد ذكرناه سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا فإنها إذا جاءت بولد إلى سنتين من وقت الطلاق يثبت نسبه من الزوج لأنها لما ولدت علم أنها ليست بآيسة بل هي من ذوات الإقراء و إن كانت أقرت بانقضاء عدتها فإن كانت أقرت به مفسرا بثلاثة أشهر فكذلك لأنه لما تبين أنها لم تكن آيسة تبين أن عدتها لم تكن بالأشهر فلم يصح إقرارها بانقضاء عدتها بالأشهر فالتحق إقرارها بالعدم فجعل كأنها لم تقر أصلا .
و إن كانت أقرت به مطلقا في مدة تصلح لثلاثة أقراء فإن ولدت لأقل من ستة أشهر منذ أقرت يثبت النسب و إلا فلا لأنه لما بطل اليأس بعذر حمل إقرارها على الأقراء بالانقضاء بالأشهر لبطلان الاعتداد بالأشهر فيحمل على الأقراء بالانقضاء بالأقراء حملا لكلام العاقلة المسلمة على الصحة عند الإمكان و إن كانت صغيرة فجاءت بولد فالأمر لا يخلو من ثلاثة أوجه إما إن كانت أقرت بانقضاء العدة بعد مضي ثلاثة أشهر و إما إن كانت لم تقر و لكنها أقرت إنها حامل في مدة العدة و هي الثلاثة الأشهر و إما إن سكتت و كل وجه على وجهين : إما الطلاق بائنا و إما إن كان رجعيا فإن كانت أقرت بانقضاء العدة عند مضي ثلاثة أشهر ثم جاءت بولد فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ أقرت ثبت النسب و إن جاءت به لستة أشهر أو أكثر لا يثبت لأن إقرار الصغيرة بانقضاء عدتها مقبول في الظاهر لأنها أعرف بعدتها من غيرها و لهذا لو أقرت بالبلوغ يقبل إقرارها غير أنها لما جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار فقد ظهر كذبها في إقرارها لأنه تبين أنها كانت معتدة وقت الإقرار فألحق إقرارها بالعدم .
و إذا جاءت به لستة أشهر فصاعدا لم يظهر كذبها في إقرارها لجواز أنها تزوجت بعد انقضاء عدتها و هذا الولد منه و الطلاق البائن و الرجعي في هذا الوجه سواء و إن لم تكن أقرت بانقضاء العدة و لكنها أقرت بالحمل في مدة العدة فإن كان الطلاق بائنا يثبت النسب إلى سنتين من وقت الطلاق و إن كان رجعيا يثبت إلى سبعة و عشرين شهرا لأنها لما أقرت بالحمل في مدة العدة فقد حكمنا ببلوغها فصار حكمها حكم البالغة فإذا جاءت بولد يثبت النسب إلى سنتين من وقت الطلاق .
و إن كان الطلاق بائنا لما مر أنه يحكم بالعلوق قبل الطلاق فإذا جاءت به لأكثر من سنتين لا يثبت لأنه يحمل على علوق حادث بعد الطلاق .
و إن كان الطلاق رجعيا يثبت النسب إلى سنتين و ثلاثة أشهر لأنه ظهر أن العلوق كان في العدة و عدتها ثلاثة أشهر و المعتدة من طلاق رجعي إذا علقت في العدة يصير الزوج مراجعا لها .
و إن جاءت به لأكثر من سبعة و عشرين شهرا لا يثبت النسب لأنه تبين أن العلوق كان بعد مضي الثلاثة الأشهر و لأن الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين فلا يصير مراجعا لها .
و إن لم يقر بشيء اختلف فيه قال أبو حنيفة و محمد سكوتها كإقرارها بانقضاء العدة أنها إن جاءت لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق يثبت النسب و إن جاءت به لستة أشهر أو أكثر لا يثبت سواء كان الطلاق بائنا أو رجعيا و قال أبو يوسف : سكوتها كإقرارها بالحمل أو دعوى الحمل أنه إن كان الطلاق بائنا يثبت النسب إلى سنتين و إن كان رجعيا يثبت إلى سبعة و عشرين شهرا .
وجه قوله : أن المراهقة يحتمل أن تكون عدتها بوضع الحمل لاحتمال أنها حبلت و لم تعلم بذلك فما لم تقر بانقضاء عدتها لا يحكم بالانقضاء كالمتوفى عنها زوجها و لهما أن عدة الصغيرة ذات جهة واحدة و هي ثلاثة أشهر على اعتبار الأصل إذا الأصل فيها عدم البلوغ فكان انقضاؤها بانقضاء ثلاثة أشهر كإقرارها بانقضاء عدتها و لو أقرت بانقضاء عدتها كان الجواب ما ذكرنا كذا هذا بخلاف المتوفى عنها زوجها أنه لا يحكم بانقضاء عدتها بمضي الشهور لأن عدتها ذات جهتين : يحتمل أن تكون بالشهور و يحتمل أن تكون بوضع الحمل فما لم تقر بانقضاء العدة لا يحكم بأحد الأمرين هذا الذي ذكرنا حكم المعتدة عن طلاق و كل جواب عرفته في المعتدة من طلاق فهو الجواب في المعتدة من غير طلاق من أسباب الفرقة .
و أما المتوفى عنها زوجها و هي مدخول بها فإن كانت من ذوات الأقراء فجاءت بولد فإن جاءت به ما بينها و بين سنتين و لم تكن أقرت بانقضاء العدة يثبت نسب ولدها من الزوج عند أصحابنا الثلاثة .
و قال زفر : إذا لم تدع الحمل في مدة العدة ثم جاءت به لعشرة أشهر و عشرة أيام لا يثبت النسب .
وجه قوله : أن عدة المتوفى عنها زوجها هي الأشهر عند عدم الحمل فإذا مضت أربعة أشهر و عشر يحكم بانقضاء عدتها فصار كأنها أقرت بانقضاء العدة ثم جاءت بولد بعد ذلك و هناك لو جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار يثبت النسب و إن جاءت به لستة أشهر فصاعدا لا يثبت هذا و لهذا كان الحكم في الصغيرة ما وصفنا كذا في الكبيرة .
و لنا : ما ذكرنا أن عدة المتوفى عنها زوجها ذات جهتين لجواز أن تكون حاملا و لا يعلم ذلك فلا تنقضي عدتها بالأشهر فما لم تقر بانقضاء عدتها لا يحكم بالانقضاء كالمعتدة من الطلاق و إن جاءت به لأكثر من سنتين لا يثبت لما مر في عدة الطلاق بخلاف الصغيرة فإن عدتها ذات جهة واحدة لأن الأصل فيها عدم الحبل لأن المحل لا يحتمل و إنما يصير محلا بالبلوغ و فيه شك فيبقى حكم الأصل فأما عدة الكبيرة فذات جهتين لما قررنا من الاحتمال و التردد فلا يحكم بالانقضاء بالأشهر مع الاحتمال و إن أقرت بانقضاء عدتها ثم أتت بولد فإن أتت به لأقل من ستة أشهر مذ أقرت يثبت النسب و إن جاءت به لتمام ستة أشهر فهو على الاختلاف الذي ذكرناه في عدة الطلاق أنه لا يثبت النسب عندنا .
و عند الشافعي : يثبت ما لم تتزوج و إن كانت من ذوات الأشهر فإن كانت آيسة أو صغيرة فحكمها في الفوات ما هو حكمها في الطلاق و قد ذكرناه هذا الذي ذكرناه كله في عدة الطلاق و غيره من الفراق و عدة الوفاة إذا جاءت المعتدة بولد قبل التزوج بزوج آخر فأما إذا تزوجت بزوج آخر ثم جاءت بولد فالأمر لا يخلو من أربعة أوجه : إما إن جاءت به لأقل من سنتين مذ طلقها الأول أو مات و لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني و إما إن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول أو مات و لستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها الثاني و إما أن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول أو مات و لستة أشهر فصاعدا مذ تزوجها الثاني فالولد للأول لأنه لا يحتمل أن يكون من الثاني إذ المرأة لا تلد لأقل من ستة أشهر و يحتمل أن يكون من الأول لأن الولد يبقى في بطن أمه إلى سنتين و في الحمل عليه حمل أمرها على الصلاح و أنه واجب ما أمكن .
و إن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول أو مات و لستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها الثاني فهو للثاني لأنه لا يحتمل أن يكون من الأول إذ الظاهر من حال العاقلة المسلمة أن لا تتزوج و هي معتدة الغير فصح نكاح الثاني فكان مولودا على فراش صحيح فيثبت نسبه منه .
و إن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول أو مات و لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني لم يكن للأول و لا الثاني لأن الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين و المرأة لا تلد لأقل من ستة أشهر .
و هل يجوز نكاح الثاني ؟ في قول أبي حنيفة و محمد : جائز و عند أبي يوسف : فاسد لأنه إذا لم يثبت النسب من الأول و لا من الثاني كان هذا الحمل من الزنا فيكون بمنزلة رجل تزوج امرأة و هي حامل من الزنا و ذلك على هذا الاختلاف على قول أبي حنيفة و محمد جاز نكاحها و لكن لا يقربها حتى تضع .
و على قول أبي يوسف : لا يجوز النكاح ما لم تضع حملها هذا إذا لم يعلم وقت التزوج أنها تزوجت في عدتها فإن علم ذلك وقع النكاح الثاني فاسدا فجاءت بولد فإن النسب يثبت من الأول إن أمكن إثباته منه بأن جاءت به لأقل من سنتين منذ طلقها الأول أو مات عنها و لستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها الثاني لأن النكاح الثاني فاسد و مهما أمكن إحالة النسب إلى الفراش الصحيح كان أولى و إن لم يمكن إثباته منه و أمكن إثباته من الثاني فالنسب يثبت من الثاني بأن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول أو مات و لستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها الثاني لأن النكاح الثاني و إن كان فاسدا لكن لما تعذر إثبات النسب من النكاح الصحيح فإثباته من النكاح الفاسد أولى من الحمل على الزنا و الله الموفق .
و إذا نعي إلى المرأة زوجها فاعتدت و تزوجت و ولدت ثم جاء زوجها الأول فهي امرأته لأنها كانت منكوحته و لم يعترض على النكاح شيء من أسباب الفرقة فبقيت على النكاح السابق و لكن لا يقربها حتى تنقضي عدتها من الثاني