وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

حكم الظهار .
فصل : و أما حكم الظهار فللظهار أحكام : .
منها : حرمة الوطء قبل التفكير لقوله عز و جل : { و الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا } أي فليحرروا كما في قوله سبحانه و تعالى : { و الوالدات يرضعن أولادهن } أي ايرضعن و قوله تعالى : { و المطلقات يتربصن بأنفسهن } أي ليتربصن أمر المظاهر بتحرير رقبة قبل المسيس فلو لم يحرم الوطء قبل المسيس لم يكن للأمر بتقديم التحرير قبل المسيس معنى و هو كفوله عز و جل : { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } و أنه يدل على حرمة النجوى قبل الصدقة إذ لو لم يحرم لم يكن للأمر بتقديم الصدقة على النجوى معنى فكذا هذا .
[ و روي أن مسلمة بن صخر البياضي ظاهر من امرأته ثم أبصرها في ليلة قمراء و عليها خلخال فضة فأعجبته فوطئها فسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : استغفر الله و لا تعد حتى تكفر أمره صلى الله عليه و سلم بالاستغفار ] و الاستغفار إنما يكون عن الذنب فدل على حرمة الوطء و كذا نهي المظاهر عن العود إلى الجماع و مطلق النهي للتحريم فيدل على حرمة الجماع قبل الكفارة .
و روي عن ابن عباس Bهما أنه قال : إذا قال : أنت علي كظهر أمي لم تحل له حتى يكفر .
و منها حرمة الاستمتاع بها من المباشرة و التقبيل و اللمس عن شهوة و النظر إلى فرجها عن شهوة قبل أن يكفر لقوله عز و جل : { من قبل أن يتماسا } و أخف ما يقع عليه اسم المس باليد إذ هو حقيقة لهما جميعا أعني الجماع و اللمس باليد لوجود معنى المس باليد فيهما و لأن الاستمتاع داع إلى الجماع فإذا حرم الجماع حرم الداعي إليه إذ لو لم يحرم لأدى إلى التناقض و لهذا حرم في الاستبراء و في الإحرام بخلاف باب الحيض و النفاس لأن الاستمتاع هناك لا يفضي إلى الجماع لوجود المانع و هو استعمال الأذى فامتنع عمل الداعي للتعارض فلا يفضي إلى الجماع و لأن هذه الحرمة إنما حصلت بتشبيه امرأته بأمه فكانت قبل انتهائها بالتفكير و حرمة الأم سواء و تلك الحرمة تمنع من الاستمتاع كذا هذه و لأن الظهار كان طلاق القوم في الجاهلية فنقله الشرع من تحريم المحل إلى تحريم الفعل فكانت حرمة الفعل بالمظاهر منها مع بقاء النكاح كحرمة الفعل في المطلقة بعد زوال النكاح و تلك الحرمة تم البدن كله كذا هذه و لا ينبغي للمرأة إذا ظاهر منها زوجها أن تدعه يقربها بالوطء و الاستمتاع حتى يكفر لأن ذلك حرام عليه و التمكين من الحرام حرام و منها : أن للمرأة أن تطالبه بالوطء و إذا طالبته به فعلى الحاكم أن يجبره حتى يكفر و يطأ لأنه بالتحريم بالظهار أضر بها حيث منعها حقها في الوطء مع قيام الملك فكان لها المطالبة بإيفاء حقها و دفع التضرر عنها و في وسعه إيفاء حقها بإزالة الحرمة بالكفارة فيجب عليه ذلك و يجبر عليه لو امتنع .
و يستوي في هذه الأحكام جميع أنواع الكفارات كلها من الإعتاق و الصيام و الطعام أعني كما أنه لا يباح له وطؤها و الاستمتاع بها قبل التحرير و الصوم لا يباح له قبل الإطعام و هذا قول عامة العلماء .
و قال مالك : إن كانت كفارته الإطعام جاز له أن يطأها قبله لأن الله تعالى ما شرط تقديم هذا النوع على المسيس في كتابه الكريم ألا ترى أنه لم يذكر فيه من قبل أن يتماسا و إنما شرط سبحانه و تعالى في النوعين الأولين فقط فيقتصر الشرط على الموضوع المذكور .
و لنا : أنه لو أبيح له الوطء قبل الإطعام فيطؤها و من الجائز أن يقدر على الإعتاق و الصيام في خلال الإطعام فتنتقل كفارته إليه فتبين أن وطأه كان حراما فيجب صيانته عن الحرام بإيجاب تقديم الإطعام احتياطا .
و على هذا يخرج ما إذا ظاهر الرجل من أربع نسوة له أن عليه أربع كفارات سواء ظاهر منهن بأقوال مختلفة أو بقول واحد .
و قال الشافعي : إذا ظاهر بكلمة واحدة فعليه كفارة واحدة .
وجه قوله : أن الظهار أحد نوعي التحريم فيعتبر بالنوع الآخر و هو الإيلاء و هناك لا يجب إلا كفارة واحدة بأن قال لنسائه الأربع : و الله لا أقربكن فقربهن فكذا ههنا .
و لنا : الفرق بين الظهار و بين الإيلاء و هو : أن الظهار و إن كان بكلمة واحدة فإنها تتناول كل واحدة منهن على حيالها / فصار مظاهرا من كل واحدة منهن و الظهار تحريم لا يرتفع إلا بالكفارة فإذا تعدد الحريم تتعدد الكفارة بخلاف الإيلاء لأن الكفارة ثمة تجب لحرمة اسم الله تعالى جبرا لهتكه و الاسم اسم واحد فلا تجب إلا كفارة واحدة و كذا إذا ظاهر من امرأة واحدة بأربعة أقوال يلزمه أربع كفارات لأنه أتى بأربع تحريمات و لو ظاهر من امرأة واحدة في مجلس واحد ثلاثا أو أربعا فإن لم يكن له نية فعلية لكل ظهار كفارة لأن كل ظهار يوجب تحريما لا يرتفع إلا بالكفارة .
فإن قيل إنها إذا حرمت بالظهار الأول فكيف تحرم بالثاني و أنه إثبات الثابت و أنه محال ثم هو غير مفيد فالجواب أن الثاني إن كان لا يفيد تحريما جديدا فإنه يفيد تأكد الأول فلئن تعذر إظهاره في التحريم أمكن إظهاره في التكفير فكان مفيدا فائدة التكفير و إن نوى به الظهار الأول فعليه كفارة واحدة لأن صيغته صيغة الخبر و قد يكرر الإنسان اللفظ على إرادة التغليظ و التشديد دون التجديد و الظهار لا يوجب نقصان العدد في الطلاق لأنه ليس بطلاق و لا يوجب البينونة و إن طالت المدة لأنه لا يوجب زوال الملك و إنما يحرم الوطء قبل التكفير مع قيام الملك .
و إن جامعها قبل أن يكفر لا يلزمه كفارة أخرى و إنما عليه التوبة و الاستغفار و لا يجوز له أن يعود حتى يكفر لما روينا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لذلك الرجل الذي ظاهر من امرأته فواقعها قبل أن يكفر : [ استغفر الله و لا تعد حتى تكفر ] فأمره صلى الله عليه و سلم بالاستغفار لما فعل لا بالكفارة و نهاه صلى الله عليه و سلم عن العود إليه إلا بتقديم الكفارة عليه و الله D أعلم