وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ما يرجع إلى المقذوف .
و أما الذي يرجع إلى المقذوف خاصة فشيئان : .
أحدهما : إنكارها وجود الزنا منها حتى لو أقرت بذلك لا يجب اللعان و يلزمها حد الزنا و هو الجلد و إن كانت غير محصنة و الرجم إن كانت محصنة لظهور زناها بإقرارها .
و الثاني : عفتها عن الزنا فإن لم تكن عفيفة لا يجب اللعان بقذفها كما لا يجب الحد في قذف الأجنبية إذا لم تكن عفيفة لأنه إذا لم تكن عفيفة فقد صدقته بفعلها فصار كما لو صدقته بقولها و لما نذكر في كتاب الحدود و نذكر تفسير العفة عن الزنا فيه إن شاء الله تعالى .
و على هذا قالوا في المرأة إذا وطئت بشبهة ثم قذفها زوجها : إن لا يجب عليه اللعان و لو قذفها أجنبي لا يجب عليه الحد لأنها وطئت وطأ حراما فذهبت عفتها ثم رجع أبو يوسف و قال يجب بقذفها الحد و اللعان لأن هذا وطء يتعلق به ثبوت النسب و وجب المهر فكان كالموجود في النكاح فلا يزيل العفة عن الزنا و الجواب أن الوطء حرام لعدم النكاح إنما الموجود شبهة النكاح فكان ينبغي أن يجب الحد عليها إلا أنه سقط للشبهة فلأن يسقط الحد و اللعان عن القاذف لمكان الحقيقة أولى .
و أما الذي يرجع إليهما جميعا فهو أن يكونا زوجين حرين عاقلين بالغين مسلمين ناطقين غير محدودين في القذف أما اعتبار الزوجية فلأن الله تبارك و تعالى خص اللعان بالأزواج بقوله تعالى : { و الذين يرمون أزواجهم } و أنه حكم ثبت تعبدا غير معقول المعنى فيقتصر على مورد و إنما ورد التعبد به في الأزواج فيقتصر عليهم .
و على هذا قال أصحابنا : إن من تزوج امرأة نكاحا فاسدا ثم قذفها لم يلاعنها لعدم الزوجية إذ النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة و قال الشافعي : يلاعنها إذا كان القذف بنفي الولد لأن القذف إذا كان بنفي الولد تقع الحاجة إلى قطع النسب و النسب يثبت بالنكاح الفاسد كما يثبت بالنكاح الصحيح فيشرع اللعان لقطع النسب .
و الجواب : أن قطع النسب يكون بعد الفراغ من اللعان و لا لعان إلا بعد وجوبه و لا وجوب لعدم شرطه و هو الزوجية و لو طلق امرأته طلاقا بائنا أو ثلاثا ثم قذفها بالزنا لا يجب اللعان لعدم الزوجية لبطلانها بالإبانة و الثلاث و لو طلقها طلاقا رجعيا ثم قذفها يجب اللعان لأن الطلاق الرجعي لا يبطل الزوجية و لو قذف امرأته بزنا كان قبل الزوجية فعليه اللعان عندنا و عند الشافعي عليه حد القذف و احتج بآية القذف و هي قوله تعالبى : { و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } .
و لنا آية اللعان و هي قوله تعالى : { و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } من غير فصل بين ما إذا كان القذف بزنا بعد الزوجية أو قبلها .
و الدليل على أنه قذف زوجته أنه أضاف القذف إليها و هي للحال زوجته إلا أنه قذفها بزنا متقدم و بهذا لا تخرج من أن تكون زوجته في الحال كما إذا قذف أجنبية بزنا متقدم حتى يلزمه القذف كذا ههنا .
و أما آية القذف فهي متقدمة على آية اللعان فيجب تخريجها على التناسخ فينسخ الخاص المتأخر العام المتقدم بقدره عند عامة مشايخنا و عنده يقضي العام على الخاص بطريق التخصيص على ما مر و لو قذف امرأته بعد موتها لم يلاعن عندنا و عند الشافعي يلاعن على قبرها .
و احتج بظاهر قوله عز و جل في آية اللعان : { فشهادة أحدهم } / من غير فصل بين حال الحياة و الموت .
و لنا قوله عز و جل : { و الذين يرمون أزواجهم } الآية خص سبحانه و تعالى اللعان بالأزواج و قد زالت الزوجية بالموت فلم يوجد قذف الزوجة فلا يجب اللعان و به تبين أن الميتة لم تدخل تحت الآية لأن الله تعالى أوجب هذه الشهادة بقذف الأزواج لقوله : { و الذين يرمون أزواجهم } و بعد الموت لم تبق زوجة له و أما اعتبار الحرية و العقل و البلوغ و الإسلام و النطق و عدم الحد في القذف فالكلام في اعتبار هذه الأوصاف شرطا لوجوب اللعان فرع الكلام في معنى اللعان و ما يثبته شرعا و قد اختلف فيه قال أصحابنا إن اللعان شهادة مؤكدة بالأيمان مقرونة باللعن و الغضب و أنه في جانب الزوج قائم مقام حد القذف و في جانبها قائم مقام حد الزنا .
و قال الشافعي : اللعان أيمان بلفظ الشهادة مقرونة باللعن و الغضب فكل من كان من أهل الشهادة و اليمين كان من أهل اللعان و من لا فلا عندنا و كل من كان من أهل اليمين فهو من أهل اللعان عنده سواء كان من أهل الشهادة أو لم يكن و من لم يكن من أهل الشهادة و اليمين كان من أهل اللعان احتج الشافعي بقوله تعالى في تفسير اللعان : { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } فسر الله تعالى اللعان بالشهادة بالله و الشهادة بالله يمين .
ألا ترى أن من قال أشهد بالله يكون يمينا إلا أنه يمين بلفظ الشهادة و لأن اللعان لو كان شهادة لما قرنه بذكر اسم الله تعالى لأن الشهادة لا تفتقر إلى ذلك و إنما اليمين هي التي تفتقر إليه و لأنه لو كان شهادة لكانت شهادة على النصف من شهادة الرجل كما في سائر المواضع التي للمرأة فيها شهادة فينبغي أن تشهد المرأة عشرة مرات فلما لم يكن ذلك دل أنه ليس بشهادة .
و الدليل على أنه يمين ما روي : [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما فرق بين المتلاعنين و كانت المرأة حبلى فقال لها : إذا ولدت ولدا فلا ترضعيه حتى تأتيني به ] فلما انصرفوا عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إن ولدته أحمر مثل الدبس فهو يشبه أباه الذي نفاه و إن ولدته أسود أدعج جعدا ققطا فهو يشبه الذي رميت به فلما وضعت و أتت به رسول الله صلى الله عليه و سلم نظر إليه فإذا هو أسود أدعج جعد قطط على ما نعته رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال صلى الله عليه و سلم : لولا الأيمان التي سبقت لكان لي فيها رأي ] .
و في بعض الروايات : [ لكان لي و لها شأن ] فقد سمى صلى الله عليه و سلم اللعان أيمانا لا شهادة فدل أنه يمين لا شهادة .
و لنا : قوله تعالى : { و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } و الاستدلال بالآية الكريمة من وجهين : أحدهما : أنه تعالى سمى الذين يرمون أزواجهم شهداء لأنه استثناهم من الشهداء بقوله نعالى : { و لم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } و المستثنى من جنس المستثنى منه و الثاني : أنه سمى اللعان شهادة نصا بقوله عز و جل : { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } و الخامسة أي الشهادة الخامسة و قال تعالى في جانبها : { و يدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله } و الخامسة أي الشهادة الخامسة إلا أنه تعالى سماه شهادة بالله تأكيدا للشهادة باليمين فقوله : أشهد يكون شهادة و قوله : بالله يكون يمينا و هذا مذهبنا أنه شهادات مؤكدة بالإيمان و هو أولى مما قاله المخالف لأنه عمل باللفظين في معنيين و فيما قاله حمل اللفظين على معنى واحد فكان ما قلناه أولى .
و الدليل على أنه شهادة أنه شرط فيه لفظ الشهادة و حضرة الحاكم .
و أما قوله : لو كان شهادة في حق المرأة على النصف من شهادة الرجل فنقول هو شهادة مؤكدة باليمين فيراعى فيه معنى الشهادة و معنى اليمين و قد راعينا معنى الشهادة فيه باشتراط لفظة الشهادة فيراعى معنى اليمين بالتسوية بين الرجل و المرأة في العدد عملا بالشبهين جميعا و لا حجة عليه حيث سماه شهادة ثم نقول بموجبه إنه يمين لكن هذا لا ينفي أن يكون شهادة فهو شهادة مؤكدة باليمين و الله تعالى الموفق .
إذا عرف هذا الأصل تخرج عليه المسائل أما اعتبار العقل و البلوغ فلأن الصبي و المجنون ليسا من أهل الشهادة و اليمين فلا يكونان من أهل اللعان بالإجماع و أما الحرية فالمملوك ليس من أهل الشهادة فلا يكون من أهل اللعان بالإجماع .
و أما الإسلام فالكافر ليس من أهل الشهادة على المسلم و إن كان المسلم من أهل الشهادة على الكافر و إذا كانا كافرين فالكافر / و إن كان من أهل الشهادة على الكافر فليس من أهل اليمين بالله تعالى لأنه ليس من أهل حكمها و هو الكفارة و لهذا لم يصح ظهار الذمي عندنا و اللعان عندنا شهادات مؤكدة بالأيمان فمن لا يكون من أهل اليمين لا يكون من أهل اللعان .
و أما اعتبار النطق فلأن الأخرس لا شهادة له لأنه لا يتأتى منه لفظة الشهادة و لأن القذف منه لا يكون إلا بالإشارة و القذف بالإشارة يكون في معنى القذف بالكتابة و إنه لا يوجب اللعان كما لا يوجب الحد لما نذكره في الحدود إن شاء الله تعالى .
و أما المحدود في القذف فلا شهادة له لأن الله تعالى رد شهادته على التأبيد و لا يلزم على هذا الأصل قذف الفاسق و الأعمى فإنه يوجب اللعان و لا شهادة لهما لأن الفاسق له شهادة في الجملة و لهما جميعا أهلية الشهادة .
ألا ترى أن القاضي لو قضى بشهادتهما جاز قضاؤه و معلوم أنه لا يجوز القضاء بشهادة من ليس من أهل الشهادة كالصبي و المجنون و المملوك إلا أنه لا تقبل شهادة الأعمى في سائر المواضع لأنه لا يميز بين المشهود له و المشهود عليه لا لأنه ليس من أهل الشهادة ثم هذه الشرائط كما هي شرط وجوب اللعان فهي شرط صحة اللعان و جوازه حتى لا يجري اللعان بدونها و عند الشافعي يجري اللعان بين المملوكين و الأخرسين و المحدودين في القذف لأن هؤلاء من أهل اليمين فكانوا من أهل اللعان و كذا بين الكافرين لأن يمين الكافر صحيحة عنده لأنه من أهل الإعتاق و الكسوة و الإطعام و لهذا قال : يجوز ظهار الذمي و على هذا يخرج قول أبي حنيفة و أبي يوسف أنهما إذا التعنا عند الحاكم و لم يفرق بينهما حتى عزل أو مات فالحاكم الثاني يستقبل اللعان بينهما لأن اللعان لما كان شهادة فالشهود إذا شهدوا عند الحاكم فمات أو عزل قبل القضاء بشهادتهم لم يعتد الحاكم بتلك الشهادة و عند محمد لا يستقبل اللعان .
و قوله : لا يخرج على هذا الأصل و لكن الوجه له أن اللعان قائم مقام الحد فإذا التعنا فكأنه أقيم الحد و الحد بعد إقامته لا يؤثر فيه العزل و الموت و الجواب أن حكم القذف لا يتناهى إلا بالتفريق فيؤثر العزل و الموت قبله ثم ابتداء الدليل لنا في المسألة ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ أربعة لا لعان بينهم و بين أزواجهم لا لعان بين المسلم و الكافرة و العبد و الحرة و الحر و الأمة و الكافر و المسلمة ] .
و صورته الكافر أسلمت زوجته فقبل أن يعرض الإسلام على زوجها قذفها بالزنا .
و لنا : أصل آخر لتخريج المسائل عليه و هو أن كل قذف لا يوجب الحد لو كان القاذف أجنبيا لا يوجب اللعان إذا كان القاذف زوجا لأن اللعان موجب القذف في حق الزوج كما أن الحد موجب القذف في الأجنبي و قذف واحد ممن ذكرنا لا يوجب الحد لو كان أجنبيا فإذا كان الزوج لا يوجب اللعان و ابتداء ما يحتج به الشافعي عموم آية اللعان إلا من خص بدليل و لا حجة له فيها لأن الله تعالى سمى الذين يرمون أزواجهم شهداء في آية اللعان و استثناهم من الشهداء المذكورين في آية القذف و لم يدخل واحد ممن ذكرنا في المستثنى منهم فكذا في المستثنى لأن الاستثناء استخراج من تلك الجملة و تحصيل منها و أما الذي يرجع إلى المقذوف به و المقذوف فيه و نفس القذف فنذكره في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى