وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان حكم الإعتاق و بيان وقته ـ الثاني .
و ما ذكره القدوري قياس مذهب التعليق لأن العتق ثبت وقت الاختيار مقصورا عليه فلا يظهر لأن الجناية صادفت يد حر و الله عز و جل أعلم .
و لو قال : عبدي حر و ليس له إلا عبد واحد عتق لأنه تعين بالإيجاب فانصرف إليه فإن قال لي عبد آخر عنيته لم يصدق في القضاء لأنه إذا لم يعرف له عبد آخر انصرف إيجابه إلى هذا العبد ظاهرا فلا يصدق في العدول عن الظاهر إلا ببينة تقوم على أن له عبدا آخر و يصدق فيما بينه و بين الله عز و جل لأنه نوى ما يحتمله لفظه و لو قال أحد عبيدي حر أو أحد عبدي حر و ليس له إلا عبد واحد عتق لأن لفظة أحد لا تقتضي آحادا .
ألا ترى أن الله تعالى موصوف بأنه أحد قال سبحانه و تعالى : { قل هو الله أحد } و لا مثل له و لا شريك و لا أحد غيره في الأزل .
و روى بشر عن أبي يوسف فيمن كان له ثلاثة أعبد فقال أحد عبيدي حر أحد عبيدي حر أحد عبيدي حر قال ذلك ثلاثا / عتقوا لأن أحدهم عتق باللفظ الأول لأنه أحد عبيده و عتق الآخر باللفظ الثاني لهذا المعنى و قد بقي له عبدان فيعتق أحدهما و عتق الثالث باللفظ الثالث و إن لم يبق إلا عبد واحد كما لو قال ابتداء أحد عبيدي حر و ليس له إلا عبد واحد .
و لو قال : أحدكم حر أحدكم حر أحدكم حر لم يعتق إلا واحد لأن أحدهم عتق باللفظ الأول ثم باللفظ الثاني جمع بين حر و عبدين فقال أحدكم حر لم يصح ثم باللفظ الثالث جمع بين عبد و حرين فلم يصح ذلك أيضا لأنه يحمل على الإخبار و هو صادق فيما أخبر .
و لو قال لعبده : أنت حر أو مدبر يؤمر بالبيان فإن قال عنيت به الحرية عتق و إن قال عنيت به التدبير صار مدبرا و هذا ظاهر فإن مات قبل البيان و القول في الصحة عتق نصفه بالإعتاق البات و نصفه بالتدبير لشيوع العتقين فيه إلا أن نصفه يعتق مجانا من جميع المال لأنه يعتق بالإعتاق البات في حالة الصحة و نصفه يعتق من الثلث لأنه يعتق بالتدبير يثبت من طريق الوصية فيعتبر من الثلث سواء كان التدبير في المرض أو في الصحة إن خرج من الثلث عتق كل النصف و إن لم يكن له مال غيره عتق ثلث النصف مجانا لأن هذا القدر لم يتعلق به حق الورثة و يسعى في ثلثي النصف و هو ثلث الكل .
و لو كانا عبدين فقال : أحدكما حر أو مدبر يؤمر بالبيان فإن مات قبل البيان و لا مال له غيرهما و القول في الصحة عتق نصف كل واحد منهما للشيوع إلا أن الربع من كل واحد يعتق مجانا من جميع المال لحصوله بالإعتاق البات في حالة الصحة و الربع يعتق من أصوله بالتدبير و يسعى كل واحد منهما في نصف قيمته على كل حال .
و لو قال : أنتما حران أو مدبران و المسألة بحالها عتق نصف كل واحد منهما بالإعتاق البات و نصف كل واحد منهما بالتدبير و هذا كله إذا كان القول في الصحة فإذا كان في المرض يعتبر ذلك من الثلث .
و لو كان لرجل ثلاثة أعبد فقال هذا حر أو هذا و هذا عتق الثالث و يؤمر بالبيان في الأوليين و لو قال هذا حر و هذا أو هذا عتق الأول و يؤمر بالبيان في الآخرين و كذلك هذا في الطلاق .
و وجه الفرق : أن كلمة أو الفصل الأول دخلت بين الأول و الثاني فأوجبت حرية أحدهما غير عين ثم الثالث عطف على الحر منهما أيهما كان فصار كأنه قال أحدكما حر و هذا و في الفصل الثاني أوجب الحرية للأول عينا ثم أدخل كلمة أو في الثاني و الثالث فأوجبت حرية أحدهما غير عين فعتق الأول و يؤمر بالبيان في الثاني و الثالث و هذا بخلاف إذا قال إن كلمت هذا أو هذا و هذا فعبدي حر أنه إن كلم الأول وحده حنث و إن كلم الثاني أو الثالث وحده لا يحنث ما لم يكلمهما جميعا .
و لو قال : إن كلمت هذا و هذا أو هذا فعبدي حر فإن كلم الثالث وحده حنث و إن كلم الأول أو الثاني وحده لا يحنث ما لم يكلمهما جميعا لأن في الفصل الأول جعل شرط الحنث كلام الأول وحده أو كلام الثاني و الثالث جميعا لأنه جعل الثالث معطوفا على الثاني بحرف العطف فقد أدخل كلمة أو بين الأول وحده و بين الثاني و الثالث جميعا .
و أما في الفصل الثاني فقد جعل شرط الحنث كلام الأول و الثاني جميعا أو كلام الثالث وحده لأنه عطف الثاني على الأول بحرف العطف و أدخل كلمة أو بين الأول و الثاني جميعا و الثالث وحده و الله عز و جل أعلم .
و لو اختلط حر بعبد كرجل له عبد فاختلط بحر ثم كل واحد منهما يقول أنا حر و المولى يقول أحدكما عبدي كان لكل واحد منهما أن يحلفه بالله تعالى ما يعلم أنه حر فإن حلف لأحدهما و نكل للآخر فالذي نكل له حر دون الآخر و إن نكل لهما فهما حران .
و إن حلف لهما فقد اختلط الأمر فالقاضي يقضي بالاختلاط و يعتق من كل واحد منهما نصفه بغير شيء و نصفه بنصف القيمة و كذا لو كانوا ثلاثة يعتق من كل واحد منهم ثلثه و يسعى في ثلثي قيمته كذا ذكره الكرخي .
و كذلك لو كانوا عشرة فهو على هذا الاعتبار و هذا كرجل أعتق أحد عبديه بعينه ثم نسيه فإن بين فهو على ما بين فإن لم يبين و قال لا أدري أيهما حر لا يجبر على البيان و لن يعتق من كل واحد منهما نصفه مجانا و نصفه بنصف القيمة كذلك ههنا .
و أما النوع الثاني و هو ما يتعلق به بعد موت المولى فهو أن المولى إذا قال لعبديه : أحدكما حر لا ينوي أحدهما بعينه ثم مات قبل الاختيار عتق من كل واحد منهما نصفه لأنه وقع اليأس عن البيان / و الاختيار إذ لا يمكنه ذلك بنفسه و هذا الخيار لا يورث حتى يقوم الوارث فيه مقامه فيشيع العتق فيهما إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر فيعتق من كل واحد منهما نصفه مجانا و يسعى كل واحد منهما نصفه مجانا و يسعى كل واحد منهما في نصف قيمته و فصل الشيوع دليل نزوة العتق في أحدهما إذ الثابت تشييع و الموت ليس بإعتاق علم أن الكلام السابق وقع تنجيزا للعتق في أحدهما ثم فرق بين هذا الخيار و بين خيار التعيين في باب البيع لأنه الوارث هناك يقوم مقام الموت في البيان و ههنا لا .
و وجه الفرق : أن هناك ملك المشتري أحد العبدين مجهولا إذ كل واحد منهما محل للملك فإذا مات بالوارث ورث منه عبدا مجهولا فمتى جرى الإرث ثبت ولاية التعيين أما ههنا فأحدهما حر أو استحق الحرية و ذلك يمنع جريان الإرث في أحدهما فيمنع ولاية التعيين هذا إذا كان المزاحم له محتملا للعتق و هو ممن ينفذ إعتاقه فيه فأما إذا كان ممن لا ينفذ إعتاقه فيه بأن جمع بين عبده و عبد غيره فقال : أحدكما حر لا يعتق عبده إلا بالنية لأن قوله : أحدكما يحتمل كل واحد منهما لأن عبد الغير قابل للعتق في نفسه و محتمل لنفوذ الإعتاق فيه في الجملة فلا ينصرف إلى عبد نفسه إلا بالنية و إن كان المزاحم ممن لا يحتمل العتق أصلا كما إذا جمع بين عبده و بين بهيمة أو حائط أو حجر فقال أحدكما حر أو قال عبدي حر أو هذا و هذا فإن عبده يعتق في قول أبي حنيفة نوى أو لم ينو و قال أبو يوسف و محمد لا يعتق إلا بالنية و كذا إذا جمع بين عبده و بين ميت و قد ذكرنا الكلام في هذه الجملة في كتاب الطلاق .
و على هذا إذا جمع بين عبده و بين حر فقال أحدكما حر أنه لا يعتق عبده إلا بالنية لأن صيغته صيغة الخبر فيحمل على الإخبار هو صادق في إخباره مع ما في الحمل عليه تصحيح تصرفه و أنه أصل عند الإمكان فيحمل عليه إلا إذا نوى فيحمل على الإنشاء بقرينة النية و الحر لا يحتمل إنشاء الحرية فينصرف إلى العبد و لو جمع بين عبده و مدبره فقال أحدكما حر لا يصير عبده مدبرا إلا بالنية و يحمل على الإخبار كما في الجمع بين الحر و العبد .
و لو جمع بين عبديه و مدبره فقال اثنان منكم مدبران صار أحد عبديه مدبرا و يؤمر بالبيان لأن قوله اثنان منكم يصرف أحدهما إلى المدبر و يكون إخبارا عن تدبيره إذ الصيغة للخبر في الوضع و هو صادق في هذا الإخبار و الآخر يصرف إلى أحد العبدين فيكون إنشاء للتدبير في أحدهما إذ لا يمكن حمله على الخبر لأنه يكون كذبا فيحمل على الإنشاء كأنه قال للمدبر هذا مدبر و أحد العبدين مدبر فيؤمر بالبيان كما لو قال ذلك ابتداء لعبديه أحدكما مدبر فإن مات المولى قبل البيان انقسم تدبير رقبة بين العبدين نصفين فيعتق المدبر المعروف من الثلث و يعتق نصف كل واحد من العبدين من الثلث لأن التدبير وصية و الوصية تعتبر من الثلث سواء كان في المرض أو في الصحة و هذا كما لو جمع بين عبدين و حر فقال اثنان منكم حران أنه يصرف أحدهما إلى الإخبار عن حرية أحدهم و الآخر إلى إنشاء الحرية في أحد العبدين لا غير كأنه قال للحر إن هذا حر و أحد العبدين حر فيؤمر بالبيان فإن مات قبل البيان عتق من كل واحد منهما نصفه لشيوع العتق فيهما كذا هذا و لو كان له ثلاثة أعبد دخل عليه اثنان فقال أحدكما حر ثم خرج أحدهما و دخل الآخر فقال أحدكما حر فالكلام في هذه المسألة في الأصل يقع في موضعين : .
أحدهما : يتعلق في حال الحياة .
و الثاني : يتعلق بحال الموت .
أما الأول فما دام المولى حيا يؤمر بالبيان ثم إن بدأ بالبيان للإيجاب الأول فإن عنى به الخارج عتق الخارج بالإيجاب الأول و تبين أن إيجاب الثاني بين الثابت و الداخل وقع صحيحا لوقوعه بين عبدين فيؤمر بالبيان لهذا الإيجاب و إن عنى بالإيجاب الأول الثابت عتق الثابت بالإيجاب الأول و تبين أن الإيجاب الثاني وقع لغوا لحصوله بين حر و عبد و في ظاهر الرواية .
و روي عن أبي يوسف أنه قال : الكلام الثاني ينصرف إلى الداخل و هذا غير سديد لأن على قوله إذا جمع بين حر و عبد فقال أحدكما حر ينبغي أن ينصرف إلى العبد و ليس كذلك بالإجماع و إن بدأ بالبيان للإيجاب الثاني فإن عنى به الداخل عتق الداخل عتق بالإيجاب الثاني و بقي الإيجاب الأول بين الخارج و الثابت على حاله كما كان فيؤمر بالبيان كما كان و إن عنى به الثابت عتق الثابت بالإيجاب الثاني / و عتق الخارج بالإيجاب الأول لتعيينه للعتق بإعتاق الثابت .
و أما الذي يتعلق مما بعد الموت فههنا حالان : حال ما بعد موت العبدين و حال ما بعد موت المولى أما موت العبدين فإن مات الخارج عتق الثابت بالإيجاب الأول و تبين أن الإيجاب الثاني وقع باطلا و إن مات الثابت عتق الخارج بالإيجاب الأول و الداخل بالإيجاب الثاني لأن الثابت قد أعيد عليه الإيجاب فعتقه يوجب تعيين كل واحد منهما للعتق و إن مات الداخل يؤمر المولى بالبيان للإيجاب الأول فإن عنى به الخارج عتق الخارج بالإيجاب الأول و بقي الإيجاب الثاني بين الداخل و الثابت فيؤمر بالبيان و إن عنى به الثابت تبين أن الإيجاب الثاني وقع باطلا .
و أما موت المولى قبل البيان فإن كان القول منه في الصحة يعتق من الخارج نصفه و من الثابت ثلاثة أرباعه بلا خلاف بين أصحابنا .
و اختلفوا في الداخل قال أبو حنيفة و أبو يوسف : يعتق من الداخل نصفه و قال محمد ربعه أما في مسألة الوفاق فلأن المولى إن كان عنى بالإيجاب الأول الخارج عتق كله و لم يعتق به الثابت و إن كان عنى به الثابت عتق الثابت كله و لم يعتق به الخارج و كل واحد منهما يعتق في حال و لا يعتق في حال فيتنصف فيعتق من كل واحد مهما نصفه بالإيجاب الأول ثم الثابت بالإيجاب الثاني يعتق نصفه الباقي في حال و لا يعتق في حال فيتنصف ذلك النصف فيعتق ربعه بالإيجاب الثاني و قد عتق نصفه بالإيجاب الأول فيعتق ثلاثة أرباعه .
أما مسألة الخلاف فأما وجه قول محمد : فهو أن الإيجاب الثاني يصح في حال و لا يصح في حال لأنه إن كان المولى عنى بالإيجاب الأول الخارج يصح الإيجاب الثاني لأن الثابت يبق رقيقا فيقع الإيجاب الثاني جمعا بين العبدين فيصح و إن كان عنى به الثابت لا يصح لأنه يقع جمعا بين الحر و العبد فيلغو فيصح الإيجاب الثاني في حال و لم يصح في حال فلا يثبت إلا نصف حرية فيقسم بين الثابت و الداخل فيصيب كل واحد منهما الربع .
و لهما : أن الإيجاب الثاني إنما يدور بين الصحة و البطلان إذا نزل العتق بالإيجاب الأول في غير المعين منهما و لم ينزل لما ذكرنا من الدلائل فيما تقدم فكان الإيجاب الثاني صحيحا في الحالين جميعا فلما مات المولى قبل البيان أصاب الداخل من هذا الإيجاب نصف حرية ثم إن كان عنى به الثابت عتق به النصف الباقي و لا يعتق الداخل و إن كان عنى به الداخل عتق كله و لا يعتق شيء من النصف الباقي من الثابت فكل واحد منهما يثبت في حال و لا يثبت في حال فيتنصف فيعتق من الثابت ربعه و من الداخل نصفه .
و الدليل على أن ما ذكره محمد غير سديد أن الإيجاب الثاني لو كان تردد بين الصحة و عدم الصحة لبطل أصلا و رأسا لأن من جمع بين حر و عبد و قال أحدكما حر يبطل أصلا و رأسا و محمد اعتبر الإيجاب الثاني حيث قال بثبوت نصف حرية بين الثابت و الداخل هذا إذا كان القول منه في الصحة فإن كان في المرض فإن كان له مال آخر يخرجون من الثلث أو لا يخرجون لكن إن أجازت الورثة فكذلك الجواب و إن لم يكن له مال سوى هؤلاء و لم تجز الورثة يقسم الثلث بينهم على قدر وصيته لأن الإعتاق في مرض الموت وصية و الوصية نفاذها من الثلث فيضرب كل واحد منهم بمقدار وصيته فوصية الخارج نصف الرقبة و وصية الثالث ثلاثة أرباع الرقبة و وصية الداخل نصف الرقبة على أصلهما فيجعل كل واحد على أربعة أسهم لحاجتنا إلى ثلاثة الأرباع فالخارج يضرب بنصف الرقبة و ذلك سهمان فتجمع وصاياهم فتصير سبعة أسهم فيجعل ثلث المال مبلغ الوصايا و ذلك سبعة أسهم فيكون ثلثا المال أربعة عشر سهما ضرورة فيكون جميع المال أحدا و عشرين فصار كل عبد سبعة أسهم لأن ماله ثلاثة أعبد و قد صار ماله كله أحدا و عشرين سهما فيخرج منه سهام العتق و سهام السعاية فالخارج يعتق منه سهمان من سبعة و يسعى في خمسة أسهم و الثابت يعتق منه ثلاثة أسهم من سبعة و يسعى في أربعة أسهم و الداخل يعتق منه سهمان من سبعة و يسعى في خمسة أسهم كالخارج و إذا صار سهام الوصاية سبعة تصير سهام الورثة أربعة عشر ضرورة فاستقام الثلث و الثلثان و هذا التخريج على قولهما .
و أما على قول محمد فالخارج يضرب بسهمين و الثابت بثلاثة و الداخل بسهم فذلك ستة أسهم فصار سهما / المال ستة أسهم فيكون ثلثاه مثليه و ذلك اثني عشر فيصير جميع المال ثمانية عشر فصار كل عبد ستة أسهم يخرج منها سهام العتق و سهام السعاية فيعتق من الخارج سهمان و يسعى في أربعة أسهم و يعتق من الثابت ثلاثة أسهم و يسعى في ثلاثة ويعتق من الداخل سهم واحد و يسعى في خمسة أسهم فسار للورثة اثني عشر و لأصحاب الوصاية ستة فاستقام الثلث و الثلثان و الله عز و جل أعلم .
و أما الجهالة الطارئة بأن أضاف صيغة الإعتاق إلى أحدهما بعينه ثم نسيه فالكلام في هذا القصد في موضعين : .
أحدهما : في كيفية هذا التصرف .
و الثاني : في الأحكام المتعلقة به أما الأول فلا خلاف في أن أحدهما حر قبل البيان لأن الصيغة أضيفت إلى معين و المعين محل لنزول العتق فيه فكان البيان في هذا النوع إظهارا و تعيينا لما نزل فيه العتق .
و أما الثاني : فالأحكام المتعلقة به ضربان أيضا ضرب يتعلق به في حال حياة المولى و ضرب يتعلق به بعد موته .
أما الأول فنقول : إذا أعتق إحدى جاريتيه بعينها ثم نسيها أو أعتق إحدى جواريه العشرة بعينها ثم نسي المعتقة فإنه يمنه من وطئهن و استخدامهن لأن واحدة منهن حرة بقين فكل واحدة يحتمل أن تكون هي الحرة و وطء الحرة من غير نكاح حرام فلو قرب واحدة منهم ربما يقرب الحرة فيمنع من ذلك صيانة عن الحرام .
و الأصل في هذا الباب ما روينا من [ حديث وابصة بن معبد Bه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : ألا إن لكل ملك حمى و إن حمى الله محارمه فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ] و لا يجوز أن يوطأ واحدة منهن بالتحري لما ذكرنا في كتاب الطلاق فلو أنه وطىء واحدة منهن فحكمه نذكره هنا و الحيلة في أن يباح له وطؤهن أن يعقد عليهن عقد النكاح فتحل له الحرة منهن بالنكاح و الرقيقة بملك اليمين و لو خاصم العبدان المولى إلى القاضي و طلبا منه البيان أمره القاضي بالبيان و لو امتنع حبسه ليبين كذا ذكره الكرخي لأن أحدهما حر بيقين و الحرية حقه أو له فيها حق و لكل صاحب حق أن يطلب حقه و إذا امتنع من الإيفاء يجبر عليه .
و لو ادعى كل واحد منهما أنه هو الحر و لا بينة له و جحد المولى فطلبا يمينه استحلفه القاضي لكل واحد منهما بالله عز و جل ما أعتقه لأن الاستحلاف لفائدة النكول و النكول بذل أو إقرار و العتق يحتمل كل ذلك ثم إن نكل لهما عتقا لأنه بذل لهما الحرية أو أقر بها لهما و إن حلف لهما يؤمر بالبيان لأن أحدهما حر بيقين و حريته لا ترتفع باليمين و ما ذكرنا من رواية ابن سماعة عن محمد في الطلاق يكون ذلك رواية في العتاق و هو أنهما إذا استحلفا فحلف المولى للأول يعتق الذي لم يحلف له لأنه لما حلف للأول و الله ما أعتقه فقد أقر برقه فيتعين الآخر للحرية كما إذا قال ابتداء لأحدهما عينا هذا عبد و إن لم يحلف له عتق هو لأنه بذل له الحرية أو أقر و إن تشاحنا في اليمين حلف لهما جميعا بالله عز و جل ما أعتق واحدا منهما فإن حلف لهما فإن كانا أمتين يحجب منهما حتى يبين لما ذكرنا أن حرية إحداهما لا ترتفع بالحلف .
و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أن المولى لا يجبر على البيان في الجهالة الطارئة إذا لم يتذكر لما فيه من استرقاق الحر لأن أحدهما حر بيقين بخلاف الجهالة الأصلية لأن ثمة الحرية غير نازلة في المحل في أصح القولين فلم يكن في البيان استرقاق الحر ثم البيان في هذه الجهالة نوعان نص و دلالة أو ضرورة أما النص فنحو أن يقول المولى لأحدهما عينا هذا الذي كنت أعتقته و نسيت .
و أما الدلالة أو الضرورة فهي أن يقول أو يفعل ما يدل على البيان نحو أن يتصرف في أحدهما تصرفا لا صحة له بدون الملك من البيع و الهبة و الصدقة و الوصية و الإعتاق و الإجارة و الرهن و الكتابة و التدبير و الاستيلاد إذا كانتا جاريتين لأن هذه التصرفات لا صحة لها إلا في الملك فكان إقدامه دليل اختياره الملك في التصرف فيه و تعين الآخر للعتق و كذا إذا كان أمتين فوطىء إحداهما عتقت الأخرى بلا خلاف لأن إحداهما حرة بيقين فكان وطء إحداهما تعيينا لها للرق و الأخرى للعتق و تعيين الأخرى للعتق ضرورة انتقاء المزاحم بخلاف الجهالة الأصلية على أصل أبي حنيفة لأن العتق غير نازل في إحداهما فكانت كل واحدة منهما حلال الوطء .
و إن كن عشرا فوطىء إحداهن تعينت الموطوءة للرق حملا لأمره على الصلاح و تعينت الباقيات لكون المعتقة فيهن دلالة أو ضرورة فتعين البيان نصا أو / دلالة .
و كذا لو وطىء الثانية و الثالثة إلى التاسعة فتتعين الباقية و هي العاشرة للعتق لأن فعله يحمل على الجواز و لا جواز له إلا في الملك فكان الإقدام على وطئهن تعيينا لهن للرق و الباقية للعتق أو تتعين الباقية ضرورة و الأحسن أن لا يطأ واحدة منهن لاحتمال أن تكون الموطوءة هي الحرة فلو أنه وطىء فحكمه ما ذكرنا .
و لو ماتت واحدة منهن قبل البيان فالأحسن أن لا يطأ الباقيات قبل البيان لاحتمال أن تكون المعتقة فيهن فلو أن وطئهن قبل البيان جاز لأن فعل المسلم العدل محمول على الجواز ما أمكن و أمكن ههنا بأن يحمل على أنه قد تذكر أن المعتقة منهن هي الميتة لأن البيان في هذا النوع من الجهالة إظهار و تعيين لمن نزلت فيه الحرية من الأصل فلم تكن الحياة شرطا لمحلية البيان و كان إقدامه على وطئهن تعيينا للميتة للعتق و الباقيات للرق دلالة أو تتعين الباقيات للرق ضرورة بخلاف الجهالة الأصلية إذا ماتت واحدة منهن أن الميتة لا تتعين للحرية لأن الحرية هناك غير نازلة في إحداهن و إنما تنزل عند وجود الشرط و هو الاختيار مقصورا عليه و المحل ليس يقابل للحرية وقت الاختيار فهو الفرق .
و لو كانت اثنتين فماتت واحدة منهما لا تتعين الباقية للعتق لأن الميتة لم تتعين للرق لانعدام دليل يوجب التعيين فلا تتعين الأخرى للعتق ضرورة فوقف تعيينها للعتق على البيان نصا أو دلالة إذ الميتة لم تخرج عن كونها محلا للبيان إذ البيان في هذا النوع إظهار و تعيين بخلاف النوع الأول في أصح القولين .
و لو قال المولى : هذا مملوك و أشار إلى أحدهما يتعين الآخر للعتق دلالة أو ضرورة و لو باعهما جميعا صفقة واحدة كان البيع فاسدا لأنه باع حرا و عبدا صفقة واحدة و لم يبين حصة كل واحد منهما من الثمن و كذا لو كانوا عشرة فباعهم صفقة واحدة و يفسخ البيع في الكل و لو باعهم على الانفراد جاز البيع في التسعة و يتعين العاشر للعتق كذا ذكر الكرخي لأن بيع كل واحد منهم اختيار للرق و يتعين الباقي للعتق دلالة أو يتعين ضرورة عدم المزاحم كما لو وطىء عشرة نفر لكل واحد منهم جارية فأعتق واحد منهم جاريته و لا يعرف المعتق فلكل واحد منهم أن يطأ جاريته و أن يتصرف فيها تصرف الملاك لأن الجهالة تمكنت في الجانبين جميعا و المعتق و المعتق فوقع الشك في الطرفين فلا يزال اليقين بالشك بخلاف ما إذا كانت الجواري لواحد فأعتق واحدة منهن ثم نسيها أنه يمنع من وطء الكل لأن الجهالة هناك لم تقع إلا في أحد الجانبين فلم يقع الشك إلا في أحد الجانبين إذ المعتق على يقين من حرية إحداهن و كل واحدة تحتمل أن تكون هي الحرة فيمنع من وطئهن و لو دخل الكل في ملك أحدهم صار كأن الكل كن في ملكه فأعتق واحدة منهن ثم جهلها .
و أما الثاني : فهو أن المولى إذا مات قبل البيان يعتق من كل واحدة منهما نصفه مجانا بغير شيء و نصف بالقيمة فتسعى كل واحدة منهما في نصف قيمتها للورثة لما ذكرنا في الجهالة الأصلية و الله عز و جل أعلم