وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في بيان ما ينقص التيمم .
فصل : و أما بيان ما ينقض التيمم فالذي ينقضه نوعان : عام و خاص .
أما العام فكل ما ينقض الوضوء من الحدث الحقيقي و الحكمي ينقض التيمم .
و قد مر بيان ذلك كله في موضعه .
و أما الخاص و هو ما ينقض التيمم على الخصوص فوجود الماء و جملة الكلام فيه أن المتيمم إذا وجد الماء لا يخلو أما إن وجده قبل الشروع في الصلاة و أما إن وجده في الصلاة و أما إن وجده بعد الفراغ منها فان وجده قبل الشروع في الصلاة انتقض تيممه عند عامة العلماء .
و عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه لا ينتقض التيمم بوجود الماء أصلا .
وجه قوله : أن الطهارة بعد صحتها لا تنقض إلا بالحدث و وجود الماء ليس بحدث .
و لنا : ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ التيمم وضوء المسلم و لو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء أو يحدث ] جعل التيمم وضوء المسلم إلى غاية وجود الماء و الممدود إلى غاية ينتهي عند وجود الغاية : و لأن التيمم خلف عن الوضوء و لا يجوز المصير إلى الخلف مع وجود الأصل كما في سائر الأخلاف مع .
أصولها .
و قوله : وجود الماء ليس بحدث مسلم و عندنا أن المتيمم لا يصير محدثا بوجود الماء بل الحدث السابق يظهر حكمه عند وجود الماء إلا أنه لم يظهر حكم ذلك الحدث في حق الصلاة المؤداة .
ثم وجود الماء نوعان : وجوده من حيث الصورة و المعنى و هو أن يكون مقدور الاستعمال له و أنه ينقض التيمم و وجوده من حيث الصورة دون المعنى و هو أن لا يقدر على استعماله و هذا لا ينقض التيمم حتى لو مر المتيمم على الماء الكثير و هو لا يعلم به أو كان غافلا أو نائما لا يبطل تيممه كذا روي عن أبي يوسف و كذا لو مر على ماء في موضع لا يستطيع النزول إليه لخوف عدو أو سبع لا ينتقض تيممه كذا ذكر محمد بن مقاتل الرازي .
وقال : هذا قياس قول أصحابنا لأنه غير واجد للماء فكان ملحقا بالعدم و كذا إذا أتى بئرا وليس معه دلو أو رشا أو وجد ماء و هو يخاف على نفسه العطش لا ينتقض تيممه لما قلنا و كذا لو وجد ماء موضوعا .
في الفلاة في حب أو نحوه على قياس ما حكي عن أبي نصر محمد بن سلام لأنه معد للسقيا دون الوضوء إلا أن يكون كثيرا فيستدل بالكثرة على أنه معد للشرب و الوضوء جميعا فينتقض تيممه .
و الأصل فيه أن كل ما منع وجوده التيمم نقض وجوده التيمم و ما لا فلا ثم وجود الماء إنما ينقض .
التيمم إذا كان القدر الموجود يكفي للوضوء أو الاغتسال فإن كان لا يكفي لا ينقض عندنا .
و عند الشافعي : قليله و كثيره ينقض و الخلاف في البقاء كالخلاف في الابتداء و قد مر ذكره في بيان الشرائط و على هذا يخرج ما ذكره محمد في الزيادات لو أن خمسة من المتيممين وجدوا من الماء مقدار ما يتوضأ به أحدهم انتقض تيممهم جميعا لأن كل واحد منهم قدر على استعماله على سبيل البدل فكان .
كل واحد منهم واجدا للماء صورة و معنى فينتقض تيممهم جميعا و لأن كل واحد منهم قدر على استعماله بيقين و ليس البعض أولى من البعض فينتقض تيممهم احتياطا .
و لو كان لرجل ماء فقال : أبحت لكم هذا الماء يتوضأ به أيكم شاء و هو قدر ما يكفي لوضوء أحدهم .
انتقض تيممهم جميعا لما قلنا و لو قال : هذا الماء لكم لا ينتقض تيممهم بإجماع بين أصحابنا أما على أصل أبي حنيفة فلأن هبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تصح فلم يثبت الملك رأسا .
و أما على أصلهما فالهبة و إن صحت و أفادت الملك لكن لا يصيب كل واحد منهم ما يكفي لوضوئه .
فكان ملحقا بالعدم حتى أنهم لو أذنوا لواحد منهم بالوضوء انتقض تيممه عندهما لأنه قدر على ما يكفي للوضوء و عنده الهبة فاسدة فلا يصح الإذن .
و على هذا الأصل مسائل في الزيادات : مسافر محدث على ثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم و معه ما يكفي لأحدهما غسل به الثوب وتيمم للحدث عند عامة العلماء .
و روى الحسن عن أبي يوسف أنه يتوضأ به و هو قول حماد و وجهه : أن الحدث أغلظ النجاستين بدليل أن الصلاة مع الثوب النجس جائزة في الجملة للضرورة و لا جواز لها مع الحدث بحال .
و لنا : أن الصرف إلى النجاسة يجعله مصليا بطهارتين حقيقية و حكمية فكان أولى من الصلاة بطهارة واحدة و يجب أن يغسل ثوبه من النجاسة ثم يتيمم و لو بدأ بالتيمم لا يجزيه و تلزمه الإعادة لأنه قدر على ماء و لو توضأ به تجوز به صلاته و إن وجد الماء في الصلاة فإن وجده قبل أن يقعد قدر التشهد الأخير انتقض تيممه و توضأ به و استقبل الصلاة عندنا و للشافعي ثلاثة أقوال : في قول مثل قولنا و في قول : يقرب الماء منه حتى يتوضأ ويبني و في قول : يمضي على صلاته و هو أظهر أقواله .
و وجهه : أن الشروع في الصلاة قد صح فلا يبطل برؤية الماء كما إذا رأى بعد الفراغ من الصلاة و هذا .
لأن رؤية الماء ليس بحدث و الموجود ليس إلا الرؤية فلا تبطل الصلاة و إذا لم تبطل الصلاة فحرمة الصلاة تعجزه عن استعمال الماء فلا يكون واجدا للماء معنى كما إذا كان على رأس البئر ولم يجد آلة الاستقاء .
و لنا : أن طهارة التيمم انعقدت ممدودة إلى غاية وجود الماء بالحديث الذي روينا فتنتهي عند وجود الماء فلو أتمها لأتم بغير طهارة و هذا لا يجوز و به تبين أنه لم تبق حرمة الصلاة .
و قوله : إن رؤية الماء ليست بحدث فلا تبطل الطهارة قلنا بلى و عندنا لا تبطل بل تنتهي لكونها مؤقتة إلى غاية الرؤية و لأن المتيمم لا يصير محدثا برؤية الماء عندنا بل بالحدث السابق على الشروع في الصلاة إلا أنه لم يظهر أثره في حق الصلاة المؤداة للضرورة و لا ضرورة في الصلاة التي لم تؤد فظهر أثر الحدث السابق و صار كخروج الوقت في حق المستحاضة و لأنه قدر على الأصل قبل حصوله المقصود بالبدل و ذلك يبطل حكم البدل كالمعتدة بالأشهر إذا حاضت .
و إن وجده بعد ما قعد قدر التشهد الأخير أو بعد ما سلم و عليه سجدتا السهو و عاد إلى السجود فسدت صلاته عند أبي حنيفة و يلزمه الاستقبال و عند أبي يوسف و محمد يبطل تيممه وصلاته تامة و هذه من المسائل المعروفة بالاثني عشرية و الأصل فيها أن ما كان من أفعال المصلي ما يفسد الصلاة لو وجد في أثنائها لا يفسدها إن وجد في هذه الحالة بإجماع بين أصحابنا مثل الكلام و الحدث العمد والقهقهة و نحو ذلك و عند الشافعي تفسد بناء على أن الخروج من الصلاة بالسلام ليس بفرض عندنا و عنده فرض على ما يذكر .
و أما ما ليس من فعل المصلي بل هو معنى سماوي لكنه لو اعترض في أثناء الصلاة يفسد الصلاة فإذا وجد في هذه الحالة هل يفسدها ؟ .
قال أبو حنيفة : يفسدها و قال أبو يوسف و محمد : لا يفسدها و ذلك كالمتيمم يجد ماء و الماسح على الخفين إذا انقضى وقت مسحه و العاري يجد ثوبا و الأمي يتعلم القرآن و صاحب الجرح السائل ينقطع عنه السيلان و صاحب الترتيب إذا تذكر فائتة و دخول وقت العصر يوم الجمعة و هو في صلاة الجمعة وسقوط الخف عن الماسح عليه إذا كان واسعا بدون فعله و طلوع الشمس في هذه الحالة لمصلي الفجر و المومي إذا قدر على القيام و القارىء إذا استخلف أميا و المصلي بثوب فيه نجاسة أكثر من قدر الدرهم ولم يجد ماء ليغسله فوجد في هذه الحالة .
وقاضي الفجر إذا زالت الشمس و المصلي إذا سقط الجبائر عنه عن برء و قضية الترتيب ذكر كل واحدة من هذه المسائل في موضعها و إنما جمعناها اتباعا للسلف و تيسيرا للحفظ على المتعلمين .
و من مشايخنا من قال : إن حاصل الاختلاف يرجع إلى أن خروج المصلي من الصلاة بفعله فرض عند أبي حنيفة و عندهما ليس بفرض و منهم من تكلم في المسألة من وجه آخر .
وجه قولهما : إن الصلاة قد انتهت بالقعود قدر التشهد لانتهاء أركانها .
قال النبي صلى الله عليه و سلم لعبد الله بن مسعود Bه حين علمه التشهد إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد .
تمت صلاتك و الصلاة بعد تمامها لا تحتمل الفساد و لهذا لا تفسد بالسلام و الكلام و الحدث العمد و القهقهة و دل الحديث على أن الخروج بفعله ليس بفرض لأنه وصف الصلاة بالتمام ولا تمام يتحقق مع بقاء ركن من أركانها و لهذا قلنا : إن الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في الصلاة ليست بفرض و كذا إصابة لفظ السلام لأن تمام الشيء و انتهاءه مع بقاء شيء منه محال إلا أنه لو قهقه في هذه الحالة تنتقض طهارته لأن انتقاضها يعتمد قيام التحريمة و أنها قائمة فأما فساد الصلاة فيستدعي بقاء التحريمة مع بقاء الركن و لم يبق عليه ركن من أركان الصلاة لما بينا و لأن الخروج من الصلاة ضد الصلاة لأنه تركها و ضد الشيء كيف يكون ركنا له و لأن عند أبي حنيفة يحصل الخروج بالحدث العمد و القهقهة و الكلام و هذه الأشياء حرام و معصية فكيف .
تكون فرضا و الوجه لتصحيح مذهب أبي حنيفة في عدة من هذه المسائل من غير البناء على الأصل الذي ذكرنا أن فساد الصلاة ليس لوجود هذه العوارض بل بوجودها يظهر أنها كانت فاسدة