وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ضمان المستأجر .
و قال أبو يوسف و محمد هو مضمون عليه إلا حرق غالب أو غرق غالب أو لصوص مكابرين و لو احترق بيت الأجير المشترك بسراج يضمن الأجير كذا روي عن محمد لأن هذا ليس بحريق غالب و هو الذي يقدر على استدراكه لو علم به لأنه لو علم به لأطفأه فلم يكن موضع العذر و هو استحسان ثم إن هلك قبل العمل يضمن قيمته غير معمول و لا أجر له و إن هلك بعد العمل فصاحبه بالخيار إن شاء ضمنه قيمته معمولا و أعطاه الأجر بحسابه و إن شاء ضمنه قيمته غير معمول و لا أجر له .
و احتجا بما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ على اليد ما أخذت حتى ترده ] و قد عجز عن رد عينه بالهلاك فيجب رد قيمته قائما مقامه و روي أن عمر Bه كان يضمن الأجير المشترك احتياطا لأموال الناس و هو المعنى في المسألة و هو أن هؤلاء الأجراء الذين يسلم المال إليهم من غير شهود تخاف الخيانة منهم فلو علموا أنهم لا يضمنون لهلكت أموال الناس لأنهم لا يعجزون عن دعوى الهلاك و هذا المعنى لا يوجد في الحرق الغالب و الغرق الغالب و السرق الغالب .
و لأبي حنيفة أن الأصل أن لا يجب الضمان إلا على المعتدي لقوله عز و جل : { فلا عدوان إلا على الظالمين } و لم يوجد التعدي من الأجير لأنه مأذون في القبض و الهلاك ليس من صنعه فلا يجب الضمان عليه و لهذا لا يجب الضمان على المودع و الحديث لا يتناول الإجارة لأن الرد في باب الإجارة لا يجب على المستأجر فكان المراد منع الإعارة و الغصب و فعل عمر Bه يحتمل أنه كان في بعض الأجراء و هو المتهم بالخيانة و به نقول ثم عندهما إنما يجب الضمان على الأجير إذا هلك في يده لأن العين إنما تدخل في الضمان عندهما بالقبض كالعين المغصوبة فما لم يوجد القبض لا يجب الضمان حتى لو كان صاحب المتاع معه راكبا في السفينة أو راكبا على الدابة التي عليها الحمل فعطب الحمل من غير صنع الأجير لا ضمان عليه لأن المتاع في يد صاحبه .
و كذلك إذا كان صاحب المتاع و المكاري راكبين على الدابة أو سائقين أو قائدين لأن المتاع في أيديهما فلم ينفرد الأجير باليد فلا يلزمه ضمان اليد .
و روى بشر عن أبي يوسف : أنه إذا سرق المتاع من رأس الحمال و صاحب المتاع يمشي معه لا ضمان عليه لأن المتاع لم يصر في يده حيث لم يخل صاحب المتاع بينه و بين المتاع و قالوا في الطعام إذا كان في سفينتين و صاحبه في إحداهما و هما مقرونتان أو غير مقرونتين إلا أن سيرهما جميعا و حبسهما جميعا و حبسهما جميعا فلا ضمان على الملاح فيما هلك من يده لأنه هلك في يد صاحبه و كذلك القطار إذا كان عليه حمولة و رب الحمولة على بعير فلا ضمان على الحمال لأن المتاع في يد صاحبه لأنه هو الحافظ له .
و روى ابن سماعة عن أبي يوسف : في رجل استأجر حمالا ليحمل عليه زقا من سمن فحمله صاحب الزق و الحمال جميعا ليضعاه على رأس الحمال فانخرق الرزق و ذهب ما فيه قال أبو يوسف لا يضمن الحمال لأنه لم يسلم إلى الحمال بل هو في يده قال : و إن حمله إلى بيت صاحبه ثم أنزله الحمال من رأسه و صاحب الزق فوقع في أيديهما فالحمال ضامن و هو قول محمد الأول ثم رجع و قال لا ضمان عليه لأبي يوسف أن المحمول داخل في ضمان الحمالة بثبوت يده عليه فلا يبرأ إلا بالتسليم إلى صاحبه فإذا أخطأ جميعا فيد الحمال لم تزل فلا يزول الضمان و لمحمد أن الشيء قد وصل إلى صاحبه بإنزاله فخرج من أن يكون ضامنا كما لو حملاه ابتداء إلى رأس الحمال فهلك .
و روى هشام عن محمد فيمن دفع إلى رجل مصحفا يعمل فيه و دفع الغلاف معه أو دفع سيفا إلى صيقل يصقله بأجر و دفع الجفن معه فضاعا قال محمد : يضمن المصحف و الغلاف و السيف و الجفن لأن المصحف لا يستغني عن الغلاف و السيف لا يستغني عن الجفن فصارا كشيء واحد قال : فإن أعطاه مصحفا يعمل له غلافا أو سكينا يعمل له نصالا فضاع المصحف أو ضاع السكين لم يضمن لأنه لم يستأجره على أن يعمل فيهما بل في غيرهما .
و لو اختلف الأجير و صاحب الثوب فقال الأجير : رددت و أنكر صاحبه فالقول قول الأجير في قول أبي حنيفة لأنه أمين عنده في القبض و القول قول الأمين مع اليمين و لكن لا يصدق في دعوى الأجر و عندهما القول قول صاحب الثوب لأن الثوب قد دخل في ضمانه عندهما فلا يصدق على الرد إلا ببينة و إن كان الأجير خاصا فما في يده يكون أمانة في قولهم جميعا حتى لو هلك في يده بغير صنعه لا يضمن أما على أصل أبي حنيفة فلأنه لم يوجد منه صنع يصلح سببا لوجوب الضمان لأن القبض حصل بإذن المالك .
و أما على أصلهما فلأن وجوب الضمان في الأجير المشترك ثبت استحسانا صيانة لأموال الناس و لا حاجة إلى ذلك في الأجير الخاص لأن الغالب أنه يسلم نفسه و لا يتسلم المال فلا يمكنه الخيانة و الله عز و جل أعلم .
و أما الثاني : و هو بيان ما يغير من صفة الأمانة إلى الضمان فالمغير له أشياء منها ترك الحفظ لأن الأجير لما قبض المستأجر فيه فقد التزم حفظه و ترك الحفظ الملتزم سبب لوجوب الضمان كالمودع إذ ترك حفظ الوديعة حتى ضاعت على ما نذكره في كتاب الوديعة إن شاء الله تعالى .
و منها : الإتلاف و الإفساد إذا كان الأجير متعديا فيه بأن تعمد ذلك أو عنف في الدق سواء كان مشتركا أو خاصا و لم يكن متعديا في الإفساد بأن افسد الثوب خطا بعمله من غير قصده فإن كان الأجير خاصا لم يضمن بالإجماع و إن كان مشتركا كالقصار إذا دق الثوب فتخرق أو ألقاه في النورة فاحترق أو الملاح غرقت السفينة من عمله و نحو ذلك فإنه يضمن في قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر لا يضمن و هو أحد قولي الشافعي .
وجه قول زفر : أن الفساد حصل بعمل مأذون فيه فلا يجب الضمان كالأجير الخاص و المعين و الدليل على أنه حصل بعمل مأذون فيه أنه حصل بالدق و الدق مأذون فيه و لئن لم يكن مأذونا فيه لكن لا يمكنه التحرز عن هذا النوع من الفساد لأنه ليس في وسعه الدق المصلح فأشبه الحجام و البزاغ و لئن كان ذلك في وسعه لكنه لا يمكنه تحصيله إلا بحرج و الحرج منفي فكان ملحقا بما ليس في الوسع .
و لنا : أن المأذون فيه الدق المصلح لا المفسد لأن العاقل لا يرضى بإفساد ماله و لا يلتزم الأجرة بمقابلة ذلك فيتقيد الأمر بالمصلح دلالة و قوله : لا يمكن التحرز عن الفساد ممنوع بل في وسعه ذلك بالاجتهاد في ذلك و هو بذل المجهود في النظر في آلة الدق و محله و إرسال المدقة على المحل على قدر ما يحتمله مع الحذاقة في العمل و المهارة في الصنعة و عند مراعاة هذه الشرائط لا يحصل الفساد فلما حصل دل أنه قصر كما نقول في الاجتهاد في أمور الدين إلا أن الخطأ في حقوق العباد ليس بعذر حتى يؤاخذ الخاطئ و الناسي بالضمان .
و قوله : لا يمكنه التحرز عن الفساد إلا بحرج مسلم لكن الحرج إنما يؤثر في حقوق الله عز و جل بالإسقاط لا في حقوق العباد و بهذا فارق الحجام و البزاغ لأن السلامة و السراية هناك مبنية على قوة الطبيعة و ضعفها و لا يقف على ذلك بالاجتهاد فلم يكن في وسعه الاحتراز عن السراية فلا يتقيد العقد بشرط السلامة