وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

استئجار الدواب .
أما استئجار الدواب فالمعتبر في الخلاف فيه في الجنس والقدر والصفة في استئجار الدواب ضرر الدابة فإن كان الخلاف فيه في الجنس ينظر إن كان ضرر الدابة فيه بالخفة و الثقل يعتبر الخلاف فيه من جهة الخفة و الثقل فإن كان الضرر في الثاني أكثر يضمن كل القيمة إذا عطبت الدابة لأنه يصير غاصبا لكلها و إن كان الضرر في الثاني مثل الضرر في الأول أو أقل لا يضمن عندنا لأن الإذن بالشيء إذن بما هو مثله أو دونه فكان مأذونا بالانتفاع به من هذه الجهة دلالة فلا يضمن و إن كان ضرر الدابة فيه لا من حيث الخفة و الثقل بل من وجه آخر يعتبر فيه الخلاف من حيث الخفة و الثقل و إنما يعتبر من ذلك الوجه لأن ضرر الدابة من ذلك الوجه و إن كان الخلاف في القدر و الضرر فيه من حيث الخفة و الثقل يعتبر الخلاف في ذلك القدر و يجب الضمان بقدره لأن الغضب يتحقق بذلك القدر و إن كان الضرر فيه من جهة أخرى تعتبر تلك الجهة في الضمان لا الخفة و الثقل و إن كان الخلاف في الصفة و ضرر الدابة ينشأ منها يعتبر الخلاف فيها و يبنى الضمان عليها .
و بيان هذه الجملة في مسائل : إذا استأجر دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم شعير فحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة فعطبت يضمن قيمتها لأن الحنطة أثقل من الشعير و ليس من جنسه فلم يكن مأذونا فيه أصلا فصار غاصبا كل الدابة معتديا عليها فيضمن كل قيمتها و لا أجر عليه لأن الأجر مع الضمان لا يجتمعان لأن وجوب الضمان لصيرورته غاصبا و لا أجرة على الغاصب على أصلنا و لأن المضمونات تملك على أصل أصحابنا و ذا يمنع وجوب الأجرة عليه و لو استأجرها ليحمل عليها حنطة فحمل عليها مكيلا آخر ثقله كثقل الحنطة و ضرره كضررها قعطبت فلا يضمن .
و كذلك لو استأجر أرضا ليزرع فيها نوعا سماه فزرع غيره و هما متساويان في الضرر بالأرض و كذلك إن استأجرها ليحمل عليها قفيزا من حنطة فحمل عليها قفيزا من شعير و كذا إذا استأجر أرضا ليزرع فيها نوعا آخر ضرره أقل من ضرر المسمى و هذا كله استحسان و هو قول أصحابنا الثلاثة و القياس أن يضمن و هو قول زفر لأن الخلاف قد تحقق فتحقق الغصب .
و لنا : أن الخلاف إلى مثله أو إلى ما هو دونه في الضرر لا يكون خلافا معنى لأن الثاني إذا كان مثله في الضرر كان الرضا بالأول رضا الثاني و إذا كان دونه في الضرر فإن رضي بالأول كان بالثاني أرضى فصار كما لو استأجرها ليحمل عليها حنطة نفسه فحمل عليها حنطة غيره و هما متساويان في الكيل أو ليحمل عليها عشرة فحمل عليها تسعة أنه لا يصير مخالفا كذا هذا .
و لو استأجرها ليحمل عليها عشرة أقفزة حنطة فحمل عليها أحد عشرة فإن سلمت ففعليه ما سمى من الأجرة و لا ضمان عليه و إن عطبت ضمن جزأ من أحد عشر جزأ من قيمة الدابة و هو قول عامة العلماء .
و قال زفر و ابن أبي ليلى : يضمن قيمة كل الدابة لأن التلف حصل بالزيادة فكانت الزيادة علة التلف .
و لنا : أن تلف الدابة حصل بالثقل و الثقل بعضه مأذون فيه و بعضه غير مأذون فيه فيقسم التلف أحد عشر جزأ فيضمن بقدر ذلك .
و نظير ذلك ما قاله أصحابنا في حائط بين شريكين أثلاثا مال إلى الطريق فاشهد على أحدهما دون الآخر فسقط الحائط على رجل فقتله فعلى الذي أشهد عليه قدر نصيبه لأنه مات من ثقل الحائط و ثقل الحائط أثلاث كذا هذا و عليه الأجر لأنه استوفى المعقود عليه و هو حمل عشرة مخاتيم و إنما خالف في الزيادة و إنها استوفيت من غير عقد فلا أجر لها .
و كذا لو استأجر سفينة ليطرح فيها عشرة أكرار فطرح فيها أحد عشر فغرقت السفينة أنه يجب الضمان بقدر الزيادة عند عامة العلماء و عند زفر و ابن أبي ليلى يضمن قيمة كل سفينة لأن التلف حصل بقدر الزيادة فهي علة التلف .
ألا ترى أنه لو لم يزد لما حصل التلف و الجواب أن هذا ممنوع بل التلف حصل بالكل ألا ترى أن الكر الزائد لو انفرد لما حصل به التلف فثبت أن التلف حصل بالكل و البعض مأذون فيه ففيه الضمان و صار كمسألة الحائط .
و لو استأجر دابة ليحمل عليها مائة رطل من قطن فحمل عليها مثل وزنه حديدا أو أقل من وزنه فعطبت الدابة فيضمن قيمتها لأن ضرر الدابة ههنا ليس للثقل بل للانبساط و الاجتماع لأن القطن ينبسط على ظهر الدابة و الحديد يجتمع في موضع واحد فيكون أنكى لظهر الدابة و أعقر لها فلم يكن مأذونا فيه فصار غاصبا فيضمن و لا أجرة عليه لما قلنا .
و كذلك إذا استأجر ليحملها حنطة فحمل عليها حنطة أو خشبا أو آجرا أو حديدا أو حجارة أو نحو ذلك مما يكون أنكى لظهر الدابة أو أعقر له حتى عطبت يضمن كل القيمة ولا أجر عليه لما قلنا .
ولو استأجرها ليركبها فيحمل عليها أو استأجرها ليحمل عليها فركبها حتى عطبت ضمن لأن الجنس قد اختلف وقد يكون الضرر في أحدهما أكثر ولو استأجرها ليركبها فأركبها من هو مثله في الثقل أو أخف منه ضمن لأن الخلاف ههنا ليس من جهة الخفة و الثقل بل من حيث الخرق و العلم فإن خفيف البدن فإن خفيف البدن إذا لم يحسن الركوب يضر بالدابة و الثقيل الذي يحسن الركوب لا يضر بها فإذا عطبت علم أن التلف حصل من خرقه بالركوب فضمن و لا أجر عليه لما قلنا .
و لو استأجر دابة ليركبها بنفسه فأركب معه غيره فعطبت فهو ضامن لنصف قيمتها و لا يعتبر الثقل ههنا لأن تلف الدابة ليس من ثقل الراكب بل من قلة معرفته بالركوب فصار تلفها بركوبها بمنزلة تلفها بجراحتها و ركوب .
أحدهما مأذون فيه و ركوب الآخر غير مأذون فيه فيضمن نصف قيمتها و صار كحائط بين شريكين أثلاثا أشهد على أحدهما فوقعت منه آجرة فقتلت رجلا فعلى الذي أشهد عليه نصف ديته و إن كان نصيبه من الحائط أقل من النصف لأن التلف ما حصل بالثقل بل بالجرح و الجراحة اليسيرة كالكثيرة في حكم الضمان كمن جرح إنسانا جراحة و جرحه آخر جراحتين فمات من ذلك كان الضمان عليهما نصفين كذا ههنا و عليه الأجرة لأنه استوفى المعقود عليه و زيادة على ذلك و هو إركاب الغير غير أن الزيادة استوفيت من غير عقد فلا يجب بها الأجر .
هذا إذا كانت الدابة تطيق اثنين فإذا كانت لا تطيقهما فعليه جميع قيمتها لأنه أتلفها بإركاب غيره .
و لو استأجر حمارا بإكاف فنزعه منه و أسرجه فعطب فلا ضمان عليه لأن ضرر السرج أقل من ضرر الإكاف لأنه يأخذ من ظهر الدابة أقل مما يأخذ الإكاف : و لو استأجر حمارا بسرج فنزع منه السرج و أوكفه فعطب ذكر في الأصل أنه يضمن قدر ما زاد الإكاف على السرج و لم يذكر الاختلاف و ذكر في الجامع الصغير أنه يضمن كل القيمة في قول أبي حنيفة و في قولهما يضمن بحساب الزيادة .
و جه قولهما : أن الإكاف و السرج واحد منهما يركب به عادة و إنما يختلفان بالثقل و الخفة لأن الإكاف أثقل فيضمن بقدر الثقل كما لو استأجره بسرج فنزعه و أسرجه بسرج آخر أثقل من الأول فعطب أنه يضمن بقدر الزيادة كذا هذا .
و لأبي حنيفة : أن الإكاف لا يخالف السرج في الثقل و إنما يخالفه من وجه آخر و هو أنه يأخذ من ظهر الدابة أكثر مما يأخذ السرج و لأن الدابة التي لم تألف الإكاف يضر بها الإكاف و الخلاف إذا لم يكن للثقل يجب به جميع الضمان كما إذا حمل مكان القطن الحديد و نحو ذلك بخلاف ما إذا بدل السرج بسرج أثقل منه و الإكاف بإكاف أثقل منه لأن التفاوت هناك من ناحية الثقل فيضمن بقدر الزيادة كما في الزيادة على المقدرات من جنسها على ما مر .
و لو استأجر حمارا عاريا فأسرجه ثم ركب فعطب كان ضامنا لأن السرج أثقل على الدابة و قيل هذا إذا استأجره ليركبه في المصر و هو من غرض الناس ممن يركب في المصر بغير سرج فأما إذا استأجره ليركبه خارج المصر أو هو من ذوي الهيئات لا يضمن لأن الحمار لا يركب من بلد إلى بلد بغير سرج و لا إكاف و كذا ذو الهيئة فكان الإسراج مأذونا فيه دلالة فلا يضمن .
و إن استأجر حمارا بسرج فأسرجه بغيره فإن كان سرجا يسرج بممثله الحمر فلا ضمان عليه و إن كان لا يسرج بمثله الحمر فهو ضامن لأن الثاني إذا كان مما يسرج به الحمر لا يتفاوتان في الضرر فكان الإذن بأحدهما إذنا بالآخر دلالة و إذا كان مما يسرج بمثله الحمر بأن كان سرجا كبيرا كسروج البراذين كان ضرره أكثر فكان إتلافا للدابة فيضمن .
و كذلك إن لم يكن عليه لجام فألجمه فلا ضمان عليه إذا كان مثله يلجم بمثل ذلك اللجام و كذلك إن أبدله لأن الحمار لا يتلف بأصل اللجام فإذا كان الحمار قد يلجم بمثله أو أبدله بمثله لم يوجد منه الإتلاف و لا الخلاف فلا يضمن .
و أما الخلاف في المكان فنحو أن يستأجر دابة للركوب أو للحمل إلى مكان معلوم فجاوز ذلك المكان و حكمه أنه كما جاوز المكان المعلوم دخل المستأجر في ضمانه حتى لو عطب قبل العود إلى المكان المأذون فيه يضمن كل القيمة و لو عاد إلى المكان المأذون فيه هل يبرأ عن الضمان كان أبو حنيفة أولا يقول يبرأ كالمودع إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق و هو قول زفر و عيسى بن أبان من أصحابنا ثم رجع فقال : لا يبرأ حتى يسلمها إلى أصحابها سليمة و كذلك العارية بخلاف الوديعة .
وجه قوله الأول : أن الشيء أمانة في يده ألا ترى أنه لو هلك في يده قبل الخلاف لا ضمان عليه فكانت يده يد المالك فالهلاك في يده كالهلاك في يد المالك فأشبه الوديعة و لهذا لو هلك في يده ثم استحق بعد الهلاك و ضمنه المستحق يرجع على المؤاجر كالمودع سواء بخلاف المستعير فإنه لا يرجع .
وجه قوله الآخر : أن يد المستأجر يد نفسه لأن قبض الشيء لمنفعة نفسه فكانت يده يد نفسه لا يد المؤاجر و كذا يد المستعير لما قلنا و إذا كانت يده يد نفسه فإذا ضمن بالتعدي لا يبرأ من ضمانه إلا برده إلى صاحبه لأنه لا تكون الإعادة إلى المكان المأذون فيه ردا إلى يد نائب المالك فلا يبرأ من الضمان بخلاف الوديعة لأن يد المودع يد المالك لا يد نفسه .
ألا ترى انه لا ينتفع بالوديعة فكان العود إلى الوفاق ردا إلى يد نائب المالك فكان ردا إلى المالك معنى فهو الفرق .
و أما الرجوع على المؤاجر بالضمان فليس ذلك لكون يده يد المؤجر بل لأنه صار مغرورا من جهته كالمشتري إذا استحق المبيع من يده إنه يرجع على البائع بسبب الغرور كذا هذا .
و لو استأجرها ليركبها إلى مكان عينه فركبها إلى مكان آخر يضمن إذا هلكت و إن كان الثاني أقرب من الأول لأنه صار مخالفا لا اختلاف الطريق إلى الأماكن فكان بمنزلة اختلاف الجنس و لا أجرة عليه لما قلنا .
و لو ركبها إلى ذلك المكان الذي عينه لكن من طريق آخر ينظر إن كان الناس يسلكون ذلك الطريق لا يضمن لأنه لم يصر مخالفا و إن كان لا يسلكونه يضمن إذا هلكت لصيرورته مخالفا غاصبا بسلوكه و إن لم تهلك و بلغ الموضع المعلوم ثم رجع و سلم الدابة إلى صاحبها فعليه الأجر .
و لو استأجرها ليركبها أو ليحمل عليها إلى مكان معلوم فذهب بها و لم يركبها و لم يحمل عليها شيئا فعليه الأجر لأنه سلم المنافع إليه بتسليم محلها إلى المكان المعلوم فصار كما لو استأجر دارا ليسكنها فسلم المفاتيح إليه فلم يسكن حتى مضت المدة أنه يجب الأجر لما قلنا كذا هذا .
و لو أمسك الدابة في الموضع الذي استأجرها و لم يذهب بها إلى الموضع الذي استأجرها إليه فإن أمسكها على قدر ما يمسك الناس إلى أن يرتحل فهلك فلا ضمان عليه لأن جنس الدابة ذلك القدر مستثنى عادة فكان مأذونا فيه دلالة و إن حبس مقدار ما لا يحبس الناس مثله يومين أو ثلاثة فعطب يضمن لأنه خالف في المكان بالإمساك الخارج عن العادة فصار غاصبا فيضمن إذا هلك و لا أجر عليه لما قلنا .
و إن لم تهلك فأمسكها في بيته فلا أجر عليه لما مر أن الأجر بمقابلة تسليم الدابة في جميع الطرق و لم يوجد بخلاف ما إذا استأجرها عشرة أيام ليركبها فحبسها و لم يركبها حتى ردها يوم العاشر إن عليه الأجرة و يسع لصاحبها أن يأخذ الكراء و إن كان يعلم أنه لم يركبها لأن استحقاق الأجرة في الإجارات على الوقت بالتسليم في الوقت و قد وجد فتجب الأجرة كما في إجارة الدار و نحوها بخلاف الإجارة على المسافة فإن الاستحقاق هناك بالتسليم في جميع الطريق و لم يوجد فلا يجب .
و أما الخلاف في الزمان فنحو أن يستأجر دابة ليركبها أو يحمل عليها مدة معلومة فانتفع بها زيادة على المدة فعطبت في يده ضمن لأنه صار غاصبا بالانتفاع بها فيما وراء المدة المذكورة