وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الخيار في الاستئجار .
أما ثبوت الخيار فلما ذكرنا من الخلاف في الجنس وإنما وجب الأجر ههنا لأن الخلاف في الصفة لا يخرج العمل من أن يكون معقودا عليه فقد أتى بأصل المعقود عليه إلا أنه لم يأت بوصفه فمن حيث أنه لم يأت بوصفه المأذون فيه لم يجب المسمى ومن حيث إنه أتى بالأصل وجب أجر المثل و لا يجاوز به المسمى لأن هذا شأن أجر المثل لما نذكر إن شاء الله تعالى .
و روى هشام عن محمد فيمن دفع إلى رجل شبها ليضرب له طشتا موصوفا معروفا فضرب له كنوزا قال إن شاء ضمنه مثل شبهه و يصير الكوز للعامل و إن شاء أخذه و أعطاه أجر مثل عمله لا يجاوز به ما سمى لأن العقد وقع على الضرب و الصناعة صفة فقد فعل المعقود عليه بأصله و خالف في وصفه فيثبت للمستعمل الخيار .
و على هذا إذا دفع إلى حائك غزلا ليحوك له ثوبا صفيقا فحاك له ثوبا رقيقا أو شرط عليه أن يحوك له ثوبا رقيقا فحاكه صفيقا أن صاحب الغزل بالخيار إن شاء ضمنه غزله و إن شاء أخذ الثوب و أعطاه مثل أجر عمله لا يجاوز ما سمى .
و ذكر في الأصل : إذا دفع خفه إلى خفاف لينعله فأنعله بنعل لا ينعل بمثله الخفاف فصاحب الخف بالخيار إن شاء ضمنه خفه و عن شاء أخذه و أعطاه أجر مثله في عمله و قيمة النعل لا يجاوز به ما سمى و إن كان ينعل بمثله الخفاف فهو جائز و إن لم يكن جيدا .
و أما ثبوت الخيار إذا أنعله بما لا ينعل بمثله الخفاف فلأنه لم يأت بالمأمور به رأسا بل أتى بالمأمور به ابتداء فصار كالغاصب إذا أنعل الخف المغصوب فكان للمالك أن يضمنه كالغاصب و له أن يأخذ الخف لأن ولاية التضمين تثبت لحق المالك فإن رضي بالأخذ كان له ذلك و إذا أخذ أعطاه أجر مثله لأنه مأذون في العمل و قد أتى بأصل العمل و إنما خالف في الصفة فله أن يختاره و يعطيه أجر المثل و لا يعطيه المسمى لأن ذلك بمقابلة عمل موصوف و لم يأت بالصفة و يعطيه ما زاد النعل لأنه عين مال قائم للخفاف فصار بمنزلة الصبغ في الثوب و إنما جعل الخيار في هذه المسائل إلى صاحب الخف و الثوب لأنه صاحب متبوع و النعل و الصبغ تبع فكان إثبات الخيار لصاحب الأصل أولى و إن كان يفعل بمثله الخفاف فهو جائز و إن لم يكن جيدا لأن الإذن يتناول أدنى ما يقع عليه الاسم و قد وجد .
و لو شرط عليه جيدا فأنعله بغير جيد فإن شاء ضمنه قيمة الخف و إن شاء أخذ الخف و أعطاه أجر مثل عمله و قيمة ما زاد فيه و لا يجاوز به ما سمى لأن الرديء من جنس الجيد و يثبت الخيار لفوات الوصف المشروط .
و إن كان الخلاف في القدر نحو ما ذكر محمد في الأصل : في رجل دفع غزلا إلى حائك ينسجه له سبعا في أربع فخالف بالزيادة أو بالنقصان فإن خالف بالزيادة على الأصل المذكور فإن الرجل بالخيار إن شاء ضمنه مثل غزله و سلم الثوب و إن شاء أخذ الثوب و أعطاه الأجر المسمى .
أما ثبوت الخيار فلأنه لم يحصل له غرضه لأن الزيادة في قدر الذراع توجب نقصانا في الصفة و هي الصفاقة فيفوت غرضه فيثبت له الخيار و عن شاء ضمنه مثل غزله لتعديه عليه بتفويت منفعة مقصودة و إن شاء أخذه و أعطاه الأجر الذي سماه لأنه أتى بأصل العمل الذي هو معقود عليه و إنما خالف في الصفة و الخلاف في صفة العمل لا يخرج العمل من أن يكون معقودا عليه كمن اشترى شيئا فوجده معيبا حتى كان له أن يأخذه مع العيب و إن كان الخلاف في النقصان ففيه روايتان : .
ذكر في الأصل : أن له أن يأخذه و يعطيه من الأجر بحسابه و ذكر في رواية أخرى أن عليه أجر المثل .
وجه هذه الرواية : أنه لما نقص في القدر فقد فوت الغرض المطلوب من الثوب فصار كأنه عمل بحكم إجارة فاسدة ليس فيها أجر مسمى .
وجه رواية الأصل : أن العقد وقع على عمل مقدر و لم يأت بالمقدر فصار كما لو عقد على نقل كر من طعام إلى موضع كذا بدرهم فنقل بعضه أنه يستحق من الأجر بحسابه فكذا ههنا .
و إن أوفاه الوصف و هو الصفاقة و الذراع و زاد فيه فقد روى هشام عن محمد أن صاحب الثوب بالخيار إن شاء ضمنه مثل غزله و صار الثوب للصانع و إن شاء أخذ الثوب و أعطاه المسمى و لا يزيد للذراع الزائد شيئا و أما ثبوت الخيار فلتغير الصفة إذ الإنسان قد يحتاج إلى الثوب القصير و لا يحتاج إلى الطويل فيثبت له الخيار و لأنه إذا زاد في طوله فقد استكثر من الغزل فإن أخذه فلا أجر له في الزيادة لأنه مقطوع فيها حيث عملها بغير إذن صاحب الثوب فكان متبرعا فلا يستحق الأجر عليها .
و ذكر في الأصل : إذا أعطى صباغا ثوبا ليصبغه بعصفر ربع الهاشمي بدرهم فصبغه بقفيز عصفر وأقر رب الثوب بذلك فإن رب الثوب بالخيار إن شاء ضمنه قيمة ثوبه و إن شاء أخذ الثوب و أعطاه ما زاد العصفر فيه مع الأجر و ذكر القدوري أن مشايخنا ذكروا تفصيلا فقالوا إن هذا على وجهين : إن كان صبغه أولا بربع الهاشمي ثم صبغه بثلاثة أرباع القفيز فصاحب الثوب بالخيار إن شاء ضمنه قيمة ثوبه و إن شاء أخذه و أعطاه الأجر المسمى و ما زاد لثلاثة أرباع القفيز في الثوب لأنه لما أفرده بالصبغ المأذون فيه أولا و هو ربع الهاشمي فقد أوفى المعقود عليه و صار متعديا بالصبغ الثاني كأنه غصب ثوبا مصبوغا بالربع ثم صبغه بثلاثة أرباع فيثبت له الخيار إن شاء أخذ الثوب و أعطاه المسمى لأنه سلم له الصبغ المعقود عليه فيلزمه المسمى و يعطيه ما زاد الصبغ الثاني فيه لأنه عين مال قائمة للصباغ في الثوب و إن شاء ضمنه قيمة الثوب مصبوغا بربع القفيز و وجب له الأجر لأن الصبغ في حكم المقبوض من وجه لحصوله في ثوبه لكن يكمل القبض فيه لأنه لم يصل إلى يده فكان مقبوضا من وجه دون وجه فكان له فسخ القبض لتغير الصفة المقصودة و له أن يضمنه و يضمن الأجر .
و إن كان صبغه ابتداء بقفيز فله ما زاد الصبغ و لا أجر له لأنه لم يوف بالعمل المأذون فيه فلم يعمل المعقود عليه فيصير كأنه غصب ثوبا و صبغه بعصفر .
و روى ابن سماعة عن محمد خلاف ذلك و هو أن له أن يأخذ الثوب و يغرم الأجر و ما زاد العصفر فيه مجتمعا كان أو متفرقا لأن الصبغ لا يتشرب في الثوب دفعة واحدة بل شيئا فشيئا فيستوي فيه الاجتماع و الافتراق .
و أما الإجارة الفاسدة و هي : التي فاتها شرط من شروط الصحة فحكمها الأصلي هو ثبوت الملك للمؤاجر في أجر المثل لا في المسمى بمقابلة استيفاء المنافع المملوكة ملكا فاسدا لأن المؤاجر لم يرض باستيفاء المنافع إلا ببدل و لا وجه إلى إيجاب المسمى لفساد التسمية فيجب أجر المثل و لأن الموجب الأصلي في عقود المعاوضات هو القيمة لأن مبناها على المعادلة و القيمة هي العدل إلا أنها مجهولة لأنها تعرف بالحزر و الظن و تختلف باختلاف المقومين فيعدل منها إلى المسمى عند صحة التسمية فإذا فسدت وجب المصير إلى الموجب الأصلي و هو أجر المثل ههنا لأنه قيمة المنافع المستوفاة إلا أنه لا يزاد على المسمى في عقد فيه تسمية عند أصحابنا الثلاثة .
و عند زفر : يزاد و يجب بالغا ما بلغ بناء على أن المنافع عند أصحابنا الثلاثة غير متقومة شرعا بأنفسها و إنما تتقوم بالعقد بتقويم العاقدين و العاقدان ما قوماها إلا بالقدر المسمى فلو وجبت الزيادة على المسمى لوجبت بلا عقد و إنها لا تتقوم بلا عقد بخلاف البيع الفاسد فإن المبيع بيعا فاسدا مضمون بقيمته بالغا ما بلغ لأن الضمان هناك بمقابلة العين و الأعيان متقومة بأنفسها فوجب كل قيمتها و في قول زفر و به أخذ الشافعي هي متقومة بأنفسها بمنزلة الأعيان فكانت مضمونة بجميع قيمتها كالأعيان .
و هذا إذا كان في العقد تسمية فأما إذا لم يكن فيه تسمية فإنه يجب أجر المثل بالغا ما بلغ بالإجماع لأنه إذا لم يكن فيه تسمية الأجر لا يرضى باستيفاء المنافع من غبر بدل كان ذلك تمليكا بالقيمة التي هي الموجب الأصلي دلالة فكان تقويما للمنافع بأجر المثل إذ هو قيمة المنافع في الحقيقة و لا يثبت في هذه الإجارة شيء من الأحكام التي هي من التوابع إلا ما يتعلق بصفة المستأجر له فيه و هي كونه أمانة في يد المستأجر حتى لو هلك لا يضمن المستأجر لحصول الهلاك في قبض مأذون فيه من قبل المؤاجر .
و أما الإجارة الباطلة : و هي التي فاتها شرط من شرائط الانعقاد فلا حكم لها رأسا لأن ما لا ينعقد فوجوده في حق الحكم و عدمه بمنزلة واحدة و هو تفسير الباطل من التصرفات الشرعية كالبيع و نحوه و الله أعلم