وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب ما ينتهي به عقد الإجارة .
و أما بيان ما ينتهي به عقد الإجارة فعقد الإجارة ينتهي بأشياء .
منها : الإقالة لأنه معاوضة المال بالمال فكان محتملا للإقامة كالبيع .
و منها : موت من وقع له الإجارة إلا لعذر عندنا و عند الشافعي لا تبطل بالموت كبيع العين .
و الكلام فيه على أصل ذكرناه في كيفية انعقاد هذا العقد و هو أن الإجارة عندنا تنعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنافع شيئا فشيئا و إذا كان كذلك فما يحدث من المنافع في يد الوارث لم يملكها المورث لعدمها و الملك صفة الموجود لا المعدوم فلا يملكها الوارث إذ الوارث إنما يملك ما كان على ملك المورث فما لم يملكه يستحيل وراثته بخلاف بيع العين لأن العين ملك قائم بنفسه ملكه المورث إلى وقت الموت فجاز أن ينتقل منه إلى الوارث لأن المنافع لا تملك إلا بالعقد و ما يحدث منها في يد الوارث لم يعقد عليه رأسا لأنها كانت معدومة حال موت المورث و الوارث لم يعقد عليها فلا يثبت الملك فيها للوارث .
و عند الشافعي : منافع المدة تجعل موجودة للحال كأنها أعيان قائمة فأشبه بيع العين و البيع لا يبطل بموت أحد المتبايعين كذا الإجارة و على هذا يخرج ما إذا أجر رجلان دارا من رجل ثم مات أحد المؤجرين أن الإجارة تبطل في نصيبه عندنا و تبقى في نصيب الحي على حالها لأن هذا شيوع طارئ و أنه لا يؤثر في العقد في الرواية المشهورة لما بينا فيما تقدم .
و كذلك لو استأجر رجلان من رجل دارا فمات أحد المستأجرين فإن رضي الوارث بالبقاء على العقد و رضي العاقد أيضا جاز و يكون ذلك بمنزلة عقد مبتدأ و لو مات الوكيل بالعقد لا تبطل الإجارة لأن العقد لم يقع له و إنما هو عاقد و كذا لو مات الأب أو الوصي لما قلنا و كذا لو مات أبو الصبي في استئجار الظئر لا تنقض الإجارة لأن الإجارة وقعت للصبي و الظئر و هما قائمان و لو مات الظئر انتقضت الإجارة و كذا لو مات الصبي لأن كل واحد منهما معقود له .
و الأصل : أن الإجارة تبطل بموت المعقود له و لا تبطل بموت العاقد و إنما كان كذلك لأن استيفاء العقد بعد موت من وقع له العقد يوجب تغيير موجب العقد لأن من وقع له إن كان هو المؤاجر فالعقد يقتضي استيفاء المنافع من ملكه و لو بقيناه بعد موته لاستوفيت المنافع من ملك غيره و هذا خلاف مقتضى العقد و إن كان هو المستأجر فالعقد يقتضي استحقاق الأجرة من ماله .
و لو بقينا العقد بعد موته لاستحقت الأجرة من مال غيره و هذا خلاف موجب العقد بخلاف ما إذا مات من لم يقع العقد له كالوكيل و نحوه لأن العقد منه لا يقع مقتضيا استحقاق المنافع و لا استحقاق الأجرة من ملكه فإبقاء العقد بعد موته لا يوجب تغيير موجب العقد و كذلك الولي في الوقف إذا عقد ثم مات لا تنتقض الإجارة لأن العقد لم يقع له فموته لا يغير حكمه .
و لو استأجر دابة إلى مكة فمات المؤاجر في بعض المفازة فله أن يركبها أو يحمل عليها إلى مكة أو إلى أقرب الأماكن من المصر لأن الحكم ببطلان الإجارة ههنا يؤدي إلى الضرر بالمستأجر لما فيه من تعريض ماله و نفسه إلى التلف فجعل ذلك عذرا في بقاء الإجارة و هذا معنى قولهم إن الإجارة كما تفسخ بالعذر تبقى بالعذر .
و قالوا : فيمن اكترى إبلا إلى مكة ذاهبا و جائيا فمات الجمال في بعض الطريق فللمستأجر أن يركبها إلى مكة أو يحمل عليها و عليه المسمى لأن الحكم بانفساخ الإجارة في الطريق إلحاق الضرر بالمستأجر لأنه لا يجد ما يحمله و يحمل قماشه و إلحاق الضرر بالورثة إذا كانوا غيبا لأن المنافع تفوت من غير عوض فكان في استيفاء العقد نظر من الجانبين فإذا وصل إلى مكة رفع الأمر إلى الحاكم لأنه لا ضرر عليه في فسخ الإجارة عند ذلك لأنه يقدر على أن يستأجر من جمال آخر ثم ينظر الحاكم في الأصلح .
فإن رأى بيع الجمال و حفظ الثمن للورثة أصلح فعل ذلك و إن رأى إمضاء الإجارة إلى الكوفة أصلح فعل ذلك لأنه نصب ناظرا محتاطا و قد يكون أحد الأمرين أحوط فيختار ذلك قالوا : و الأفضل إذا كان المستأجر ثقة أن يمضي القاضي الإجارة .
و الأفضل إن كان غير ثقة أن يفسخها فإن فسخها و قد كان المستأجر عجل الأجرة سمع القاضي بينته عليها و قضاه من ثمنها لأن الإجارة إذا انفسخت فللمستأجر إمساك العين حتى يستوفي جميع الأجرة و قام القاضي مقام الغائب فنصب له خصما و سمع عليه البينة .
و لو مات أحد ممن وقع لع عقد الإجارة قبل انقضاء المدة و في الأرض المستأجرة زرع لم يستحصد يترك ذلك في الأرض إلى أن يستحصد و يكون على المستأجر أو على ورثته ما سمى من الأجر لأن في الحكم بالانفساخ و قلع الزرع ضررا بالمستأجر و في الإبقاء من غير عوض ضررا بالوارث و يمكن توفير الحقين من غير ضرر بإبقاء الزرع إلى أن يستحصد بالأجر فيجب القول به و إنما وجب المسمى استحسانا .
و القياس : أن يجب أجر المثل لأن العقد انفسخ حقيقة بالموت و إنما بقيناه حكما فأشبه شبهة العقد و استيفاء المنافع بشبهة العقد توجب أجر المثل كما لو استوفاها بعد انقضاء المدة .
وجه الاستحسان : أن التسمية تناولت هذه المدة فإذا مست الضرورة إلى الترك بعوض كان إيجاب العوض المسمى أولى لوقوع التراضي بخلاف الترك بعد انقضاء المدة لأن التسمية لم تتناول ما بعد انقضاء المدة فتعذر إيجاب المسمى فوجب أجر المثل .
و منها : هلاك المستأجر و المستأجر فيه لوقوع اليأس عن استيفاء المعقود عليه بعد هلاكه فلم يكن في بقاء العقد فائدة حتى لو كان المستأجر عبدا أو ثوبا أو حليا أو ظرفا أو دابة معينة فهلك أو هلك الثوب المستأجر فيه للخياطة أو للقصارة بطلت الإجارة لما قلنا .
و إن كانت الإجارة على غير دواب بغير أعيانها فسلم إليه دواب فقبضها فماتت لا تبطل الإجارة و على المؤاجر أن يأتيه بغير ذلك لأنه هلك ما لم يقع عليه العقد لأن الدابة إذا لم تكن معينة فالعقد يقع على منافع في الذمة و إنما تسلم العين ليقيم منافعها مقام ما في ذمته فإذا هلك بقي ما في الذمة بحاله فكان عليه أن يعين غيرها و قد ذكرنا اختلاف إشارة الروايات في الدار إذا انهدم كلها أو انقطع الماء عن الرحى أو الشرب من الأرض أن الإجارة تنفسخ أو يثبت حق الفسخ فيما تقدم و على هذا أيضا يخرج موت الظئر أن الإجارة تبطل به لأنها مستأجرة .
و منها : انقضاء المدة إلا لعذر لأن الثابت إلى غاية ينتهي عند وجود الغاية فتنفسخ الإجارة بانتهاء المدة إلا إذا كان ثمة عذر بأن انقضت المدة و في الأرض زرع و لم يستحصد فإنه يترك إلى أن يستحصد بأجر المثل بخلاف ما إذا انقضت المدة و في الأرض رطبة أو غرس أنه يؤمر بالقلع لأن في ترك الزرع إلى أن يدرك مرعاة الحقين و النظر من الجانبين لأن لقطعه غاية معلومة فأما الرطبة فليس لقطعها غاية معلومة فلو لم تقطع لتعطلت الأرض على صاحبها فيتضرر به و بخلاف الغاصب إذا زرع الأرض المغصوبة أن يؤمر بالقلع و لا يترك إلى وقت الحصاد بأجر لأن الترك في الإجارة لدفع الضرر عن المستأجر نظر له و هو مستحق للنظر لأنه زرع بإذن المالك فأما الغاصب فظالم متعد في الزرع فلا يستحق النظر بالترك مع ما أنه هو الذي أضر بنفسه حيث زرع أراضي غيره بغير حق فكان مضافا إليه .
و منها عجز المكاتب بعد ما استأجر شيئا أنه يوجب بطلان الإجارة بلا خلاف لأن الأجرة استحقت من كسب المكاتب و بالعجز يبطل كسبه فتبطل الإجارة إذ لا سبيل إلى إيجابها من مال المولى فإن عجز بعد ما استأجر فالإجارة باقية في قول أبي يوسف .
و قال محمد : تبطل و الكلام فيه راجع إلى أصل نذكره في كتاب الهبة في كيفية ملك المولى كسب المكاتب عند عجزه أن عند أبي يوسف كسب المكاتب موقوف ملكه في الحقيقة على عجزه أو عتقه فإن عجز ملكه المولى من الأصل و إن عتق ملكه المكاتب من الأصل و عند محمد هو ملك المكاتب ثم إذا عجز انتقل إلى المولى كما ينتقل الملك من الميت إلى ورثته بالموت .
و وجه البناء على هذا الأصل : أن عند أبي يوسف لما وقع الملك للمولى في الكسب من حين وجوده صار كأن الإجارة وجدت من المولى فلا تنتقض بعجز المكاتب و لما كان الملك للمولى فيه من طريق الانتقال من المكاتب عند عجزه على أصل محمد صار بمنزلة انتقال الملك من الميت إلى وارثه عند عجزه و ذلك يوجب انتقاض الإجارة كذا هذا .
و أصل هذه المسألة في المكاتب إذا وهبت له هبة ثم عجز أن للواهب أن يرجع في قول أبي يوسف و عند محمد لا يرجع و سنذكره في كتاب الهبة و الله عز و جل أعلم