وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

التملك قبل القبض .
و أما بيان ما يتملك به فنقول و بالله التوفيق : ثمن المشتري لا يخلو إما أن يكون مما له مثل كالمكيلات و الموزونات و العدديات المتقاربة و إما أن يكون مما لا مثل له كالزروعات و المعدودات المتفاوتة كالثوب و العبد و نحو ذلك فإن كان مما له مثل فالشفيع يأخذ بمثله لأن فيه تحقيق معنى الأخذ بالشفعة إذ هو تمليك بمثل ما تملك به المشتري و إن كان مما لا مثل له يأخذ بقيمته عند عامة العلماء و قال أهل المدينة يأخذ بقيمة المشترى .
وجه قولهم : أن المصير إلى قيمة المبيع عند تعذر إيجاب المسمى من الثمن هو الأصل في الشريعة كما في البيع الفاسد و ههنا تعذر الأخذ بالمسمى فصار إلى قيمة الدار و العقار .
و لنا : أن الأخذ بالشفعة يملك بمثل ما تملك به المشتري فإن كان الثمن الذي تملك به المشتري من ذوات الأمثال كان الأخذ به تملكا بالمثل بالمثل صورة و معنى و إن لم يكن من ذوات الأمثال كان الأخذ بقيمته تملكا بالمثل معنى لأن قيمته مقدار ماليته بتقويم المقومين لهذا سميت قيمته لقيامه مقامه فكان مثله معنى و أما قيمة الدار فلا تكون مثل العبد و الثوب لا صورة و لا معنى فالتملك بها لا يكون تملكا بالمثل فلا يتحقق معنى الأخذ بالشفعة و لو تبايعا دارا بدار فلشفيع كل واحدة من الدارين أن يأخذها بقيمتها لأن الدار ليست من ذوات المثال فلا يمكن الأخذ بمثلها فيأخذ بقيمتها كالعبد و الثوب .
و على هذا يخرج ما لو اشترى دارا بعرض و لم يتقابضا حتى هلك العرض بطل البيع فيما بين البائع و المشتري و للشفيع الشفعة و كذلك لو كان المشتري قبض الدار و لم يسلم العرض حتى هلك .
أما بطلان البيع فيما بين البائع و المشتري فلأن العرض مبيع إذ المبيع في الأصل ما يتعين بالتعيين في البيع فكان مبيعا و هلاك المبيع قبل القبض يوجب بطلان البيع لتعذر التسليم بعد الهلاك فلم يكن في إبقاء العقد فائدة فيبطل .
و أما بقاء الشفعة للشفيع فلأن الواجب عليه قيمة العرض لا عينه و القيمة مقدور التسليم في حقه فكان بقاء العرض في حق الشفيع و هلاكه بمنزلة واحدة ثم الشفيع إنما يأخذ بما وجب بالعقد لا بما أعطى بدلا من الواجب لما ذكرنا أن الأخذ بالشفعة يملك بمثل ما تملك به المشتري و المشتري تملك المبيع بالمسمى و هو الواجب بالعقد فيأخذه الشفيع به حتى لو اشترى الدار بالدراهم و الدنانير ثم دفع مكانها عرضا فالشفيع يأخذ بالدراهم و الدنانير لا بالعرض لأن الدراهم و الدنانير هي الواجبة بالعقد .
و أما العرض فإنما أخذه البائع بعقد آخر و هو الاستبدال فلم يكن واجبا بالعقد فصار كأن البائع اشترى بالثمن عرضا ابتداء ثم حضر الشفيع و لو كان كذلك لكان يأخذ بالثمن لا بالعرض كذا هذا و الله عز و جل أعلم .
و لو زاد المشتري البائع في الثمن فالزيادة لا تلزم الشفيع لأن الشفيع إنما يأخذ بما وجب بالعقد و الزيادة ما وجبت بالعقد في حق الشفيع لانعدامها وقت العقد حقيقة إلا أنها جعلت موجودة عند العقد في حق المتعاقدين تصحيحا لتصرفهما فلا يظهر الوجود في حق الشفيع فلم تكن الزيادة ثمنا في حقه بل كانت هبة مبتدأة فلا تتعلق بها الشفعة كالهبة المبتدأة .
و لو حط البائع عن المشتري أو أبرأه عن البعض فالشفيع يأخذ بما بقي لأن حط بعض الثمن يلتحق بأصل العقد و يظهر في حق الشفيع لما بينا و لأن في تصحيح الزيادة ثمنا في حق الشفيع ضررا به و لا ضرر عليه في الحط و لو حط جميع الثمن يأخذ الشفيع بجميع الثمن و لا يسقط عنه شيء لأن حط كل الثمن لا يلتحق بأصل العقد لأنه لو التحق لبطل البيع لأنه يكون بيعا بلا ثمن فلم يصح الحط في حق الشفيع و التحق في حقه بالعدم فيأخذ بجميع الثمن و لا يسقط عنه شيء لأن حط كل الثمن لا يلتحق بأصل العقد و صح في حق المشتري و إن كان إبراء له عن الثمن .
و لو اشترى دارا بثمن مؤجل فالشفيع بالخيار إن شاء أخذها بثمن حال و إن شاء انتظر مضي الأجل فأخذ عند ذلك و ليس له أن يأخذها للحال بثمن مؤجل لأن الشفيع إنما يأخذ بما وجب بالبيع و الأجل لم يجب بالبيع و إنما وجب بالشرط و الشرط لم يوجد في حق الشفيع و لهذا لم يثبت خيار المشتري للشفيع بأن اشترى على أنه بالخيار لأن ثبوته بالشرط و لم يوجد من الشفيع و كذا البراءة عن العيب لا تثبت في حق الشفيع لأن ثبوتها بالشرط و لم يوجد مع الشفيع كذا هذا و له أن يمتنع من الأخذ في الحال لأن الشفيع غير مجبور على الأخذ بالشفعة .
و لو اختار الشفيع أخذ الدار بثمن حال كان الثمن للبائع على المشتري إلى أجل لأن الأخذ من المشتري منه بمنزلة التملك المبتدأ كأنه اشترى منه فلا يوجب بطلان البيع الأول فبقي الأول على حاله فكان الثمن على حاله إلى أجله و روي عن أبي يوسف في شراء الدار بثمن مؤجل أنه يجب على الشفيع أن يطلب عنه علمه بالبيع فإن سكت إلى حين محل الأجل فذلك تسليم منه ثم رجع و قال : إذا طلب عند حل الأجل فله الشفعة و إن لم يطلب عند علمه بالبيع .
وجه قول الأول : أن وقت الطلب هو وقت العلم بالبيع لا وقت حل الأجل فقد أخره عن وقته من غير عذر فبطل الحق .
وجه قوله الآخر : أن الطلب لا يراد لعينه بل لتأكد الحق و استقراره و التأكيد لا يراد لنفسه بل لإمكان الأخذ و له أن لا يأخذ قبل حل الأجل فله أن لا يطلب قبل حله أيضا و الله تعالى أعلم