وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

محل إقامة الواجب .
و أما محل إقامة الواجب فهذا الفصل يشتمل على بيان جنس المحل الذي يقام منه الواجب و نوعه و جنسه و سنه و قدره و صفته أما جنسه فهو أن يكون من الأجناس الثلاثة : الغنم أو الإبل أو البقر و يدخل في كل جنس نوعه و الذكر و الأنثى منه و الخصي و الفحل لانطلاق اسم الجنس على ذلك و المعز نوع من الغنم و الجاموس نوع من البقر بدليل أنه يضم ذلك إلى الغنم و البقر في باب الزكاة و لا يجوز في الأضاحي شيء من الوحش لأن وجوبها عرف بالشرع و الشرع لم يرد بالإيجاب إلا في المستأنس فإن كان متولدا من الوحشي و الأنسي فالعبرة بالأم فإن كانت أهلية يجوز و إلا فلا حتى إن البقرة الأهليه إذا نزا عليها ثور وحشي فولدت ولدا فإنه يجوز أن يضحى به .
و إن كانت البقرة وحشية و الثور أهليا لم يجز لأن الأصل في الولد الأم لأنه ينفصل عن الأم و هو حيوان متقوم تتعلق به الأحكام و ليس ينفصل عن الأب إلا ماء مهين لا حظر له و لا يتعلق به حكم و لهذا يتبع الولد الأم في الرق و الحرية إلا أنه يضاف إلى الأب في بني آدم تشريفا للولد و صيانة له عن الضياع و إلا فالأصل أن يكون مضافا إلى الأم .
و قيل : إذا نزا ظبي على شاة أهلية فإن ولدت شاة تجوز التضحية بها و إن ولدت ظبيا لا تجوز و قيل إن ولدت الرمكة من حمار وحشي حمارا لا يؤكل و إن ولدت فرسا فحكمه حكم الفرس و إن ضحى بظبية و حشية ألفت أو ببقرة وحشية ألفت لم يجز لأنها وحشية في الأصل و الجوهر فلا يبطل حكم الأصل بعارض نادر و الله عز شأنه الموفق .
و أما سنه : فلا يجوز شيء مما ذكرنا من الإبل و البقر و الغنم من الأضحية إلا الثني من كل جنس إلا الجذع من الضأن خاصة إذا كان عظيما لما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ ضحوا بالثنايا إلا أن يعز على أحدكم فيذبح الجذع في الضأن ] .
و روي عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ يجزئ الجذع من الضأن عما يجزئ فيه الثني من المعز ] و [ روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج من المصلى فشم قتارا فقال ما هذا ؟ فقالوا أضحية أبي بردة فقال عليه الصلاة و السلام : تلك شاة لحم فجاء أبو بردة فقال : يا رسول الله عندي عناق خير من شاتي لحم فقال عليه الصلاة و السلام : تجزي عنك و لا تجزي عن أحد بعدك ] و روي عن البراء بن عاذب Bه أنه قال : [ خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم عيد فقال : إن أول نسككم هذه الصلاة ثم الذبح فقام إليه خالي أبو بردة بن نيار فقال : يا رسول الله كان يومنا نشتهي فيه اللحم فعجلنا فذبحنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فأبدلها فقال : يا رسول الله عندي ماعز جذع فقال : هي لك و ليس لأحد بعدك ] .
و روي أن رجلا قدم المدينة بغنم جذاع فلم تنفق معه فذكر ذلك لأبي هريرة Bه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : [ نعمت الأضحية الجذع من الضأن ] و روي الجذع السمين من الضأن فلما سمع الناس هذا الحديث انتهبوها أي تبادروا إلى شرائها و تخصيص هذه القربة بسن دون سن أمر لا يعرف إلا بالتوقيف فيتبع ذلك .
و أما معاني هذه الأسماء فقد ذكر القدوري C أن الفقهاء قالوا : الجذع من الغنم ابن ستة أشهر و الثني منه ابن سنة و الجذع من البقر ابن سنة و الثني ابن سنتين و الجذع من الإبل ابن أربع سنين و الثني منها ابن خمس و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي في الثني من الإبل ما تم له أربع سنين و طعن في الخامسة و ذكر الزعفراني في الأضاحي الجذع ابن ثمانية أشهر أو تسعة أشهر و الثني من الشاة و المعز ما تم له حول و طعن في السنة الثانية و من البقر ما تم له حولان و طعن في السنة الثالثة و من الإبل ما تم له خمس سنين و طعن في السنة السادسة و تقدير هذه الأسنان بما قلنا لمنع النقصان لا لمنع الزيادة حتى لو ضحى بأقل من ذلك سنا لا يجوز و لو ضحى بأكثر من ذلك يجوز و يكون أفضل و لا يجوز في الأضحية حمل و لا جدي و لا عجل و لا فصيل لأن الشرع إنما ورد بالأسنان التي ذكرنا و هذه لا تسمى بها و أما قدره فلا يجوز الشاة و المعز إلا عن واحد و إن كانت عظيمة سمينة تساوي شاتين مما يجوز أن يضحى بهما لأن القياس في الإبل و البقر أن لا يجوز فيهما الاشتراك لأن القربة في هذا الباب إراقة الدم و إنها لا تحتمل التجزئة لأنها ذبح واحد و إنما عرفنا جواز ذلك بالخبر فبقي الأمر في الغنم على أصل القياس .
فإن قيل : أليس أنه روي [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه و الآخر عمن لا يذبح من أمته ] فكيف ضحى بشاة واحدة عن أمته عليه الصلاة و السلام .
فالجواب : أنه عليه الصلاة و السلام إنما فعل ذلك لأجل الثواب و هو أنه جعل ثواب تضحيته بشاة واحدة لأمته لا للأجزاء و سقوط التعبد عنهم و لا يجوز بعير واحد و لا بقرة واحدة عن أكثر من سبعة و يجوز ذلك عن سبعة أو أقل من ذلك و هذا قول عامة العلماء و قال مالك C يجزي ذلك عن أهل بيت واحد و إن زادوا على سبعة و لا يجزي عن أهل بيتين و إن كانوا أقل من سبعة و الصحيح قول العامة لما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ البدنة تجزي عن سبعة و البقرة تجزي عن سبعة ] .
و عن جابر Bه قال : [ نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم البدنة عن سبعة و البقرة عن سبعة ] من غير فصل بين أهل بيت أو بيتين و لأن القياس يأبى جوازها عن أكثر من واحد لما ذكرنا أن القربة في الذبح و أنه فعل واحد لا يتجزأ لكنا تركنا القياس بالخبر المقتضي للجواز عن سبعة مطلقا فيعمل بالقياس فيما وراءه لأن البقرة بمنزلة سبع شياه ثم جازت التضحية بسبع شياه عن سبعة سواء كانوا من أهل بيت أو بيتين فكذا البقرة .
و منهم من فصل بين البعير و البقرة فقال البقرة لا تجوز عن أكثر من سبعة فأما البعير فإنه يجوز عن عشرة و رووا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ البدنة تجزي عن عشرة ] و نوع من القياس يؤيده و هو أن الأبل أكثر قيمة من البقر و لهذا فضلت الإبل على البقر في باب الزكاة و الديات فتفضل في الضحية أيضا .
و لنا : أن الأخبار إذا اختلفت في الظاهر يجب الأخذ بالاحتياط و ذلك فيما قلنا لأن جوازه عن سبعة ثابت بالاتفاق و هو الزيادة اختلاف فكان الأخذ بالمتفق عليه أخذا بالمتيقن .
و أما ما ذكروا من القياس فقد ذكرنا أن الاشتراك في هذا الباب معدول به عن القياس و استعمال القياس فيما هو معدول به عن القياس ليس من الفقه و لا شك في جواز بدنة أو بقرة عن أقل من سبعة بأن اشترك اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة في بدنة أو بقرة لأنه لما جاز السبع فالزيادة أولى و سواء اتفقت الأنصباء في القدر أو اختلفت بأن يكون لأحدهم النصف و للآخر الثلث و لآخر السدس بعد أن لا ينقص عن السبع .
و لو اشترك سبعة في خمس بقرات أو في أكثر فذبحوها أجزأهم لأن لكل واحد منهم في كل بقرة سبعها و لو ضحوا ببقرة واحدة أجزأهم فالأكثر أولى و لو اشترك ثمانية في سبع بقرات لم يجزهم أن كل بقرة بينهم على ثمانية أسهم فيكون لكل واحد منهم أنقص من السبع .
و كذلك إذا كانوا عشرة أو أكثر فهو على هذا و لو اشترى ثمانية في ثمانية من البقر فضحوا بها لم تجزهم لأن كل بقرة تكون بينهم على ثمانية أسهم و كذلك إذا كان البقر أكثر لم تجزهم و لا رواية في هذه الفصول و إنما قيل إنه لا يجوز بالقياس و لو اشترك سبعة في سبع شياه بينهم فضحوا بها القياس أن لا تجزئهم لأن كل شاة تكون بينهم على سبعة أسهم و في الاستحسان يجزيهم و كذلك لو اشترى اثنان شاتين للتضحية فضحيا بهما بخلاف عبدين بين اثنين عليهما كفارتان فأعتقاهما عن كفارتيهما أنه لا يجوز لأن الأنصباء تجتمع في الشاتين ولا تجتمع في الرقيق بدليل أنه يجبر على القسمة في الشاة ولا يجبر في الرقيق ألا ترى أنها لا تقسم قسمة جمع في قول أبي حنيفة Bه و على هذا ينبغي أن يكون في الأول قياس و استحسان و المذكور جواب القياس و أما صفته فهي أن يكون سليما عن العيوب الفاحشة و سنذكرها في بيان شرائط الجواز بعون الله تعالى و الله الموفق