وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

القسم الأول من : شروط النذر .
و منها : أن يكون قربة فلا يصح النذر بما ليس بقربة رأسا كالنذر بالمعاصي بأن يقول لله عز شأنه علي أن أشرب الخمر أو أقتل فلانا أو أضربه أو أشتمه و نحو ذلك لقوله عليه الصلاة و السلام : [ لا نذر في معصية الله تعالى ] و قوله صلى الله عليه و سلم : [ من نذر أن يعصي الله تعالى فلا يعصيه ] و لأن حكم النذر وجوب المنذور به و وجوب فعل المعصية محال و كذا النذر بالمباحات من الأكل و الشرب و الجماع و نحو ذلك لعدم وصف القربة لاستوائهما فعلا و تركا و كذا لو قال : علي طلاق امرأتي لأن الطلاق ليس بقربة فلا يلزم بالنذر و هل يقع الطلاق به فيه كلام نذكره إن شاء الله تعالى .
و منها : أن يكون قربة مقصودة فلا يصح النذر بعيادة المرضى و تشييع الجنائز و الوضوء و الاغتسال و دخول المسجد و مس المصحف و الأذان و بناء الرباطات و المساجد و غير ذلك و إن كانت قربا لأنها ليست بقرب مقصودة و يصح النذر بالصلاة و الصوم و الحج و العمرة و الإحرام بهما و العتق و البدنة و الهدي و الاعتكاف و نحو ذلك لأنها قرب مقصودة و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ من نذر أن يطع الله تعالى فليطعه ] .
و قال صلى الله عليه و سلم : [ من نذر و سمى فعليه وفاؤه بما سمى ] إلا أنه خص منه المسمى الذي ليس بقربة أصلا و الذي ليس بقربة مقصودة فيجب العمل بعمومه فيما وراءه .
و من مشايخنا من أصل في هذا أصلا فقال : ما له أصل في الفروض يصح النذر به و لا شك أن ما سوى الاعتكاف من الصلاة و الصوم و غيرهما له أصل في الفروض و هو الوقوف بعرفة و ما لا أصل له في الفروض لا يصح النذر به كعيادة المرضى و تشييع الجنازة و دخول المسجد و نحوها و علل بأن النذر بإيجاب العبد فيعتبر بإيجاب الله تعالى و لو قال لله علي أن أصوم يوم النحر أو أيام التشريق يصح نذره عند أصحابنا الثلاثة و يفطر و يقضي .
و قال زفر C و الشافعي : لا يصح نذره لهما أنه نذر بما هو معصية لكون الصوم في أيام التشريق منهيا عند قوله عليه الصلاة و السلام : [ ألا لا تصوموا في هذه الأيام فإنها أيام أكل و شرب ] و المنهي عنه يكون معصية و النذر بالمعاصي لا يصح لما بينا .
و الدليل عليه : أن الصوم في هذه الأيام لا يلزم بالشروع و لا يضمن بالقضاء عند الإفساد بأن أصبح صائما ثم أفطر .
و لنا : أنه نذر بقربة مقصودة فيصح النذر كما لو نذر بالصوم في غير هذه الأيام و دلالة الوصف النص و المعقول .
أما النص : [ فقوله عليه الصلاة و السلام خبرا عند الله تعالى جل شأنه : الصوم لي و أنا أجزي به ] من غير فصل .
و أما المعقول فهو : أنه سبب التقوى و الشكر و مواساة الفقراء لأن الصائم في زمان الصوم يتفي الحلال فالحرام أولى و يعرف قدر نعم الله تعالى جل شأنه عليه بما تجشم من مرارة الجوع و العطش فيحمله ذلك على الشكر و على الإحسان إلى الفقراء لما عرف قدر مقاساة المبتلى بالجوع و الفقر و هذه المعاني موجودة في الصوم في هذه الأيام و أنها معاني مستحسنة عقلا و النهي لا يرد عما عرف حسنه عقلا لما فيه من التناقض فيحمل على غير مجاور له صيانة لحجج الله تعالى عن التناقض عملا بالدلائل بقدر الإمكان .
و أما فصل الشروع و القضاء فممنوع عند أبي يوسف و محمد رحمهما الله و عند أبي حنيفة عليه الرحمة إنما يلزم بالشروع و لا يجب القضاء بالإفطار لأن لزوم الإتمام في صوم التطوع لضرورة صيانة المؤدى عن الإبطال لأن إبطال العمل حرام و ههنا صاحب الحق و هو الله تعالى جلت عظمته رضي بإبطال حقه فلا يحرم الإبطال فلا يلزم الإتمام و وجوب القضاء ضرورة لزوم الإتمام فإذا لم يلزم لا يجب .
و لو قال : علي المشي إلى بيت الله تعالى أو إلى الكعبة أو إلى مكة أو إلى بكة فعليه حجة أو عمرة ماشيا و إن شاء ركب و عليه ذبح شاة لركوبه .
و جملة الكلام فيه : أن المكان نوعان : مكان يصح الدخول فيه بغير إحرام و هو ما سوى الحرم كمسجد المدينة على صاحبها أفضل الصلاة و السلام و مسجد بيت المقدس و غيرهما من سائر المساجد و الأماكن و مكان لا يصح الدخول فيه بغير إحرام و هو الحرم و الحرم مشتمل على مكة و مكة على المسجد الحرام و المسجد الحرام على الكعبة فالناذر إما أن يسمي في النذر الكعبة أو بيت الله تعالى أو مكة أو بكة أو الحرم أو المسجد الحرام و الأفعال التي يوجبها على نفسه شبه ألفاظ المشي و الخروج و السفر و الركوب و الذهاب و الإياب فإن أوجب على نفسه شيئا من هذه الأفعال و أضافه إلى مكان يصح دخوله فيه بغير إحرام لا يصح إيجابه لأنه أوجب على نفسه التحويل من مكان إلى مكان و ذا ليس بقربة مقصودة و لا يصح النذر بما ليس بقربة .
و الدليل عليه ما [ روي أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله إني نذرت إن فتح لك مكة أن أصلي مائتي ركعة في مائة مسجد فقال عليه الصلاة و السلام : صلي في مسجد واحد ] فلم يصحح عليه الصلاة و السلام نذرها بالصلاة في كل مسجد و النذر بخلاف اليمين نعقد بهذه الألفاظ بأن يقول : و الله لأذهبن إلى موضع كذا أو لأسافرن أو غيرهما من الألفاظ لأن اليمين لا يقف انعقادها على كون المحلوف عليه قربة بل ينعقد على القربة و غيرها بخلاف النذر و إن أضاف إيجاب شيء من هذه الأفعال إلى المكان الذي لا يصح الدخول فيه بغير إحرام ينظر فإن أضاف إيجاب ما سوى المشي إليه لا يصح و لا يلزمه شيء لما ذكرنا أن التحول من مكان إلى مكان ليس بقربة في نفسه و إن أضاف إيجاب المشي إليه فإن ذكر سوى ما ذكرنا من الأمكنة من الكعبة و بيت الله تعالى و مكة و بكة و المسجد الحرام و الحرم بأن أوجب على نفسه المشي إلى الصفا و المروة و مسجد الخيف و غيرها من المساجد التي في الحرم لا يصح نذره بلا خلاف و إن ذكر الكعبة و بيت الله عز شأنه أو مكة أو بكة يصح نذره و يلزمه حجة أو عمرة ماشيا و إن شاء ركب و ذبح لركوبه شاة و هذا استحسان و القياس أن لا يصح و لا يلزمه شيء .
و جه القياس : أن شرط صحة النذر أن يكون المنذور به قربة مقصودة و لا قربة في نفس المشي و إنما القربة في الإحرام و إنه ليس بمذكور و لهذا لم يصح بسائر الألفاظ سوى لفظ المشي .
وجه الاستحسان : أن هذا الكلام عندهم كناية عن التزام الإحرام يستعملونه لالتزام الإحرام بطريق الكناية من غير أن يعقل فيه وجه الكناية بمنزلة قوله لله علي أن أضرب بثوبي حطيم الكعبة كناية عن التزام الصدقة باصطلاحهم و الإحرام يكون بالحجة أو بالعمرة فيلزمه أحدهما بخلاف سائر الألفاظ فإنها ما جرت عادتهم بالتزام الإحرام بها و المعتبر في الباب عرفهم و عادتهم و لا عرف هناك فيلزمه ذلك ماشيا لأنه التزم المشي و فيه زيادة قربة .
[ قال النبي عليه الصلاة و السلام : من حج ماشيا فله في كل خطوة حسنة من حسنات الحرم قيل : و ما حسنات الحرم قال عليه الصلاة و السلام : واحدة بسبعمائة ] فجاز التزامه بالنذر كصفة التتابع في الصوم فيمشي حتى يطوف طواف الزيارة لأن بذلك يقع الفراغ من أركان الحج إلا أن له أن يركب و يذبح لركوبه شاة لما [ روي أن أخت أبي سعيد الخدري Bهما نذرت أن تحج ماشية فقال النبي عليه الصلاة و السلام لأبي سعيد الخدري : إن الله تعالى غني عن تعذيب أختك مرها فلتركب و لترق دما ] .
و ما [ روي في بعض الروايات أن عقبة بن عامر الجهني سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إن أختي نذرت أن تحج البيت ماشية غير مختمرة فقال عليه الصلاة و السلام : إن الله غني عن تعذيب أختك فلتركب و لتهد شاة ] و [ في بعضها أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى بيت الله تعالى حافية حاسرة فذكر ذلك عقبة لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال عليه الصلاة و السلام : إن الله تعالى غني عن عناء أختك مرها فلتركب و لتهد شاة و تحرم إن شاءت بحجة و إن شاءت بعمرة ] .
و روي عن سيدنا علي Bه أنه قال : من جعل على نفسه الحج ماشيا حج و ركب وذبح لركوبه شاة رواه في الأصل و إنما استوى فيه لفظ الكعبة و بيت الله و مكة و بكة لأن كل واحد من هذه الألفاظ يستعمل عند استعمال الآخر يقال فلان مشى إلى بيت الله و إلى الكعبة و إلى مكة و إلى بكة و C يقال مشى إلى الصفا و المروة و إن ذكر المسجد الحرام أو الحرم قال أبو حنيفة C : لا يصح نذره و لا يلزمه شيء و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله : يلزمه حجة أو عمرة .
وجه قولهما : أن الحرم مشتمل على البيت و على مكة فصار كأنه قال علي المشي إلى بيت الله و إلى مكة .
و لأبي حنيفة C : أن القياس أن لا يجب شيء بإيجاب المشي نفسه المضاف إلى مكان ما لما ذكرنا أن المشي ليس بقربة مقصودة إذ هو انتقال من مكان إلى مكان فليس في نفسه قربة و لهذا لا يجب بسائر الألفاظ إلا أنا أوجبنا عليه الإحرام في لفظ المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى مكة أو إلى بكة للعرف حيث تعارفوا استعمال ذلك كناية عن التزام الإحرام و لم يتعارفوا استعمال غيرها من الألفاظ .
ألا ترى أنه يقال : مشى إلى مكة و الكعبة و بيت الله و لا يقال مشى إلى الحرم أو المسجد الحرام كما يقال : مشى إلى الصفا و المروة و الكناية يتبع فيها عين اللفظ لا المعنى بخلاف المجاز فإنه يراعى فيه المعنى اللازم المشهور في محل الحقيقة لأن الكناية ثابتة بالاصطلاح كالأسماء الموضوعة فيتبع فيها العرف و استعمال اللفظ بخلاف المجاز و لو قال علي المشي إلى بيت الله و هو ينوي مسجدا من مساجد الله سوى المسجد الحرام لم يلزمه شيء لأنه نوى ما يتحمله لفظه لأن كل مسجد بيت الله تعالى فصحت نيته على أن الظاهر إن كانت إرادة الكعبة من هذا الكلام لا غير لكن هذا أمر بينه و بين الله تعالى فيكتفي فيه باحتمال اللفظ إياه في الجملة .
و لو قال : أنا أحرم و أنا محرم أو أهدي أو أمشي إلى البيت فإنه نوى به الإيجاب يكون إيجابا لأنه يذكر و يراد به الإيجاب كقولنا أشهد أن لا إله إلا الله أن يكون توحيدا و كقول الشاهد عند القاضي أشهد أنه يكون شهادة فقد نوى ما يحتمله لفظه و إن نوى أن يعد من نفسه عدة و لا يوجب شيئا كان عدة و لا شيء عليه لأن اللفظ يحتمل العدة لأنه يستعمل في العدات و إن لم يكن له نية فهو على الوعد لأنه غلب استعماله فيه فعند الإطلاق يحمل عليه .
هذا إذا لم يعلقه بالشرط فإن علقه بالشرط بأن قال إن فعلت كذا فأنا أحرم فهو على الوجوه التي بينا أنه إن نوى الإيجاب يكون إيجابا و إن نوى الوعد يكون وعدا لما قلنا و إن لم يكن له نية فهو على الإيجاب بخلاف الفصل الأول لأن العدات لا تتعلق بالشروط و إن الواجبات تتعلق بها فالمعرفة إلى الإيجاب بقرينة التعليق بالشرط و لم توجد القرينة في الفصل الأول فصار الحاصل أن هذا اللفظ في غير المعين بالشرط على الوعد إلا أنه ينوي به الإيجاب و في المعلق يقع على الإيجاب إلا أن ينوي به الوعد .
و لو قال : لله تعالى علي أن أنحر ولدي أو اذبح ولدي يصح نذره و يلزمه الهدي و هو نحر البدنة أو ذبح الشاة و الأفضل هو الإبل ثم البقر ثم الشاة و إنما ينحر أو يذبح في أيام النحر سواء كان في الحرم أو لا و هذا استحسان و هو قول أبي حنيفة و محمد رحمهما الله و القياس أن لا يصح نذره و هو قول أبي يوسف و زفر و الشافعي رحمهم الله .
وجه القياس : أنه نذر بما هو معصية و النذر بالمعاصي غير صحيح و لهذا لم يصح بلفظ القتل .
وجه الاستحسان : قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ من نذر أن يطع الله فليطعه ] و قوله عليه الصلاة و السلام : [ من نذر و سمى فعليه الوفاء بما سمى ] و المراد من الحديثين النذر بما هو طاعة مقصودة و قربة مقصودة و قد نذر بما هو طاعة مقصودة و قربة مقصودة لأنه نذر بذبح الولد تقديرا بما هو خلف عنه و هو ذبح الشاة فيصح الذبح بذبح الولد على وجه يظهر أثر الوجوب في الشاة التي هي خلف عنه كالشيخ الفاني إذا نذر أن يصوم رجب أنه يصح نذره و تلزمه الفدية خلفا عن الصوم و دليل ما قلنا الحديث و ضرب من المعقول