وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

شرائط جواز أنواع الكفارات .
و أما شرط جواز كل نوع فلجواز هذه الأنواع شرائط : بعضها يعم الأنواع كلها و بعضها يخص البعض دون البعض .
أما الذي يعم الكل فنية الكفارة حتى لا تتأدى بدون النية و الكلام في النية موضعين .
أحدهما : في بيان أن نية الكفارة شرط جوازها .
و الثاني : في بيان شرط صحة النية .
أما الأول : فلأن مطلق الفعل يحتمل التكفير و يحتمل غيره فلا بد من التعيين و ذلك بالنية و لهذا لا يتأدى صوم الكفارة بمطلق النية لأن الوقت يحتمل صوم الكفارة و غيره فلا يتعين إلا بالنية كصوم قضاء رمضان و صوم النذر المطلق و لو أعتق رقبة واحدة عن كفارتين فلا شك أنه لا يجوز عنهما جميعا لأن الواجب عن كل كفارة منهما إعتاق رقبة كاملة و لم يوجد و هل يجوز عن إحداهما فالكفارتان الواجبتان لا يخلو : إما إن وجبتا بسببين من جنسين مختلفين و إما إن وجبتا بسببين من جنس واحد .
فإن وجبتا من جنسين مختلفين كالقتل و الظهار فأعتق رقبة واحدة ينوي عنهما جميعا لا يجوز عن إحداهما بلا خلاف بين أصحابنا و عند الشافعي C يجوز .
و لو وجبتا بسببين من جنس واحد كظهارين أو قتلين يجوز عن إحداهما عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله استحسانا و هو قول الشافعي C و القياس أن لا يجوز و هو قول زفر C و هذا الاختلاف مبني على أن نية التعيين و التوزيع هل تقع معتبرة أم تقع لغوا فعند أصحابنا معتبرة في الجنسين المختلفين و عند الشافعي C لغو فيهما جميعا .
و أما في الجنس الواحد فهي لغو عند أصحابنا الثلاثة Bه و عند زفر معتبرة قياسا .
أما الكلام مع الشافعي فوجه قوله أن الكفارات على اختلاف أسبابها جنس واحد و نية التعيين في الجنس الواحد لغو لما ذكرنا .
و لنا : أن التعيين في الأجناس المختلفة محتاج إليه و ذلك بالنية فكان نية التعيين محتاجا إليها عند اختلاف الجنس فصادفت النية محلها فصحت و متى صحت أوجبت انقسام عين رقبة واحدة على كفارتين فيقع عن كل واحد منهما عتق نصف رقبة فلا يجوز لا عن هذه و لا عن تلك .
و أما قوله : الكفارتان جنس واحد فنعم من حيث هما كفارة لكنهما اختلفا سببا و قدرا و صفة : أما السبب فلا شك فيه و أما القدر فإن الطعام يدخل في إحداهما و هي كفارة الإظهار و لا يدخل في الأخرى و هي كفارة القتل .
و أما الصفة فإن الرقبة في كفارة الظهار مطلقة عن صفة الإيمان و في كفارة القتل مقيدة بها و إذا اختلفا من هذه الوجوه كان التعيين بالنية محتاجا إليه فصادفت النية محلها فصحت فانقسم عتق رقبة بينهما فلم يجز عن إحداهما حتى لو كانت الرقبة كافرة و تعذر صرفها إلى الكفارة للقتل انصرفت بالكلية إلى الظهار و جازت عنه كذا قال بعض مشايخنا بما وراء النهر .
و نظيره ما إذا جمع بين امرأة و ابنتها أو أمها أو أختها و تزوجهما في عقدة واحدة فإن كانتا فارغتين لا يجوز و إن كانت إحداهما منكوحة و الأخرى فارغة يجوز نكاح الفارغة .
و أما الكلام بين أصحابنا فوجه القياس في ذلك أنه أوقع عتق رقبة واحدة عن كفارتين على التوزيع و الانقسام فيقع عن كل واحدة منهما عتق نصف رقبة فلا يجوز عن واحدة منهما لأن المستحق عليه عن كل واحدة منهما إعتاق رقبة كاملة و لم يوجد و بهذا لم يجز عن إحداهما عند اختلاف الجنس .
و لنا : أن نية التعيين لم تصادف محلها لأن محلها الأجناس المختلفة إذ لا تقع الحاجة إلى التعيين إلا عند اختلاف الجنس فإذا اتحد الجنس لم تقع الحاجة إليها فلغت نية التعيين و بقي أصل النية و هي نية الكفارة فتقع عن واحدة منهما كما في قضاء صوم رمضان إذا كان عليه صوم يومين فصام يوما ينوي قضاء صوم يومين تلغو نية التعيين و بقيت نية ما عليه كذا هذا بخلاف ما إذا اختلف الجنس لأن باختلاف الجنس تقع الحاجة إلى التعيين فلا تلغو نية التعيين بل تعتبر و متى اعتبرت يقع عن كل جنس نصف رقبة فلا يجوز عنه كما إذا كان عليه صوم يوم من قضاء رمضان و صوم يوم من كفارة اليمين فنوى من الليل أن يصوم غدا عنهما كانت نية التوزيع معتبرة حتى لا يصير صائما عن أحدهما لأن الانقسام يمنع من ذلك و الله تعالى أعلم .
و لو أطعم ستين مسكينا كل مسكين صاعا من حنطة عن ظهارين لم يجز إلا عن أحدهما في قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله و قال محمد : يجزئه عنهما و قال زفر : لا يجزئه عنهما .
و لو أطعم عشرة مساكين كل مسكين صاعا عن يمينين فهو على هذا الاختلاف و لو كانت الكفارتان من جنسين مختلفين جاز فيهما بالإجماع .
و أما وجه قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله فلما ذكرنا أن من أصل أصحابنا الثلاثة أن الكفارتين إذا كانتا من جنس واحد لا يحتاج فيهما إلى نية التعيين بل تلغو نية التعيين ههنا و يبقى أصل النية و هو نية الكفارة يدفع ستين صاعا إلى ستين مسكينا من غير تعيين أن نصفه عن هذا و نصفه عن ذاك و لو لم يعين لم يجز إلا عن أحدهما كذا هذا إلا أن محمدا يقول : إن نية التعيين إنما تبطل لأنه لا فائدة فيها و ههنا في التعيين فائدة و هي جواز ذلك عن الكفارتين فوجب اعتبارها و يقول : إطعام ستين مسكينا يكون عن كفارة واحدة و الكفارة الواحدة منهما مجهول و لهذا قال : إذا اعتق رقبة واحدة عنهما لا يجوز عن واحدة منهما بخلاف ما إذا كانت الكفارتين من جنسين لأنه قد صح من أصل أصحابنا جميعا أن نية التعيين عند اختلاف الجنس معتبرة و إذا صح التعيين و المؤدى يصلح عنهما جميعا وقع المؤدى عنهما فجاز عنهما جميعا و الله تعالى أعلم .
و أما شرط جواز النية فهو : أن تكون النية مقارنة لفعل التكفير فإن لم تقارن الفعل رأسا أو لم تقارن فعل التكفير بأن تأخرت عنه لم يجز لأن اشتراط النية لتعيين المحتمل و إيقاعه على بعض الوجوه و لن يتحقق ذلك إلا إذا كانت مقارنة للفعل و لأن النية هي الإرادة و الإرادة مقارنة للفعل كالقدرة الحقيقية لأن بها يصير الفعل اختياريا .
و على هذا يخرج ما إذا اشترى أباه أو ابنه ينوي به العتق عن كفارة يمينه أو ظهاره أو إفطاره أو قتله أجزأه عندنا استحسانا و القياس أن لا يجزيه و هو قول زفر و الشافعي رحمهما الله بناء على أن شراء القريب إعتاق عندنا فإذا اشتراه ناويا عن الكفارة فقد قارنت النية الإعتاق فجاز و عندهما العتق يثبت بالقرابة و الشراء شرط فلم تكن النية مقارنة لفعل الإعتاق فلا يجوز .
وجه القياس : أن الشراء ليس بإعتاق حقيقة و لا مجازا أما الحقيقة فلا شك في انتفائها لأن واضع اللغة ما وضع الشراء للإعتاق .
و أما المجاز فلأن المجاز يستدعي المشابهة في المعنى اللازم المشهور في محل الحقيقة و لا مشابهة ههنا لأن الشراء تملك و الإعتاق إزالة الملك و بينهما مضادة .
و لنا : ما روى أبو داود في سننه بإسناد [ عن أبي هريرة Bه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : لن يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ] سماه معتقا عقيب الشراء و لا فعل منه بعد الشراء فعلم أن الشراء وقع إعتاقا منه عقلنا وجه ذلك أو لم نعقل فإذا نوى عند الشراء الكفارة فقد اقترنت النية بفعل الإعتاق فجاز و قولهما الشراء ليس بإعتاق حقيقة ممنوع بل هو إعتاق لكن حقيقة شرعية لا وضعية و الحقائق أنواع : وضعية و شرعية و عرفية على ما عرف في أصول الفقه .
و كذلك إذا وهب له أو أوصى له به فقبله لأنه يعتق بالقول فقارنت النية فعل الإعتاق و إن ورثه ناويا عن الكفارة لم يجز لأن العتق ثبت من غير صنعه رأسا فلم يوجد قران النية الفعل فلا يجوز .
و على هذا يخرج ما إذا قال لعبد الغير : إن اشتريتك فأنت حر فاشتراه ناويا عن الكفارة لم يجز لأن العتق عند الشراء يثبت بالكلام السابق و لم تقارنه النية حتى لو قال إن اشتريت فلانا فهو حر عن كفارة يميني أو ظهاري أو غير ذلك يجزيه لقران النية كلام الإعتاق .
و لو قال : إن اشتريت فلانا فهو حر عن ظهاري ثم قال : بعد ذلك ما اشتريته فهو حر عن كفارة قتلي ثم اشتراه فهو حر عن الظهار لأنه لما قال : إن اشتريته فهو حر عن كفارة قتلي فقد أراد فسخ الأول و اليمين لا تحتمل الفسخ .
و كذلك لو قال : إن اشتريته فهو حر تطوعا ثم قال : إن اشتريته فهو حر عن ظهاري ثم اشتراه كان تطوعا لأنه بالأول علق عتقه تطوعا بالشراء ثم أراد بالثاني فسخ الأول و اليمين لا يلحقها الفسخ و الله عز شأنه أعلم .
و أما الذي يخص البعض دون البعض فأما كفارة اليمين فيبدأ بالإطعام ثم الكسوة ثم بالتحرير لأن الله تعالى عز شأنه بدأ بالإطعام في كتابه الكريم و قد قال النبي عليه الصلاة و السلام : [ ابدؤوا بما بدأ الله به ] فنقول لجواز الإطعام شرائط : بعضها يرجع إلى صفة الإطعام و بعضها يرجع إلى مقدار ما يطعم و بعضها يرجع إلى محل المصروف إليه الطعام