وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

حكم المذروعات من الثوب و الأرض و الخشب .
و أما المذروعات من الثوب و الأرض و الخشب و غيرها فإن سمي لجملة الذرعان ثمنا واحدا و لم يسم لكل ذراع منها على حدة بأن قال بعت منك هذا الثوب على أنه عشرة أذرع بعشرة دراهم فالبيع جائز لأن المبيع و ثمنه معلومان ثم إن وجده مثل ما سمى لزمه الثوب بعشرة دراهم و لا خيار له و إن وجده أحد عشر ذراعا فالزيادة سالمة للمشتري و إن وجده تسعة أذرع لا يطرح لأجل النقصان شيئا من الثمن و هو بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن و إن شاء ترك فرق بينهما و بين المكيلات و الموزونات التي ليس في تنقيصها ضرر و العدديات المتقاربة .
و وجه الفرق : أن زيادة الذرع في الذرعيات جارية مجرى الصفة كصفة الجودة و الكتابة و الخياطة و نحوها و الثمن يقابل الأصل لا الصفة و الدليل على أنها جارية مجرى الصفة أن وجودها يوجب جودة في الباقي و فواتها يسلب صفة الجودة و يوجب الرداءة فتلحق الزيادة بالجودة و النقصان بالرداءة حكما و الجودة و الرداءة صفة و الصفة ترد على الأصل دون الصفة إلا أن الصفة تملك تبعا للموصوف لكونها تابعة قائمة به فإذا زاد صار كأنه اشتراه رديئا فإذا هو جيد كما إذا اشترى عبدا على أنه ليس بكاتب أو ليس بخياط فوجده كاتبا أو خياطا أو اشترى عبدا على أنه أعور فوجده سليم العينين أو اشترى جارية عاى أنها ثيب فوجدها بكرا تسلم له و لا خيار للبائع كذا هذا .
و إذا نقص صار كأنه اشتراه على أنه جيد فوجده رديئا أو اشترى عبداعلى أنه كاتب أو خباز أو صحيح العينين فوجده غير كاتب و لا خباز و لا صحيح العينين أو اشترى جارية على أنها بكر فوجدها ثيبا لا يطرح شيئا من الثمن لكن يثبت له الخيار كذا هذا بخلاف المكيلات و الموزونات التي لا ضرر فيها إذا نقصت و المعدودات المتقاربة لأن الزيادة فيها غير ملحقة بالأوصاف لأنها أصل بنفسها حقيقة و العمل بالحقيقة واجب ما أمكن إلا أنها ألحقت بالصفة في المذروعات و نحوها لأن وجودها يوجب الجودة و الكمال للباقي و فواتها يوجب النقصان و الرداءة له و هذا المعنى ههنا منعدم فبقيت أصلا بنفسها حقيقة و إن سمى لكل ذراع منها ثمنا على حدة بأن قال بعت منك هذا الثوب على أنه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم فالبيع جائز لما قلنا ثم إن وجده مثل ما سمى فالأمر ماض و لزمه الثوب كل ذراع بدرهم و إن وجده أحد عشر ذراعا فهو بالخيار إن شاء أخذ كله بأحد عشر درهما و إن شاء ترك و إن وجده تسعة أذرع فهو بالخيار إن شاء طرح حصة النقصان درهما و أخذه بتسعة دراهم و إن شاء ترك لتفرق الصفقة عليه و هذا يشكل على الأصل الذي ذكرنا أن زيادة الذرع في المذروعات تجري مجرى الصفة لها لأن الثمن يقابل الأصل دون الوصف فينبغي أن تكون الزيادة سالمة للمشتري و لا خيار له و لا يطرح لأجل النقصان شيئا كما في الفصل الأول لأن الثمن يقابل الأصل دون الصفة بمنزلة زيادة الجودة و نقصان الرداءة على ما ذكرنا .
و حل هذا الإشكال أن الذرع في المذروعات إنما يجري مجرى الصفة على الإطلاق إذا لم يفرد كل ذراع بثمن على حدة .
فإما إذا أفرد به فلا يجري مجرى الصفة مطلقا بل يكون أصلا من وجه وصفة من وجه فمن حيث إن التبعيض فيها يوجب تعيب الباقي كانت الزيادة صفة بمنزلة صفة الجودة و من حيث إنه سمى لكل ذراع ثمنا على حدة كان كل ذراع معقودا عليه فكانت الزيادة أصلا من وجه صفة من وجه فمن حيث إنها صفة كانت للمشتري لأن الثمن يقابل الأصل لا الصفة و إنما يدخل في البيع تبعا على ما بينا .
و من حيث إنها أصل لا يسلم له إلا بزيادة ثمن اعتبارا للجهتين جميعا بقدر الإمكان فله الخيار في أخذ الزيادة و تركها لأنه لو لزمه الأخذ لا محالة يلزمه زيادة ثمن لم يكن لزومها ظاهرا عند العقد و اختل رضاه فوجب الخيار و في النقصان إن شاء طرح قدر النقصان و أخذ الباقي اعتبارا لجهة الأصالة و إن شاء ترك لأن الصفقة تفرقت عليه و أوجب خللا في الرضا و ذا يوجب الخيار هذا إذا كانت الزيادة و النقصان ذراعا تاما فإما إذا كانت دون ذراع لم يذكر هذا في ظاهر الروايات .
و ذكر في غير رواية الأصول اختلاف أقاويل أصحابنا الثلاثة في كيفية الخيار فيه فأبو حنيفة و محمد رحمهما الله فرقا بين الزيادة و النقصان غير أن أبا حنيفة جعل زيادة نصف ذراع بمنزلة زيادة ذراع كامل فقال إن شاء أخذه بأحد عشر درهما و إن شاء ترك و جعل نقصان ذراع كلا نقصان لكن جعل له الخيار فقال إن شاء أخذ بعشرة دراهم و إن شاء ترك و لا يطرح من الثمن شيئا لأجل النقصان و محمد جعل على القلب من ذلك فجعل زيادة نصف ذراع كلا زيادة فقال يأخذ المشتري بجميع الثمن و لا خيار له و جعل نقصان نصف ذراع كنقصان ذراع كامل و قال إن شاء أخذ بتسعة دراهم و إن شاء ترك .
و أما أبو يوسف C فسوى بين الزيادة و النقصان فقال في زيادة نصف ذراع يزاد على الثمن نصف درهم و له الخيار إن شاء أخذه بعشرة دراهم و نصف و إن شاء ترك و قال في نقصان نصف ذراع ينقص من الثمن نصف درهم و له الخيار إن شاء أخذه بتسعة دراهم و نصف و إن شاء ترك و القياس ما قاله أبو يوسف و هو اعتبار الجزء بالكل إلا أنهما كأنهما استحسنا لتعامل الناس فجعل أبو حنيفة زيادة نصف ذراع بمنزلة ذراع تام و نقصان نصف ذراع كلا نقصان لأن الناس في العادات في بياعاتهم و أشريتهم لا يعدون نقصان نصف ذراع نقصانا بل يحسبونه ذراعا تاما فبنى الأمر في ذلك على تعامل الناس و جعل محمد الأمر في ذلك على القلب من ذلك لما أن الباعة يسامحون في زيادة نصف على القدر المسمى في البيع عادة و لا يعدونه زيادة فكانت تلك الزيادة ملحقة بالعدم عادة كأنه لم يزد و كذا يسامحون فيعدون نقصان نصف ذراع في العادات نقصان ذراع كامل فتركنا القياس بتعامل الناس و يجوز أن يكون اختلاف جوابهما لاختلاف عادات الناس و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و على هذا جميع المذروعات من الأرض و الخشب و غيرهما أنه إن لم يسم لكل ذراع ثمنا بأن قال بعت منك هذه الأرض على أنها ألف ذراع بألف درهم فالبيع جائز لما قلنا ثم إن وجدها مثل ما سمى فالأمر ماض و يلزمه الأرض كل ذراع بدرهم و إن وجدها أزيد فالزيادة سالمة له و لا خيار و إن وجدها أنقص فهو بالخيار إن شاء أخذها بجميع الثمن و إن شاء ترك لما ذكرنا أن زيادة الذرع في الذرعيات جارية مجرى الصفات و الثمن يقابل الأصل دون الصفة و إن سمى لكل ذراع ثمنا على حدة بأن قال كل ذراع بكذا فالبيع جائز لما ذكرنا ثم إن وجدها مثل ما سمى فالأمر ماض و إن وجدها أزيد فهو بالخيار إن شاء أخذ الزيادة بثمنها و إن شاء ترك لأنه يلزمه زيادة ثمن لم يلتزمه لذا العقد و إن وجده أنقص تسقط حصته من الثمن و له الخيار لتفرق الصفقة على ما ذكرنا في الثوب و على هذا الخشب و غيره من الذرعيات و على هذا الموزونات التي في تبعيضها ضرر بأن قال بعت منك هذه السبيكة من الذهب على أنها مثقالان بكذا فالبيع جائز ثم إن وجد على ما سمى الأمر ماض و إن وجده أزيد أو أنقص فهو على التفصيل الذي ذكرنا في الذرعيات