وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيع التلجئة .
و على هذا يخرج بيع التلجئة و هي : ما لجأ الإنسان إليه بغير اختياره اختيار الإيثار و جملة الكلام فيه أن التلجئة في الأصل لا تخلو إما أن تكون في نفس البيع و إما أن تكون في الثمن فإن كانت في نفس البيع فإما أن تكون في إنشاء البيع و إما أن تكون في الإقرار به فإن كانت في إنشاء البيع بان تواضعوا في السر لأمر ألجأهم إليه على أن يظهر البيع و لا بيع بينهما حقيقة و إنما هو رياء و سمعة نحو أن يخاف رجل السلطان فيقول الرجل : إني أظهر أني بعت منك داري و ليس ببيع في الحقيقة و إنما هو تلجئة فتبايعا فالبيع باطل في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة و هو قول أبي يوسف و محمد لأنهما تكلما بصيغة البيع لا على قصد الحقيقة و هو تفسير الهزل و الهزل يمنع جواز البيع لأنه يعدم الرضا بمباشرة السبب فلم يكن هذا بيعا منعقدا في حق الحكم .
و روى أبو يوسف عن أبي حنيفة أن البيع جائز لأن ما شرطاه في السر لم يذكراه في العقد و إنما عقدا عقدا صحيحا بشرائطه فلا يؤثر فيه ما تقدم من الشرط كما إذا اتفقا على أن يشترطا فاسدا عند البيع ثم باعا من غير شرط .
و الجواب : أن الحكم ببطلان هذا البيع لمكان الضرورة فلو اعتبرنا وجود الشرط عند البيع لا تندفع الضرورة و لو أجاز أحدهما دون الآخر لم يجز و إن أجازاه جاز كذا ذكر محمد لأن الشرط السابق و هو المواضعة منعت انعقاد العقد في حق الحكم بمنزلة شرط خيار المتبايعين فلا يصح إلا بتراضيهما و لا يملكه المشتري بالقبض حتى لو كان المشتري عبدا فقبضه و اعتقه لا ينفذ إعتاقه بخلاف المكره على البيع و التسليم إذا باع و سلم فأعتقه المشتري أن ينقذ إعتاقه لأن بيع المكره انعقد سببا للحكم لوجود الرضا بمباشرة السبب عقلا لما فيه من صيانة نفسه عن الهلاك فانعقد السبب إلا أنه فسد لانعدام الرضا طبعا فتأخر الملك فيه إلى وقت القبض أما ههنا فلم يوجد الرضا بمباشرة السبب في الجانبين أصلا فلم ينعقد السبب في حق الحكم فتوقف على أحدهما فأشبه البيع بشرط خيار المتبايعين .
هذا إذا كانت التلجئة في إنشاء البيع فأما إذا كانت في الإقرار به فإن اتفقا على ان يقرا ببيع لم يكن فأقرا بذلك ثم اتفقا على انه لم يكن فالبيع باطل حتى لا يجوز بإجازتهما لأن الإقرار إخبار و صحة الإخبار بثبوت المخبر به حال وجود الإخبار فإن كانم ثابتا كان الإخبار صدقا و إلا فيكون كذبا و المخبر به ههنا و هو البيع ليس بثابت فلا يحتمل الإجازة لأنها تلحق الموجود لا المعدوم .
هذا كله إذا كانت التلجئة في نفس البيع إنشاء كان أو إقرارا فاما إذا كانت في الثمن فهذا أيضا لا يخلو من أحد وجهين : أما إن كانت في قدر الثمن و إما إن كانت في جنسه فإن كانت في قدره بأن تواضعا في السر و الباطن على أن يكون الثمن ألفا و يتبايعان في الظاهر بالفين فإن يقولا عند المواضعة ألف منهما رياء و سمعة فالثمن ما تعاقدا عليه لأن الثمن اسم للمذكور عند العقد و المذكور عند العقد ألفان فإن لم يذكر أن أحدهما رياء و سمعة صحت تسمية الألفين و إن قالا عند المواضعة ألف منهما رياء و سمعة فالثمن ثمن السر و الزيادة باطلة في ظاهر الرواية عند أبي حنيفة و هو قول أبي يوسف و محمد و روي عن أبي يوسف أن الثمن ثمن العلانية .
وجه هذه الرواية : ان الثمن هو المذكور في العقد و الألفان مذكوران في العقد و ما ذكرا في المواضعة لم يذكراه في العقد فلا يعتبر .
وجه ظاهر الرواية : أن ما تواضعا عليه في السر هو ما تعاقدا عليه في العلانية إلا أنهما زادا عليه ألفا أخرى و المواضعة السابقة أبطلت الزيادة لأنهما في هزلانها حيث لم يقصداها فلم يصح ذكر الزيادة في البيع فيبقى البيع بما تواضعا عليه و هو الألف و إن كانت في جنسه بأن اتفقا في السر على أن الثمن ألف درهم لكنهما يظهرا أن البيع بمائة دينار فإن لم يقولا في المواضعة أن ثمن العلانية رياء و سمعة فالثمن ما تعاقدا عليه لما قلنا و إن قالا ذلك فالقياس أن يبطل العقد و في الاستحسان يصح بمائة دينار .
وجه القياس : أن ثمن السر لم يذكراه في العقد و ثمن العلانية لم يقصداه فقد هزلا به فسقط و بقي بيعا بلا ثمن فلا يصح .
وجه الاستحسان : أنهما لم يقصدا بيعا باطلا بل بيعا صحيحا فيجب حمله على الصحة ما أمكن و لا يمكن حمله على الصحة إلا بثمن العلانية فكأنهما انصرفا عما شرطاه في الباطن فتعلق الحكم بالظاهر كما لو اتفقا على أن يبيعاه بيع تلجئة فتواهبا بخلاف الألف و الألفين لأن الثمن المذكور المشروط في السر مذكور في العهقد و زيادة فتعلق العقد به .
هذا إذا تواضعا في السر و لم يتعاقدا في السر فأما إذا تعاقدا في السر بثمن ثم تواضعا على أن يظهرا هذا العقد بأكثر منه أو بجنس آخر فإن لم يقولا أن العقد الثاني رياء و سمعة فالعقد الثاني يرفع العقد الأول و الثمن هو المذكور في العقد الثاني لأن البيع يحتمل الفسخ و الإقالة فشروعهما في العقد الثاني إبطال للأول فبطل الأول و انعقد الثاني بما سمي عنده .
و إن قالا : رياء وسمعة فإن كان الثمن من جنس آخر فالعقد هو العقد الأول لأنهما لم يذكرا الرياء و السمعة فقد أبطلا المسمى في العقد الثاني فلم يصح العقد فبقي العقد الول و إن كان من جنس الأول فالعقد هو العقد الثاني لأن البيع يحتمل الفسخ فكان العقد هو العقد الثاني لكن بالثمن الأول و الزيادة باطلة لأنهما أبطلاها حيث هزلا بها .
هذا إذا تواضعا و اتفقا في التلجئة في البيع فتبايعا و هم متفقان على ما تواضعا فأما إذا اختلفا فادعى أحدهما التلجئة و أنكر الآخر و زعم أن البيع بيع رغبة فالقول قول منكر التلجئة لأن الظاهر شاهد له فكان القول قوله مع يمينه على ما يدعيه صاحبه من التلجئة إذا طلب الثمن .
و إن أقام المدعي البينة على التلجئة تقبل بينته لأنه أثبت الشرط بالبينة فتقبل بينته كما لو أثبت الخيار بالبينة ثم هذا التفريع على ظاهر الرواية عن أبي حنيفة C لأنه يعتبر المواضعة السابقة فأما على رواية أبي يوسف عنه فلا يجيء هذا التفريع لأنه يعتبر العقد الظاهر فلا يلتفت إلى هذه الدعوى لأنها و إن صحت لا تؤثر في البيع الظاهر .
و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي الخلاف بين أبي حنيفة و صاحبيه فقال : على قول أبي حنيفة : القول قول من يدعي جواز البيع و على قولهما : القول قول من يدعي التلجئة و العقد فاسد .
و لو اتفقا على التلجئة ثم قالا عند البيع كل شرط كان بيننا فهو باطل تبطل التلجئة و يجوز البيع لأنه شرط فاسد زائد فاحتمل السقوط بالإسقاط و متى سقط صار العقد جائزا إلا إذا اتفقا عند المواضعة و قالا : إن ما نقوله عند البيع أن كل شرط بيننا فهو باطل فذلك القول منا باطل فإذا قالا ذلك لا يجوز العقد لأنهما اتفقا على أن يبطلانه من الشرط عند العقد باطل إلا إذا حكيا في العلانية ما قالا في السر فقالا : إنا شرطنا كذا و كذا و قد أبطلنا ذلك ثم تبايعا فيجوز البيع ثم كما لا يجوز بيع التلجئة لا يجوز الإقرار بالتلجئة بأن يقول لآخر : إني أقر لك في العلانية بمالي أو بداري و تواضعا على فساد الإقرار لا يصح إقرار حتى لا يملكه المقر له و الله سبحانه و تعالى أعلم