وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

مسائل الربا .
و الكلام في مسائل الربا في الأصل في ثلاثة مواضع : .
أحدها : في بيان الربا في عرف الشرع أنه ما هو .
و الثاني : في بيان علته أنها ما هي .
و الثالث : في بيان شرط جريان الربا .
أما الأول : فالربا في عرف الشرع نوعان : ربا الفضل و ربا النساء .
أما ربا الفضل : فهو زيادة عين مال شرطت في عقد البيع على المعيار الشرعي و هو الكيل أو الوزن في الجنس عندنا و عند الشافعي هو : زيادة مطلقة في المطعوم خاصة عند اتحاد الجنس خاصة .
و أما ربا النساء : فهو فضل الحلول على الأجل و فضل العين على الدين في المكيلين أو الموزونين عند اختلاف الجنس أو في غير المكيلين أو الموزونين عند اتحاد الجنس عندنا و عند الشافعي C هو : فضل الحلول على الأجل في المطعومات و الأثمان خاصة و الله تعالى أعلم .
و أما الثاني : و هو بيان العلة فنقول : الأصل المعلول في هذا الباب بإجماع القائسين الحديث المشهور و هو ما روى [ أبو سعيد الخدري و عبادة بن الصامت Bهما عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : الحنطة بالحنطة مثلا بمثل يدا بيد و الفضل ربا و الشعير بالشعير مثلا بمثل و الفضل ربا و التمر بالتمر مثلا بمثل يدا بيد و الفضل ربا و الملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد و الفضل ربا و الفضة بالفضة مثلا بمثل يدا بيد و الفضل ربا و الذهب بالذهب مثلا بمثل يدا بيد و الفضل ربا ] أي بيعوا بالحنطة مثلا بمثل يدا بيد .
و روي : مثل بمثل بالرفع أي بيع الحنطة بالحنطة مثل بمثل يد بيد جائز فهذا النص معلول باتفاق القائسين غير أنهم اختلفوا في العلة قال أصحابنا : علة ربا الفضل في الأشياء الأربعة المنصوص عليها الكيل مع الجنس و في الذهب و الفضة الوزن مع الجنس فلا تتحقق العلة إلا باجتماع الوصفين و هما القدر و الجنس و علة ربا النساء هي أحد وصفي علة ربا الفضل .
إما الكيل أو الوزن المتفق أو الجنس و هذا عندنا و عند الشافعي علة ربا الفضل في الأشياء الأربعة الطعم و في الذهب و الفضة الثمنية في قول و في قول هما غير معلولين و علة ربا النساء ما هو علة ربا الفضل و هي الطعم في المطعومات و الثمنية في الأثمان دون الجنس إذ الأصل عنده حرمة بيع المطعوم بجنسه .
و أما التساوي في المعيار الشرعي مع اليد مخلص من الحرمة بطريق الرخصة احتج الشافعي لإثبات هذا الأصل بما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء ] هذا الأصل يدل على أن الأصل حرمة بيع المطعوم بجنسه و إنما الجواز بعارض التساوي في المعيار الشرعي لأنه عليه الصلاة و السلام نهى عن بيع الطعام بالطعام مطلقا و استثنى حالة المساواة فيدل على أن الحرمة هي الأصل في بيع المطعوم بالمطعوم من غير فصل بين القليل و الكثير و فيه دليل أيضا على جعل الطعم علة لأنه أثبت الحكم عقيب اسم مشتق من معنى و الأصل أن الحكم إذا ثبت عقيب اسم مشتق من معنى يصير موضع الاشتقاق علة للحكم المذكور كقوله تعالى جل و علا : { و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما } و قوله سبحانه و تعالى : { الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } و الطعام اسم مشتق من الطعم فيدل على كون الطعم علة و لأن العلة اسم لوصف مؤثر في الحكم و وصف الطعم مؤثر في حرمة بيع المطعوم و الحكم متى ثبت عقيب وصف مؤثر يحال إليه كما في الزنا و السرقة و نحو ذلك .
وبيان تأثير الطعم أنه وصف ينبىء عن العزة و الشرف لكونه متعلق البقاء و هذا يشعر بعزته و شرفه فيجب إظهار عزته و شرفه و ذلك في تحريم بيع المطعوم بجنسه و تعليق جوازه بشرطي التساوي في المعيار الشرعي و اليد لأن في تعلقه بشرطين تضييق طريق إصابته و ما ضاق بطريق إصابته يعز وجوده فيعز إمساكه و لا يهون في عين صاحبه فكان الأصل فيه هو الحظر و لهذا كان الأصل في الأبضاع الحرمة و الحظر و الجواز بشرطي الشهادة و الولي إظهارا لشرفها لكونها منشأ البشر الذين هم المقصودون في العالم و بهم قوامها و الأبضاع وسيلة إلى وجود الجنس و القوت وسيلة إلى بقاء الجنس فكان الأصل فيها الحظر و الجواز بشرطين ليعز وجوده و لا تتيسر إصابته فلا يهون إمساكه فكذا هذا .
و كذا الأصل في بيع الذهب و الفضة بجنسهما هو الحرمة لكونهما أثمان الأشياء فيها و عليها فكان قوام الأموال و الحياة بها فيجب إظهار شرفها في الشرع بما قلنا و لنا في إثبات الأصل إشارات النصوص من الكتاب العزيز و السنة و الاستدلال : .
أما الكتاب : فقوله تعالى : { أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين * وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين } و قال سبحانه و تعالى : { و يا قوم أوفوا المكيال و الميزان بالقسط و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوا في الأرض مفسدين } جعل حرمة الربا بالمكيل و الموزون مطلقا عن شرط الطعم فدل على أن العلة هي الكيل و الوزن و قال سبحانه و تعالى : { ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * و إذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون } ألحق الوعيد الشديد بالتطفيف في الكيل و الوزن مطلقا من غير فصل بين المطعوم و غيره .
و أما السنة فما روي أن عامل خيبر أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم تمر جنيبا : فقال : [ أوكل تمر خيبر هكذا فقال لا و لكني أعطيت صاعين و أخذت صاعا فقال عليه الصلاة و السلام : أربيت هلا بعت تمرك بسلعة ثم ابتعت بسلعتك تمرا ] .
و كذلك الميزان و أراد به الموزون بطريق الكناية لمجاورة بينهما مطلقا من غير فصل بين المطعوم و كذا روى مالك بن أنس و محمد بن إسحاق الحنظلي بإسنادهما الحديث المشهور الذي رواه محمد في كتاب البيوع عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال في آخره : [ و كذلك كل ما يكال أو يوزن ] .
و أما الاستدلال : فهو أن الفضل على المعيار الشرعي من الكيل و الوزن في الجنس إنما كان ربا في المطعومات و الأثمان من الأشياء الستة المنصوص عليها لكونه فضل مال خال عن العوض يمكن التحرز عنه في عقد المعاوضة و قد وجد في الجص و الحديد و نحوهما فورود الشرع ثمة يكون ورودا ههنا دلالة .
و بيان ذلك : أن البيع لغة و شرعا مبادلة المال بالمال و هذا يقتضي التساوي في البدلين على وجه لا يخلو كل جزء من البدل من هذا الجانب عن البدل من ذلك الجانب لأن هذا هو حقيقة المبادلة و لهذا لا يملك الأب و الوصي بيع مال اليتيم بغبن مال اليتيم بغبن فاحش و لا يصح من المريض إلا من الثلث و القفيز من الحنطة مثل القفيز من الحنطة صورة و معنى و كذلك الدينار مع الدينار .
أما الصورة فلأنهما متماثلان في القدر و أما المعنى فإن المجانسة في الأموال عبارة عن تقارب المالية فكان القفيز مثلا للقفيز و الدينار مثلا للدينار و لهذا لو أتلف على آخر قفيزا من حنطة يلزمه فقيز مثله و لا يلزمه قيمته و إذا كان القفيز من الحنطة مثلا للقفيز من الحنطة كان القفيز الزائد فضل مال خال عن العوض يمكن التحرز عنه في عقد المعاوضة فكان ربا و هذا المعنى لا يخص المطعومات و الأثمان بل يوجد في كل مكيل بجنسه و موزون بمثله فالشرع الوارد هناك يكون واردا ههنا دلالة .
و أما قوله : الأصل حرمة بيع المطعوم بجنسه فممنوع و لا حجة له في الحديث لأنه عليه الصلاة و السلام ما اقتصر على النهي عن بيع الطعام بالطعام ليجعل الحظر فيه أصلا بل قرن به الاستثناء فقال عليه الصلاة و السلام : [ إلا سواء بسواء ] فلا يدل على كون الحرمة فيه أصلا .
و قوله : جعل الطعم علة دعوى ممنوعة أيضا و الاسم المشتق من معنى إنما يجعل علة للحكم المذكور عقيبه عندنا إذا كان له أثر كالزنا و السرقة و نحوهما فلم قلتم بأن للطعم أثرا و كونه متعلق البقاء لا يكون أثره في الإطلاق أولى من الحظر فإن الأصل فيه هو التوسيع دون التضييق على ما عرف و الله أعلم .
و على هذا الأصل تبنى مسائل الربا نقدا و نسيئة و فروع الخلاف بيننا و بين الشافعي أما ربا النقد ففائدة الخلاف فيه تظهر في موضعين : .
أحدهما : في بيع مكيل بجنسه غير مطعوم أو موزون بجنسه غير مطعوم و لا ثمن كبيع قفيز جص بقفيزي جص و بيع من حديد بمنوي حديد عندنا لا يجوز لأنه بيع ربا لوجود علة الربا و هو الكيل مع الجنس أو الوزن مع الجنس و عنده يجوز لأن العلة هي الطعم أو الثمينة و لم يوجد .
و على هذا الخلاف بيع كل مقدر بجنسه من المكيلات و الموزونات غير المطعومات و الأثمان كالنورة و الزرنيخ و الصفر و النحاس نحوها .
و أما بيع المكيل المطعوم بجنسه متفاضلا و بيع الموزون المطعوم بجنسه متفاضلا كبيع قفيز أرز بقفيزي أرز و بيع من سكر بمنوي سكر فلا يجوز بالإجماع أما عندنا فلوجود القدر و الجنس و عنده لوجود الطعم و الجنس و كذا كل موزون هو مأكول أو مشروب كالدهن و الزيت و الخل و نحوها .
و يجوز بيع المكيل بغير جنسه متفاضلا مطعوما كان أو غير مطعوم بعد أن يكون يدا بيد كبيع قفيز حنطة بقفيزي شعير و بيع قفيز جص بقفيزي نورة و نحو ذلك لأن علة الربا الفضل مجموع الوصفين و قد انعدم أحدهما و هو الجنس و كذا بيع الموزون بغير بغير جنسه متفاضلا جائز ثمنين كانا أو مثمنين بعد أن يكون يدا بيد كبيع دينار بمائة درهم و بيع من حديد بمنوي نحاس أو رصاص و نحو ذلك لما قلنا .
و يجوز بيع المذروعات و المعدودات المتفاوتة واحدا بائنين يدا بيد كبيع ثوب بثوبين و عبد بعبدين و شاة بشاتين و نصل بنصلين و نحو ذلك بالإجماع أما عندنا فلانعدام أحد الوصفين و هو الكيل و الوزن و عنده لانعدام الطعم و الثمينة .
و اما بيع الأواني الصفرية واحداص باثنين كبيع قمقمة بقمقمتين و نحو ذلك فإن كان مما يباع عددا يجوز لأن العد في العدديات ليس من أوصاف علة الربا فلا يتحقق الربا و إن كان مما يباع وزنا لا يجوز لأنه بيع مال الربا بجنسه مجازفة و يجوز بيع المعدودات المتقاربة من غير المطعومات بجنسها متفاضلا عند أبي حنيفة و أبي يوسف بعد أن يدا بيد كبيع الفلس بالفلسين بأعيانهما و عند محمد : لا يجوز .
وجه قوله : أن الفلوس أثمان فلا يجوز بيعها بجنسها متفاضلا كالدراهم و الدنانير و دلالة الوصف عبارة عما تقدر به مالية الأعيان و مالية الأعيان كما تقدر بالدراهم و الدنانير تقدر بالفلوس فكانت أثمانا و لهذا كانت أثمانا عند مقابلتها بخلاف جنسها و عند مقابلتها بجنسها حالة المساواة و إن كانت ثمنا فالثمن لا يتعين و إن عين كالدرهم و الدنانير فالتحق التعين فيهما بالعدم فكان بيع الفلس بالفلسين بغير أعيانهما و ذا لا يجوز و لأنها إذا كانت أثمانا فالواحد يقابل الواحد فبقي الآخر فضل مال لا يقابله عوض في عقد المعاوضة و هذا تفسير الربا .
و لهما : أن علة ربا الفضل هي القدر مع الجنس و هو الكيل أو الوزن المتفق عند اتحاد الجنس و المجانسة إن وجدت ههنا فلم يوجد القدر فلا يتحقق الربا و قوله : الفلوس أثمان قلنا : ثمنيتها قد بطلت في حقهما قبل البيع فالبيع صادفها و هي سلع عددية فيجوز بيع الواحد بالاثنين كسائر السلع العددية كالقماقم العددية و غيرها إلا أنها بقيت أثمانا عند مقابلتها بخلاف جنسها و بجنسها حالة المساواة لأن خروجها عن وصف الثمينة كان لضرورة صحة العقد و جوازه لأنهما قصدا الصحة و لا صحة إلا بما قلنا و لا ضرورة ثمة لأن البيع جائز في الحالين بقيت على صفة الثمينة أو خرجت عنها .
و الثاني : في بيع مطعوم بجنسه ليس بمكيل و لا موزون كبيع حفنة حنطة بحفنتين منها أو بطيخة ببطختين أو تفاحة بتفاحتين أو بيضة ببيضتين أو جوزة بجوزتين يجوز عندنا لعدم العلة و بقي الكيل مع الجنس أو الوزن و عنده لا يجوز لوجود الطعم و الجنس .
و كذا لو باع حفنة بحفنة أو تفاحة بتفاحة لأو بيضة ببيضة يجوز عندنا لما قلنا و عنده لا يجوز لوجود الطعم لأن حرمة بيع المطعوم بجنسه هو العزيمة عنده و التساوي في الكيل أو الوزن مخلص عن الحرمة بطريق الرخصة و لم يوجد المخلص فبقي على أصل الحرمة