وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

شروط صحة البيع الخلو من شبهة الربا .
و منها : الخلو من شبهة الربا لأن الشبهة ملحقة بالحقيقة في باب الحرمات احتياطا و أصله ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال لوابصة بن معبد Bه : [ الحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك ] .
و على هذا يخرج ما إذا باع رجل شيئا نقدا أو نسيئة و قبضه المشتري و لم ينقد ثمنه أنه لا يجوز لبائعه أن يشتريه من مشتريه بأقل من ثمنه الذي باعه منه عندنا و عند الشافعي C يجوز .
وجه قوله : أن هذا بيع استجمع شرائط جوازه و خلا عن الشروط المفسدة إياه فلا معنى للحكم بفساده كما إذا اشتراه بعد نقد الثمن .
و لنا : ما روي : [ أن امرأة جاءت إلى سيدتنا عائشة Bها و قالت : إني ابتعت خادما من زيد بن أرقم بثمانمائة ثم بعتها منه بستمائة فقالت سيدتنا عائشة Bها : بئس ما شريت و بئس ما اشتريت أبلغي زيدا أن الله تعالى قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إن لم يتب ] و وجه الاستدلال به من وجهين : .
أحدهما : أنها ألحقت بزيد وعيدا لا يوقف عليه بالرأي و هو بطلان الطاعة بما سوى الردة فالظاهر أنها قالته سماعا من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا يلتحق الوعيد إلا بمباشرة المعصية فدل على فساد البيع لأن البيع الفاسد معصية .
و الثاني : أنها Bها سمت ذلك بيع سوء و شراء سوء و الفاسد هو الذي يوصف بذلك لا الصحيح و لأن في هذا البيع شبهة الربا لأن الثمن الثاني يصير قصاصا بالثمن الأول فبقي من الثمن الأول زيادة لا يقابلها عوض في عقد المعاوضة و هو تفسير الربا إلا أن الزيادة ثبتت بمجموع العقدين فكان الثابت بأحدهما شبهة الربا و الشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقة بخلاف ما إذا نقد الثمن لأن المقاصة لا تتحقق بعد الثمن فلا تتمكن الشبهة بالعقد و لو نقد الثمن كله إلا شيئا قليلا فهو على الخلاف .
و لو اشترى ما باع قبل نقد الثمن جاز بالإجماع لانعدام الشبهة و كذا لو اشتراه بأكثر مما باع قبل نقد الثمن و لأن فساد العقد معدول به عن القياس و إنما عرفناه بالأثر و الأثر جاء في الشراء بأقل من الثمن الأول فبقي ما وراءه على أصل القياس .
هذا إذا اشتراه بجنس الثمن الأول فإن اشتراه بخلاف الجنس جاز : لأن الربا لا يتحقق عند اختلاف الجنس إلا في الدراهم و الدنانير خاصة استحسانا و القياس أن لا يجوز لأنهما جنسان مختلفان حقيقة فالتحقا بسائر الأجناس المختلفة .
وجه الإستحسان : انهما في الثمينة كجنس واحد فيتحقق الربا بمجموع العقدين فكان في العقد الثاني شبهة الربا و هي الربا من وجه و لو تعيب المبيع في يد المشتري فباعه من بائعه بأقل مما باعه جاز لأن نقصان الثمن يكون بمقابلة نقصان العيب فيلتحق النقصان بالعدم كأنه باعه بمثل ما اشتراه فلا تتحقق شبهة الربا .
و لو خرج المبيع من ملك المشتري فاشتراه البائع من المالك الثاني بأقل مما باعه قبل نقد الثمن جاز لأن اختلاف الملك بمنزلة اختلاف العين فيمنع تحقق الربا و لو مات المشتري فاشتراه البائع من وارثه بأقل مما باع قبل نقد الثمن لم يجز لأن الملك هناك لم يختلف و إنما قام الوارث مقام المشتري بدليل أنه يرد بالعيب و يرد عليه .
و كذا لو كان المبيع جارية فاستولدها الوارث أو كان دارا فبنى عليها ثم ورد الاستحقاق فأخذ منه قيمة الولد و نقض عليه البناء كان للوارث أن يرجع على بائع المورث بقيمة الولد و قيمة البناء كما كان يرجع المشتري لو كان حيا لأن الوارث قائم مقام المشتري فكان الشراء منه بمنزلة الشراء من المشتري فرق بين هذا و بين ما إذا مات البائع فاشترى وارثه من المشتري بأقل مما باع قبل نقد الثمن أنه يجوز إذا كان الوارث ممن تجوز شهادته للبائع في حال حياته .
و وج الفرق : أن الوارث يقوم مقام المورث فيما ورثه و وارث المشتري ورث عين المبيع فقام مقامه في عينه فكان الشراء منه كالشراء من المشتري فلم يجز و وارث البائع ورث الثمن و الثمن في ذمة المشتري و ما عين في ذمة المشتري لا يحتمل الإرث فلم يكن ذلك عين ما ورثه عن البائع فلم يكن وارث البائع مقامه مقامه فيما ورثه .
و روي عن أبي يوسف C : أنه لا يجوز الشراء من وارث البائع كما لا يجوز الشراء من وارث المشتري لأن الوارث خلف المورث فالمشتري قائم مقامه كأنه هو .
و لو باعه المشتري ممن غيره فعاد المبيع إلى ملكه فاشتراه بأقل مما باع فهذا لا يخلو : إما إن عاد إليه بملك جديد و إما إن عاد إليه على حكم الملك الأول فإن عاد إليه بملك جديد كالشراء و الهبة و الميراث و الإقالة قبل القبض و بعده و الرد بالعيب بعد القبض بغير قضاء القاضي و نحو ذلك من أسباب تجديد الملك جاز الشراء منه بأقل مما باع لأن اختلاف الملك بمنزلة اختلاف العين .
و إن عاد إليه على حكم الملك الأول كالرد بخيار الرؤية و الرد بخيار الشرط قبل القبض و بعده بقضاء القاضي و بغير قضاء القاضي و الرد بخيار العيب قبل القبض بقضاء القاضي و بغير قضاء القاضي و بعد القبض بقضاء القاضي لا يجوز الشراء منه بأقل مما باع لأن الرد في هذه المواضع يكون فسخا و الفسخ يكون رفعا من الأصل و إعادة إلى قديم الملك كأنه لم يخرج عن ملكه أصلا و لو كان كذلك لكان لا يجوز له الشراء فكذا هذا .
و لو لم يشتره البائع لكن اشتراه بعض من لا تجوز شهادته له كالوالدين و المولدين و الزوج و الزوجة لا يجوز عند أبي حنيفة C كما لا يجوز من البائع و عند أبي يوسف و محمد : يجوز كما يجوز من الأجنبي .
وجه قولهما : أن كل واحد منهما أجنبي عن ملك صاحبه لانفصال ملكه عن ملك صاحبه فيقع عقد كل واحد منهما له لا لصاحبه كسائر الأجانب ثم شراء الأجنبي لنفسه جائز فكذا شراؤه لصاحبه .
و لأبي حنيفة C : ان كل واحد منهما يبيع بمال صاحبه عادة حتى لا تقبل شهادة أحدهما لصاحبه فكان معنى ملك كل واحد منهما ثابتا لصاحبه فكان عقده واقعا لصاحبه من وجه فيؤثر في فساد العقد احتياطا في باب الربا .
و لو باع المولى ثم اشتراه مدبره أو مكاتبه أو بعض مماليكه و لا دين عليه أو عليه دين بأقل مما باع المولى لا يجوز كما لا يجوز عن المولى و كذا لو باع المدبر أو المكاتب أو بعض مماليكه ثم اشتراه المولى لا يجوز لأن عقد هؤلاء يقع للمولى من وجه .
و لو كان وكيلا فباع و اشترى بأقل مما باع قبل نقد الثمن لا يجوز كما لو باع و اشترى الموكل لنفسه لأن المانع تمكن لشبهة الربا و أن لا يفصل بين الوكيل و الموكل و لذا سيدتنا عائشة Bها لم تستفسر السائلة انها مالكة أو وكيلة و لو كان الحكم يختلف لاستفسرت .
و كذا باع الوكيل ثم اشتراه الموكل لم يجز لأنه لو اشتراه وكيله لم يجز فإذا اشتراه بنفسه أولى أن لا يجوز و كذا لو باعه الوكيل ثم اشتراه بعض من لا تجوز شهادة الوكيل له أو بعض من لا تجوز شهادة الموكل له لم يجز عند أبي حنيفة C و عندهما يجوز على ما مر .
و لو باع ثم وكل بنفسه إنسانا بأن يشتري له ذلك الشيء بأقل مما باع قبل نقد الثمن فاشتراه الوكيل فهو جائز للوكيل و الثمنان يلتقيان قصاصا و الزيادة من الثمن الأول لا تطيب للبائع و يكون ملكا له و هذا قول أبي حنيفة .
و قال أبو يوسف : التوكيل فاسد و يكون الوكيل مشتريا لنفسه و قال محمد : التوكيل صحيح إلا أنه إذا اشتراه الوكيل يكون مشتريا للبائع شراء فاسدا و يملكه البائع ملكا فاسدا و هذا بناء على أصل لهم فأصل أبي حنيفة أنه ينظر إلى العاقد و يعتبر أهليته و لا يعتبر أهلية من يقع له حكم العقد و لهذا قال : إن المسلم إذا كان وكل ذميا بشراء الخمر أو بيعها أنه يجوز .
و كذا المحرم إذا وكل حلالا ببيع صيد له أو بشراء صيد جاز التوكيل عنده و تعتبر أهلية الوكيل و أصل أبي يوسف و محمد أنهما يعتبران أهلية العاقد للعقد و المعقود له جميعا حتى لم يجز التوكيل عندهما في المسألتين إلا أن محمدا خالف أبا يوسف في هذه المسألة و ترك أصله حيث قال بصحة التوكيل و لم ينظر إلى الموكل و على هذا الخلاف إذا وكل المسلم ذميا بأن يشتري له من ذمي عبده بخمر و غير ذلك العبد ففعل الوكيل صح الشراء عند أبي حنيفة و يكون العبد للموكل و على الوكيل للبائع الخمر و هو يرجع بقيمة الخمر على موكله و عند أبي يوسف التوكيل فاسد و يكون الوكيل مشتريا لنفسه و عند محمد التوكيل صحيح و يكون مشتريا للموكل شراء فاسدا .
و لو باع بألف درهم حالة ثم اشتراه بألف درهم مؤجلة فالشراء فاسد لأنه اشترى ما باع بأقل مما باع من حيث المعنى لأن الحالة خير من المؤجلة و كذا باع بألف مؤجلة ثم اشتراه بألف مؤجلة إلى أبعد من ذلك الأجل فهو فاسد لما قلنا .
و لو باع عبدا بألف وقبضه المشتري ثم اشتراه البائع و عبدا آخر قبل نقد الثمن يقسم عليهما على قدر قيمتهما ثم ينظر فإن كانت حصة العبد الذي باعه مثل ثمنه أو أكثر جاز الشراء فيهما جميعا أما في الذي لم يبعه فظاهر و كذا في الذي باعه لأنه اشترى ما باع بمثل ما باع أو أكثر مما باع قبل نقد الثمن و أنه جائز و إن كان أقل من ثمنه يفسد البيع فيه و لا يفسد في الآخر لأن الفساد لكونه شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن و ذلك وجد في أحدهما دون الآخر وهذا على أصلهما ظاهر و كذا على أصل أبي حنيفة فكان ينبغي أن يفسد فيهما لأن من أصله أن الصفقة متى اشتملت على أبدال و فسدت في بعضها أن يتعدى الفساد إلى الكل كما إذا جمع بين حر و عبد و باعهما جميعا صفقة واحدة و إنما لم يفسد فيهما لأن الفساد هناك باعتبار أنه لما جمع بين الحر و العبد و باعهما صفقة واحدة فقد جعل قبول العقد في أحدهما شرطا لقبول العقد في الآخر و الحر ليس بمحل لقبول العقد فيه بيقين فلا يصح القبول فيه فلا يصح في الآخر فلم ينعقد العقد أصلا : و الفساد ههنا باعتبار شراء ما باع بأقل مما باع و ذلك وجد في أحدهما دون الآخر فيفسد في أحدهما دون الآخر لأن الأصل اقتصار الفساد على قدر المفسد و لهذا لو جمع بين عبدين و باع أحدهما إلى الحصاد أو الدياس أن البيع يفسد فيما في بيعه أجل و لا يفسد في الآخر .
و كذا لو جمع بين قن و مدبر و باعهما صفقة واحدة يصح البيع في القن و يفسد في المدبر لوجود المفسد في أحدهما دون الآخر كذا هذا