وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

من شرائطه أن يكون مقبوضا .
و منها : ان يكون مقبوضا في مجلس السلم لأن المسلم فيه دين و الإفتراق لا عن قبض رأس المال يكون افتراقا عن دين بدين و أنه منهي عنه لما روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ نهى عن بيع الكالىء بالكالىء ] أي النسيئة بالنسيئة و لأن مأخذ هذا العقد دليل على هذا الشرط فإنه يسمى سلما و سلفا لغة و شرعا تقول العرب أسلمت و أسلفت بمعنى واحد و في الحديث : [ من أسلم فليسلم في كيل معلوم ] .
و روي [ من أسلف فليسلف في كيل معلوم ] و السلم ينبىء عن التسليم و السلف ينبىء عن التقدم فيقتضي لزوم تسليم رأس المال و يقدم على قبضه على قبض المسلم فيه فإن قيل شرط الشيء يسبقه أو يقارنه و القبض يعقب العقد فكيف يكون شرطا فالجواب أن القبض شرط بقاء العقد على الصحة لا شرط الصحة فإن العقد ينعقد صحيحا بدون قبض ثم يفسد بالافتراق لا عن قبض و بقاء العقد صحيحا يعقب العقد و لا يتقدمه فيصلح القبض شرطا له و سواء كان رأس المال دينا أو عينا عند عامة العلماء استحسانا .
و القياس : أن لا يشترط قبضه في المجلس إذا كان عينا و هو قول مالك C .
وجه القياس : أن اشتراط القبض للاحتراز عن الافتراق عن دين بدين و هذا افتراق عن عين بدين و أنه جائز .
وجه الاستحسان : أن رأس مال السلم يكون دينا عادة و لا تجعل العين رأس مال السلم إلا نادرا و النادر حكمه حكم الغالب فيلحق بالدين على ما هو الأصل في الشرع في إلحاق المفرد بالجملة و لأن مأخذ العقد في الدلالة على اعتبار هذا الشرط لا يوجب الفصل بين الدين و العين على ما ذكرنا و سواء قبض في أول المجلس أو في آخره فهو جائز لأن ساعات المجلس لها حكم ساعة واحدة و كذا لو لم يقبض حتى قاما يمشيان فقبض قبل أن يفترقا بأبدانهما جاز لأن ما قبل الافتراق بأبدانهما له حكم المجلس .
و على هذا يخرج الإبراء عن رأس مال السلم أنه لا يجوز بدون قبول رب السلم لأن قبض رأس المال شرط صحة السلم فلو جاز الإبراء من غير قبوله و فيه إسقاط هذا الشرط أصلا لكان الإبراء فسخا معنى و أحد العاقدين لا ينفرد بفسخ العقد فلا يصح الإبراء و بقي عقد السلم على حاله .
و إذا قيل جاز الإبراء لأن الفسخ حينئذ يكون بتراضيهما و أنه جائز و إذا جاز الإبراء و أنه في معنى الفسخ انفسخ العقد ضرورة بخلاف الإبراء عن المسلم فيه أنه جائز من غير قبول المسلم إليه لأنه ليس في الإبراء عنه إسقاط شرط لأن قبض المسلم فيه ليس بشرط فيصح من غير قبول و بخلاف الإبراء عن ثمن المبيع أنه يصح من غير قبول المشتري إلا أنه يرتد بالرد لأن قبض الثمن ليس بشرط لصحة البيع إلا أنه يرتد بالرد لأن في الإبراء معنى التمليك على سبيل التبرع فلا يلزم دفعا لضرر المنة و لا يجوز الإبراء عن المبيع لأنه عين و الإبراء إسقاط و إسقاط الأعيان لا يعقل .
و على هذا يخرج الاستبدال برأس مال السلم في مجلس العقد أنه لا يجوز و هو أن يأخذ برأس مال السلم شيئا من غير جنسه لأن قبض رأس المال لما كان شرطا فبالاستبدال يفوت قبضه حقيقة و إنما يقبض بدله وبدل الشيء غيره .
و كذلك الاستبدال ببدل الصرف لما قلنا فإن أعطى رب السلم من جنس رأس المال أجود أو أردأ و رضي المسلم إليه بالأردأ جاز لأنه قبض جنس حقه و إنما اختلف الوصف فإن كان أجود فقد قضى حقه و أحسن في القضاء و إن كان أردأ فقد قضى حقه أيضا لكن على وجه النقصان فلا يكون أخذ الأجود و الأردأ استبدالا إلا أنه لا يجبر على أخذ الأردأ لأن فيه فوات حقه عن صفة الجودة فلا بد من رضاه و هل يجبر على الأخذ إذا أعطاه أجود من حقه قال علماؤنا الثلاثة رحمهم الله : يجبر عليه و قال زفر : لا يجبر .
وجه قوله : أن رب السلم في إعطاء الزيادة على حقه متبرع و المتبرع عليه لا يجبر على قبول التبرع لما فيه من إلزام المنة فلا يلزمه من غير التزامه .
و لنا : أن إعطاء الأجود مكان الجيد في قضاء الديون لا يعد فضلا و زيادة في العادات بل يعد من باب الإحسان في القضاء و لواحق الإيفاء فإذا أعطاه الأجود فقد قضى حق صاحب الحق و أجمل في القضاء فيجبر على الأخذ .
و أما الاستبدال بالمسلم فيه بجنس آخر فلا يجوز أيضا لكن بناء على أصل آخر ذكرناه فيما تقدم و هو أن السلم فيه مبيع منقول و بيع المبيع المنقول قبل القبض لا يجوز و إن أعطى أجود أو أردأ فحكمه حكم رأس المال و قد ذكرنا .
و أما استبدال رأس مال السلم بجنس آخر بعد الإقامة أو بعد انفساخ السلم العارض فلا يجوز عندنا خلافا لزفر و يجوز استبدال بدل الصرف بعد الإقالة بالإجماع و قد مر الكلام فيه و الفرق فيما تقدم و تجوز الحوالة برأس مال السلم على رجل حاضر و الكفالة به لوجود ركن هذه العقود مع شرائطه فيجوز كما في سائر العقود فلو امتنع الجواز فإنما يمتنع لمكان الخلل في شرط عقد السلم و هو القبض و هذه العقود لا تخل بهذا الشرط بل تحققه لكونها وسائل إلى استيفاء الحق فكانت مؤكدة له هذا مذهب أصحابنا الثلاثة رحمهم الله .
و قال زفر : لا يجوز لأن هذه العقود شرعت لتوثيق حق يحتمل التأخر عن المجلس فلا يحصل ما شرع له العقد فلا يصح و هذا غير سديد لأن معنى التوثيق يحصل في الحقين جميعا فجاز العقد فيهما جميعا ثم إذا جازت الحوالة و الكفالة فإن قبض المسلم إليه رأس مال السلم من المحال عليه أو الكفيل أو من رب السلم فقد تم العقد بينهما إذا كان في المجلس سواء بقي الحويل و الكفيل أو افترقا بعد أن كان العاقدان في المجلس و إن افترقا العاقدان بأنفسهما قبل القبض بطل السلم و بطلت الحوالة و الكفالة و إن بقي المحال عليه و الكفيل في المجلس فالعبرة لبقاء العاقدين و افتراقهما لا لبقاء الحويل و الكفيل و افتراقهما لأن القبض من حقوق العقد و قيام العقد بالعاقدين فكان المعتبر مجلسهما .
و على هذا الحوالة و الكفالة ببدل الصرف أنهما جائزان لما قلنا لكن التقابض من الجانبين قبل تفرق العاقدين بأبدانهما شرط و افتراق المحال عليه و الكفيل لا يضر لما ذكرنا فإن افترق العاقدان بأبدانهما قبل التقابض من الجانبين بطل الصرف و بطلت الحوالة و الكفالة كما في السلم .
و أما الرهن برأس مال السلم فإن هلك الرهن و قيمته مثل رأس المال أو أكثر فقد تم العقد بينهما لأنه حصل مستوفيا لرأس المال لأن قبض الرهن قبض استيفاء لأنه قبض مضمون و قد تقرر الضمان بالهلاك و على الراهن مثله من جنسه في المالية فيتقاصان فحصل الافتراق عن قبض رأس المال فتم عقد السلم و إن كانت قيمته أقل من رأس المال تم العقد بقدره و يبطل في الباقي لأنه استوفي من رأس المال بقدره و إن لم يهلك الرهن حتى افترقا بطل السلم لحصول الافتراق لا عن قبض رأس المال و عليه رد الرهن على صاحبه .
و كذا هذا الحكم في بدل الصرف إذا أخذ به رهنا أنه إن هلك الرهن قبل افتراق العاقدين بأبدانهما تم عقد الصرف لأنه بالهلاك صار مستوفيا و إن لم يهلك حتى افترقا بطل الصرف لفوات شرط الصحة و هو القبض كما في السلم و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و على هذا يخرج ما إذا كان رأس المال دينا على المسلم إليه أو على غيره فأسلمه أنه لا يجوز لأن القبض شرط و لم يوجد حقيقة فيكون افترقا عن دين بدين و أنه منهي فإن نقده في المجلس جاز إن كان الدين على المسلم إليه و لأن المانع ههنا ليس إلا انعدام القبض حقيقة و قد زال و إن كان على غيره لا يجوز و إن نقده في المجلس لكن هناك مانع آخر و هو العجز عن التسليم لأن ما في ذمة الغير لا يكون مقدور التسليم و القدرة على التسليم عند العقد من شرائط الصحة على ما مر و هذا المانع منعدم في الفصل الأول لأن ذمة المسلم إليه في يده فكان قادرا على التسليم عند العقد و إنما لم يجز لعدم القبض و إذا وجد جاز .
و لو أسلم دينا و عينا و افترقا جاز في حصة العين و بطل في حصة الدين لأن الأصل أن الفساد بقدر المفسد و المفسد عدم القبض و أنه يخص الدين فيفسد السلم بقدره كما لو اشترى عبدين و لم يقبضهما حتى هلك أحدهما قبل القبض أنه يبطل العقد في الهالك و يبقى في الآخر لما قلنا كذا هذا .
و على هذا يخرج ما إذا قبض رأس المال ثم انتقض القبض فيه بمعنى أوجب انتقاضه أنه يبطل السلم و بيان ذلك أن جملة رأس المال لا تخلو أما أن تكون عينا و هو ما يتعين بالتعيين و أما أن تكون دينا و هو ما لا يتعين بالتعيين و العين لا تخلو أما أن توجد مستحقا أو معيبا و الدين لا يخلو : إما أن يوجد مستحقا أو زيوفا أو نبهرجة أو ستوقا أو رصاصا و كل ذلك لا يخلو : إما أن يكون قبل الافتراق أو بعده وجد كله كذلك أو بعضه دون بعض .
و كذلك أحد المتصارفين إذا وجد بدل الصرف كذلك فهو على التفاصيل التي ذكرنا فإن كان رأس المال عينا فوجده المسلم إليه مستحقا أو معيبا فإن لم يجز المستحق و لم يرض المسلم إليه بالعيب يبطل السلم سواء كان بعد الافتراق أو قبله لأنه انتقض القبض فيه بالاستحقاق و الرد بالعيب و لا يمكن إقامة غيره مقامه في القبض لأنه معين فيحصل الافتراق لا عن قبض رأس المال في المجلس فيبطل السلم و إن أجاز المستحق و رضي المسلم إليه بالعيب جاز السلم سواء كان قبل الافتراق أو بعده لأنه تبين أن قبضه وقع صحيحا فحصل الافتراق عن قبض رأس المال أولا و لا سبيل للمستحق على المقبوض لأنه لما أجاز فقد صار المقبوض ملكا للمسلم إليه و له أن يرجع على الناقد بمثله إن كان مثليا و بقيمته إن لم يكن مثليا لأنه أتلف عليه ماله بالتسليم .
و كذا في الصرف غير أن هناك إذا كان البدل المستحق أو المعيب عينا كالتبر و المصوغ من الفضة و لم يجز المستق و لا رضي القابض بالمعيب حتى بطل الصرف يرجع على قابض الدينار بعين الدينار إن كان قائما و بمثله إن كان هالكا و لا خيار لقابض الدينار في ظاهر الرواية كما في بيع العين إذا استحق المبيع و أخذه المستحق و لو كان قابض الدينار تصرف فيه و أخرجه من ملكه لا يفسخ عليه تصرفه و عليه مثله كما في المقبوض بعقد فاسد .
هذا إذا كان رأس المال عينا فأما إذا كان دينا فإن وجده مستحقا و أجاز المستحق فالسلم ماض سواء كان قبل الافتراق أو بعده لأنه ظهر أن القبض كان صحيحا و لا سبيل للمشتري على المقبوض و يرجع على الناقد بمثله لأنه أتلفه بالتسليم و هو مثلي فيرجع عليه بمثله و إن لم يجز فإن كان قبل الافتراق و استبدل في المجلس فالسلم ماض لأن رأس المال إذا كان دينا كان الواجب في ذمة رب السلم مثل المستحق لا عينه فقبض المستحق أن لم يصح أو انتقض بالاستحقاق و عدم الإجازة يقوم قبض مثله مقامه فيرجع عليه بمثله و يلحق ذلك الذي كان بالعدم كأنه لم يقبض و أخر القبض فيه إلى آخر المجلس بخلاف ما إذا كان عينا لأن المستحق هناك قبض العين و قد انتقض القبض فيه بالاستحقاق و تعذر إقامة قبض غيره مقامه فجعل الافتراق لا عن قبض فيبطل العقد و إن كان الافتراق يبطل السلم لأنه تبين أن الافتراق حصل لا عن قبض رأس المال