وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ما يجب بيانه في المرابحة .
فصل : و أما بيان ما يجب بيانه في المرابحة و ما لا يجب فالأصل فيه أن بيع المرابحة و التولية بيع أمانة لأن المشتري ائتمن البائع في إخباره عن الثمن الأول من غير بينة و لا استحلاف فتجب صيانتها عن الخيانة و عن سبب الخيانة و التهمة لأن التحرز عن ذلك كله واجب ما أمكن قال الله عز شأنه : { يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله و الرسول و تخونوا أماناتكم و أنتم تعلمون } و قال عليه الصلاة و السلام : [ ليس منا من غشنا ] .
و قال عليه الصلاة و السلام لوابصة بن معبد Bه : [ الحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك ] و روي عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ ألا إن لكل ملك حمى و إن حمى الله محارمه فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ] .
و قال عليه الصلاة و السلام : [ من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم ] و الاحتراز عن الخيانة و عن شبهة الخيانة و التهمة إنما يحصل ببيان ما يجب بيانه فلا بد من بيان ما يجب بيانه و ما لا يجب فنقول و بالله التوفيق .
إذا حدث بالسلعة عيب في يد البائع أو في يد المشتري فأراد أن يبيعها مرابحة ينظر إن حدث بآفة سماوية له أن يبيعها مرابحة بجميع الثمن من غير بيان عندنا .
و قال زفر و الشافعي رحمهما الله : لا يبيعها حتى يبين و إن حدث بفعله أو بفعل أجنبي لم يبعه مرابحة حتى يبين بالإجماع .
وجه قولهما : إن البيع من غير بيان حدوث العيب لا يخلو من شبهة الخيانة لأن المشتري لو علم أن العيب حدث في يد المشتري لكان لا يربحه فيه و لأنه لما باعه بعد حدوث العيب في يده فقد احتبس عنده جزءا منه فلا يملك بيع الباقي من غير بيان كما لو احتبس بفعله أو بفعل أجنبي .
و لنا : أن الفائت جزء لا يقابله ثمن بدليل أنه لو فات بعد العقد قبل القبض لا يسقط بحصته شيء من الثمن فكان بيانه و السكوت عنه بمنزلة واحدة و ما يقابله الثمن قائم بالكلية فله أن يبيعه مرابحة من غير بيان لأنه يكون بائعا ما بقي بجميع الثمن بخلاف ما إذا فات بفعله أو بفعل أجنبي لأن الفائت صار مقصودا بالفعل و صار مقابله الثمن فقد حبس المشتري جزءا يقابله الثمن فلا يملك بيع الباقي مرابحة إلا ببيان و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و لو حدث من المبيع زيادة كالولد و الثمرة و الصوف و اللبن و العقر لم يبعه مرابحة حتى يبين لأن الزيادة المتولدة من المبيع مبيعة عندنا حتى تمنع الرد بالعيب و إن لم يكن لها حصة من الثمن للحال فهذا حبس بعض المبيع و باع الباقي فلا يجوز من غير بيان .
و كذا لو هلك بفعله أو بفعل أجنبي و وجب الأرش لأنه صار مبيعا مقصودا يقابله الثمن ثم المبيع بيعا غير مقصود لم يبعه مرابحة من غير بيان فالمبيع مقصودا أولى و لو هلك بآفة سماوية له أن يبيعه مرابحة من غير بيان لأنه إن هلك طرف من أطرافه بآفة سماوية باعه مرابحة من غير بيان على ما مر فالولد أولى لأنه ملحق بالطرف .
و لو استغل الولد و الأرض جاز له أن يبيعه مرابحة من غير بيان لأن الزيادة التي ليست بمتولدة من المبيع لا تكون مبيعة بالإجماع و لهذا لا يمنع الرد بالعيب فلم يكن ببيع الدار أو الأرض حابسا جزءا من المبيع فكان له أن يبيعه مرابحة من غير بيان .
و كذلك لو كان المشتري جارية ثيبا فوطئها جاز له أن يبيعها مرابحة من غير بيان فإن الوطء استيفاء المنفعة حقيقة و المنفعة ليست بجزء لها حقيقة فاستيفاؤها لا يوجب نقصانا في الذات إلا أنه ألحق بالجزء عند عدم الملك إظهارا لخطر الأبضاع و لا حاجة إلى ذلك في الملك فبقيت مبيعة حقيقة و وطء الثيب إنما منع الرد بالعيب عندنا لا لأنه إتلاف جزء من العين بل لمعنى آخر نذكره في موضعه و لو كانت الجارية بكرا فافتضها المشتري لم يبعها مرابحة حتى يبين لأن الافتضاض إزالة العذرة و هو عضو منها فكان إتلافا لجزئها فأشبه إتلاف سائر الأجزاء و لو أتلف منها جزءا آخر لكان لا يبيعها مرابحة حتى يبين كذا هذا .
و لو اشترى شيئا نسيئة لم يبعه مرابحة حتى يبين لأن للأجل شبهة المبيع و إن لم يكن مبيعا حقيقة لأنه مرغوب فيه ألا ترى أن الثمن قد يزاد لمكان الأجل فكان له شبهة أن يقابله شيء من الثمن فيصير كأنه اشترى شيئين ثم باع أحدهما مرابحة على ثمن الكل لأن الشبهة ملحقة بالحقيقة في هذا الباب فيجب التحرز عنها بالبيان .
و لو اشترى من إنسان شيئا بدين له عليه له أن يبيعه مرابحة من غير بيان و لو اخذ شيئا صلحا من دين له على إنسان لا يبيعه مرابحة حتى يبين .
و وجه الفرق : أن مبنى الصلح على الحط و الإغماض و التجوز بدون الحق فلا بد من البيان ليعلم المشتري أنه سامح أم لا فيقع التحرز عن التهمة و مبنى الشراء على المضايقة و المماكسة فلا حاجة إلى البيان و فرق آخر أن في الشراء لا تتصور الخيانة لأن الشراء لا يقع بذلك الدين بعينه بل بمثله و هو أن يجب على المشتري مثل ما في في ذمة المديون فيلتقيان قصاصا لعدم الفائدة و الدليل على أنه لو اشترى ثم تصادقا على أنه لم يكن عليه دين لم يبطل الشراء و لو وقع الشراء بذلك الدين بعينه لبطل الشراء و إذا لم يقع الشراء بذلك الدين بعينه لا تتقدر الخيانة كما إذا اشترى منه ثوبا بعشرة دراهم ابتداء بخلاف الصلح فإنه يقع بما في الذمة على البدل المذكور ألا ترى أنهما لو تصادقا بعد عقد الصلح على أنه لم يكن عليه دين يبطل الصلح فاحتمل تهمة المسامحة و التجوز بدون الحق فوجب التحرز عن ذلك بالبيان .
و لو اشترى ثوبا بعشرة دراهم و رقمه اثني عشر فباعه مرابحة على الرقم من غير بيان جاز إذا كان الرقم معلوما و الربح معلوما و لا يكون خيانة لأنه صادق لكن لا يقول اشتريته بكذا لأنه يكون كاذبا فيه .
و روي عن أبي يوسف أن المشتري : إذا كان لا يعلم عادة التجار و عنده أن الرقم هو الثمن لم يبيعه مرابحة على ذلك من غير بيان .
و كذلك لو ورث مالا فرقمه ثم باعه مرابحة على رقمه يجوز لما قلنا و لو اشترى شيئا ثم باعه بربح ثم اشتراه فأراد أن يبيعه مرابحة فإنه يطرح كل ربح كان قبل ذلك فيبيعه مرابحة على ما يبقي من رأس المال بعد الطرح فإن لم يبق منه شيء بأن استغرق الربح الثمن لم يبعه مرابحة و هذا عند أبي حنيفة .
و أما عند أبي يوسف و محمد : يبيعه مرابحة على الثمن الأخير من غير بيان و لا عبرة بالعقود المتقدمة ربح فيها أو خسر .
و بيان ذلك إذا اشترى ثوبا بعشرة فباعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة فإنه يبيعه مرابحة على خمسة عنده و عندهما على عشرة و لو باعه بعشرين ثم اشتراه بعشرة لم يبعه مرابحة أصلا و عندهما يبيعه مرابحة على عشرة .
وجه قولهما : أن العقود المتقدمة لا عبرة بها لأنها ذهبت و تلاشت بنفسها و حكمها فأما العقد الأخير فحكمه قائم و هو الملك فكان هذا المعتبر فيبيعه مرابحة على الثمن الأخير .
و لأبي حنيفة عليه الرحمة : أن الشراء الأخير كما أوجب ملك الثوب فقد أكد الربح و هو خمسة لأنه كان يحتمل البطلان بالرد بالعيب أو بغيره من أسباب الفسخ فإذا اشترى فقد خرج عن احتمال البطلان فتأكد و للتأكد شبهة الإثبات فكان مشتريا للثوب و خمسة الربح بعشرة من وجه فكان فيه شبهة أنه اشترى شيئين ثم باع أحدهما مرابحة على ثمن الكل و ذا لا يجوز من غير بيان لأن الشبهة في هذا الباب لها حكم الحقيقة .
ألاترى أنه لو اشترى ثوبا بعشرة نسيئة ثم أراد أن يبيعه مرابحة على عشرة نقد لم يبعه مرابحة من غير بيان احترازا عن الشبهة لأن للأجل شبهة ان يقابله الثمن على ما مر فوجب التحرز عنه بالبيان كذا هذا فإذا باعه بعشرين ثم اشتراه بعشرة صار كأنه اشترى ثوبا و عشرة بعشرة فيكون العشرة بالعشرة و يبقى الثوب خاليا عن العوض في عقد المعاوضة فيتمكن فيه شبهة الربا فلم يبعه مرابحة و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و لو اشترى ممن لا تجوز شهادته له كالوالدين و المولودين و الزوج و الزوجة لم يجز له أن يبيعه مرابحة حتى يبين عند أبي حنيفة .
و قال أبو يوسف و محمد : له ذلك من غير بيان و لو اشترى من مكاتبه أو عبده المأذون و عليه دين أو لا دين عليه لم يبعه مرابحة من غير بيان بالإجماع وجه قولهما أنه لا خلل في الشراء الأول لأن ملك كل واحد منهما ممتاز عن ملك صاحبه منفصل عنه فصح الشراء الأول فلا يجب البيان كما إذا اشترى من الأجنبي و لأبي حنيفة C أن تهمة المسامحة في الشراء الأول قائمة لأن الناس في العادات لا يماكسون في الشراء من هؤلاء فكانت التهمة و هي الشراء بزيادة بزيادة الثمن قائمة فلا بد من البيان كما في المكاتب و المأذون و لأن للشراء من هؤلاء شبهة عدم الصحة لأن كل واحد منهما يبيع بمال صاحبه عادة و لهذا لا تقبل شهادة أحدهما لصاحبه لكونها شهادة لنفسه من وجه فكان مال كل واحد منهما بعد البيع و الشراء قائما معنى فكان لهذا الشراء شبهة عدم الصحة و الشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقة فيؤثر في المرابحة كما في المكاتب و العبد المأذون .
و لو اشترى سلعة من رجل بألف درهم ثم اشترى منه من لا تقبل شهادته له بألف درهم و خمسمائة فإنه يبيعه مرابحة أقل الثمنين و ذلك ألف و لا يبيعه مرابحة على ألف و خمسمائة إلا ببيان عند أبي حنيفة و عندهما يبيعه مرابحة على ألف و خمسمائة من غير بيان لما ذكرنا .
و أجمعوا على أنه لو اشترى عبدا بخمسمائة فباعه من المكاتب المديون أو لا دين عليه بألف إنه لا يبيعه مرابحة على أكثر الثمنين .
و كذا لو اشترى المكاتب أو المأذون عبدا بخمسمائة فباعه من المولى بألف لما قلنا و لو اشترى من مضاربه منه فإنه يبيعه مرابحة على أقل الثمنين و حصة المضارب من الربح إن كان فيه ربح و إن لم يكن ربح يبيعه مرابحة على أقل الثمنين بيان ذلك إذا دفع ألفا مضاربة فاشترى رب المال عبدا بخمسمائة فباعه من المضارب بألف فإن المضارب يبيعه مرابحة على خمسمائة لأن جواز بيع رب المال من المضارب و المضارب من رب المال ليس بمقطوع به بل هو في محل الاجتهاد فإن عند زفر لا يجوز و هو القياس لأنه بيع مال نفسه على نفسه و الشراء من الإنسان بماله إلا أنا استحسنا الجواز بالاجتهاد مع احتمال الخطأ فكان شبهة عدم الجواز قائمة فتلحق بالحقيقة في المنع من المرابحة من غير بيان و لأنه يحتمل أن رب المال باعه من المضارب بأكثر من قيمته لكن ساهله المضارب لأنه ما اشتراه بمال نفسه بل بمال رب المال فتمكنت التهمة في هذا البيع فلا يبيعه مرابحة بأوفر الثمنين إلا ببيان .
و لو اشترى المضارب عبدا بألف فباعه من رب المال بألف و مائتين فإن لرب المال بيعه مرابحة على ألف و مائة إن كانت المضاربة بالنصف لأن المائتين ربح و هي بينهما إلا أن حصة رب المال فيها شبهة و تهمة على ما ذكرنا فيطرح ذلك القدر من بيع المرابحة و أما حصة المضارب فلا شبهة فيها و لا تهمة إذ لا حق فيها لرب المال فيبيعه مرابحة على ألف و مائة .
و كذلك لو اشترى رب المال عبدا بألف فباعه من المضارب بمائة باعه المضارب مرابحة على مائة .
و كذلك لو اشترى المضارب بألف فباعه من رب المال بمائة باعه رب المال مرابحة على مائة و هي أقل الثمنين لأنه لا تهمة في الأقل و في الأكثر تهمة على ما بينا .
و لو اشترى رب المال بخمسمائة فباعه من المضارب بألف و مائة باعه المضارب مرابحة على خمسمائة و خمسين لأن الخمسمائة أقل الثمنين و الخمسون قدر حصة المضارب من الربح فتضم إلى الخمسمائة و الله عز و جل أعلم