وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

حكم الفلوس .
و على هذا يخرج الشراء بالدين ممن عليه الدين شيئا بعينه أو بغير عينه قبضه أو لم يقبضه و جملة الكلام فيه أن الدين لا يخلو من أن يكون دراهم أو دنانير أو فلوسا أو مكيلاأو موزونا او قيمة المستهلك فإن كان دراهم أو دنانير فاشترى به شيئا بعينه جاز الشراء و قبض المشتري ليس بشرط لأنه يكون افتراقا عن عين بدين و أنه جائز فيما لا يتضمن ربا النساء و لا يتضمن ههنا و كذلك إن كان الدين مكيلا أو موزونا أو قيمة المستهلك لما قلنا .
و لو اشترى بدينه و هو دراهم شيئا بغير عينه بأن اشترى بها دينارا أو فلوسا أو هو فلوس فاشترى بها دراهم أو دنانير أو فلوسا جاز الشراء لكن يشترط قبض المشتري في المجلس حتى لا يحصل الافتراق عن دين بدين لأن المشترى لا يتعين إلا بالقبض .
و لو كان دينه دراهم أو دنانير أو فلوسا فاشترى بها مكيلا موصوفا أو موزونا موصوفا أو ثيابا موصوفة مؤجلة لم يجز الشراء لأن الدراهم و الدنانير أثمان على كل حال و كذا الفلوس عند المقابلة بخلاف جنسها فلم تكن مبيعة فكان الآخر مبيعا بائعا ما ليس عند الإنسان و لا يجوز بيع ما ليس عند الإنسان إلا بطريق السلم و لا سبيل إلى تجويزه بطريق السلم لأن رأس المال دين بخلاف الفصل الأول لأن كل واحد منهما ثمن فكان مشتريا بثمن ليس عنده و أنه جائز لكن لا بد من التسليم كيلا يكون الافتراق عن دين بدين .
و إن كان الدين مكيلا أو موزونا فباعه بدراهم أو بدنانير أو بفلوس أو اشترى هذه الأشياء بدينه جاز لأن الدراهم و الدنانير أثمان على كل حال و كذا الفلوس عند مقابلتها بخلاف جنسها فكان من عليه الدين مشتريا بثمن ليس عنده و ذلك جائز لكن يشترط القبض في المجلس لئلا يؤدي إلى الافتراق عن دين بدين .
و لو اشترى بالدين الذي هو مكيل أو موزون مكيلا أو موزونا من خلاف جنسه ينظر إن جعل الدين منهما مبيعا و الآخر ثمنا بأن أدخل فيه حرف الباء و إن كان بغير عينه جاز لأنه يكون مشتريا بثمن ليس عنده إلا أن القبض في المجلس شرط فلا يكون افتراقا عن دين بدين و إن جعل الدين منهما ثمنا بأن أدخل حرف الباء فيه و الآخر مبيعا لم يجز الشراء و إن أحضر في المجلس لأنه بائع ما ليس عنده و بيع ما ليس عند الإنسان لا يجوز إلا بطريق السلم و إذا كان رأس المال دينا لا يجوز السلم .
و إن كان الدين قيمة المستهلك فإن كان المستهلك مما له مثل فهذا و الأول سواء لأن الواجب باستهلاكه مثله فإذا اشترى به شيئا من خلاف جنسه فحكمه ما ذكرنا و إن كان مما لا مثل له فاشترى به شيئا بعينه جاز و قبض المشتري ليس بشرط لأن الواجب باستهلاكه القيمة و القيمة دراهم أو دنانير فصار مشتريا بدين الدراهم و الدنانير شيئا بعينه فيجوز و لا يشترط قبض المشتري لأنه يحصل الافتراق عن عين بدين و لا بأس به فيما لا يتضمن ربا النساء و لو اشترى به شيئا بغير عينه من المكيل أو الموزون ينظر إن جعل ما عليه مبيعا و هذا ثمنا بأن أدخل عليه حرف الباء يجوز الشراء لأنه اشترى بثمن ليس عنده فيجوز لكن لا بد من القبض في المجلس و إن جعل ما عليه ثمنا بأن صحبه حرف الباء لا يجوز و إن أحضر في المجلس لأنه باع ما ليس عند الإنسان فلا يجوز إلا بطريق السلم و لا سبيل إليه لأن رأس ماله دين و لو وقع الصلح عن المستهلك على الدراهم أو الدنانير و قضى به الحاكم جاز و لا يكون القبض شرطا لأن هذا ليس شراء بالدين بل هو نفس حقه و لو صالح على دراهم أو دنانير أكثر من قيمة المستهلك جاز الصلح عند أبي حنيفة و عند أبي يوسف و محمد يجوز بقدر القيمة و الفضل على القيمة باطل و هي من مسائل الغضب نذكرها إن شاء الله تعالى .
و لو تبايعا عينا بفلوس بأعيانها بأن قال بعت منك هذا الثوب أو هذه الحنطة بهذه الفلوس جاز و لا يتعين و إن عينت بالإشارة إليها حتى للمشتري أن يمسكها و يرد مثلها .
و لو هلكت قبل القبض لا يبطل البيع لأنها و إن لم تكن في الوضع ثمنا فقد صارت ثمنا باصطلاح الناس و من شأن الثمن أن لا يتعين بالتعيين .
و كذا إذا تباعيا درهما بعينه أو دينارا بعينه بفلوس بأعيانها فإنها لا تتعين أيضا كما لا تتعين الدراهم و الدنانير لما قلنا إلا أن القبض في المجلس ههنا شرط بقاء العقد على الصحة حق لو افترقا من غير تقابض أصلا يبطل العقد لحصول الفتراق عن دين بدين و لو لم يوجد القبض إلا من أحد الجانبين دون الآخر فافترقا مضى العقد على الصحة لأن المقبوض صار عينا بالقبض فكان افتراقا عن عين بدين و إنه جائز إذا لم يتضمن ربا النساء و لم يتضمن ههنا لانعدام القدر المتفق و الجنس و كذا إذا تباعيا فلسا بعينه بفلس بعينه فالفلسان لا يتعينان و إن عينا إلا أن القبض في المجلس شرط حتى يبطل بترك التقابض في المجلس لكونه افتراقا عن دين بدين .
و لو قبض أحد البدلين في المجلس فافترقا قبل قبض الآخر ذكر الكرخي أنه لا يبطل العقد لأن اشتراط القبض من الجانبين من خصائص الصرف و هذا ليس بصرف فيكتفي فيه بالقبض من أحد الجانبين لأن به يخرج عن كونه افتراقا عن دين بدين .
و ذكر في بعض شروح مختصر الطحاوي C أنه يبطل لا لكونه صرفا بل لتمكن ربا النساء فيه لوجود أحد وصفي علة ربا الفضل و هو الجنس و هو الصحيح و لو تبايعا فلوسا بدراهم على أن كل واحد منهما بالخيار و تقابضا و افترقا بطل البيع لأن الخيار يمنع انعقاد العقد في حق الحكم فيمنع صحة التقابض فيحصل الافتراق لا عن قبض أصلا فيبطل البيع و لو كان الخيار لأحدهما فكذلك عند أبي حنيفة و عندهما يجوز بناء على أن شرط الخيار يعمل في الجانبين جميعا عنده و ينعدم القبض من الجانبين و عندهما لا يعمل إلا من جانب واحد فينعدم القبض من أحد الجانبين و هذا لا يمنع جواز العقد و الأصل المحفوظ أن العقد في حق القبض على مراتب .
منها : ما يشترط في التقابض و هو القبض من الجانبين و هو الصرف و منها ما لا يشترط فيه القبض أصلا كبيع العين بالعين مما سوى الذهب و الفضة و بيع العين بالدين مما لا يتضمن ربا النساء كبيع الحنطة بالدراهم و نحوها و منها مما يشترط فيه القبض من أحد الجانبين كبيع الدراهم بالفلوس و بيع العين بالدين مما يتضمن ربا النساء كبيع المكيل بالمكيل و الموزون بالموزون إذا كان الدين منهما ثمنا و بيع الدين بالعين و هو السلم و لو تبايعا فلسا بعينه بفلسين بأعيانهما جاز عند أبي حنيفة و أبي يوسف و يتعين كل واحد منهما حتى لو هلك أحدهما قبل القبض بطل العقد و كذا إذا رد بالعيب أو استحق .
و لو أراد أحدهما أن يدفع مثله ليس له ذلك و عند محمد يتعين و لا يجوز البيع و قد ذكرنا المسألة مع دلائلها فيما تقدم .
و لو تبايعا فلسا بغير عينه بفلسين بغير أعيانهما أو عين أحدهما و لم يعين الآخر لا يجوز في الرواية المشهورة عنهم و عن أبي يوسف أنه يجوز و الصحيح جواب ظاهر الرواية لأن الفلس في هذه الحالة لا يخلو من أن يكون من العروض أو من الأثمان فإن كان من العروض فالتعيين في العروض شرط الجواز و لم يوجد .
و إن كان من الأثمان فالمساواة فيه شرط الجواز و لم يوجد و لأن تجويز هذا البيع يؤدي إلى ربح ما لم يضمن لأن مشتري الفلسين يقبضهما و ينقد أحدهما و يبقى الآخر عن غير ضمان فيكون ربح ما لم يضمن و أنه منهي .
و لو تبايعا فلسا بفلسين و شرطا الخيار ينبغي أن يجوز على قولهما لأن الفلوس في هذه الحالة كالعروض و عندهما لا يشترط فيها فلم يكن الخيار مانعا و الله عز و جل أعلم .
و لو اشترى شيئا بفلوس كاسدة في موضع لا تنفق فإن كانت بأعيانها جاز و إن لم تكن معينة لم يجز لأنها في ذلك الموضع عروض و التعيين شرط الجواز في بيع العروض .
و منها : أن للبائع حق حبس المبيع حتى يقبض الثمن إذا كان الثمن حالا و ليس للمشتري أن يمتنع من تسليم الثمن إلى البائع حتى يقبض المبيع إذا كان المبيع حاضرا لأن البيع عقد معاوضة و المساواة في المعاوضات مطلوبة المتعاوضين عادة و حق المشتري في المبيع قد تعين بالتعيين في العقد و حق البائع في الثمن لم يتعين بالعقد لأن الثمن في الذمة فلا يتعين بالتعيين إلا بالقبض فيسلم الثمن أولا ليتعين فتتحقق المساواة .
و إن كان المبيع غائبا عن حضرتهما فللمشتري أن يمتنع عن التسليم حتى يحضر المبيع لأن تقديم تسليم الثمن لتتحقق المساواة و إذا كان المبيع غائبا لا تتحقق المساواة بالتقديم بل يتقدم حق البائع و يتأخر حق المشتري حيث يكون الثمن بالقبض عينا مشارا إليه و المبيع لا و لأن من الجائز أن المبيع قد هلك و سقط الثمن عن المشتري فلا يؤمر بالتسليم إلا بعد المبيع سواء كان المبيع في ذلك المصر أو في موضع آخر بحيث تلحقه المؤونة بالإحضار فرق بين هذا و بين الرهن فإن الراهن إذا امتنع من قضاء الدين لإحضار الرهن ينظر في ذلك إن كان الرهن في ذلك المصر بحيث لا يلحق المرتهن مؤونة في الإحضار يؤمر بإحضاره أولا كما في البيع لجواز أن الرهن قد هلك و سقط الدين عن المرتهن بقدره و إن كان في موضع يلحقه المؤونة في الإحضار لا يؤمر المرتهن بالإحضار أولا بل يؤمر الراهن بقضاء الدين أولا إن كان مقرا أن الرهن قائم ليس بهالك و إن ادعى أنه هالك و قال المرتهن هو قائم فالقول قول المرتهن مع يمينه فإذا حلف يؤمر بقضاء الدين .
و وجه الفرق بينهما : أن البيع عقد معاوضة و مبنى المعاوضة على المساواة و لا تتحقق المساواة إلا بالإحضار على ما مر بخلاف الرهن فإنه عقد ليس بمعاوضة بل هو عقد أمانة بمنزلة عقد الوديعة كان المرهون أمانة في يد المرتهن إلا أنه إذا هلك يسقط الدين عن الراهن لا لكونه مضمونا بل لمعنى آخر على ما عرف و إذا لم يكن معاوضة لم يكن الدين عوضا عن الرهن فلا يلزم تحقيق المساواة بينهما بإحضار الرهن إذا كان بحيث تلحقه المؤونة بالإحضار .
و لو تبايعا عينا بعين سلما معا لما ذكرنا إن المساواة في عقد المعاوضة مطلوبة للمتعاوضين عادة و تحقيق المساواة ههنا في التسليم معا و لأن تسليم المبيع مستحق و ليس أحدهما بتقديم التسليم أولى من الآخر لأن كل واحد منهما مبيع فيسلمان معا .
و كذا لو تبايعا دينا بدين سلما معا تحقيقا للمساواة التي هي مقتضى المعاوضات المطلقة و لاستواء كل واحد منهما في استحقاق التسليم بخلاف ما إذا تبايعا عينا بدين لأن الدين لا يصير عينا إلا بالقبض فلا تتحقق المساواة إلا بتسليمه أولا على ما بينا و الله عز و جل أعلم و منها أن هلاك المبيع قبل القبض يوجب انفساخ البيع .
و جملة الكلام فيه : أن المبيع لا يخلو إما أن يكون أصلا و إما أن يكون تبعا و هو الزوائد المتولدة من المبيع فإن كان أصلا فلا يخلو إما إن هلك كله و إما إن هلك بعضه و لا يخلو إما إن هلك قبل القبض و إما إن هلك بعده و كل ذلك لا يخلو إما إن هلك بآفة سماوية و إما إن هلك بفعل البائع أو بفعل المشتري أو بفعل أجنبي فإن هلك كله قبل القبض بآفة سماوية انفسخ البيع لأنه لو بقي أوجب مطالبة المشتري بالثمن .
و إذا طالبه بالثمن فهو يطالبه بتسليم المبيع و انه عاجز عن التسليم فتمتنع المطالبة أصلا فلم يكن في بقاء البيع فائدة فينفسخ و إذا انفسخ البيع سقط الثمن عن المشتري لأن انفساخ البيع ارتفاعه من الأصل كأن لم يكن .
و كذا إذا هلك بفعل المبيع بأن كان حيوانا فقتل نفسه لأن فعله على نفسه هدر فكأنه هلك بآفة سماوية و كذا إذا هلك بفعل البائع يبطل البيع و يسقط الثمن عن المشتري عندنا .
و قال الشافعي C : لا يبطل و على البائع ضمان القيمة أو المثل .
وجه قوله : أنه أتلف مالا مملوكا للغير بغير إذنه فيجب عليه ضمان المثل أو القيمة كما لو أتلفه بعد القبض و لا فرق سوى أن المبيع قبل القبض في يده و هذا لا يمنع وجوب الضمان كالمرتهن إذا أتلف المرهون في يده