وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجوب تسليم المبيع و الثمن .
فمنها : وجوب تسليم المبيع و الثمن و الكلام في هذا الحكم في مواضع : .
أحدها : في بيان وجوب تسليم البدلين و ما هو من توابع تسليمهما .
و الثاني : في بيان وقت وجوب تسليمهما .
و الثالث : في تفسير التسليم و القبض .
و الرابع : في بيان ما يصير به المشتري قابضا للمبيع من التصرفات و ما لا يصير .
أما الأول فتسليم البدلين واجب على العاقدين لأن العقد أوجب الملك في البدلين و معلوم أن الملك ما ثبت لعينه و إنما ثبت وسيلة إلى الانتفاع بالمملوك و لا يتهيأ الانتفاع به إلا بالتسليم فكان إيجاب الملك في البدلين شرعا إيجابا لتسليمهما ضرورة و لأن معنى البيع لا يحصل إلا بالتسليم و القبض لأنه عقد مبادلة و هو مبادلة شيء مرغوب بشيء مرغوب و حقيقة المبادلة في التسليم و القبض لأنها أخذ بدل و إعطاء بدل و إنما قول البيع و الشراء و هو الإيجاب و القبول جعلا دليلا عليهما و لهذا كان التعاطي بيعا عندنا على ما ذكرنا و الله عز و جل أعلم .
و على هذا تخرج أجرة الكيال و الوزان و العداد و الذراع في بيع المكيل و الموزون و المعدود و المذروع مكايلة و موازنة و معاددة و مذارعة أنها على البائع أما أجرة الكيال و الوزان فلأنها من مؤنات الكيل و الوزن و الكيل و الوزن فيما بيع مكايلة و موازنة من تمام التسليم على ما نذكر و التسليم على البائع فكانت مؤنة التسليم عليه و العدد في المعدود الذي بيع عددا بمنزلة الكيل و الوزن في الكيل و الموزون عند أبي حنيفة فكان من تمام التسليم فكانت على من عليه التسليم .
و عندهما : هو من باب تأكيد التسليم فكان من توابعه كالذرع فيما بيع مذارعة فكانت مؤنته على من عليه التسليم و هو البائع و كذا أجرة وزان الثمن على المشتري لما قلنا .
و أما أجرة ناقد الثمن فعن محمد فيه روايتان : روى إبراهيم بن رستم عنه أنها على البايع لأن حقه في الجيد و النقد لتمييز حقه فكانت مؤنته عليه و روى ابن سماعة عنه أن البايع إن كان لم يقبض الدراهم فعلى المشتري لأن عليه تسليم ثمن جيد فكانت مؤنة تسليمه عليه و لو كان قد قبضها فعلى البايع لأنه قبض حقه ظاهرا فإنما يطلب بالنقد إذا أدى الناقد عاملا له فكانت أجرة عمله عليه .
و أما بيان وقت الوجوب على التوسع ثبت عقيب العقد بلا فصل و اما على التضييق فإن تبايعا عينا بعين وجب تسليمها معا إذا طالب كل واحد منهما صاحبه بالتسليم لما ذكرنا أن المساواة في عقد المعاوضة مطلوبة المتعاقدين عادة و تحقيق التساوي ههنا في التسليم معا لما ذكرنا أنه ليس أحدهما بالتقديم أولى من الآخر و كذلك إن تبايعا دينا بدين لما قلنا و إن تبايعا عينا بدين يراعى فيه الترتيب عندنا فيجب على المشتري تسليم الثمن أولا إذا طالبه البايع ثم يجب على البايع تسليم المبيع إذا طالبه المشتري لأن تحقيق التساوي فيه على ما بينا فيما تقدم .
و اما تفسير التسليم و القبض عندنا هو التخلية و التخلي و هو أن يخلي البايع بين المبيع و بين المشتري برفع الحائل بينهما على وجه يتمكن المشتري من التصرف فيه فيجعل البايع مسلما للمبيع و المشتري قابضا له و كذا تسليم الثمن من المشتري إلى البايع .
و قال الشافعي C : القبض في الدار و العقار و الشجر بالتخلية و أما في الدراهم و الدنانير فتناولهما بالبراجم و في الثياب بالنقل و كذا في الطعام إذا اشتراه مجازفة فإذا اشتراه مكايلة فبالكيل و في العبد و البهيمة بالسير من مكانه وجه قوله : أن الأصل في القبض هو الأخذ بالبراجم لأنه القبض حقيقة إلا أن فيما لا يحتمل الأخذ بالبراجم أقيم النقل مقامه فيما يحتمل النقل و فيما لا يحتمله أقيم التخلية مقامه .
و لنا : أن التسليم في اللغة عبارة عن جعله سالما خالصا يقال : سلم فلان لفلان أي خلص له و قال الله تعالى : { و رجلا سلما لرجل } أي سالما خالصا لا يشركه فيه أحد فتسليم المبيع إلى المشتري هو جعل المبيع سالما للمشتري أي خالصا بحيث لا ينازعه في غيره و هذا يحصل بالتخلية فكانت التخلية تسليما من البائع و التخلي قبضا من المشتري و كذا هذا في تسليم الثمن إلى البائع لأن التسليم واجب و من عليه الواجب لا بد و أن يكون له سبيل الخروج عن عهدة ما وجب عليه و الذي في وسعه هو التخلية و رفع الموانع فأما الأقباض فليس في وسعه لأن القبض بالبراجم فعل اختياري للقابض فلو تعلق وجوب التسليم به لتعذر عليه الوفاء بالواجب و هذا لا يجوز .
ثم لا خلاف بين أصحابنا في أن أصل القبض يحصل بالتخلية في سائر الأموال و اختلفوا في أنها هل هي قبض تام فيها أم لا .
و جملة الكلام فيه أن المبيع لا يخلو إما أن يكون مما له مثل و إما أن يكون مما لا مثل له فإن كان مما لا مثل له من المذروعات و المعدودات المتفاوتة فالتخلية فيها قبض تام بلا خلاف حتى لو اشترى مذروعا مذراعة أو معدودا معاددة و وجدت التخلية يخرج عن ضمان البائع و يجوز بيعه و الانتفاع به قبل الذرع و العد بلا خلاف .
و إن كان مما له مثل فإن باعه مجازفة فكذلك لأنه لا يعتبر معرفة القدر في بيع المجازفة و إن باع مكايلة أو موازنة في المكيل و الموزون و خلى فلا خلاف في أن المبيع يخرج عن ضمان البايع و يدخل في ضمان المشتري حتى لو هلك بعد التخلية قبل الكيل و الوزن يهلك على المشتري و كذا لا خلاف في أنه لا يجوز للمشتري بيعه و الانتفاع به قبل الكيل و الوزن .
و كذا لو اكتاله المشتري أو اتزنه من بائعه ثم باعه مكايلة أو موازنة من غيره لم يحل للمشتري منه أن يبيعه أو ينتفع به حتى يكيله أو يزنه و لا يكتفي باكتيال البايع أو اتزانه من بائعه و إن كان ذلك بحضرة هذا المشتري لما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه صاعان صاع البايع و صاع المشتري ] و روي : [ أنه عليه الصلاة و السلام نهى عن بيع الطعام حتى يكال ] لكن اختلفوا في أن حرمة التصرف قبل الكيل أو الوزن لانعدام القبض بانعدام الكيل أو الوزن أو شرعا غير معقول المعنى مع حصول القبض بتمامه بالتخلية .
قال بعض مشايخنا : إنه تثبت شرعا غير معقول المعنى و قال بعضهم : الحرمة لمكان انعدام القبض على التمام بالكيل أو الوزن و كما لا يجوز التصرف في المبيع المنقول بدون قبضه أصلا لا يجوز بدون قبضه بتمامه .
وجه قول الأولين ما ذكرنا أن معنى التسليم و التسليم يحصل بالتخلية لأن المشتري يصير سالما خالصا للمشتري على وجه يتهيأ له تقبيله و التصرف فيه على حسب مشيئته و إرادته و لهذا كانت التخلية تسليما و قبضا فيما لا مثل له و فيما له مثل إذا بيع مجازفة و لهذا يدخل المبيع في ضمان المشتري بالتخلية نفسها بلا خلاف دل أن التخلية قبض إلا أن حرمة التصرف مع وجود القبض بتمامه ثبت تعبدا غير معقول المعنى و الله عز و جل أعلم .
وجه قول الآخرين : تعليل محمد C في هذه المسألة في كتاب البيوع فإنه قال : و لا يجوز للمشتري أن يتصرف فيه قبل الكيل لأنه باعه قبل أن يقبضه و لم يرد به أصل القبض لأنه موجود و إنما أراد به تمام القبض و الدليل على أن الكيل و الوزن في المكيل و الموزون الذي بيع مكايلة و موازنة من تمام القبض أن القدر في المكيل الموزون معقود عليه .
ألا ترى أنه لو كيل فازداد لا تطيب له الزيادة بل ترد أو يفرض لها ثمن و لو نقص يطرح بحصته شيء من الثمن و لا يعرف القدر فيهما إلا بالكيل و الوزن لاحتمال الزيادة و النقصان فلا يتحقق قبض قدر المعقود عليه إلا بالكيل و الوزن فكان الكيل و الوزن فيه من تمام القبض و لا يجوز بيع المبيع المنقول قبل قبضه بتمامه كما لا يجوز قبل قبضه أصلا و رأسا بخلاف المذروعات لأن القدر فيها ليس معقودا عليه بل هو جار مجرى الوصف و الأوصاف لا تكون معقودا عليها و لهذا سلمت الزيادة للمشتري بلا ثمن و في النقصان لا يسقط عنه شيء من الثمن فكانت التخلية فيها قبضا تاما فيكتفى بها في جواز التصرف قبل الذرع بخلاف المكيلات و الموزونات على ما بينا إلا أنه يخرج عن ضمان البائع بالتخلية نفسها لوجود القبض بأصله و الخروج عن ضمان البائع يتعلق بأصل القبض لا يوصف الكمال فأما جواز التصرف فيه فيستدعي قبضا كاملا لورود النهي عن بيع ما لم يقبض و القبض المطلق هو القبض الكامل و الله عز و جل أعلم