وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

جناية الأجنبي .
و لو جنى أجنبي على المبيع فاختار المشتري اتباع الجاني بالضمان كان اختياره بمنزلة القبض عند أبي يوسف .
و عند محمد : لا يكون حتى لو توى الضمان على الجاني بأن مات مفلسا كان التوى على المشتري و لا يبطل البيع عند أبي يوسف و يتقرر عليه الثمن .
و عند محمد : يبطل البيع و التوى على البايع و يسقط الثمن عن المشتري .
و كذا لو استبدل المشتري الضمان ليأخذ مكانه من الجاني شيئا آخر جاز عند أبي يوسف .
و عن محمد : لا يجوز لأن هذا تصرف في المعقود عليه قبل القبض لأن القيمة قائمة مقام العين المستهلكة و التصرف في المعقود عليه قبل القبض لا يجوز لا من البايع و لا من غيره .
و كذا المبيع إذا كان مصوغا من فضة اشتراها بدينار فاستهلك المصوغ أجنبي قبل القبض فاختار المشتري أن يتبع الجاني بالضمان و نقد الدينار البايع فافترقا قبل قبض ضمان المستهلك لا يبطل الصرف بينهما عند أبي يوسف لأن اختياره تضمين المستهلك بمنزلة القبض عنده و عند محمد : يبطل الصرف لعدم القبض .
وجه قول محمد : أن الضمان حكم العين لأن قيمة العين قائمة مقامها و لهذا بقي العقد على القيمة بعد استهلاك العين ثم العين لو كانت قائمة فهلكت قبل القبض كان الهلاك على البايع و يبطل البيع و يسقط الثمن عن المشتري فكذا القيمة و لأبي يوسف : أن جناية الأجنبي حصلت بإذن المشتري و أمره دلالة فيصير قابضا كما لو فعل بنفسه .
و بيان ذلك : أن اختيار المشتري اتباع الجاني بالضمان تمليك من المضمون لأن المضمونات تملك باختيار الضمان مستندا إلى وقت سبب الضمان فيصير كأن الجناية حصلت بأمر المشتري فيصير قابضا لأن فعل الأجنبي بأمر المشتري بمنزلة فعل المشتري بنفسه .
و لو أمر المشتري البائع أن يعمل في المبيع عملا فإن كان عملا فإن كان عملا لا ينقصه كالقصارة و الغسل بأجر أو بغير أجر لا يصير قابضا لأن التصرف الذي لا يوجب نقصان المحل مما يملكه البائع باليد الثابتة كما إذا نقله من مكان إلى مكان فكان الأمر به استيفاء لملك اليد فلا يصير به قابضا و تجب الأجرة على المشتري إن كان بأجر لأن الإجارة قد صحت لأن العمل على البائع ليس بواجب فجاز أن تقابله الأجرة و إن كان عملا ينقصه يصير قابضا لأن تنقيصه إتلاف جزء منه و قد حصل بأمره فكان مضافا إليه كأنه فعله بنفسه و الله عز و جل أعلم .
و على هذا يخرج ما إذا أسلم في كر حنطة فلما حل الأجل أمر رب السلم المسلم إليه أن يكيله في غرائرالمسلم إليه أو دفع إليه غرائره و أمره أن يكيله فيها ففعل أنه إن كان رب السلم حاضرا يصير قابضا بالتخلية و إن كان غائبا لا يصير قابضا لأن الحنطة التي يكيلها المسلم إليه ملكه لا ملك رب السلم لأن حقه في الدين لا في العين فلم يصح أمر المشتري إياه بكيلها فلم يصر وكيلا له فلا تصير يده يد رب السلم سواء كانت الغرائز للمسلم إليه أو لرب السلم لأن يد رب السلم عن الغرائر قد زالت فإذا كال فيها الحنطة لم تصر في يد رب السلم فلا يصير قابضا و كذا لو استقرض من رجل كرا و دفع إليه غرائره ليكيله فيها ففعل و هو غائب لا يصير قابضا لأن القرض لا يملك قبل القبض فكان الكر على ملك المقرض فلم يصح أمر المستقرض إياه بكيله فلا يصير وكيلا له فلا تصير يده يد المستقرض كما في السلم .
و لو اشترى من إنسان كرا بعينه و دفع غرائره و أمره بأن يكيل فيها ففعل صار قابضا سواء كان المشتري حاضرا أو غائبا لأن المعقود عليه معين و قد ملكه المشتري بنفس العقد فصح أمر المشتري لأنه تناول عينا هو ملكه فصح أمره و صار البايع وكيلا له و صارت يده يد المشتري و كذلك الطحن إذا طحنه المسلم إليه بأمر رب السلم لم يصر قابضا .
و لو طحنه البائع بأمر المشتري صار قابضا لأن الطحن بمنزلة الكيل في الغرائر و لو استعار المشتري من البائع غرائره و أمره بأن يكيله فيها ففعل فإن كان المشتري حاضرا يصير قابضا بالتخلي بالإجماع و إن كان غائبا لا يصير قابضا عند محمد ما لم يسلم الغرائر إليه سواء كانت الغرائر بغير عينها أو بعينها و قال أبي يوسف : إن كانت بعينها صار المشتري قابضا بنفس الكيل فيها و إن كانت بغير عينها بأن قال : أعرني غرارة و كل فيها لا يصير قابضا .
وجه قول محمد : أن الغرائر عارية في الوجهين جميعا و لم يقبضها و العارية لا حكم لها بدون القبض فبقيت في يد البائع فبقي ما فيها في يد البايع أيضا فلا يصير في يد المشتري قابضا إلا بتسليم الغرائر إليه .
و لأبي يوسف : الفرق بين حالة التعيين و عدم التعيين و هو أن الغرائر إذا كانت معينة مشارا إليها فإن لم يمكن تصحيح التعيين من حيث كونه استعارة يمكن تصحيحه من حيث إقامتها مقام يده و إذا لم تكن متعينة فلا وجه للإعارة بوجه و قول محمد أظهر و الله عز و جل أعلم .
و لو اشترى كرا بعينه و له على البايع كر دين فأعطاه جولقا و قال له كلهما فيه ففعل صار قابضا لهما سواء كان المبيع أولا أو الدين و هذا قول أبي يوسف و قال محمد : إن كان المبيع أولا يصير قابضا لهما كما قال أبو يوسف و إن كان الدين أولا لم يصر قابضا للدين و كان قابضا للعين و كانا شركين شركين فيه .
وجه قول محمد : أن نفس الكيل في الدين ليس بقبض لما ذكرنا فإذا بدأ بكيله لم يصر المشتري قابضا له فإذا كاله بعده فقد خلط ملك المشتري بملك نفسه فيشتركان في المخلوط و نفس الكيل في العين قبض فإذا بدأ بكيله صار المشتري قابضا له ثم إذا كان بعده فقد استهلك العين بالخلط فقام ذلك الدين مقام العين فصار قابضا له .
وجه قول أبي يوسف : أن البائع خلط ملك المشتري بملك نفسه في الحال بأمر المشتري فكان مضافا إلى المشتري و الخلط من أسباب التملك في الجملة فيملك المشتري الدين بالخلط و قد جعله في غرائره بأمره فصار قابضا له و الله عز و جل أعلم .
و لو باع قطنا في فراش أو حنطة في سنبل و سلم كذلك فإن أمكن المشتري قبض القطن أو الحنطة من غير فتق الفراش أو دق السنبل صار قابضا له الحصول معنى القبض و هو التخلي و التمكن من التصرف و إن لم يمكنه إلا بالفتق و الدق لم يصر قابضا له لأنه لا يملك الفتق أو الدق لأنه تصرف في ملك البائع و هو لا يملك التصرف في ملكه فلم يحصل التمكن و التخلي فلا يصير قابضا و لو باع الثمرة على الشجرة و سلم كذلك قابضا لأنه يمكنه الجذاذ من غير تصرف في ملك البائع فحصل التخلي بتسليم الشجر فكان قبضا بخلاف بيع القطن في الفراش و الحنطة في السنبل و لهذا قالوا إن أجرة الجذاذ على المشتري و أجرة الفتق و الدق على البائع إذا كان المشتري لا يمكنه القبض إلا به لأنه صار قابضا للثمن بتسليم الشجر فكان الجاذ عاملا للمشتري فكانت الأجرة عليه و لم يحصل القبض بتسليم الفراش و السنبل فكان الفتق و الدق على البائع مما يتحقق به التسليم فكانت أجرته عليه .
هذا إذا كان المبيع في يد البائع وقت البيع فأما إذا كان في يد المشتري فهل يصير قابضا للبيع بنفس العقد أم يحتاج فيه إلى تجديد القبض ؟ فالأصل فيه أن الموجود وقت العقد إن كان مثل المستحق بالعقد ينوب منابه و إن لم يكن مثله فإن كان اقوى من المستحق ناب عنه و إن كان دونه لا ينوب لأنه إذا كان مثله أمكن تحقيق التناوب لأن المتماثلين غيران ينوب كل واحد منهما مناب صاحبه و يسد مسده و إن كان أقوى منه يوجد فيه المستحق و زيادة و إن كان دونه لا يوجد فيه إلا بعض المستحق فلا ينوب عن كله .
و بيان ذلك في مسائل و جملة الكلام فيها : أن يد المشتري قبل الشراء إما إن كانت يد ضمان و إما إن كانت يد أمانة فإما إن كانت يد ضمان بنفسه و إما إن كانت يد ضمان بغيره فإن كانت يد ضمان بنفسه كيد الغاصب يصير المشتري قابضا للمبيع بنفس العقد و لا يحتاج إلى تجديد القبض سواء كان المبيع حاضرا أو غائبا لأن المغصوب مضمون بنفسه و المبيع بعد القبض مضمون بنفسه فتجانس القبضان فناب أحدهما عن الآخر لأن التجانس يقتضي التشابه و المتشابهان ينوب كل واحد منهما مناب صاحبه و يسد مسده سواء كان المبيع حاضرا أو غائبا لأن الغاصب في الحالين يد ضمان و إن كان يده يد ضمان لغيره كيد الرهن بأن باع الراهن المرهون من المرتهن فإنه لا يصير قابضا إلا أن يكون الرهن حاضرا أو يذهب إلى حيث الرهن و يتمكن من قبضه لأن المرهون ليس بمضمون بنفسه بل يغيره و هو الدين و المبيع مضمون بنفسه فلم يتجانس القبضان فلم يتشابها فلا ينوب أحدهما عن الآخر و لأن الرهن أمانة في الحقيقة فكان قبضه قبض أمانة و إنما يسقط الدين بهلاكه لمعنى آخر لا لكونه مضمونا على ما عرف و إذا كان أمانة فقبض الأمانة لا ينوب عن قبض الضمان كقبض العارية و الوديعة .
و إن كانت يد المشتري يد امانة كيد الوديعة و العارية لا يصير قابضا إلا أن يكون بحضرته أو يذهب إلى حيث يتمكن من قبضه بالتخلي لأن يد الأمانة ليست من جنس يد الضمان فلا يتناوبان و الله عز و جل أعلم