وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اختلاف البائع و المشتري في القبض .
و لو اختلف البائع و المشتري في قبض المبيع فقال البائع : قبضته .
و قال المشتري : لم أقبضه فالقول قول المشتري لأن البايع يدعي عليه وجود القبض و تقرر الثمن و هو ينكر و لأن عدم القبض أصل و الوجود عارض فكان المشتري متمسكا بالأصل و البايع يدعي أمرا عارضا فكان الظاهر شاهدا للمشتري فكان القول قوله مع يمينه .
و كذا إذا قبض بعضه و اختلفا في قدر المقبوض فالقول قول المشتري لما قلنا و لو اختلفا في قبض الثمن فالقول قول البائع لما قلنا في قبض المبيع و الله أعلم .
و لو اختلفا فقال البائع للمشتري قطعت يده فصرت قابضا و قال المشتري للبائع أنت قطعت يده و انفسخ البيع فيه لم يقبل قول كل واحد منهما على صاحبه و يجعل كأن يده ذهبت بآفة سماوية لتعارض الدعوتين و انعدام دليل الترجيح لأحدهما فلا يكون قول أحدهما بالقبول على صاحبه أولى من قول الآخر فلا يقبل و يجعل كأنها ذهبت بآفة سماوية و يخير المشتري لتغير المبيع قبل القبض فإن شاء أخذ الباقي بجميع الثمن و إن شاء رده على البائع فإن اختار الأخذ يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه و يأخذ كذا ذكر القدوري C في شرحه .
أما تحليف البائع فلا إشكال فيه لأن المشتري يدعي عليه سقوط بعض الثمن و هو ينكر فيحلف لأنه إذا حلف لا يسقط عن المشتري شيء من الثمن فكان تحليفه مفيدا .
و أما تحليف المشتري فمشكل لأنه لا يفيد شيئا لأنه يأخذه بعد الحلف بكل الثمن و هذا فيما إذا اختار المشتري الرد على البائع لأنه لا يحلف البائع بل يحلف المشتري وحده لأن تحليف البائع لا يفيده شيئا حيث يرده عليه و كذلك لو كان المبيع مما يكال أو يوزن فذهب بعضه فاختلفا فقال البائع للمشتري أنت أكلت و قال المشتري للبائع مثل ذلك إنه لا يقبل قول واحد منهما على صاحبه و يجعل كأنه ذهب بعضه بآفة سماوية لما قلنا و يخير المشتري لتفرق الصفقة إلا أن هناك إن اختار الأخذ أخذ الباقي بما بقي من الثمن لأن القدر في المكيل و الموزون معقود عليه له حصة من الثمن و الأطراف من الحيوان جارية مجرى الأوصاف فلا يقابلها الثمن إلا إذا صارت مقصودة بالقبض أو بالجنابة على ما بينا فيما تقدم .
و ذكر القدوري C ههنا أيضا : أنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه و يأخذ و لا إشكال ههنا في تحليف المشتري لأن التحليف مفيد في حقه لأن البائع يدعي عليه كل الثمن و هو ينكر فيندفع عنه لزوم كل الثمن بالحلف فكان مفيدا و أما تحليف البائع ففيه إشكال لأن المشتري يدعي عليه سقوط بعض الثمن و ذا حاصل له من غير تحليفه فلم يكن تحليفه مفيدا في حقه فينبغي ان لا يحلف و إن اختار الرد على البائع حلف المشتري وحده دون البائع لما قلنا فإن أقام أحدهما البينة قبلت بينته لأنها قامت على أمر جائز الوجود و إن أقاما البينة فالبينة بينة البائع لأنها مثبتة ألا ترى أنها توجب دخول السلعة في ضمان المشتري و تقرر الثمن عليه و بينة المشتري نافية فالمثبتة أولى و الله عز و جل أعلم .
و منها : ثبوت حق الحبس للمبيع لاستيفاء الثمن و هذا عندنا و قال الشافعي C في قول يسلمان معا و في قول يسلم المبيع أولا ثم يسلم الثمن أما قوله الأول فبناء على أصله الذي ذكرنا فيما تقدم و هو أن الثمن و المبيع من الأسماء المترادفة عنده و يتعين كل واحد منهما بالتعيين فكان كل ثمن مبيعا و كل مبيع ثمنا .
و أما قوله الثاني : و هو أن في تقديم تسليم المبيع صيانة العقد عن الانفساخ بهلاك المبيع و ليس ذلك في تقديم تسليم الثمن لأنه لو هلك المبيع قبل القبض ينفسخ العقد و إن قبض الثمن فكان تقديم تسليم المبيع أولى صيانة للعقد عن الانفساخ ما أمكن .
و لنا : قوله عليه الصلاة و السلام : [ الدين مقضي ] وصف عليه الصلاة و السلام الدين بكونه مقضيا عاما أو مطلقا فلو تأخر تسليم الثمن عن تسليم المبيع لم يكن هذا الدين مقضيا و هذا خلاف النص .
و روي عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ ثلاث لا يؤخرن : الجنازة إذا حضرت و الأيم إذا وجدت لها كفءا و الدين إذا وجدت ما يقضيه ] و تقديم تسليم المبيع تأخير الدين و إنه منفي بظاهر النص و لأن المعاوضات مبناها على المساواة عادة و حقيقة و لا تتحقق الماواة إلا بتقديم الثمن لأن المبيع متعين قبل التسليم و الثمن لا يتعين إلا بالتسليم على أصلنا فلا بد من تسليمه أولا تحقيقا للمساواة .
و قوله فيما قلته صيانة للعقد عن الانفساخ بهلاك المبيع قلنا هلاكه قبل تسليم الثمن نادر و النادر ملحق بالعدم فيلزم اعتبار معنى المساواة ثم الكلام في هذا الحكم في موضعين : .
أحدهما : في بيان شرط ثبوت هذا الحكم و الثاني في بيان ما يبطل به بعد ثبوته أما شرط ثبوته فشيئان : .
أحدهما : ان يكون أحد البدلين عينا و الآخر دينا فإن كان عينين أو دينين فلا يثبت حق الحبس بل يسلمان معا لما ذكرنا فيما تقدم .
و الثاني : أن يكون الثمن حالا فإن كان مؤجلا لا يثبت حق الحبس لأن ولاية الحبس تثبت حقا للبائع لطلبة المساواة عادة لما بينا و لما باع بثمن مؤجل فقد أسقط حق نفسه فبطلت الولاية .
و لو كان الثمن مؤجلا في العقد فلم يقبض المشتري المبيع حتى حل الأجل فله أن يقبضه قبل نقد الثمن و ليس للبائع حق الحبس لأنه أسقط حق نفسه بالتأجيل و الساقط متلاش فلا يحتمل العود و كذلك لو طرأ الأجل على العقد بأن أخر الثمن بعد العقد فلم يقبض البائع حتى حل الأجل له أن يقبضه قبل نقد الثمن و لا يملك البائع حبسه لما قلنا .
و لو باع بثمن مؤجل فلم يقبض المشتري حتى حل الأجل هل له أجل آخر في المستقبل ؟ .
ينظر إن ذكرا أجلا مطلقا بأن ذكرا سنة مطلقة غير معينة فله أجل آخر هو سنة أخرى من حين يقبض المبيع عند أبي حنيفة و عند أبي يوسف و محمد الثمن حال و ليس له أجل آخر و إن ذكرا أجلا بعينه بأن باعه إلى رمضان فلم يقبضه المشتري حتى مضى رمضان صار الثمن حالا بالإجماع .
وجه قولهما : أن السنة المطلقة تنصرف إلى سنة تعقب العقد بلا فصل فإذا مضت انتهى الأجل كما لو عين الأجل نصا و لأبي حنيفة C أن الأصل في الثمن شرع نظرا للمشتري لينتفع بالمبيع في الحال مع تأخير المطالبة بالثمن و لن يحصل هذا الغرض له إلا و أن يكون اعتبار الأجل من وقت قبض المبيع فكان هذا تأجيلا من هذا الوقت دلالة بخلاف ما إذا عين الأجل لأنه نص على تعينه فوجب اعتبار المنصوص عليه إذ لا دلالة مع النص بخلافها .
و لو كان في البيع خيار الشرط لهما أو لأحدهما و الأجل مطلق فابتداء الأجل من حين وجوب العقد و هو وقت سقوط الخيار لا من حين وجوده لأن تأجيل الثمن هو تأخيره عن وقت وجوبه و وقت وجوبه هو وقت العقد و انبرامه لا قبله إذ لاوجوب للثمن قبله و الله عز و جل أعلم