وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان ما يبطل به حق الحبس بعد ثبوته .
و أما ما يبطل به حق الحبس بعد ثبوته و ما لا يبطل فنقول و بالله التوفيق : إذا أخر الثمن بعد العقد بطل حق الحبس لأنه أخر حق نفسه في قبض الثمن فلا يتأخر حق المشتري في قبض المبيع و كذا المشتري إذا نقد الثمن كله أو أبرأه البائع عن كله بطل حق الحبس لأن حق الحبس لاستيفاء الثمن و استيفاء الثمن و لا ثمن محال و لو نقد الثمن كله إلا درهما كان له حق حبس المبيع جميعه لاستيفاء الباقي لأن المبيع في استحقاق الحبس بالثمن لا يتجزأ فكان كل المبيع محبوسا بكل جزء من أجزاء الثمن و كذلك لو باع شيئين صفقة واحدة و سمى لكل واحد منهما ثمنا فنقد المشتري حصة أحدهما كان للبائع حبسهما حتى يقبض حق الآخر لما قلنا و لأن قبض أحدهما دون الآخر تفريق الصفقة الواحدة في حق القبض و المشتري لا يملك تفريق الصفقة الواحدة في حق القبول بأن يقبل الإيجاب في أحدهما دون الآخر فلا يملك التفريق في حق القبض أيضا لأن للقبض شبها بالعقد .
و كذلك لو أبرأه من حصة أحدهما فله حبس الكل لاستيفاء الباقي لما كرنا و كذلك لو باع من اثنين فنقد أحدهما حصته كان له حق حبس المبيع حتى يقبض ما على الآخر .
و روي عن أبي يوسف C في النوادر أنه إذا نقد أحدهما نصف الثمن يأخذ نصف المبيع .
و وجهه : أن الواجب على كل واحد منهما نصف الثمن فإذا أدى النصف فقد أدى ما وجب عليه فلا معنى لتوقف حقه في قبض المبيع على أداء صاحبه و لأنه لو توقف و صاحبه مختار في الأداء قد يؤدي و قد لا يؤدي فيفوت حقه أصلا و رأسا و هذا لا يجوز و لهذا جعل التخلية و التخلي تسليما و قبضا في الشرع على ما ذكرنا فيما تقدم .
وجه ظاهر الرواية على نحو ما ذكرنا أن المبيع في حق الاستحقاق لحبس الثمن لا يحتمل التجزي فكان استحقاق بعضه استحقاق كله و ما ذكرنا أن الصفقة واحدة فلا تحتمل التفريق في البعض كما لا تحتمله في القبول فإن غاب أحدهما لم يجبر الآخر على تسليم كل الثمن لأن الواجب على كل واحد منهما نصف الثمن لا كله فلا يؤاخذ بتسليم كله فإن اختار الحاضر ذلك و نقد كل الثمن و قبض المبيع هل يكون متبرعا فيما تقدم أم لا ؟ اختلف فيه : .
قال أبو حنيفة و محمد رحمهما الله : لا يكون متبرعا فيما نقد و له أن يحبسه عن الشريك الغائب حتى يستوفي ما نقد عنه و قال أبو يوسف C هو متبرع في حصته .
وجه قوله ظاهر : لأنه قضى دين غيره بغير أمره فكان متبرعا كما في سائر الديون و لهما أنه قضى دين صاحبه بأمره دلالة فلا يكون متبرعا كما لو قضاه بأمره نصا و دلالة ذلك أنه لما غاب قبل نقد الثمن مع علمه أن صاحبه استحق قبض نصيبه من المبيع بتسليم حصته من الثمن و لا يمكنه الوصول إليه إلا بتسليم كل الثمن كان إذنا له بتسليم حصته من الثمن فكان قاضيا دينه بأمره دلالة فلم يكن متطوعا و صار هذا كمن أعار ماله إنسانا ليرهنه بدينه فرهن ثم افتكه الغير من مال نفسه لا يكون تبرعا و يرجع على الراهن لأن الراهن لما علم أنه علق مال الغير بدينه و لا يزول العلوق إلا بانفكاكه فكان إذنا له بالفكاك دلالة كذا هذا و له حق حبس العبد إلى أن يستوفي ما نقد عنه كما لو نقد بأمره نصا و لو أدى جميع الثمن و قبض العبد ثم هلك في يده قبل الحبس يرجع على شريكه بنصف الثمن لأنه أدى عنه بأمره دلالة على ما ذكرنا و الله عز و جل أعلم .
و الرهن بالثمن و الكفالة به لا يبطلان حق الحبس لأنهما لا يسقطان الثمن عن ذمة المشتري و لا حق المطالب فكانت الحاجة إلى تعيينه بالقبض قائمة فيبقى حق الحبس لاستيفائه و أما الحوالة بالثمن فهل تبطل حق الحبس قال أبو يوسف تبطل سواء كانت الحوالة من المشتري بأن أحال المشتري البائع بالثمن على إنسان و قبل المحال عليه الحوالة أو من البائع بأن أحال البائع غريما له على المشتري .
و قال محمد : إن كانت الحوالة من المشتري لا تبطل و للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي الثمن من المحال عليه و إن كانت من البائع فإن كانت مطلقة لا تبطل أيضا و إن كانت مقيدة بما عليه تبطل فأبو يوسف أراد بقاء الحبس على بقاء الدين في ذمة المشتري و ذمته برئت من دين المحيل بالحوالة فيبطل حق الحبس و الصحيح اعتبار محمد لأن حق الحبس في الشرع يدور مع حق المطالبة بالثمن لا مع قيام الثمن في ذاته بدليل أن الثمن إذا كان مؤجلا لا يثبت حق الحبس و الثمن في ذمة المشتري قائم و إنما سقطت المطالبة دل أن حق الحبس يتبع حق المطالبة بالثمن لا قيام الثمن في ذاته و حق المطالبة في حوالة المشتري و حوالة البائع إذا كانت مطلقة فكان حق الحبس ثابتا و في حوالة البائع إذا كانت مقيدة ينقطع فلم ينقطع حق الحبس .
و على هذا الخلاف إذا أحال الراهن المرتهن بدينه على رجل أو أحال المرتهن غريما له بدينه على الراهن حوالة مطلقة أو مقيدة أنه يبطل حق المرتهن في حق حبس الرهن عند أبي يوسف .
و عند محمد : لا يبطل في حوالة الراهن و كذا في حوالة المرتهن إذا كانت مطلقة و إن كانت مقيدة تبطل .
و لو أعار البائع المبيع للمشتري أو أودعه بطل حق الحبس حتى لا يملك استرداده في ظاهر الرواية .
و روي عن أبي يوسف : أنه لا يبطل و للبائع أن يسترده .
وجه هذه الرواية : أن عقد الإعارة و الإيداع ليس بعقد لازم فكان له ولاية الاسترداد كالمرتهن إذا أعار الرهن من الراهن أو أودعه إياه له أن يسترده لما قلنا كذا هذا .
وجه ظاهر الرواية : أن الإعارة و الإيداع أمانة في يد المشتري و هو لا يصلح نائبا عن البائع في اليد لأنه أصل في الملك فكان أصلا في اليد فإذا وقعت العارية أو الوديعة في يده وقعت بجهة الأصالة و هي يد الملك و يد الملك يد لازمة فلا يملك إبطالها بالإسترداد و بخلاف الرهن فإن المرتهن في اليد الثابتة بعقد الرهن بمنزلة الملك فيمكن تحقيق معنى الإنابة و يد النيابة لا تكون لازمة فملك الاسترداد .
و لو قبض المشتري المبيع بإذن البائع بطل حق الحبس حتى لا يملك الاسترداد لأنه أبطل حقه بالإذن بالقبض و لو قبض بغير إذنه لم يبطل وله أن يسترده لأن حق الإنسان لا يجوز إبطاله عليه من غير رضاه .
و لو كان المشتري تصرف فيه نظر في ذلك إن كان تصرفا يحتمل الفسخ كالبيع و الهبة و الرهن و الإجارة و الأمهار فسخه و استرده لأنه تعلق به حقه و إن كان تصرفا لا يحتمل الفسخ كالإعتاق و التدبير و الاستيلاد لا يملك الاسترداد لأن الاسترداد و الإعارة إلى الحبس إما إن كان مع نقض هذه التصرفات و إما إن كان مع قيامها لا سبيل إلى الأول لأن هذه التصرفات لا تحتمل النقض و لا سبيل إلى الثاني لأنها إذا بقيت كانت الإعادة إلى الحبس حبس الجزء من كل وجه أو من وجه دون وجه و كل ذلك لا يجوز فبطل حق الحبس أصلا و لو نقد المشتري الثمن فوجده البائع زيوفا أو ستوقا أو مستحقا أو وجد بعضه كذلك فهذا لا يخلو إما أن يكون المشتري قبض المبيع و إما أن يكون لم يقبض فإن كان لم يقبضه كان له حق الحبس في الفصول كلها لأنه تبين أنه ما استوفى حقه و إن كان قبضه المشتري ينظر إن كان قبضه بغير إذن البائع فللبائع أن يسترده في الفصول كلها لما قلنا .
و كذلك إن كان المشتري تصرف في المبيع فللبائع أن يفسخ تصرفه و يسترد المبيع إلا إذا كان تصرفا لا يحتمل الفسخ فلا يفسخ و يطالب المشتري بالثمن فلو نقد المشتري الثمن قبل أن يفسخ التصرف الذي يحتمل الفسخ لا يفسخ لأنه لما نقد الثمن فقد بطل حقه في الحبس فبطل حق الفسخ و الاسترداد و إن كان قبضه بإذن البائع ينظر إن وجده زيوفا فردها لا يملك استرداد المبيع عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر له أن يسترد و هو قول أبي يوسف .
وجه قول زفر : أن البائع ما رضي بزوال حق الحبس إلا بوصول حقه إليه و حقه في الثمن السليم لا في المعيب فإذا وجده معيبا فلم يسلم له حقه فكان له أن يسترد المبيع حتى يستوفي حقه كالراهن إذا قضى دين المرتهن و قبض الرهن ثم إن المرتهن وجد المقبوض زيوفا كان له أن يرده و يسترد الرهن لما قلنا كذا هذا .
و لنا : أن البائع يسلم المبيع بعد استيفاء جنس حقه فلا يملك الاسترداد بعد ما استوفى حقه و دلالة ذلك أن الزيوف جنس حقه من حيث الأصل و إنما الفائت صفة الجودة بدليل أنه لو تجوز به في الصرف و السلم جاز و لو لم يكن من جنس حقه لما جاز لأنه يكون استبدالا ببدل الصرف و السلم و أنه لا يجوز و إذا كان المقبوض جنس حقه فتسلم المبيع بعد استيفاء جنس الحق يمنع من الاسترداد بخلاف الرهن لأن الارتهان استيفاء لحقه من الرهن و الافتكاك إبفاء من مال آخر فإذا وجد زيوفا تبين أنه ما استوفى حقه فكان له ولاية الاسترداد .
و الدليل على التفرقة بين الرهن و البيع : أنه لو أعار المبيع المشتري بطل حق الحبس حتى لا يملك استرداده و لو أعار المرهون الراهن لا يبطل حق الحبس و له أن يسترده فإن وجده ستوقا أو رصاصا أو مستحقا و أخذ منه له أن يرد بخلاف الزيوف لأن البائع إنما أذن للمشتري بالقبض على انه استوفى حقه و تبين أنه لم يستوف أصلا و رأسا لأن الستوق و الرصاص ليسا من جنس حقه .
ألا ترى أنه لو تجوز بها في الصرف و السلم لا يجوز و إن كان الإذن بالقبض على تقدير استيفاء الحق و قد تبين أنه لم يستوف فتبين أنه لم يكن آذنا له بالقبض و لا راضيا به فكان له ولاية الاسترداد .
و لو كان المشتري تصرف فيه فلا سبيل للبائع عليه سواء كان تصرفا يحتمل الفسخ كالبيع و الرهن و الإجارة و نحوها أو لا يكون كالإعتاق و نحوه بخلاف ما إذا قبضه بغير إذن البائع قبل نقد الثمن و تصرف فيه تصرفا يحتمل الفسخ أنه يفسخ و يسترد لأن هناك لم يوجد الإذن بالقبض فكان التصرف في المبيع إبطالا لحقه فيرد عليه إذا كان محتملا للرد .
و ههنا وجد الإذن بالقبض فكان تصرف المشتري حاصلا عن تسليط البائع فنفذ و بطل حقه في الاسترداد كالمقبوض على وجه البيع الفاسد إذا تصرف فيه المشتري أنه يبطل حق البائع في الفسخ إلا أن في البيع الفاسد إذا أجر المبيع تفسخ الإجارة و ههنا لا تفسخ لأن الإجارة تفسخ بالعذر و قد تحقق العذر في البيع الفاسد لأنه مستحق الفسخ حقا للشرع دفعا للفساد فجعل استحقاق الفسخ بسبب الفساد عذرا في فسخ الإجارة و لا فساد ههنا فلا عذر في الفسخ فلا يفسخ .
و لو كان مكان البيع كتابة فأدى المكاتب بدل الكتابة فعتق ثم وجد المولى المقبوض زيوفا أو مستحقا فالعتق ماض فإن وجده ستوقا أو رصاصا لا يعتق مما ذكرنا أن الزيوف من جنس حقه فصار بقبضها قابضا أصل حقه و كذا قبض الدراهم المستحقة وقع صحيحا ظاهرا و احتمال الإجازة بعد ظهور الاستحقاق ثابت أيضا و العتق بعد ثبوته ظاهرا لا يحتمل الفسخ بخلاف ما إذا وجدها ستوقا أو رصاصا لأن ذلك ليس من جنس حقه أصلا و رأسا فلم يوجد أو أبدل الكتابة فلا يعتق يحقق الفرق بينهما إذا حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفي حقه فقبض ثم وجد المقبوض بعد الافتراق زيوفا أو مستحقا فرد الزيوف أو أخذ المالك المستحقة بر في يمينه و إن وجده ستوقا أو رصاصا حنث في يمينه و الله عز و جل أعلم .
و لو قبض المشتري المبيع بإذن البائع ثم أفلس أو مات قبل نقد الثمن أو بعد ما نقد منه شيئا و عليه ديون لأناس شتى هل يكون البائع أحق به من سائر الغرماء اختلف فيه قال أصحابنا لا يكون له بل الغرماء كلهم أسوة فيه فيباع و يقسم ثمنه بينهم بالحصص .
و قال الشافعي C : البائع أحق به و إن لم يكن قبضه حتى أفلس أو مات فإن كان الثمن مؤجلا فهو على هذا الاختلاف و إن كان حالا فالبائع أحق به بالإجماع .
احتج الشافعي بما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ إذا أفلس المشتري فوجد البائع متاعه عنده فهو أحق به ] و هذا نصا في الباب و لأن العجز عن تسليم المبيع يوجب حق الفسخ للمشتري بالإجماع فإن من باع عبدا فأبق قبل القبض أو غصب أو كانت دابة فضلت للمشتري أن يفسخ البيع و العجز عن تسليم الثمن يوجب الفسخ للبائع أيضا لأن البيع عقد معاوضة و مبنى المعاوضات على المساواة .
و لنا : ما روي عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ من باع بيعا فوجده و قد أفلس الرجل فهو ماله بين غرمائه ] و هذا نص و هو عين مذهبنا و لأن البائع لم يكن له حق حبس المبيع حال كون المشتري حيا مليا فلا يكون أحق بثمنه بعد موته و إفلاسه لأن الثمن بدل المبيع قائم مقامه و اعتبار الثمن بالمبيع غير سديد لأن بينهما مفارقة في الأحكام .
ألا ترى أن ملك المبيع شرط جواز العقد و ملك الثمن ليس بشرط فإنه لو اشترى شيئا بدراهم لا يملكها جاز .
و لو باع شيئا لا يملكه لا يجوز و كذا لا يجوز التصرف في المبيع المنقول قبل القبض و التصرف في الثمن قبل القبض جائز و غير ذلك من الأحكام فكان اعتبار الثمن بالمبيع على الإطلاق فاسد و الحديث محمول على ما إذا قبض المبيع بغير إذن البائع و عندنا : البائع أحق به في هذه الحالة إلا أنه ذكر الإفلاس و إن كان حق الاسترداد لا يتقيد به لأن المليء يتمكن من دفع الاسترداد بنقد الثمن و المفلس لا يتمكن من ذلك فكان ذكر الإفلاس مفيدا فحملناه على ما قلنا توفيقا بين الدلائل و الله عز و جل الموفق