وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الإبراء من العيب و طريق إثبات العيب .
و إن أضافها إلى عيب حادث بأن قال على أني بريء من كل عيب يحدث بعد البيع فالبيع بهذا الشرط فاسد عندنا لأن الإبراء لا يحتمل الإضافة لأنه و إن كان إسقاطا ففيه معنى التمليك و لهذا لا يحتمل الارتداد بالرد و لا يحتمل الإضافة إلى زمان في المستقبل نصا كما لا يحتمل التعليق بالشرط فكان هذا بيعا أدخل فيه شرطا فاسدا فيوجب فساد البيع .
و لو اختلفا في عيب فقال البائع : هو كان موجودا عند العقد فدخل تحت البراءة و قال المشتري : بل هو حادث لم يدخل تحت البراءة فإن كانت البراءة مطلقة فهذا لا يتفرع على قول أبي يوسف لأن العيب الحادث داخل تحت البراءة المطلقة عنده فأما على قول محمد فالقول قول البائع مع يمينه و قال زفر و الحسن بن زياد : القول قول المشتري .
وجه قولهما : أن المشتري هو المبري لأن البراءة تستفاد من قبله فكان القول فيما أبرأ قوله .
وجه قول محمد : أن البراءة عامة و المشتري يدعي حق الرد بعد عموم البراءة عن حق الرد بالعيب و البائع ينكر فكان القول قوله كما لو أبرأه عن الدعاوى كلها ثم ادعى شيئا مما في يده و هو ينكر كان القول قوله دون المشتري لما قلنا كذا هذا .
و لو كانت مقيدة بعيب يكون عند العقد فاختلف البائع و المشتري على نحو ما ذكرنا فالقول قول المشتري لأن البراءة المقيدة بحال العقد لا تتناول إلا الموجود حالة العقد و المشتري يدعي العيب لأقرب الوقتين و البائع يدعيه لأبعدهما فكان الظاهر شاهدا للمشتري و هذا لأن عدم العيب أصل و الوجود عارض فكان إحالة الموجود إلى أقرب الوقتين أقرب إلى الأصل و المشتري يدعي ذلك فكان القول قوله .
و لو اشترى عبدا و قبضه فساومه رجل فقال المشتري : اشتراه فإنه لا عيب ثم لم يتفق البيع بينهما ثم وجد المشتري به عيبا و أقام البينة على أن هذا العيب كان عند البائع فقال له البائع : إنك أقررت أنه لا عيب به فقد أكذبت شهودك لا يبطل بهذا الكلام حقه في الرد بالعيب و له أن يرده لأن مثل هذا الكلام في المتعارف لا يراد به حقيقة و إنما يذكر لترويج السلعة و لأن ظاهره كذب لأنه نفى عنه العيوب كلها و الآدمي لا يخلو عن عيب فالتحق بالعدم و صار كأنه لم يتكلم به .
و لو عين نوعا من العيوب بأن قال : اشتره فإنه ليس به عيب كذا ثم وجد به عيبا و أراد الرد فإن كان ذلك نوعا آخر سوى النوع الذي عينه له أن يرده لأنه لا إقرار منه بهذا النوع و إن كان من النوع الذي عين ينظر إن كان مما يحدث مثله في مثل تلك المدة ليس حق الرد لأن مثل هذا الكلام يراد به التحقيق في المتعارف لا ترويج السلعة فصار مناقضا و لأن الآدمي يخلو عن عيب معين فلم يتعين بكذبه .
و إن كان مما لا يحدث مثله في مثل تلك المدة له حق الرد لأنا تيقنا بكذبه حقيقة فالتحق كلامه بالعدم .
و لو أبرأه عن عيب واحد شجة أو جرح فوجد شجتين أو جرحين فعلى قول أبي يوسف الخيار للبائع يبرأ من أيهما شاء و على قول محمد الخيار للمشتري يرد أيهما شاء .
و فائدة هذا الاختلاف إنما تظهر عند امتناع الرد باعتراض أسباب الامتناع من هلاك المبيع أو حدوث عيب آخر في يدي المشتري أو غير ذلك من الأسباب المانعة من الرد و أراد الرجوع بنقصان العيب فأما عند إمكان الرد تظهر فائدة في هذا الاختلاف .
وجه قول محمد : أن الإبراء يستفاد من قبل المشتري و الاحتمال جاء من قبله حيث أطلق البراءة إلى شجة واحدة غير عين و إذا كان الإجمال منه كان البيان إليه وجه قول أبي يوسف أن الإبراء و إن كان من المشتري لكن منفعة الإبراء عائدة إلى البائع فصار كأن المشتري فوض التعيين إليه فكان الخيار له .
و لو أبرأه من كل داء روى الحسن عن أبي حنيفة أنه يقع عن الباطن لأن الظاهر يسمة مرضا لا داء .
و روي عن أبي يوسف أنه يقع عن الظاهر و الباطن جميعا لأن الكل داء و لو أبرأه من كل غائلة فهي على السرقة و الإباق و الفجور و كل ما كان من فعل الإنسان مما يعده التجار عيبا .
كذا روي عن أبي يوسف : لأن الغائلة هي الجناية و هي التي تكتب في عهدة المماليك لا داء و لا غائلة على ما كتب لرسول الله صلى الله عليه و سلم حينما اشترى عبدا أو أمة و هذا ما اشترى محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم من القد بن خالد بن هوذة عبدا أو أمة لا داء به و لا غائلة بيع المسلم من المسلم و الله عز و جل أعلم .
و أما طريق إثبات العيب فلا يمكن الوصول إلى معرفة أقسام العيوب لأن طريق إثبات العيب يختلف باختلاف العيب فنقول و بالله التوفيق : .
العيب لا يخلو إما أن يكون ظاهرا شاهدا يقف عليه كل أحد كالأصبع الزائدة و الناقصة و السن الشاغية و الساقطة و بياض العين و العور و الفروج و الشجاج و نحوها و إما أن يكون باطنا خفيا لا يقف عليه إلا الخواص من الناس و هم الأطباء و البياطرة .
و إما أن يكون مما لا يقف عليه إلا النساء بأن كان على فرج الجارية أو مواضع العورة منها و إما أن يكون مما لا يقف عليه النساء بأن كان داخل الفرج و إما أن يكون مما لا يقف عليه إلا الجارية المشتراة كارتفاع الحيض و الاستحاضة و إما أن يكون مما لا يوقف عليه إلا بالتجربة و الامتحان عند الخصومة كالإباق و السرقة و البول على الفراش و الجنون و المشتري لا يخلو إما أن يريد إثبات كون العيب في يده للحال و إما أن يريد إثبات كونه في يد البائع عند البيع و القبض .
فإن أراد إثبات كونه للحال فإن كان يوقف عليه بالحس و العيان فإنه يثبت بنظر القاضي أو أمينه لأن العيان لا يحتاج إلى البيان و إن كان لا يقف عليه إلا الأطباء و البياطرة فيثبت لقوله عز و جل : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } و هم في هذا الباب من أهل الذكر فيسألون .
و هل يشترط فيه العدة ؟ ذكر الكرخي في مختصره أن يشترط فلا يثبت إلا بقول اثنين منهم من أهل الشهادة و هكذا ذكر القاضي الإسبيجابي في شرحه مختصر الطحاوي .
و ذكر شيخي الإمام الزاهد علاء الدين محمد بن أحمد السمرقندي C في بعض مصنفاته : أنه ليس بشرط و يثبت بقول مسلم عدل منهم و كذا ذكر الشيخ الإمام الزاهد أبو المعين في الجامع الكبير من تصانيفه .
وجه هذا القول أن هذه الشهادة لا يتصل بها القضاء و إنما تصح بها الخصومة فقط فلا يشترط فيها العدد و هذا لأن شرط العدد في الشهادة تثبت تعبدا غير معقول المعنى لأن رجحان جانب الصدق على جانب الكذب في خبر المسلم لا يقف على عدد بل يثبت بنفس العدالة إلا أن الشرع ورد به تعبدا فيراعى فيه مورد التعبد و هو شهادة يتصل بها القضاء و هذه شهادة لا يتصل بها القضاء فبقيت على أصل القياس .
و حجة القول الأول : النصوص المقتضية لاعتبار العدد في عموم الشهادة و المعقول الذي ذكرناه في كتاب الشهادات و لأن هذه الشهادة و إن كان لا يتصل بها القضاء لكنها من ضرورات القضاء لا وجود للقضاء بدونها ألا ترى أنه ما لم يثبت العيب عند البائع و المشتري فالقاضي لا يقضي بالرد فكان من ضرورات القضاء فيشترط فيها العدد كما يشترط في الشهادة على إثبات العيب عند البائع .
و إن كان مما لا يطلع عليه إلا النساء فالقاضي يريهن ذلك لقوله عز و جل : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } و النساء فيما لا يطلع عليه الرجال أهل الذكر و لا يشترط العدد منهن بل يكتفى بقول امرأة واحدة عدل و الثنتان أحوط لأن قولها فيما لا يطلع عليه الرجال حجة في الشرع كشهادة القابلة في النسب لكن لا بد من العدالة لأن هذا يرجح جانب الصدق على جانب الكذب في الخبر و لا يثبت بقول المشتري و إن كان يطلع عليه لأن النظر إلى موضع العيب مباح له لأنه متهم في هذا الباب و لا تهمه فيهن و رخصة النظر ثابتة لهن حالة الضرورة على ما ذكرنا في كتاب الاستحسان فيلحق هذا بما لا يطلع عليه النساء لما قلنا