وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

استحلاف البائع .
و إن كان لا يطلع عليه إلا الجارية المشتراة فلا يثبت بقولها لكونها متهمة و إن كان في داخل فرجها فلا طريق للوقوف عليه أصلا فكان الطريق في هذين النوعين هو استحلاف البائع بالله عز و جل ليس به للحال هذا العيب .
و أما الإباق و السرقة و البول في الفراش و الجنون فلا يثبت إلا بشهادة رجلين أو رجل و امرأتين لأن هذا مما لا يوقف عليه إلا بالخبر و لا ضرورة فيه فلا بد من اعتبار العدد فيه كما في سائر الشهادات فإن لم يقم للمشتري حجة على إثبات العيب للحال في هذه العيوب الأربعة هل يستحلف البائع لم يذكر في الأصل .
و ذكر في الجامع أنه يستحلف في قول أبي يوسف و محمد و سكت عن قول أبي حنيفة من المشايخ من قال يستحلف بلا خلاف بينهم و التنصيص على قولهما لا يدل على أن أبا حنيفة مخالفهما و منهم من قال : المسألة على الاختلاف ذكرت في النوادر و ذكر الطحاوي أيضا أن عند أبي حنيفة لا يستحلف و عندهما يستحلف .
وجه قولهما : أن المشتري يدعي حق الرد و لا يمكنه الرد إلا بإثبات العيب عند نفسه و طريق الإثبات البينة أو نكول البائع فإذا لم تقم له بينة يستحلف لينكل البائع فيثبت العيب عند نفسه و لهذا يستحلف عند عدم البينة على إثبات العيب عند البائع كذا هذا .
و لأبي حنيفة أن الاستحلاف يكون عقيب الدعوى على البائع و لا دعوى له على البائع إلا بعد ثبوت العيب عند نفسه و لم يثبت دعواه على البائع فلا يستحلف .
و قولهما : له طريق الإثبات و هو النكول قلنا : النكول بعد الاستحلاف و انعدام الدعوى يمنع الاستحلاف لأن استحلاف البائع في هذه العيوب على العلم لا على البتات بالله ما يعلم إن هذا العبد أبق عند المشتري و لا سرق و لا بال على الفراش و لا جن و لا يحلف على البتات لأنه حلف على غير فعله .
و من حلف على غير فعله يحلف على العلم لأنه لا علم له بما ليس بفعله و من حلف على فعل نفسه يحلف على البتات أصله خبر المثنوي فإن حلف لم يثبت العيب عند المشتري و إن نكل يثبت عنده فيحتاج إلى الإثبات عنده .
و إذا أراد إثبات العيب عند البائع فينظر إن كان العيب مما لا يحتمل الحدوث أصلا كالأصبع الزائدة و نحوها أو لا يحتمل حدوث مثله في مثل تلك المدة كالسن الشاغية و نحوها ثبت كونه عند البائع بثبوت كونه عند المشتري لأنه إذا لم يحتمل الحدوث أو لا يحتمل حدوث مثله في مثل تلك المدة فقد تيقنا بكونه عند البائع و إن كان مما يحتمل حدوث مثله في مثل تلك المدة لا يكتفى بثبوت كونه عند المشتري بل يحتاج المشتري إلى إثبات كونه عند البائع لأنه إذا احتمل حدوث مثله في مثل تلك المدة احتمل أنه لم يكن عند البائع و حدث عند المشتري فلا يثبت حق الرد بالاحتمال فلا بد من إثباته عند البائع بالبينة و هي شهادة رجلين أو رجل و امرأتين طبيبتين كانا أو غير طبيبتين و إنما شرط العدد في هذه الشهادة لأنها يقضى بها على الخصم فكان العدد فيها شرطا كسائر الشهادات التي يقضى بها على الخصوم .
و روي عن أبي يوسف : أن فيما لا يطلع عليه إلا النساء يرد بثبوته عند المشتري و لا يحتاج إلى الإثبات عند البائع و المشهور من مذهب أبي يوسف و محمد رحمهما الله أنه لا يكتفى بالثبوت عند المشتري بل لا بد من إثباته عند البائع و هو الصحيح لأن قول النساء في هذا الباب حجة ضرورة و الضرورة في القبول في حق ثبوته عند المشتري لتوجه الخصومة و ليس من ضرورة ثبوته عند البائع لاحتمال الحدوث فيقبل قولهما في حق توجه الخصومة لأن الرد على البائع و إذا كان الثبوت عند البائع فيما يحدث مثله شرطا لثبوت حق الرد فيقول القاضي هل كان هذا العيب عندك .
فإن قال : نعم رد عليه إلا أن يدعي الرضا أو الإبراء و إن قال لا كان القول قوله إلا أن يقيم المشتري البينة لأن المشتري يدعي عليه حق الرد و هو ينكر فإن أقام المشتري البينة على ذلك رده على البائع إلا أن يدعي البائع الدفع أو الإبراء و يقيم البينة على ذلك فتندفع دعوى المشتري و إن لم يكن له بينة فطلب يمين المشتري حلفه القاضي بالله سبحانه و تعالى ما رضي بهذا العيب و لا أبرأه عنه و لا عرضه على العيب منذ رآه و إن لم يدع الدفع بالرضا و الإبراء فإن القاضي يقضي بفسخ العقد و لا يستحلف المشتري على الرضا و الإبراء و العرض على البيع عند أبي حنيفة و محمد و عند أبي يوسف لا يفسخ ما لم يستحلفه بالله تعالى ما رضي بهذا العيب و لا أبرأه عنه و لا عرضه على البيع بعدما علم به من العيب .
وجه قول أبي يوسف : أن القاضي لو قضى بالفسخ قبل الاستحلاف فمن الجائز أن يدعي البائع على المشتري بالدفع بدعوى الرضا و الإبراء بعد القضاء بالفسخ و يقيم عليه فيفسخ قضاؤه فكان الاستحلاف قبل الفسخ فيه صيانة للقضاء عن النقض و أنه واجب .
وجه قولهما : أن البائع إذا لم يطلب يمين المشتري فتحليف القاضي من غير طلب الخصم إنشاء الخصومة و القاضي نصب لقطع الخصومة لا لإنشائها .
و قول أبي يوسف : أن في هذا صيانة قضاء القاضي عن الفسخ فنقول الصيانة حاصلة بدونه لأن الظاهر أن البائع لم يعلم بوجود الرضا من المشتري إذ لو علم لادعى الدفع بدعوى و لما سكت عن دعوى الدفع عند قيام البينة دل أنه لم يظهر له الرضا من المشتري فلا يدعي الدفع بعد ذلك .
و إن لم يقم المشتري بينة على إثبات العيب عند البائع و طلب المشتري يمينه ففيما سوى العيوب الأربعة يستحلف على البتات بالله تعالى لقد بعته و سلمته و ما به هذا العيب و إنما يجمع بين البيع و التسليم في الاستحلاف لأن الاقتصار على البيع يوجب بطلان حق المشتري في بعض الأحوال لجواز ان يحدث العيب بعد البيع قبل التسليم فيبطل حقه فكان الاحتياط هو الجمع بينهما .
و منهم من قال : لا احتياط في هذا لأنه لو استحلف على هذا الوجه فمن الجائز حدوث العيب بعد البيع قبل التسليم فيكون البائع صادقا في يمينه لأن شرط حنثه وجود العيب عند البيع و التسليم جميعا فلا يحنث بوجوده في أحدهما فيبطل حق المشتري فكان الاحتياط في هذا الاستحلاف على حاصل الدعوى بالله عز و جل ما له حق الرد بهذا العيب الذي ذكره .
و منهم من قال : يستحلف بالله لقد سلمته و ما به هذا العيب الذي يدعي وهو صحيح لأنه يدخل فيه الموجود عند البيع و الحادث قبل التسليم و إنما لم يستحلف على البتات لأنه استحلف على فعل نفسه و هو البيع و التسليم بصفة السلام .
ثم إذا حلف فإن حلف برىء و لا يرد عليه و إن نكل يرد عليه و يفسخ العقد إلا إذا ادعى البائع على المشتري الرضا بالعيب أو الإبراء عنه أو العرض على البيع بعد بعد العلم به و يقيم البينة فيبرأ و لا يرد عليه و إن لم يكن له بينة و طلب تحليف المشتري يحلف عليه و إن لم يطلب يفسخ العقد و لا يحلفه عند أبي حنيفة و محمد خلافا لأبي يوسف على ما تقدم .
و اما في العيوب الأربعة ففي الثلاثة منها و هي الإباق و السرقة و البول في الفراش يستحلف بالله تعالى ما أبق عندك منذ بلغ مبلغ الرجال و في الجنون بالله عز و جل ما جن عندك قط و إنما اختلفت هذه العيوب في كيفية الاستحلاف لما ذكرنا فيما تقدم أن اتحاد الحالة في العيوب الثلاثة شرط ثبوت حق الرد و ليس بشرط في الجنون بل هو عيب لازم أبدا .
و أما كيفية الرد و الفسخ بالعيب بعد ثبوته فالمبيع لا يخلو إما أن يكون في يد البائع أو في يد المشتري فإن كان في يد البائع ينفسخ البيع بقول المشتري رددت و لا يحتاج إلى قضاء القاضي و لا إلى التراضي بالإجماع و إن كان في يد المشتري لا ينفسخ إلى بقضاء القاضي أو بالتراضي عندنا .
و عند الشافعي C : ينفسخ بقوله رددت من غير الحاجة إلى القضاء و لا إلى رضا البائع .
و أجمعوا على أن الرد بخيار الشرط يصح من غير قضاء و لا رضاء و كذلك الرد بخيار الرؤية متصلا بلا خلاف بين أصحابنا .
وجه قول الشافعي C : أن هذا نوع فسخ فلا تفتقر صحته إلى القضاء و لا إلى الرضا كالفسخ بخيار الشرط بالإجماع و بخيار الرؤية على أصلكم و لهذا لم يفتقر إليه قبل القبض و كذا بعده .
و لنا : أن الصفقة تمت بالقبض و أحد العاقدين لا ينفرد بفسخ الصفقة بعد تمامها كالإقالة و هذا لأن الفسخ يكون على حسب العقد لأنه يرفع العقد ثم العقد لا ينعقد باحد العاقدين فلا ينفسخ بأحدهما من غير رضا الآخر و من غير قضاء القاضي بخلاف ما قبل القبض لأن الصفقة ليست بتامة بلتمامها بالقبض فكان بمنزلة القبول كأنه لم يسترد بخلاف الرد بخيار الشرط لأن الصفقة غير منعقدة في حق الحكم مع بقاء الخيار فكان الرد في معنى الدفع و الامتناع من القبول و بخلاف الرد بخيار الرؤية لأن عدم الرؤية منع تمام الصفقة لأنه أوجب خللا في الرضا فكان الرد كالدفع أما ههنا إذ الصفقة قد تمت بالقبض فلا تحتمل الانفساخ بنفس الرد من غير قرينة القضاء أو الرضا و الله عز و جل أعلم