وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان ما يفسخ به العقد .
و أما ما يفسخ به العقد فالكلام ههنا يقع في موضعين : .
أحدهما : في بيان ما ينفسخ به .
و الثاني : في بيان شرائط جواز الفسخ .
أما الأول فنوعان : اختياري و ضروري فالاختياري نحو قوله فسخته أو نقضته أو رددته و ما هو في معناه و الضروري هلاك المعقود عليه قبل القبض و أما شرائط جواز الفسخ فمنها سقوط الخيار لأن البيع يلزم بسقوط الخيار فيخرج عن احتمال الفسخ .
و منها : علم صاحبه بالفسخ بلا خلاف بين أصحابنا سواء كان بعد القضاء أو قبله بخلاف خيار الشرط و الرؤية و هل يشترط له القضاء أو الرضا إن كان قبل القبض لا يشترط له قضاء القاضي و لا رضا البائع و إن كان بعد القبض يشترط له القضاء أو الرضا و قد ذكرنا الفرق فيما تقدم .
و منها : أن لا يتضمن الفسخ تفريق الصفقة على البائع قبل التمام فإن تضمن لا يجوز إلا أن يرضى به البائع لأن تفريق الصفقة على البائع قبل التمام إضرار به على ما نذكر و الضرر واجب الدفع ما أمكن إلا أن يرضى به البائع لأن الضرر المرضي به من جهة المتضرر لا يجب دفعه و على هذا يخرج ما إذا وجد المشتري المبيع معيبا فأراد رد بعضه دون بعض قبل القبض و جملة الكلام فيه أن المبيع لا يخلو إما أن يكون شيئا واحدا حقيقة و تقديرا كالعبد و الثوب و الدار و الكرم و المكيل و الموزون و المعدود المتقارب في وعاء واحد أو صبرة واحدة و إما أن يكون أشياء متعددة كالعبدين و الثوبين و الدابتين و المكيل و الموزون و المعدود في وعاءين أو صبرتين و كل شيئين ينتفع بأحدهما فيما وضع له بدون الآخر .
و إما أن يكون شيئين حقيقة و شيئا واحدا تقديرا كالخفين و النعلين و المكعبين و مصراعي الباب و كل شيء لا ينتفع بأحدهما فيما وضع له بدون الآخر فلا يخلو إما أن يكون المشتري قبض كل المبيع و إما إن لم يقبض شيئا منه و إما إن قبض البعض دون البعض و الحادث في المبيع لا يخلو إما أن يكون عيبا أو استحقاقا أما العيب فإن وجده ببعض المبيع قبل القبض لشيء منه فالمشتري بالخيار إن شاء رضي بالكل و لزمه جميع الثمن و إن شاء رد الكل و ليس له ان يرد المعيب خاصة بحصته من الثمن سواء كان المبيع شيئا واحدا أو اشياء لأن الصفقة لا تمام لها قبل القبض و تفريق الصفقة قبل تمامها باطل .
و الدليل على أن الصفقة لا تتم قبل القبض أن الموجود قبل القبض أصل العقد و الملك لا صفة التأكيد ألا ترى أنه يحتمل الانفساخ بهلاك المعقود عليه و هو أنه عدم التأكيد و إذا قبض وقع الأمر عن الانفساخ بالهلاك فكان حصول التأكيد بالقبض و التأكيد إثبات من وجه أو له شبهة الإثبات و كذا ملك التصرف يقف على القبض فيدل على نقصان الملك قبل القبض و نقصان الملك دليل نقصان العقد .
و كذا المشتري إذا وجد بالمبيع عيبا ينفسخ البيع بنفس الرد من غير الحاجة إلى قضاء القاضي و لا إلى التراضي .
و لو كانت الصفقة تامة قبل القبض لما احتمل الانفساخ بنفس الرد كما بعد القبض فيثبت بهذه الدلائل أن الصفقة ليست بتامة قبل القبض .
و الدليل على أنه لا يجوز تفريق الصفقة على البائع قبل تمامها أن التفريق إضرار بالبائع و الضرر واجب الدفع ما أمكن و بيان الضرر أن المبيع لا يخلو إما أن يكون شيئا واحدا و إما أن يكون أشياء حقيقة شيئا واحدا تقديرا و التفريق تضمن الشركة و الشركة في الأعيان عيب فكان التفريق عيبا و أنه عيب زائد لم يكن عند البائع فيتضرر به البائع و إن كان المبيع أشياء فالتفريق يتضمن ضررا آخر و هو لزوم البيع في الجيد بثمن الرديء لأن ضم الرديء إلى الجيد و الجمع بينهما في الصفقة من عادة التجار ترويجا للرديء بواسطة الجيد فمن الجائز أن يرى المشتري العيب بالرديء فيرده فيلزم البيع في الجيد بثمن الرديء فيضرر به البائع فدل أن في التفريق ضررا فيجب دفعه ما أمكن و لهذا لم يجز التفريق في القبول بأن أصاب الإيجاب إلى جملة فقبل المشتري في البعض دون البعض دفعا للضرر عن البائع بلزوم حكم البيع في البعض من غير إضافة الإيجاب إليه لأنه ما أوجب البيع إلا في الجملة فلا يصح القبول إلا في الجملة لئلا يزول ملكه من غير إزالته فيتضرر به .
على أن تمام الصفقة لما تعلق بالقبض كان القبض في معنى القبول من وجه فكان رد البعض و قبض البعض تفريقا من وجه فلا يملك إلا أن يرضى البائع برد المعيب عليه فيأخذه و يدفع حصته من الثمن فيجوز و يأخذ المشتري الباقي بحصته من الثمن لأن امتناع الرد كان لدفع الضرر عنه نظرا له فإذا رضي به فلم ينظر لنفسه .
و إن كان المشتري قبض بعض المبيع دون البعض فوجد ببعضه عيبا فكذلك لا يملك رد المعيب خاصة بحصته من الثمن سواء كان المبيع شيئا واحدا أو أشياء و سواء وجد العيب بغير المقبوض أو المقبوض في ظاهر الرواية لأن الصفقة لا تتم إلا بقبض جميع المعقود عليه فكان رد البعض دون البعض تفريق الصفقة قبل التمام و إنه باطل .
و روي عن أبي يوسف أنه إذا وجد العيب بغير المقبوض فكذلك فأما إذا وجد بالمقبوض فله أن يرده خاصة بحصته من الثمن فهو نظر إلى المعيب منهما أيهما كان و اعتبر الآخر به فإن كان المعيب غير المقبوض اعتبر الآخر غير مقبوض فكأنهما لم يقبضا جميعا و إن كان المعيب مقبوضا اعتبر الآخر مقبوضا فكأنه قبضهما جميعا لكن هذا الاعتبار ليس بسديد لأنه في حد التعارض إذ ليس اعتبار غير المعيب بالمعيب في القبض و عدمه أولى من اعتبار المعيب بغير المعيب في القبض بل هذا أولى لأن الأصل عدم القبض و العمل بالأصل عند التعارض أولى .
هذا إذا كان المشتري لم يقبض شيئا من المبيع أو قبض البعض دون البعض فإن كان قبض الكل ثم وجد بها عيبا فإن كان المبيع شيئا واحدا حقيقة و تقديرا فكذلك الجواب أن المشتري إن شاء رضي بالكل بكل الثمن و إن شاء رد الكل و استرد جميع الثمن و ليس له أن يرد قدر المعيب خاصة بحصته من الثمن لما ذكرنا أن فيه إلزام عيب الشركة و إنها عيب حادث مانع من الرد .
و إن كان أشياء حقيقة شيئا تقديرا فكذلك لأن إفراد أحدهما بالرد إضرارا بالبائع إذ لا يمكن الانتفاع بأحدهما فيما وضع له بدون الآخر فكانا فيما وضعا له من المنفعة كشيء واحد فكان المبيع شيئا واحدا من حيث المعنى فبالرد تثبت الشركة من حيث المعنى و الشركة في الأعيان عيب و إذا كان لا يمكن الانتفاع بأحدهما بدون صاحبه فيما وضع له كان التفريق تعييبا فيعود المبيع إلى البائع بعيب زائد حادث لم يكن عنده و إن كان أشياء حقيقة و تقديرا فليس له أن يرد الكل إلا عند التراضي و له أن يرد المعيب خاصة بحصته من الثمن عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر و الشافعي رحمهما الله ليس له ذلك بل يردهما أو يمسكهما .
وجه قولهما : أن في التفريق بينهما في الرد إضرارا بالبائع لما ذكرنا أن ضم الرديء إلى الجيد في البيع من عادة التجار ليروج الرديء بواسطة الجيد و قد يكون العيب بالرديء فيرده على البائع و يلزمه البيع في الجيد بثمن الرديء و هذا إضرار بالبائع و لهذا امتنع الرد قبل القبض فكذا هذا .
و لنا : أن ما ثبت له حق الرد وجد في أحدهما فكان له أن يرد أحدهما و هذا حق الرد إنما يثبت لفوات السلامة المشروطة في العقد دلالة مقتضى العقد على ما بينا و السلامة فاتت في أحدهما فكان له ردة خاصة فلو امتنع الرد إنما يمتنع لتضمنه تفريق الصفقة و تفريق الصفقة باطل قبل التمام لا بعده و الصفقة قد تمت بقبضها فزال المانع .
و أما قولهما : يتضرر البائع برد الرديء خاصة فنعم لكن هذا ضرر مرضي به من جهته لأن إقدامه على بيع المعيب و تدليس العيب مع علمه أن الظاهر من حال المشتري أنه لا يرضى بالعيب دلالة الرضى بالرد بخلاف ما قبل القبض لأنه لا تمام للعقد قبل القبض فلا يكون قبل القبض دلالة الرضا بالرد فكان الرد ضررا غير مرضي به فيجب دفعه و هذا بخلاف خيار الشرط و خيار الرؤية أن المشتري لا يملك رد البعض دون البعض سواء قبض الكل أو لم يقبض شيئا أو قبض البعض دون البعض و سواء كان المعقود عليه شيئا واحدا أو أشياء لأن خيار الشرط و الرؤية يمنع تمام الصفقة بدليل أنه يرده بغير قضاء و لا رضا سواء كان قبل القبض أو بعده .
و لو تمت الصفقة لما احتمل الرد إلا بقضاء القاضي أو التراضي دل أن هذا الخيار يمنع تمام الصفقة و لا يجوز تفريق الصفقة قبل التمام و ههنا بخلافه و لو قال المشتري : أنا أمسك المعيب و آخذ النقصان ليس له ذلك لأن قوله : أمسك المعيب دلالة الرضا بالمعيب و أنه يمنع الرجوع بالنقصان .
و كذلك لو كان المبيع أشياء فوجد بالكل عيبا فأراد رد البعض دون البعض أن المردود إن كان مما لو كان العيب به وحده لكان له رده وحده كالعبدين و الثوبين فله ذلك لأنه إذا أمسك البعض فقد رضي بعيبه فبطل حق الرد فيه لأنه تبين أن صفة السلامة لم تكن مشروطة و لا مستحقة بالعقد فيه فصار كأنه كان صحيحا في الأصل و وجد بالآخر عيبا فيرده و إن كان المردود مما لو كان العيب به وحده لكان لا يرده كالخفين و النعلين و نحوهما ليس له ذلك لما ذكرنا أن التفريق بينهما تعييب .
و لو اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيبا قبل القبض فقبض المعيب و هو عالم بالعيب لم يكن له أن يرد و سقط خياره و لزمه العبدان لأن قبض المعيب مع العلم بالعيب دليل الرضا و للقبض شبه بالعقد فكان الرضا به عند القبض كالرضا عند العقد .
و لو رضي به عند العقد يسقط خياره فلزماه جميعا كذا هذا و لو قبض الصحيح منهما و لو كانا معيبين فقبض أحدهما لم يسقط خياره لأنه قبض بعض المعقود عليه و الصفقة لا تتم بقبض بعض المعقود عليه و إنما تتم بقبض الكل فلو لزمه العقد في المقبوض دون الآخر لتفرقت الصفقة على البائع قبل التمام و تفريق الصفقة قبل التمام باطل و لا يمكن إسقاط حقه عن غير المقبوض لأنه لم يرض به فبقي له الخيار على ما كان و الله عز و جل أعلم .
و أما الاستحقاق فإن استحق بعض المعقود عليه قبل القبض و لم يجز المستحق بطل العقد في القدر المستحق لأنه تبين أن ذلك القدر لم يكن ملك البائع و لم توجد الإجازة من المالك فبطل و للمشتري الخيار في الباقي إن شاء رضي به بحصته من الثمن و إن شاء رده سواء كان استحقاق ما استحقه يوجب العيب في الباقي أو لا يوجب لأنه إذا لم يرض المستحق فقد تفرقت الصفقة على المشتري قبل التمام فصار كعيب ظهر بالسلعة قبل القبض و ذلك يوجب الخيار فكذا هذا .
و إن كان الاستحقاق بعد قبض البعض دون البعض فكذلك الجواب سواء ورد الاستحقاق على المقبوض و على غير المقبوض فإن كان قبض الكل ثم استحق بعضه بطل البيع في القدر المستحق لما قلنا .
ثم ينظر إن كان استحقاق ما استحق يوجب العيب في الباقي بأن كان المعقود عليه شيئا واحدا حقيقة و تقديرا كالدار و الكرم و الأرض و العبد و نحوها فالمشتري بالخيار في الباقي إن شاء رضي به بحصته من الثمن و إن شاء رد لأن الشركة في الأعيان عيب .
و كذلك إن كان المعقود عليه شيئين من حيث الصورة شيئا واحدا من حيث المعنى فاستحق أحدهما فله الخيار في الباقي و إن كان استحقاق ما استحق لا يوجب العيب في الباقي بأن كان المعقود عليه شيئين صورة و معنى كالعبدين فاستحق أحدهما أو كان صبرة حنطة أو جملة وزن فاستحق بعضه فإنه يلزم المشتري الباقي بحصته من الثمن لأنه لا ضرر في تبعيضه فلم يكن له خيار الرد و الله عز و جل أعلم