وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيع بعض الطعام دون البعض .
ولو كان المبيع طعاما فأكله المشتري او ثوبا فلبسه حتى تخرق لم يرجع بالنقصان في قول أبي حنيفة و عند أبي يوسف و محمد يرجع وجه قولهما أن أكل الطعام و لبس الثوب استعمال الشيء فيما وضع له و إنه انتفاع لا إتلاف بخلاف القتل فإنه إزالة الحياة في حق القاتل فكان حبسا و إمساكا .
وجه قول أبي حنيفة عليه الرحمة : أن المشتري بأكل الطعام و لبس الثوب أخرجهما عن ملكه حقيقة إذ الملك فيهما ثبت مطلقا لا مؤقتا بخلاف العبد فأشبه القتل و لو استهلك الطعام أو الثوب بسبب آخر وراء الأكل و اللبس ثم وجد به عيبا لم يرجع بالنقصان بلا خلاف لأن استهلاكهما في غير ذلك الوجه إبطال محض فيشبه القتل .
و لو أكل بعض الطعام ثم وجد به عيبا ليس له أن يرد الباقي و لا أن يرجع بالنقصان عند أبي حنيفة لأن الطعام كله شيء واحد بمنزلة العبد و قد امتنع رد بعضه بمعنى من قبل المشتري فيبطل حقه أصلا في الرد و الرجوع كما لو باع بعض الطعام دون بعض .
و روي عن أبي يوسف أنه قال : يرد الباقي و يرجع بأرش الكل المأكول و الباقي إلا إذا رضي البائع أن يأخذ الباقي بحصته من الثمن و روي عن محمد أنه قال يرد الباقي و يرجع بنقصان العيب فيما أكل لأنه ليس في تبعيض الطعام ضرر فيمكن رد البعض فيه دون البعض و ليس للبائع أن يمتنع عن ذلك و به كان يفتي الفقيه أبو جعفر و هو اختيار الفقيه أبي الليث ولو باع الطعام دون البعض لم يرد الباقي و لا يرجع بالنقصان عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر يرد الباقي و يرجع بنقصان العيب إلا إذا رضي البائع أن يأخذ الباقي بحصته من الثمن وجه قول زفر أن امتناع الرد و الرجوع بالنقصان لأجل البيع و أنه وجد في البعض دون البعض فيمتنع في البعض دون البعض لأن الأصل أن يكون الامتناع بقدر المانع .
و لنا : ما ذكرنا أن الطعام كله شيء واحد كالعبد فالامتناع في البعض لمعنى من قبل المشتري يوجب الامتناع في الكل و لو كان المبيع دارا فبناها مسجدا ثم اطلع على عيب لم يرجع بالنقصان لأنه لما بناها مسجدا فقد أخرجها عن ملكه فصار كما لو باعها و لو اشترى ثوبا و كفن به ميتا ثم اطلع على عيب به فإن كان المشتري وارث الميت و قد اشترى من التركة يرجع بالنقصان لأن الملك في الكفن لم يثبت للمشتري و إنما يثبت للميت لأن الكفن من الحوائج الأصلية للميت و قد امتنع رده بالعيب لا من قبل المشتري فكان له أن يرجع بالنقصان و إن كان المشتري أجنبيا فتبرع بالكفن لم يرجع بالنقصان لأن الملك في المشترى وقع له فإذا كفن به فقد أخرجه عن ملكه بالتكفين فأشبه البيع و الله عز و جل أعلم .
و منها : عدم وصول عوض المبيع إلى المشتري مع تعذر الرد في ظاهر الرواية فإن وصل إليه عوضه بأن قتله أجنبي في يده خطأ لا يرجع بالنقصان و إن تعذر رده على البائع .
و روي عن أبي يوسف و محمد : أنه يرجع بالنقصان لأنه لم يصل إليه حقيقة العيب و إنما وصل إليه قيمة المعيب فكان له ان يرجع بمقدار العيب و الصحيح جواب ظاهر الرواية لأنه لما وصل إليه قيمته قامت القيمة مقام العين فكأنها قائمة في يده لما وصل إليه عوضه فصار كأنه باعه و لو باعه المشتري ثم اطلع على عيب به لم يرجع بالنقصان كذا هذا .
و منها : عدم الرضا بالعيب صريحا و دلالة و هي أن يتصرف في المبيع بعد العلم بالعيب تصرفا بدل على الرضا بالعيب فإن ذلك يمنع ثبوت حق الرد و الرجوع جميعا و قد ذكرنا التصرفات التي هي دليل الرضا بالعيب بعد العلم بالعيب فيما تقدم .
و لو لم يعلم بالعيب حتى تصرف فيه تصرفا يمنع الرد ثم علم فإن كان التصرف مما لا يخرج السلعة عن ملكه يرجع بالنقصان إلا الكتابة لانعدام دلالة الرضا و في الكتابة يرجع لأنه في معنى البيع على ما مر و إن كان التصرف مما يخرج السلعة عن ملكه كالبيع و نحوه لا يرجع بالنقصان إلا الإعتاق لا على مال استحسانا على ما ذكرنا فيما تقدم و أما بيان ما يبطل به حق الرجوع بعد ثبوته و ما لا يبطل فحق الرجوع يبطل بصريح الإبطال و ما يجري مجرى الصريح نحو قوله أبطلته أو أسقطته أو أبرأتك عنه و ما يجري هذا المجرى لأن خيار الرجوع حقه كخيار الرد لثبوته بالشرط و هي السلامة المشروطة في العقد دلالة بخلاف خيار الرؤية و الإنسان بسبيل من التصرف في حقه استيفاء و إسقاطا و يسقط أيضا بالرضا بالعيب و هو نوعان : .
صريح و ما يجري مجرى الصريح و دلالة فالصريح هو أن يقول رضيت بالعيب الذي به أو اخترت أو أجزت البيع و ما يجري مجراه و الدلالة هي أن يتصرف في المبيع بعد العلم بالعيب تصرفا يدل على الرضا بالعيب كما إذا انتقص المبيع في يد المشتري و امتنع الرد بسبب النقصان و وجب الأرش ثم تصرف فيه تصرفا أخرجه عن ملكه بأن باعه أو وهب و سلم أو أعتق أو دبر أو استولد مع العلم بالعيب لأن التصرف المخرج عن الملك مع العلم بالعيب دلالة الإمساك عن الرد و ذا دليل الرضا بالعيب فيبطل حق الرجوع .
و لو امتنع الرد بسبب الزيادة المنفصلة المتولدة من الأصل كالولد و غيره أو الحاصلة بسبب الأصل غير المتولدة منه كالأرش و العقر و الزيادة المتصلة غير المتولدة كالصبغ و نحو ذلك ثم تصرف تصرفا أخرجه عن ملكه لا يبطل حق الرجوع بالإرش بل يبقى الأرش على حاله لأن التصرف في هذه الصورة لم يقع دلالة على الإمساك عن الرد لأن امتناع الرد كان ثابتا قبله ألا ترى أنه ليس للبائع خيار الاسترداد بأن يقول أنا أقبله كذلك مع العيب و أرد إليك جميع الثمن و إذا كان الرد ممتنعا قبل التصرف لم يكن هو بالتصرف ممسكا عن الرد فلا يكون دليل الرضا فبقي الأرش واجبا كما كان بخلاف الفصل الأول لأن هناك لم يكن الرد ممتنعا حتما .
ألا ترى أن للبائع أن يقبله ناقصا مع العيب فكان المشتري بتصرفه مفوتا على نفسه حق الرد فكان حابسا للمبيع بفعله ممسكا إياه عن الرد و إنه دليل الرضا بالعيب فيبطل الرجوع فصار الأصل في هذا الباب أن وجوب الأرش إذا لم يكن ثابتا على سبيل الحتم و الإلزام بل كان خيار الاسترداد للبائع مع العيب فتصرف المشتري بعد ذلك تصرفا مخرجا عن الملك يوجب بطلان الإرش و إن كان وجوبه ثابتا حتما بأن لم يكن للبائع خيار الاسترداد فتصرف المشتري لا يبطل الإرش .
وجه الفرق بين الفصلين على نحو ما بينا و الله عز و جل أعلم و أما بيان طريق معرفة نقصان العيب فطريقه أن تقوم السلعة و ليس بها ذلك العيب و تقوم بها ذلك فينظر إلى نقصان ما بين القيمتين فيرجع على بائعه بقدر ما نقصه العيب من حصته من الثمن إن كانت قيمته مثل ثمنه .
و إن اختلفا فإن كان النقصان قدر عشر القيمة يرجع على بائعه بعشر الثمن و إن كان قدر خمسها يرجع بخمس الثمن مثاله إذا اشترى ثوبا قيمته عشرة بعشرة فاطلع على عيب به ينقصه عشر قيمته و هو درهم يرجع على بائعه بعشر الثمن و هو درهم .
و لو اشترى ثوبا قيمته عشرون بعشرة فاطلع على عيب به ينقصه عشر القيمة و ذلك درهمان فإنه يرجع على البائع بعشر الثمن و ذلك درهم واحد و لو كانت قيمته عشرة و قد اشتراه بعشرين و العيب ينقصه عشر القيمة و ذلك درهم واحد يرجع على بائعه بعشر الثمن و ذلك درهمان على هذا القياس فافهم و الله أعلم