وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

شرائط ثبوت الخيار .
و أما شرائط ثبوت الخيار فمنها ان يكون المبيع مما يتعين بالتعيين فإن كان مما لا يتعين بالتعيين لا يثبت فيه الخيار حتى إنهما لو تبايعا عينا بعين يثبت الخيار لكل واحد منهما .
و لو تبايعا دينا لا يثبت الخيار لواحد منهما و لو اشترى عينا بدين فللمشتري الخيار و لا خيار للبائع و إنما كان كذلك لأن المبيع إذا كان مما لا يتعين بالتعيين لا ينفسخ العقد برده لأنه إذا لم يتعين للعقد لا يتعين للفسخ فيبقى العقد و قيام العقد يقتضي ثبوت حق المطالبة بمثله فإذا قبض يرده هكذا إلى ما لا نهاية له فلم يكن الرد مفيدا بخلاف ما إذا كان عينا لأن العقد ينفسخ برده لأنه يتعين بالعقد فيتعين في الفسخ أيضا فكان الرد مفيدا و لأن الفسخ إنما يرد على المملوك بالعقد و ما لا يتعين بالتعيين لا يملك بالعقد و إنما يملك بالقبض فلا يرد عليه الفسخ و لهذا يثبت خيار الرؤية في الإجارة و الصلح عن دعوى المال و القسمة و نحو ذلك لأن هذه العقود تنفسخ برد هذه الأشياء فيثبت فيها خيار الرؤية و لا يثبت في المهر و بدل الخلع و الصلح عن دم العمد و نحوذلك لأن هذه العقود لا تحتمل الانفساخ برد هذه الأموال فصار الأصل أن كل ما ينفسخ العقد فيه برده يثبت فيه خيار الرؤية و مالا و الفقه ما ذكرنا و الله عز و جل أعلم .
و منها : عدم الرؤية فإن اشتراه و هو يراه فلا خيار له لأن الأصل هو لزوم العقد و انبرامه لأن ركن العقد وجد مطلقا عن شرط إلا أنا عرفنا ثبوت الخيار شرعا بالنص و النص ورد بالخيار فيما لم يره المشتري لقوله عليه الصلاة و السلام : [ من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه ] فبقي الخيار عند الرؤية مبقيا على الأصل .
و إن كان المشتري لم يره وقت الشراء و لكن كان قد رآه قبل ذلك نظر في ذلك إن كان المبيع وقت الشراء على حاله التي كان عليها لم تتغير فلا خيار له لأن الخيار ثبت معدولا به عن الأصل بالنص الوارد في شراء ما لم يره و هذا قد اشترى شيئا قد رآه فلا يثبت له الخيار و إن كان قد تغير عن حاله فله الخيار لأنه إذا تغير عن حاله فقد صار شيئا آخر فكان مشتريا شيئا لم يره فله الخيار إذا رآه .
و لو اختلفا في التغير و عدمه فقال البائع لم يتغير و قال المشتري قد تغير فالقول قول البائع لأن الأصل عدم التغير و التغير عارض فكان البائع متمسكا بالأصل و المشتري مدعيا أمرا عارضا فكان القول قول البائع لكن مع يمينه لأن حق الرد أمر يجري فيه البدل و الإقرار فيجري فيه الاستحلاف و لأن المشتري بدعوى التغير يدعي حق الرد و البائع ينكر فكان القول قول المنكر .
و لو اختلفا فقال البائع للمشتري رأيته وقت الشراء و قال المشتري لم أره فالقول قول المشتري لأن عدم الرؤية أصل و الرؤية عارض فكان الظاهر شاهدا للمشتري فكان القول قوله مع يمينه و لأن البائع بدعوى الرؤية يدعي عليه إلزام العقد و المشتري ينكر فكان القول قوله .
و لو أراد المشتري الرد فاختلفا فقال البائع ليس هذا الذي بعتك و قال المشتري هو ذاك بعينه فالقول قوله أنه بعينه و كذلك هذا في خيار الشرط بخلاف خيار العيب فإن القول قول البائع .
و وجه الفرق : أن المشتري في خيار الرؤية و الشرط بقوله هذا مالك لا يدعي ثبوت حق الرد عليه لأن حق الرد ثابت له حتى يرد عليه من غير قضاء و لا رضا و لكنه يدعي أن هذا الذي قبضه منه فكان اختلافهما في الحقيقة راجعا إلى المقبوض و الاختلاف متى وقع في تعيين نفس المفبوض فإن القول فيه قول القابض .
و إن كان قبضه بغير حق كقبض الغصب ففي القبض الحق أولى بخلاف العيب لأن المشتري لا ينفرد بالرد في خيار العيب ألا ترى أنه لا يملك الرد إلا بقضاء القاضي أو التراضي فكان هو بقوله هذا مالك بعينه مدعيا حق الرد في هذا المعين و البائع ينكر ثبوت حق الرد فيه فكان القول قوله .
هذا إذا كان المشتري بصيرا فأما إذا كان أعمى فشرط ثبوت الخيار له عدم الجس فيما يحس و الذوق فيما يذاق و الشم فيما يشم و الوصف فيما يوصف وقت الشراء لأن هذه الأشياء في حقه بمنزلة الرؤية في حق البصير فكان انعدامها شرطا لثبوت الخيار له فإن وجد شيء منه وقت الشراء فاشتراه فلا خيار له و كذا إذا وجدت قبل القبض ثم قبض فلا خيار له لأن وجود شيء من ذلك عند القبض في حقه بمنزلة وجوده عند العقد كالرؤية في حق البصير بأن رآه قبل القبض ثم قبضه لأن كل ذلك دلالة الرضا بلزوم العقد على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
هذا الذي ذكرنا إذا رأى المشتري كل المبيع وقت الشراء فأما إذا رأى بعضه دون البعض فجملة الكلام في جنس هذه المسائل أن المبيع لا يخلو إما أن يكون شيئا واحدا و إما أن يكون أشياء فإن كان شيئا واحدا فرأى بعضه لا يخلو إما إن كان ما رآه منه مقصودا بنفسه و ما لم يره منه تبعا و إما إن كان كل واحد منهما مقصودا بنفسه فإن كان ما لم يره تبعا لما رآه فلا خيار له سواء كان رؤية ما رآه تفيد له العلم بحال ما لم يره أو لا تفيد لأن حكم التبع حكم الأصل فكان رؤية الأصل رؤية التبع و إن كان مقصودا بنفسه ينظر في ذلك إن كان رؤية ما رأى تفيد له العلم بحال ما لم يره فلا خيار له لأن المقصود العلم بحال الباقي فكأنه رأى الكل و إن كان لا يفيد له العلم بحال الباقي فله الخيار لأن المقصود لم يحصل برؤية ما رأى فكأنه لم ير شيئا منه أصلا فعلى هذا الأصل تخرج المسائل .
إذا اشترى عبدا أو جارية فرأى وجهه دون سائر أعضائه لا خيار له و إن كانت رؤية الوجه لا تغير له العلم بما وراءه لأن الوجه أصل في الرؤية في بني آدم و سائر الأعضاء تبع له فيها .
و لو رأى سائر أعضائه دون الوجه فله الخيار لأن رؤية التبع لا تكون رؤية الأصل فكأنه لم ير شيئا منه .
و لو اشترى فرسا أو بغلا أو حمارا أو نحو ذلك فرأى وجهه لا غير روى ابن سماعة عن محمد أنه يسقط خياره و سوى بينه و بين الرقيق .
و روي عن أبي يوسف أن له الخيار ما لم ير وجهه و مؤخره و هو الصحيح لأن الوجه و الكفل كل واحد منهما عضو مقصود في الرؤية في هذا الجنس فما لم يرهما فهو على خياره .
و إن اشترى شاة فإن كانت نعجة حلوبا اشتراها للقنية أو اشترى بقرة حلوبا أو ناقة حلوبا اشتراها للقنية لا بد من النظر إلى ضرعها و إن اشترى شاة للحم لا بد من الجس حتى لو رآها من بعيد فهو على خياره لأن اللحم مقصود من شاة اللحم و الضرع مقصود من الحلوب و الرؤية من بعيد لا تفيد العلم بهذين المقصودين و الله عز و جل أعلم .
و أما البسط فإن كان مما يختلف وجهه و ظهره فرأى وجهه دون ظهره كالمغافر و نحوها لا خيار له و إن رأى الظهر دون الوجه فله الخيار كذا روى الحسن عن أبي حنيفة .
و لو اشترى ثوبا واحدا فرأى ظاهره مطويا و لم ينشره فإن كان ساذجا ليس بمنقش و لا بذي علم فلا خيار له لأن رؤية ظاهره مطويا تفيد العلم بالباقي و إن كان منقشا فهو على خياره ما لم ينشره و يرى نقشه لأن النقش في الثوب المنقش مقصود و إن لم يكن منقشا و لكنه ذو علم فرأى علمه فلا خيار له و إن لم ير كله و لو رأى كله إلا علمه فله الخيار لأن العلم في الثوب المعلم مقصود كالنقش في المنقش .
و لو اشترى دارا فرأى خارجها أو بستانا فرأى خارجه و رؤوس الأشجار فلا خيار له كذا ذكر في ظاهر الرواية لأن الدار شيء واحد و كذا البستان فكان رؤية البعض رؤية الكل إلا أن مشايخنا قالوا إن هذا مؤول و تأويله أن لا يكون في داخل الدار بيوت و أبنية فيحصل المقصود برؤية الخارج فأما إذا كان داخلها أبنية فله الخيار ما لم ير داخلها لأن الداخل هو المقصود من الدار و الخارج كالتابع له بمنزلة الثوب المعلم إذا رأى كله إلا علمه كان له الخيار لأن العلم هو المقصود منه .
و ذكر الكرخي أن أبا حنيفة عليه الرحمة أجاب على عادة أهل الكوفة في زمنه فإن دورهم في زمنه كانت لا تختلف في البناء و كانت على تقطيع واحد و هيئة واحدة و إنما كانت تختلف في الصغر و الكبر و العلم به يحصل برؤية الخارج و أما الآن فلا بد من رؤية داخل الدار و هو الصحيح لاختلاف الأبنية في داخل الدور في زماننا اختلافا فاحشا فرؤية الخارج لا تفيد العلم بالداخل و الله عز و جل أعلم .
هذا إذا كان المشتري شيئا واحدا فرأى بعضه فأما إن كان أشياء فرأى وقت الشراء بعضها دون البعض فلا يخلو : إما إن كان من المكيلات أو الموزونات فرأى بعضها وقت الشراء فإن كان في وعاء واحد فلا خيار له لأن رؤية البعض فيها تفيد العلم بالباقي فكان رؤية البعض كرؤية الكل إلا إذا وجد الباقي بخلاف ما رأى فيثبت له الخيار لكن خيار العيب لا خيار الرؤية و إن كان في وعاءين فإن كان الكل من جنس واحد و على صفة واحدة اختلف المشايخ فيه .
قال مشايخ بلخ : له الخيار لأن اختلاف الوعاءين جعلهما كجنسين و قال مشايخ العراق لا خيار له و هو الصحيح لأنه رؤية البعص من هذا الجنس تفيد العلم بالباقي سواء كان في وعاء واحد أو في وعاءين بعد أن كان الكل من جنس واحد و على صفة واحدة فإن كان من جنسين أو من جنس واحد على صفتين فله الخيار بلا خلاف لأن رؤية البعض من جنس و على وصف لا تفيد العلم بجنس آخر و على وصف آخر و إن كان من العدديات المتفاوتة كالعبيد و الدواب و الثياب بأن اشترى جماعة عبيد أو جوار أو إبل أو بقر أو قطيع غنم أو جراب هروي فرأى بعضها أو كلها إلا واحدا فله الخيار بين أن يرد الكل أو يمسك الكل لأن رؤية البعض من هذا الجنس لا تفيد العلم بما وراءه فكأنه لم ير شيئا منه بخلاف المكيل و الموزون لأن رؤية البعض منه تفيد العلم بالباقي .
و لو اشترى جماعة ثياب في جراب و رأى أطراف الكل أو طي الكل لا خيار له إلا إذا كانت معلمة أو منقشة لأنها إذا لم تكن معلمة أو منقشة لم يكن البعض من كل واحد منها مقصودا و البعض تبعا و رؤية البعض تفيد العلم بحال الباقي فكان رؤية البعض رؤية الكل كما إذا اشترى البطيخ في السريجة و الرمان في القفة فرأى البعض فله الخيار لأن البعض منها ليس تبعا للبعض بل كل واحد منها مقصود بنفسه فرؤية البعض منها لا تفيد العلم بالباقي لكونها متفاوتة تفاوتا فاحشا فكان له الخيار