وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

108 - ـ فصل : لا تنون عن طلب الكمال .
من أعمل فكره الصافي دله على طلب أشرف المقامات و نهاه عن الرضى بالنقص في كل حال .
و قد قال أبو الطيب المتنبي : .
( و لم أر في عيوب الناس عيبا ... كنقص القادرين على التمام ) .
فينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه .
فلو كان يتصور للآدمي صعود السموات لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض .
و لو كانت النبوة تحصل بالإجتهاد رأيت المقصر في تحصيلها في حضيض غير أنه إذا لم يمكن ذلك فينبغي أن يطلب الممكن .
و السيرة الجميلة عند الحكماء خروج النفس إلى غاية كمالها الممكن لها في العلم و العمل .
و أنا أشرح من ذلك ما يدل مذكوره على مغفله : .
أما في البدن : فليست الصورة داخلة تحت كسب الآدمي بل يدخل تحت كسبه تحسينها و تزيينها فقبيح بالعاقل إهمال نفسه .
و قد نبه الشرع على الكل بالبعض فأمر بقص الأظفار و نتف الإبط و حلق العانة و نهى عن أكل الثوم و البصل النيء لأجل الرائحة .
و ينبغي له أن يقيس على ذلك و يطلب غاية النظافة و نهاية الزينة .
و قد كان النبي صلى الله عليه و سلم يعرف مجيئه بريح الطيب فكان الغاية في النظافة و النزاهة .
و لست آمر بزيادة التقشف الذي يستعمله الموسوس و لكن التوسط هو المحمود .
ثم ينبغي له أن يرفق بيدنه الذي هو راحلته و لا ينقص من قوتها فتنقص قوته .
و لست آمر بالشبع الذي يوجب الجشاء إنما آمر بالتوسط فإن قوى الآدمي كعين جارية كم فيها منفعة لصاحبها و لغيره .
و لا يلتفت إلى قول الموسوسين من المتزهدين الذين جدوا في التقلل فضعفوا عن الفرائض .
و ليس ذلك من الشرع و لا نقل عن الرسول صلى الله عليه و سلم و لا أصحابه .
إنما كان الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه إذا لم يجدوا جاعوا و ربما آثروا فصبروا ضرورة .
و كذلك ينبغي أن ينظر لهذه الراحلة في علفها ـ فرب لقمة منعت لقمات ـ فلا يعطيها ما يؤذيها بل ينظر لها في الأصلح و لا يتلفت إلى متزهد يقول لا أبلغها الشهوات .
فإن النظر ينبغي أن يكون في حل المطعم و أخذ ما يصلح بمقدار .
و لم ينقل عن الرسول صلى الله عليه و سلم و لا أصحابه Bهم ما أحدثه الموسوسون في ترك المشتهيات على الإطلاق إنما نقل عنهم تركها لسب إما للنظر في حلها أو للخوف من مطالبة النفس بها في كل وقت و يجوز ذلك .
و ينبغي له أن يجتهد في التجارة و الكسب ليفضل على غيره و لا يفضل غيره عليه .
و لبيلغ من ذلك غاية لا تمنعه عن العلم ثم ينبغي له أن يطلب الغاية في العلم .
و من أقبح النقص التقليد فإن قويت همته رقته إلى أن يختار لنفسه مذهبا و لا يتمذهب لأحد فإن المقلد أعمى بقوده مقلده .
ثم ينبغي أن يطلب الغاية في معرفة الله تعالى و معاملته و في الجملة لا يترك فضيلة يمكن تحصيلها إلا حصلها فإن القنوع حالة الأرذال .
( فكن رجلا رجله في الثرى ... و هامة همته في الثريا ) .
و لو أمكنك عبور كل أحد من العلماء و الزهاد فإفعل فإنهم كانوا رجالا و أنت رجل و ما قعد من قعد إلا لدناءة الهمة و خساستها .
و اعلم أنك في ميدان سباق و الأوقات تنتب و لا تخلد إلى كسل فما مات ما فات إلا بالكسل و لا نال من نال إلا بالجد و العزم .
و إن الهمة لتغلي في القلوب غليان ما في القدور و قد قال بعض من سلف : .
( ليس لي مال سوى كرى ... فبه أحيا من العدم ) .
( فنعت نفسي بما رزقت ... و تمطت في العلا هممي )