وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

121 - ـ فصل : من قصد وجه الله بالعلم دله على الأحسن .
إعلم أن المتعلم يفتقر إلى دوام الدراسة و من الغلط الإنهماك في الإعادة ليلا و نهارا فإنه لا يلبث صاحب هذه الحال إلا أياما ثم يفتر أو يمرض .
و قد روينا أن الطبيب دخل على أبي بكر بن الأنباري في مرض موته فنظر إلى مائة كتاب و قال : [ قد كنت تفعل شيئا لا يفعله أحد ] ثم خرج فقال : [ ما يجيء منه شيء ] فقيل له : [ ما الذي كنت تفعل ؟ ] قال : [ كنت أعيد كل أسبوع عشرة آلاف ورقة ] .
و من الغلط تحميل القلب حفظ الكثير أو الحفظ من فنون شتى فإن القلب جارحة من الجوارح و كما أن من الناس من يحمل المائة رطل و منهم من يعجز عن عشرين رطلا فكذلك القلوب .
فليأخذ الإنسان على قدر قوته و دونها فإنه إذا استنفدها في وقت ضاعت منه أوقات .
كما أن الشره يأكل فضل لقيمات فيكون سببا إلى منع أكلات و الصواب أن يأخذ قدر ما يطيق و يعيده في وقتين من النهار و الليل و يرزقه القوى في بقية الزمان و الدوام أصل عظيم .
فكم ممن ترك الاستذكار بعد الحفظ فضاع زمن طويل في استرجاع محفوظ قد نسي .
و للحفظ أوقات من العمر فأفضلها الصبا و ما يقاربه من أوقات الزمان و أفضلها إعادة الأسحار و أنصاف النهار و الغدوات خير من العشيات و أوقات الجوع خير من أوقات الشبع .
و لا يحمد الحفظ بحضرة خضرة و على شاطئ نهر لأن ذلك يلهي .
و الأماكن العالية للحفظ خير من السوافل .
و للخلوة أصل و جمع الهم أصل الأصول .
و ترفيه النفس من الإعادة يوما في الأسبوع ليثبت المحفوظ و تأخذ النفس قوة كالبنيان يترك أياما حتى يستقر ثم يبني عليه .
تقليل المحفوظ مع الدوام أصل عظيم و ألا يشرع في فن حتى يحكم ما قبله .
و من لم يجد نشاطا للحفظ فليتركه فإن مكابرة النفس لا تصلح .
و إصلاح المزاح من الأصول العظيمة فإن للمأكولات أثرا في الحفظ .
قال الزهري : [ ما أكلت خلا منذ عالجت الحفظ ] .
و قيل لأبي حنيفة : بم يستعان على حفظ الفقه ؟ قال : بجمع الهم .
و قال حماد بن سلمة : [ بقلة الغم ] .
و قال مكحول : من نظف ثوبه قل همه و من طابت ريحه زاد عقله و من جمع بينهما زادت مروءته .
و أختار للمبتدي في طلب العلم أن يدافع النكاح مهما أمكن فإن أحمد بن حنبل لم يتزوج حتى تمت له أربعين سنة و هذا لأجل جمع الهم فإن غلب عليه الأمر تزوج و اجتهد في المدافعة بالفعل لتتوفر القوة على إعادة العلم ثم لينظر ما يحفظ من العلم فإن العمر عزيز و العلم غزير .
و إن أقواما يصرفون الزمان إلى حفظ ما غيره أولى منه و إن كان كل العلوم حسنا و لكن الأولى تقديم الأهم و الأفضل .
و أفضل ما تشاغل به حفظ القرآن ثم الفقه و ما بعد هذا بمنزلة تابع و من رزق يقظة دلته يقظته فلم يحتج إلى دليل و من قصد وجه الله تعالى بالعلم دله المقصود على الأحسن { و اتقوا الله و يعلمكم الله }