وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

142 - ـ فصل : و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها .
نازعتني نفسي إلى أمر مكروه في الشرع و جعلت تنصب لي التأويلات و تدفع الكراهة و كانت تأويلاتها فاسدة و الحجة ظاهرة علىالكراهة فلجأت إلى الله تعالى في دفع ذلك عن قلبي و أقبلت على القراءة وكان درسي قد بلغ إلى سورة يوسف فافتتحتها و ذلك الخاطر قد شغل قلبي حتى لا أدري ما أقرأ فلما بلغت إلى قوله تعالى : { قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي } إنتبهت لها و كأني خوطبت بها .
فأفقت من تلك السكرة فقلت : يا نفس أفهمت ؟ .
هذا حر بيع ظلما فراعي حق من أحسن إليه و سماه مالكا و إن لم يكن له عليه ملك فقال : إنه ربي .
ثم زاد في بيان موجب كف كفه عما يؤذيه فقال : أحسن مثواي .
فكيف بك و أنت عبد على الحقيقة لمولى ما زال يحسن إليك من ساعة و جودك و إن ستره عليك الزلل أكثر من عدد الحصا أفما تذكرين كيف رباك و علمك و رزقك و دافع عنك و ساق الخير إليك و هداك أقوام طريق و نجاك من كل كيد و ضم إلى حسن الصورة الظاهرة جودة الذهن الباطن .
و سهل لك مدارك العلوم حتى نلت في قصير الزمان ما لم ينله غيرك في طويله و جلى في عرصة لسانك عرائس العلوم في حلل الفصاحة بعد أن ستر عن الخلق مقابحك فتلقوها منك بحسن الظن .
و ساق رزقك بلا كافة تكلف و لا كدر من رغدا غير نزر ؟ فو الله ما أدري أي نعمة عليك أشرح لك حسن الصورة و صحة الآلات ؟ أم سلامة المزاج و اعتدال التركيب ؟ أم لطف الطبع الخالي عن خساسة ؟ أم إلهام الرشاد منذ الصغر ؟ أم الحفظ بحسن الوقاية عن الفواحش و الزلل ؟ أم تحبب طريق النقل و إتباع الأثر من غير جمود تقليد لمعظم و لا انخراط في سلك مبتدع ؟ { و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } .
كم كائد نصب لك المكايد فوقاك ؟ .
كم عدو حط منك بالذم فرقاك ؟ .
كم أعطش من شراب الأماني خلقا و سقاك ؟ .
كم أمات من لم يبلغ بعض مرادك و أبقاك ؟ .
فأنت تصبحين و تمسين سليمة البدن محروسة الدين في تزيد من العلم و بلوغ الأمل فإن منعت مرادا فرزقت الصبر عنه بعد أن تبين لك وجه الحكمة في المنع فسلمي حتى يقع اليقين بأن المنع أصلح .
و لو ذهبت أعد من هذه النعم ما سنخ ذكره امتلأت الطروس و لم تنقع الكتابة و أنت تعلمين أن ما لم أذكره أكثر و أن ما أومأت إلى ذكره لم يشرح فكيف يحسن بك التعرض لما يكرهه ؟ { معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون }