وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

183 - ـ فصل : إلتماس رضى الله و إن سخط الناس .
العاقل من يحفظ جانب الله D و إن غضب الخلق .
و كل من يحفظ جانب المخلوقين و يضيع حق الخالق يقلب الله قلب الذي قصد أن يرضيه فيسخطه عليه .
قال المأمون لبعض أصحابه : [ لا تعص الله بطاعتي فيسلطني عليك ] .
و لما بلغ طاهر بن الحسين فيما فعل بالأمين و فتك به وصلب رأسه و إن كان ذلك عن إرادة المأمون و لكن بقى أثر في قلبه فكان المأمون لا يقدر أن يراه .
و لقد دخل عليه يوما فبكى المأمون فقال له طاهر : لم تبكي لا أبكى الله عينك فلقد دانت لك البلاد ؟ .
فقال : أبكي لأمر ذكره ذل و سره حزن و لن يخلو أحد من شجن .
فلما خرج طاهر أنفذ إلى حسين الخادم مائتي ألف درهم و سأله أن يسأل المأمون لم بكى ؟ فلما تغذى المأمون قال : يا حسين إسقني .
قال لا و الله لا أسقيك حتى تقول لم بكيت حين دخل عليك طاهر ؟ .
قال : يا حسين و كيف عنيت بهذا حتى سألت عنه ؟ قال : لغمي بذلك .
قال : يا حسين أمر إن خرج من رأسك قتلك .
قال : يا سيدي و متى أخرجت لك سرا ؟ .
قال : إني ذكرت أخي محمدا و ما ناله من الذلة فخنقني العبرة فاسترحت إلى إفاضتها و لن يفوت طاهرا مني ما يكره .
فأخبر حسين طاهرا بذلك فركب طاهر إلى أحمد بن أبي خالد .
فقال له إن المعروف عندي ليس بضائع فغيبني عن عينه قال : سأفعل .
فدخل على المأمون فقال : ما بت البارحة قال : و لم ؟ قال : لأنك وليت غسان بن عباد خراسان و هو و من معه أكلة رأس فأخاف أن يخرج خارج من الترك فيصطلمه .
قال : فمن ترى ؟ قال : طاهر بن الحسين فعقد له فمضى فبقي مدة ثم قطع الدعاء للمأمون على المنبر يوم الجمعة .
فقال له صاحب البريد : ما دعوت لأمير المؤمنين قال : سهو فلا تكتب .
ففعل ذلك في الجمعة الثانية و الثالثة فقال له : لا بد أن أكتب لئلا يكتب التجار و يسبقوني قال : أكتب فكتب .
فدعا المأمون أحمد بن أبي خالد و قال : إنه لم يذهب على إحتيالك في أمر طاهر و أنا أعطي الله عهدا إن لم تشخص حتى توافيني به كما أخرجته من قبضتي لتذمن عقباك .
فشخص و جعل يتلوم في الطريق و يعتل بالمرض فوصل إلى الري و قد بلغته وفاة طاهر .
قلت : و لما خرج الراشد من بغداد و أرادوا تولية المقتفى شهد جماعة من الشهود بأن الراشد لا يصلح للخلافة فنزعوه و ولى المقتفي .
فبلغني أنه ذكر للمقتفي بعض الشهود فذمه و قال : كان فيمن أعان على أبي جعفر .
و على ضد هذا كل من يراعي جانب الحق و الصواب يرضى عنه من سخط عليه .
و لقد حدثني الوزير ابن هبيرة أن المستنجد بالله كتب إليه كتابا و هو يومئذ ولي عهد و أراد أن يستره من أبيه قال فقلت للواصل به : و الله ما يمكنني أقرؤه و لا أجيب عنه .
فلما ولي الخلافة دخلت عليه فقلت : أكبر دليل على صدقي و إخلاصي أني ما حابيتك في أبيك فقال : صدقت أنت الوزير .
و حدثني بعض الأصدقاء أن قوما ألحقوا إلى المخزن بعض دين لهم ليستخلص فقال المسترشد لصاحب المخزن : خلصه لهم و خذ ما ضمنوا لنا .
فأحضر ابن الرطبي و عرض الأمر عليه فقال : هذا أمر بظلم و ما أحكم فيه .
فقال : إن السلطان قد تقدم قال : ما أفعل .
فأحضر قاضيا آخر فبت الحكم فأخبر الخليفة بالحال .
فقال : أما ابن الرطبي فيشكر على ما قال و أما الآخر فيعزل و ذلك لأنه بان له أن الحق ما قاله ابن الرطبى .
و كذلك ما طلبه السلطان من أن يلقب ملك الملوك فاستفتى الفقهاء فأجازوا ذلك و امتنع من إجازته الماوردي فعظم قدره عند السلطان .
و مثل هذا ـ إذا تتبع ـ كثير .
فينبغي أن يحسن القصد لطاعة الخالق و إن سخط المخلوق فإنه يعود صاغرا .
و لا يسخط الخالق فيفوت الحظان جميعا